العيش والملح .. أخلاق حارة تنتصر!
بقلم : سامي فريد
أغنية بداية الفيلم أشارت إلى مضمون الفيلم وحددت ملامحه، فالحارة اسمها حارة (العيش والملح) .. وفي التراث الشعبي نعرف أن العيش والملح له قانونه وهو كالقسم تماماً.
تقول الأغنية التي صرح بها البطل العالمي مختار حسين ومعه كورال من كل أبناء الحارة (بركة اسمك على سكانك.. خلت أجدع ناس جدعانك).
وهو ما سيشرحه لنا الفيلم بعد ذلك مع خطوط السيناريو الذي كتبه المؤلف والمخرج حسين فوزي.
تبدأ الحكاية بلحظات انتظار أبناء الحارة كلهم ليعرفوا نتيجة امتحان النهائي لابنهم صابر أفندي (سعد عبدالوهاب) الذي يعلن الفيلم في التترات أنه استجابة لرغبات الجمهور والنقاد، تقدم شركة نحاس فيلم وبالبنط العريض الوجهين الجديدين: سعد عبدالوهاب معه بالوردة الحمراء في عروة جاكتته كما اتفق معه كل أبناء الحارة ليعرفوا بنجاحه عند رؤيتهم لصابر أفندي على دراجة أبو العافية (مختار حسين) السباك والعجلاتي.. وتسهر الحارة ليلة من ليالي عمرها فرحاً بنجاح ابنهم صابر ويشترك الجميع في رفع لافتة مكتبه كمحاسب لكل الحتة الذي يزين مكتبه بلافتات تعلن عن شخصيته للجميع مثل (الحق يعلو ولا يعلى عليه) فنعرف أنه رجل الذمة والأمانة والصدق.
ثم تبدأ خيوط السيناريو تتقاطع وتشتبك عندما يصدم صابر الغرمان بالنتيجة بالوافدة الجديدة إلى الحارة تبحث عن عم لها يعولها بعد وفاة والدها.. لكن ولأنه (ما محبة إلا بعد عداوه) يصبح صابر وبُسبُس حبيبين هى تحبه وتشجعه وهو يعمل بكل الإخلاص والأمانة في المكتب الجديد، لكن ولأن البنت بثينة أو بُسبُس المهووسة بالفن تبدأ نشاطها بالبحث عن عمل في الرقص والغناء قد يوصلها إلى السينما، لكن هذا الطريق الوعر قد يؤدي بها إلى التهلكة وسط أطماع الطامعين فيها.. وتقاوم البنت بثينة أو بسبس كل ما تتعرض له من ضغوط بدءا من صاحب محل العصير في الحارة وانتهاء بالمليونير بهجت بك الأيوبي الذي يقدم لها الإغراء الأكبر.. فهو المنتج السينمائي وصاحب الكبارية وتحتار البنت بين أحلامها التي يعدها بهجة بك بتحقيقها وبين أخلاق الحارة وتقاليدها وتربية أمها (زينات صدقي) المعلمة صاحبة دكان الفاكهة والخضار!
وتضطر بثينة إلى الكذب على ذلك الرجل الذي لا يكف عن ملاحقتها بغرامياته فتدعي أنها سيدة متزوجة وأن زوجها صابر أفندي يعمل في مكتب متواضع للمحاسبة في حارة العيش والملح، ويجد بهجت بك أن الفرصة قد سنحت له عندما يعدها بأنه سيقوم بتوظيف صابر أفندي في شركاته مديرا للحسابات بمرتب شهري 90 جنيها وكأنه الحلم الذي كانت تحلم به بثينة لحبيبها الفقير صابر أفندي الذي يحمل دوسياته وملفاته بما اكتشفه فيها من سرقات واختلاسات بآلاف الجنيهات.. يحملها جميعا إلى بهجت بك الذي يفاجأ بهؤلاء اللصوص الذين يسرقونه ويطلب من صابر أن يسهر على هذه الملفات ليأتيه في الصباح إلى مكتبه بتقرير لتقديمه إلى النيابة لمحاكتهم.
في نفس الوقت يكون بهجت به (عباس فارس) قد رتب لسهرة حمراء مع بثينة التي تتوسل غليه وتقبل يديه أن يرحمها فهي فتاة فقيرة مسكينة ويستجيب بهجت بك هكذا وبسرعة بهجت بك لدموعها في الوقت الذي يفاجأ فيه صابر أفندي الذي ذهب للاتفاق مع بهجت بك إلى الكبارية الذي تديره أحلام (لولا صدقي) ليفاجأ بمدير مكتب بهجت بك وهو رئيس عصابة المختلسين في الشركة الذي يصدم صابر أفندي بحقيقة علاقة حبيبة قلبه بثينة مع بهجت بك، وأنه ليس إلا “طرطوا” ضحكوا عليه فيرمي الأوراق في الأرض ليفاجئ بهجت بك ومعه بثينة وقد ركعت عند قدمي بهجت بك تستعطفه حتى لا يفصل صابر أفندي من شركاته وتدور معركة بين صابر أفندي يقتحم فيها السراي مدير مكتب بهجت بك الذي يفاجأ بخزانة بهجت بك مفتوحة عندما كان يقدم بعض المجوهرات إلى بثينة في الوقت الذي سقط فيه بهجت بك بعد أن ضربه صابر أفندي فيرتطم رأسه بأحد المقاعد ويرى مدير المكتب صندوق المجوهرات فيكبش منها ويضع منها في جيوبه بالاشتراك مع أحلام التي تخفيها في المسرح في غرفتها.
وتعلم الحارة بالخبر حتى المعلمة صاحبة القهوة غريمة زينات صدقي التي تتطوع بشهامة كل أبناء حارة العيش والملح لإنقاذ بثينة.. وتتوجه الحارة كلها إلى الكبارية لاستعادة المجوهرات من أحلام وعشيقها الذي ينتظرها خارج الكبارية لكن بثينة تستطيع تكبيل أحلام في غرفتها وتؤدي هى رقصتها على المسرح بدلا منها.. وخلال الرقص عندما تعرض بثينة التي سمعت حوار اللص المختلس مع أحلام عند الباب وتسرع الحارة كلها ومعها صاحب محل عصير القصب (محمد إسماعيل) الذي يعمل جرسونا في الكبارية بعد انتهاء عمله في محل عصير القصب وهو في الوقت نفسه منافس صابر أفندي في حب بثينة لكن شهامة وجدعنة أبناء الحارة الواحدة وهي حارة الشامة؟.. حارة العيش والملح يشتكر معهم ي القبض على اللص وتعود الحارة إلى الشهامة والمروءة ويعود صابر إلى حبيبة قلبه بثينة.
ثم لا يفوتنا أن نذكر في الفيلم بعض المبدعين رغم صغر أدوارهم فيه مثل حسن فايق (المكوجي) وحسن كامل (صاحب المطعم)، ثم وداد حمدي بنت الحارة المشاركة في كل همومها وأفراحها.
الفيلم إنتاج نحاس، والسيناريو والإخراج للمخرج حسين فوزي والحوار لبديع خيري وحسن توفيق، والأغاني من تلحين علي فراج.