كلام X الإعلام (13)
بقلم : على عبد الرحمن
تعد صناعة الهويه للقنوات والشبكات التليفزيونية علم يدرس في الجامعات وورش التدريب ورفع الكفاءة، وهى علم يختص بأهداف وسياسات وشخصية كل وسيلة داعما لفكرها ومعبرا عن توجهاتها ويسبقه دراسة وبحث وتحليل لتحديد مدخلات الهوية ومخرجاتها ثم يعقبه عصف ذهني إبداعي لكوادر مبدعه في مجال صناعة الهوية أو البراند، ويستخدم في ذلك أرقي فنون ما أنتجه العقل البشري من أفكار ومعدات، وتنفذ فقرات (البراند) بشكل فني جاذب ومبدع لجذب المشاهدين والمعلنين إلي الشاشه وبقاء تميز وتفرد الوسيله في سوق الميديا.
ولقد احتلت لوجوهات بعض القنوات والشبكات مكانا متميزا بين العلامات التجارية الأشهر على مستوي العالم، ويتزامن بث هذه الفقرات أو إعادة تطويرها مع بداية كل عام جديد للوسائل الإعلاميه الأشهر احترافا علي مستوي العالم، هذا هو وضع الاحتراف والمهنية الجاذبه في سوق الميديا، ولكن هل هذا يطبق هذا عندنا في وسائل إعلامنا تلك الوسائل الأكثر إنفاقا والأقل مشاهدة ودخلا وتأثيرا بين أقرانها من وسائل إعلام المنطقة.
لماذا يحدث ذلك عندنا دون السير وراء المتبع في سوق الإعلام ذلك لأن وسائلنا لا تعلي قيم التنافس والحرص علي الجماهيرية والربحية والتأثير وإنما تنفق ماتنفق وهو باهظ دون العمل بأجندة سوق الإعلام وقواعد المنافسة فيه لأن أمور وسائلنا لا تسير طبقا للقواعد وآليات السوق وإنما تسير وفقا لأهواء وأمزجة البعض من قليلي الخبرة في مجال صناعة الإعلام وإدارة وسائله، ولذلك تجد قنوات رسمية لم يتغير شكلها أو يتطور منذ نشأتها من سنين طويلة.
وتجد شبكات أطلقت (براندا) ناقصا ولم يكتمل لأن القائمين عليها لايدرون ماهى الهويه ولا ماهو (البراند) ولا آليات الجذب والمنافسه أصلا، ذلك لقلة خبرتهم وعدم إلمامهم بتفاصيل حركة سوق الميديا، وإنما شغلهم الوحيد هو المنصب والكرسي واللائحة بل أن بعض قنوات القطاع الخاص أو الشبكات شبه الرسمية لا تسير وفق قواعد السوق ولا تحاول تطوير هويتها أو مايسمي بالـ Rebrand، وهذا ما أدى إلى رتابة شكلها وانصراف المشاهد والمعلن عنها، ورغم أن مطابقة فقرات الهويه لشخصية وأهداف الوسيلة.
ورغم أن هذا هو المتبع في سوق الإعلام وهو ماتتبعه الشبكات والقنوات المحترفة ذات المشاهدة العالية والعوائد الكبيرة، ورغم أن تطبيق ذلك ومواكبته لسوق الميديا وضرورته لعودة المشاهد والمعلن على السواء، إلا أن المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام ودوره مطابقة القنوات وإلتزامها بقواعد السوق،فهو بصلاحياته يشرف ويراقب وينظم،ويوجه ويعدل وضع هذه الوسائل، كما أنه يراجع الخرائط البرامجية وحقوق البث وأسماء القائمين على هذه الوسائل ومن ثم أخذها بما فيه من جذب وتنوع يضمن عودة المشاهد والمعلن.
ولما كان المجلس لايمد يده وسلطانه إلى هوية كل وسيلة وتطوير فقراتها جذبا ومنافسة ولما كان القائمين علي هذه الوسائل،لا يغيرون اهتماما لفنون صناعة الهوية وتطويرها جذبا ومنافسة أصبحت قنواتنا رتيبة، قديمة، جامده، لا تتطور ولا تجذب ولا تنافس أضف إلي ذلك ضعف المحتوي وعدم تنوعه وقلة جاذبيته وعدم رضا الجميع عنه، مما أخرج قنواتنا من سوق المنافسة وميدان الجذب ومضمار العوائد ومسار التأثير حتي أصبح لدينا شبكات وقنوات عديدة، ننفق عليها المليارات دون محتوي هادف ولا جذب يذكر ولا رسائل تؤثر ولا رضا قيادة أو شعب أو خبراء أو حتي أبناء المهنة.
فيا أيها المجلس الأعلي راجع وقيم وحدد وتابع صناعة الهوية لكل وسيلة منعا للتشابه والتكرار والرتابة وفراغ المحتوى وليكن لك لجنة هامة بين لجانك العديدة إسمها (لجنة الهوية أو البراند)، وليكن ضمن استثماراتك التدريبية والتطويرية والنشر الإعلامي وحدة أو مركزا لصناعة الهوية وفقرات تطوير وتجديد الشاشات إعمالا بدورك في فصل التشابه ومنع التكرار وجودة المحتوى وتحديد شخصية مستقلة لكل وسيلة.
ذلك خير لمصر وإعلامها وشعبها لتعود وسائلنا رائدة، جاذبة، مربحة، منافسة،عالية المكانة قيمة وقامة لتلائم أم الدنيا وحاضرتها وبستانها.. مصر الجديدة ..وللحديث بقايا إن شاء الله.