كلام X الإعلام (11)
بقلم : على عبد الرحمن
الاعلام هو ذراع الدول ينقل أخبارها ويعرض إنجازها ويرد عنها كيد المغرضين ويجلب زوارها ومستثمريها ويصل أبنائها ويدعم هويتها وقوتها ويعلي صوتها في كل مكان، فهل حقق إعلامنا شيئا من هذا؟ ..لا والله، فبرغم أن لدينا من الوسائل الإعلامية (شبكات وقنوات ومحطات ومواقع) هذا الكم الذي لم يتوفر لدولة على وجه الأرض، ولم تنفق دولة على إعلامها بهذا السخاء والبذخ الذي يتعدي الأربعة مليارات جنيه سنويا، ثلاثة على إعلامها الرسمي ومليار علي إعلامها شبه الرسمي، فهل حقق هذا الإنفاق شيئا مما خلق الإعلام من أجله؟، هل وصلت أخبار مصر إلي أهل المعمورة؟، وهل عرض إعلامنا بصدق ما أنجزته مصر في سنواتها الست الماضيه؟، وهل دعم الإعلام روافد هوية مصر، وهل أعاد لها بعضا من قوتها الناعمه المتراجعه؟، وهل رد عنها كيد المغرضين بمهنية؟، بل وهل أرضي إعلامنا شعبه بالداخل؟
لا لم يحدث شيئا مرضيا من كل ذلك لأن منظومة الإعلام لدينا تسير بلا أفق واضح،ولا سياسات تحريريهة محددوة ولا هدف استراتيجي موضوع، ولهذا يقوم رأس الدوله بكل المهام تخطيطا ومتابعة للتنفيذإونصحا لأهل الاعلام، بل وفي زيارته لباريس الأخيره قام السيد الرئيس بنفسه بدور الإعلام كاملا، وكأنه ليس لديه منظومة إعلاميه، بعدما شاخ البعض منها وأفلت الشباب منها أيضا، فبين إعلام هرم قارب أن يموت واقفا إلي إعلام شاب قارب أن يخرج من مضمار المسئوليه لعبا ولهوا وتخلي أهل الإعلام عن أصيل رسالته وتخلت الكيانات الإعلاميه والاقتصادية عن دورها الوطني في تبني خطاب إعلامي للآخر حتي في أماكن نفوذها ومصالحها فلا إعلام موجه بحر فيه للداخل، ولا صياغة مهنيه لإعلام يخاطب أفريقيا والمنطقة العربيه، ولا رسائل تدعم سعي مصر دوليا.
وبين عجز البعض ولهو البعض الآخر ضاعت أمور كثيرة في ريادة إعلامية في الوسائل والمحتوي والكوادر وتواجد مؤثر بين أصوات دول ودويلات ونفوذ قوة ناعمة تأثرت كثيرا، وأهملت ذاكرة الوطن مع إهمال الإنتاج الوثائقي المحترف وضاعت دولة الفن والإبداع مع تراجع دعم مصادر قوتنا الناعمة، وتراجعت دولة التلاوه مع تراجع الاهتمام بالمحتوى الإعلامي الديني ودعم واكتشاف مواهبه وغاب صوت الاعتدال مع غياب تواجد الداعية الوسطي من محتوانا الإعلامي وغابت النوابغ بعدما غاب تواجدهم ضمن المحتوي الإعلامي الحالي، وإختفت صور التنميه ومشروعاتنا القومية من ذلك المحتوي، ولم يعلم القاصي أو الداني بما تم في إصلاح منظومة الجهاز الإداري بالدوله العصرية وغاب مع كل ذلك أهل الاقاليم في أطراف الوطن وكذا طوائفه المستحقة للخدمه الاعلاميه من أهل الأرياف وأهل البوادي وذوي الاهتمامات وغيرهم الكثير.
واختفت مفاهيم التنوع الإعلامي وإعمال العدالة الإعلامية من علي الشاشات والمنابر ليس هذا فقط بل سارعت دول ودويلات لملئ هذا الفراغ الإعلامي المصري بمحتوي إخباري أو وثائقي يجمع حولها الكثير من المتابعين، وتفوقت دولا أخرى في علوم اكتشاف المواهب وتقديمها وقدمت أخري بديلا في مجال الدعوة بغض النظر عن مستوي المحتوي المذاع، وسارعت أخري بملئ فراغ الدراما التاريخية والوطنيه ودخلت أخرى عالم الحفلات بديلا لنا، وإرتفعت الأصوات باحثة عن مساحة أرض تركها نفوذ قوة مصر الناعمة ليحتلها ويزرع له قدما فيها وأهل إعلامنا كأن الأمر من حولهم لايعنيهم واستمروا في حوارات السطحية والتقهقر والغياب، وأصبح صوتنا للداخل مبحوح ومجهد لا يوصل معلومة لباحث عن خبر ولا يطمئن مواطنا ناظر لغده ولا أراح مواطنا مهاجرا يتوق لبلده وأخباره وصورته الحديثه، وغدا الكل شاكيا من الإعلام.
فهل نحل بحاجة إلي أن نغض الطرف عما لدينا من وسائل وما تنتجه من محتوي وما إعتراها من قصور ونبدأ في الإعداد لوسيلة إعلامية مصريه مهنيه عبر بصدق عن وطنها وتعرض صوره الحديثه الباهره وتكتشف مواهب أبنائه في كل مجال وتحقق عدالة المشاركه الاعلاميه للجميع، وسيلة تخبر وتوثق وتكتشف وتقدم وتدعم وتعلي صوت الوطن الناهض، وسيلة أحسن الإعداد لها إسما وشكلا ومحتوي متنوع تقدم محتوي مصري عصري صادق بسياسات تحريريه واعية ووجوه جديده ذات مصداقيه تجوب أطراف الوطن ولا تتقوقع في عاصمته، وسيلة تنشر كوادرها في ربوع الوطن أطرافه وقراه ونجوعه أينما كان بن مصر الاصيل يعيش.
قد تزف لنا الأيام ذلك الخبر السار ولانقول تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن بل نحن الرياح ونحن البحر والسفن وسيتحقق حلم الوطن وأبنائه في وسيلة ومحتوي إخباري وبرامجي،ودرامي ووثائقي متنوع، لنري ونسمع صوت مصر العائد إلي مجده وصلوجانه ونري بن مصر الفخور بإعلامه والملتف حوله، ونرى أبواق الغربان في خرابات الإعلام تخفت وتتضاءل ليعلو صوت المحروسه دوما بما يلائم قدرها وقامتها ويرضي أهلها وقادتها..حمي الله مصر.. ولصوتنا نداءات أخري قادمة.