في مقال لفريد الأطرش: عودي منبع ثروتي ومجدي
كتب : أحمد السماحي
عام 1952 كتب الموسيقار فريد الأطرش مقال صحفي تحت عنوان (من أنا) لمجلة (الكواكب) جاء فيه: أنا فريد الأطرش الموسيقار الممثل، ولو وضعني القدر فى غير موضعي هذا لكان غير منصفا، ولما أحسست بطعم للحياة، لقد خلق مني الفقر فنانا يشعر ويحس بآلام الغير، وخلقت المتاعب مني هذا الرجل الذى يود من صميم قلبه أن يزيل عن الناس المتاعب ويزيحها من طريقهم، وكان عودي هو منبع ثروتي ومجدي، هذا العود الذى بثته آلامي وأشجاني، فنطق وعندئذ شعرت بالأبواب المغلقة تفتح أمام أهات عودي وتوسلات عودي وأغاريد عودي، وأحسست أن هذا (العود) له رسالة وأنه يستميت فى سبيل أدائها.
وكان صوت أختي أسمهان هو محور رسالته، فسار إلى جوارها يغرد لها بالألحان وتقبل الناس اللحن والصوت الملائكي بنشوة، وأحسست ـ أنا المغمور فى الجوع والمحاولات الفاشلة ـ أنني ملهم وأنني موضع انتباه الناس، وزاد هذا الإحساس فى إلهاب مكامن وحبي وإحساسي العميق بثورتي الفنية التى تفتعل فى جوانحي وبدأت ألحن لها ولنفسي.
وقد تأثرت أول ما تأثرت بفن الموسيقار (محمد عبدالوهاب) فقد تفتح إلهامي على صيته الذائع، ومجده العريض، وموسيقاه التى كان الناس يتقبلونها فى لهفة وحب وإعجاب، وعشت فى فن عبدالوهاب طويلا حتى استجمعت طاقتي الفنية والروحية وبدأ إستقلالي بفني ولوني.
وأنا بعد لست سوى مطرب يخطو فى جنة الفن في تؤدة ورفق حتى لا يضل الطريق، وحتى يصل إلى تحقيق غايته، وهى غاية وطنية سامية، أن تحتل الموسيقى الشرقية مكانا بين موسيقى الغرب وبعد فهل أنا سعيد؟!
أعترف بأنني مدين لله تعالى بكل شيئ بهذا النجاح وهذا الحب الذى يغمرني به الجمهور، والسعادة هى آخر شيئ يفكر فيها الفنان فيكفيه لكي يكون سعيد البال أن يرى الناس سعيدة.