صاحب العمارة: حوار مستمر بين الغني والفقير
بقلم : سامي فريد
قصة الفيلم هى القصة الأزلية للحوار بين الفقر والغني.. بين القناعة والطمع.. بين من مظلون على إيمانهم وإخلاصهم وحبهم رغم هبوط الثروة المفاجئة عليهم وبين من تتعير نفوسهم ويخرج ما يكتمونه داخلهم من شرور الدنيا.
في الفيم يحب الأسطى حسين (محمد فوزي) النجار البسيط بيوميته التي لا تتجاوز 20 قرشا جارته في السجن تفاحة (سامية جمال) بنت البلد القانعة الراضية التي تبادله الحب لكن هذا الحب ينقلب فجأة إلى شهوة الحياة ومفاتنها وإغراءاتها عند تهبط الثروة على تفاحة ليلة فرحها وزواجها من الأسطى حسين عندما يفاجأ الجميع بفرحات أفندي بركات (علي الكسار) الذي يدخل عليهم الفرح ومعه بشرى أن تفاحة قد ربحت في يانصيب الجمعية الخيرية عمارة من 36 شقة فأصبحت ست هانم صاحبة العمارة.
وتصاب هى بالذهول وتلعب الأفكار برأسها بعدما تتحول في دقائق إلى ست هام وتودع حياة الفقر والضنك لتصبح الهانم صاحبة الثروة فتبدأ معاملتها تتغير من كل الناس وآخرهم ابنة خالته نفيسة (زينات صدقي) التي تظل على إخلاصها لمبادتها ولا ترى في الثروة إلا كل الفساد الذي يظهر فيما يزينه لتصاحة ملاحظ العمارة (محمد الديب) محروس أفندي الذي يغريها بتعلم الرقص ولبس الحرير وكيف تعامل الناس من واقع حياتها الجديد فتنخلي عن بذاءاتها ونظرتها وتعامل الجميع بكبرياء وحلف حتى زوجها الذي حرم منها ليلة زفافهما.
وتدور في الفيلم ولابد حكايات مضحكة في البحث عن الورقة الرابحة بين الدولاب وطبق الفول والسيجارة وذيل الطائرة حتى يعثروا عليها فيتبدل الحال وتصبح التفاحة ساكنة العمارة وصاحبتها إنسانا آخر لكن الأسطى حسين يبقى على حاله يغني واقعة الجديد المؤلم والمليء بالموعظة لنتأتي الثروة عندما تأتي معها بالغرور والجبروت فيقول مثلا في واحدة من إحدى أغانيه: ياللي الزمان جاد عليك وحسبته خدامك، بتعد مال بين ايديك عد انت أيامك.. ومفهوم طبعا المقصود منها ويحافظ الأسطى مليم (إسماعيل يس) على صداقته ومحبته للأسطى حسين ويسيع في الفيم جوا من البهجة في بداية ظهور نجوميته في السينما. ويظل الأسطى حسين يردد أعوذ بالله من الغرور رفع الغني. المال فساكو كل حاجة حتى أنا نسيوني!
وتتغير معاملة تفاحة الثرية للأسطى حسين الفقير الذي يظل على حبها لكنهم ينصحوه بأن يطلبها في الطاعة ورغم حضور خمسة من المحامين معها تحكم له المحكمة بدخلو تفاحة في طاعته!!
لكنها تفاجأ ولا ندري السبب بأن بيت الطاعة هو شقة كاملة الأثاث الفاخر الذي لا يليق بنجار إيراده اليومي 20 قرشا.. كما تفاجأ بأنه يلبس أفخر البذلات التي تليق بالنجم السينمائي المطرب والملحن محمد فوزي وليس بالنجار البسيط!!
وتبدأ محاولات الأسطى مليم في أن يشرح للأسطى حسن الفرق بين الفول والطعمية والباذنجان المقلي يوميا وبين طواجن المحمر والمشمر ولا يقتنع الأسطى حسين الذي يتمني لمحبوبته زوجته مع إيقاف التنفيذ تفاحة كل السعادة والثروة بشرط أن تظل هى تفاحة القنوعة المخلصة وليست تفاحة هانم التي ما تزال رغم الثروة تحن للماضي والحارة وأهلها وأصلها وترفض المظاهر الكاذبة التي تزين لها كل ما في حياة الغني والثروة من الشرور.
ولكن يظل ينصح ابنة خالتها نفيسة لها ونصائح عم فرحات بركات وفي بيت الطاعة تبدأ تفاحة في تذكر أصلها وأهلها ويتأكد لها حب زوجها الأسطى حسين لها فلا تتغير معاملة لها رغم ما مر به من نفاق صاحب الورشة (عبدالحميد زكي) ثم عودته إلى سوء المعاملة مرة أخرى بعد طلاق الأسطى حسين وتفاحة ويردد بعض الأمثال القديمة التي تساير المناسبة مثل.. يدي الأقرع ما سكته والمسح بسطلبته بقصد بها هبوط الثروة على من لا يقدرونها..
وتعود إلى تفاحة التي تتأكد من حب الأسطى حسين لها والذي لم يتغير فتطرد كل موظفي العمارة.. الباش ملاحظ (محمد الديب) وكاتب الحسابات والبواب (رياض القصيجي) ويفاجأ بها الأسطى حسين وهو ذاهب إلى الورشة صباحا كعادته في كل يوم بزوجته تفاحة وهي تسمح سلم البيت كعادتها القديمة مثل العمارة وكل ما فعلته بها فتعود إلى حبها لزوجها ونرى نهاية الفيلم مشهد الفرح الذي استكملوه بالكوشة وعودة كل شيء إلى أصله. وتهب غناها محمد فوزي وهي التي تقول: الحب أبقى لك.. لما يزول مالك.
قصة الفيلم والسيناريو والإخراج عبد الفتاح حسن والحوار بديع خيري والألحان والموسيقى التصويرية لمحمد فوزي.
من مفاجآت الفيلم كان علي الكسار الذي يضع كل شيء يصادفة في حيبه وبخفة دمه المعروفة كما نفاجأ بنبوية مصطفي ولأول مرة ببذلة رقص تتغير فيما بعد إلى الثوب الأسود الذي اشتهرت به، كما نفاجأ بالفنانة زكية إبراهيم زوجة أو حماة علي الكسار في معظم أفلامه تلعب هنا باقتدار واستمرت عليه لو أتيح له هذا فتلعب دور أم محمد فوزي. ونخلص في نهاية الفيلم أن المال قد يستطيع أن يشتري كل شيء إلا الحب والإخلاص لأنه كما تقول الأغنية (الحب أبقى لك.. لما يزول مالك)..
ثم تكون النهاية السعيدة التي يفرح لها الجمهور دائما في مثل هذه الأفلام!