قرينة الرئيس .. سيدة مصرية من طراز رفيع
بقلم : محمد حبوشة
لا تهوى الظهور كثيرا على الرأي العام، فهى مؤمنة بدورها فى الظل قليلا حيث تفني عمرها في أعماق بيت الرئيس، توليه الرعاية والعناية التي تعينه على تحمل أعباء ومهام جسيمة في مسيرة دولة بحجم مصر، ومن هنا كتبت اسمها بحروف من نور من بين هؤلاء العظماء، سيدة مصرية وطنية خالصة من طراز رفيع، تتمتع بقدر كبير من رجاحة العقل وحنو الأم وبساطة المصريين الذين سكنوا الأحياء الشعبية، لذا تهوى العمل في صمت، وتمارس دورها في خدمة وطنها في ظل الرئيس، فتارة تعمل من خلف ستار، وأخرى تظهر في العلن كاشفة عن معدنها الأصيل، ولأنها لم تتقلد أية مناصب مهمة تراها دوما لا تتخلى عن تواضعها وترفعها عن الصغائر، دون أن يؤثر أي هجوم من جانب كلاب النار الإخوانية على كبريائها ورفعتها وسموها وأخلاقها الرفيعة.
تمارس دورها المرسوم من القيادة السياسية خدمة لوطنها، وشعارها الدائم (العمل فى صمت أسمى معانى الإخلاص، والظهور للضرورة الرسمية، الظهور المستدام لا يعنى فاعلية سياسية، الإنجاز الأهم فى الملفات الشائكة التي تتعلق بأسر وأمهات الشهداء) والأخير هو المستهدف دوما وأمام ناظري تلك السيدة الصامتة دوما، ظهورها في حالات نادرة يقطع غيابا تاما، ولكنها رغم كل التكهنات حاضرة في قلب المشاهد المأساوية التي يمر بها الوطن، بتألقها وفطنتها وإنسانيتها بالغة الحد، ومن موقعها في بيت الرئيس تعمل فى صمت تام، هكذا طبيعتها وطبيعة وجودها تحتم عليها هذا الصمت، فهى مؤتمنة على رأس الدولة وتلك من مهام ومسؤوليات الأمن القومى الذي يحتم الصمت البليغ.
أنت فى حضرة سيدة مصرية وطنية دبلوماسية من طراز رفيع، صموت، وتحسن الإنصات في لحظات الحوار العاصفة، حتى كتلة من التواضع والحنو والترفع والإيثارو(الكُمّل) في الضمير الشعبي المصري قادم من الكمال فى الأدب والرقى والذوق الرفيع، فهي بنت شارع الجيش الكائن في قلب العاصمة المصرية القاهرة، شبت على الأخلاق الرفيعة في ظل أب كان ينصح أكثر ما يعاقب، وأم تتمتع بالحكمة حتى صارت بالنسبة لها المدرسة والكيان، لذا صارت (السيدة انتصار) كتلة من التواضع والحنو والترفع والإيثار، كما بدت أخلاقها الرفيعة في تجليات حوارها مع الإعلامية (إسعاد يونس)، في رحلة بين الماضي المصري بأصالتها وعراقته، والحاضر بقوته وصلابته.
مشوار طويل عشناه مع السيدة (انتصار السيسي) ورغم أنه اختصر رحلة عمرها في دقائق معدودة فقد جمع بين سحر الماضي بتقاليده التي لاتفني والحاضر برونقه وإنجازاته التي تصب في مصلحة بسطاء المصريين، وقد جاء حديثها عذبا نقيا بسريرة فطرية دون تنميق أم مكسبات لون أو طعم، بل جل كلامها يأتي سهلا بسيطا فى سياقات وطنية رائعة، وهى تتحدث باسم رئيس الدولة المصرية بلسان مصرى فصيح، مستبطنة أولويات الدولة المصرية كما تفهمها وتعيها كمواطنة على قدر من الوعي والمسسئولية، مستشرفة في ذات السياق آفاق الأمن القومى المصرى، فى ظل متغيرات دولية وإقليمية عاصفة تحيط بمصر الدار والوطن والأهل.
وشأن (السيدة انتصار السيسي) شأن كثيرات في مصر القديمة واللاتي تميزن بالسبق والإبداع والتميز فى مجالات عدة، وحملت العديد من الألقاب سواء فى البيت أو فى القصر أو المعبد أو فى المجتمع، وتنوعت أدوارها فى مجتمعها منذ بداية الحضارة المصرية، وحملت من الألقاب مثل لقب (نبت بر) أي (سيدة البيت) مما يدل على عظم المكانة التى حظيت بها فى بيت زوجها، فكانت تقوم بأعمال بيتها وتساعد زوجها فى عمله فى الحقل وأعمال الزراعة وعمل السلال والحصر وتربية الماشية والطيور وطحن الحبوب وتجهيز العجين وخبز الخبز والفطائر فى الفرن وورش النسيج.
وكما كانت علاقة المرأة بزوجها قائمة على الحب، وكانت محل تقدير أبنائها في مصر القديمة ظلت السيدة (انتصار) نموذجا مثاليا لهذا الحب وذلك التقدير، لذا صورت مثل جداتها من الفراعين واقفة بجوار زوجها فى حجم مقارب له، وبدلا من أن تطوق جسده بذارعها وتضع يدها اليمنى أسفل صدره ظللت بمداد من العاطفة الجياشة والاحترام تلامس بيدها اليسرى ذراعه اليسرى فى حنان وحب، ليحمل هذا التصوير الفنى مغزى حضاريا معاصرا يعبر عن قمة الحب والتراحم والحنان والتواصل بين الرجل والمرأة فى المجتمع المصرى، ويمثل الزوج فى صورة إنسانية كزوج محب لزوجته وشريكة كفاحه.
لقد شعرت أنا وغيري من مشاهدي حوارها مع الإعلامية (إسعاد يونس) بقيمة كل تلك المعاني في الحب والبطولة والإيثار عندما كشفت قرينة رئيس الجمهورية، عن أسرار علاقتها بالسيدة والدة الرئيس، مؤكدة أنها كانت سيدة عطوف تحنو على جميع أفراد عائلتها وأسرتها الصغيرة، وإن الرئيس السيسي منذ ارتباطها به شخصية مهذبة، وحانية على الجميع، لافتة إلى أن علاقتها به أسرية منذ ما قبل الارتباط بوصفه ابن خالتها، إلى أن ارتبطا رسميًا، أثناء دراسته في الكلية الحربية، وقالت إن أسرة زوجها كانت تقيم في منطقة الجمالية بالقاهرة، وهى الأخرى نشأت في منطقة شعبية.
حوار السيدة (انتصار السيسي) برهن بشكل عملي على كيف شاركت هذه المرأة المصرية الجسور فى الدفاع عن هذا الوطن إلى جوار زوجها الرئيس في فترات صعبة من تاريخ هذا الوطن، ما يوضح عظمة الدور الذى من الممكن أن تقوم به النساء فى تحرير الأوطان وشحذ همم الرجال من الأبطال كى يعيدوا لمصر كرامتها، وشأنها في ذلك شأن الملكة المناضلة (تتى ــ شرى) التي لعبت دورا كبير فى تحرير مصر من احتلال الهكسوس على يد حفيدها أحمس الأول، وأيضا ساهمت أمه (إياح حتب) السيدة الأولى عالميا فى تسيير الفرق العسكرية، ولعبت دورا كبيرا فى الدفاع عن العاصمة، وحمت مصر واعتنت بها وبالجنود، وقامت بأداء الشعائر، وجمعت الهاربين وأعادت الفارين، وأنزلت السلام والسكينة على مصر العليا، وطردت المتمردين.
وتعد المرأة الذكية وصاحبة الشخصية القوية هى الزوجة التي تلعب دورا كبيرا فى توضيح ملامح حياة وحكم زوجها، تماما كما ترجمت ذلك في حوارها قائلة: أن السيسي كان في منتهى الحنية معها، موضحة: (إنسان حنين جدًا على أسرته كلها، مش أسرته الصغيرة بس، بل أسرته الكبيرة كمان، اللي هى والدته وإخواته والناس كلها شايفة الصفة دي فيه)، مضيفة إن أكثر وقت يحبه رئيس الجمهورية هو أن يرى سعادة الناس، كما أن (أكتر وقت بيحبه ويفرحه لما يشوف الناس مبسوطة، أهم حاجة يشوف الناس قد إيه مبسوطة من الأعمال اللي بتحصل دي، وهل جاتلهم الخدمة لحد عندهم.. وإنه يوصل الخدمات للناس متوسطة الحال ويحقق المعادلة الصعبة؟).
وتابعت: (هو بيحب بلده جدا، كان بيفكر في كل سلبية من سلبيات المجتمع، وإحنا مخطوبين، وبنخرج كان بيتكلم عن الإسكان ونفسه يحصل نقلة لدرجة إن أنا من كتر حماسه، قلت له ربنا هيديك ثواب عشان بتفكر بالطريقة دي وعاوز تبقى عندك عمارة”، وأردفت: (قالي الموضوع مش عمارة، أنا عاوز مجمع سكني يسكن فيه كل الناس.. أحمد لله إنه حقق حلمه وحاجات كتير حصلت سمعتها منه في البداية، ومن هنا لقد فاقت (السيدة انتصار السيسي) قوة المرأة الجميلة الملكة (نفرتيتى) التي تحدت قوة الرجال، وشاركت فى أمور الحكم، وكانت ذات دور كبير فى تحريك السياسة وتوجيه دفة الحكم فى عهد زوجها أخناتون.
وعلى غرار جميلة الجميلات (نفرتارى) الملكة القوية والمؤثرة بقوة فى عهد زوجها رمسيس الثانى ولعبت دورا كبيرا فى الشئون الدبلوماسية فى الدولة المصرية العريقة؛ نظرا لما كانت تتمتع به من مهارات عديدة مثل فنون الكتابة والقراءة وأصول وفنون علم المراسلات الدبلوماسية، فضلا عن حبها لزوجها كانت قرينة الرئيس (انتصار) سندا قويا للرئيس السيسي، خاصة هى تتحدث عن أكثر اللحظات التي تجهش فيها بالبكاء قائلة: (ببكي لما يحصل حاجة جامدة في البلد ويكون فيه شهداء، حاجة بتخليني أبكي أوي، لأني أم، وأعلم أن شعور أم تفقد ابنها حاجة كبيرة جدا”، وتابعت: (ببكي خصوصًا في المناسبات خاصة الشرطة والقوات المسلحة، بسمع قصص الأبطال دول على لسان ذويهم أو أسرتهم).
وكشفت قرينة رئيس الجمهورية، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، يجمع ما بين الحزم والشدة والحنية، ولو سمع قصة إنسانية تقول : (تلاقي دموعه نزلت تماما كما تأثر بشكل كبير بقصة الفتاة الإيزيدية التي تعرضت للاغتصاب من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي، كما أنه بكى أيضا عندما توفيت والدته، فقد كان يحبها جدا، ومرتبطا بها جدا، وأخذ منها كل الأشياء الجميلة، ومثلها مثل زوجها أكثر فإن ما يفرحها في الحياة، هي فرحة الناس، مثل انتقال الناس إلى مشروع الأسمرات، مشددة: أي حاجة تفرح الناس أنا بفرح بيها).
ولعل أهم ما كشفته السيدة (انتصار السيسي) في حوارها مع الإعلامية (إسعاد يونس) ما قالته عن بداياته مع الرئيس قائلة: إن الحياة كانت جميلة وبسيطة، وكان الرئيس يعتمد على نفسه على الرغم من أن والده كان ميسور الحال جدًا ولديه محلات، مشيرة إلى أن السيسي كان مجتهدا جدا وله طريقة مميزة في المذاكرة، وأضافت: (كان حاطط خطة لنفسه وطلب مني أساعده فيها عشان أعمل نفسي بنفسي، كان حاطط هدف قدامه وهو يسافر بسبب النقلة العلمية)، وهو ما يؤكد حنكته السياسية وقدرته على التحكم في أعصابه في إدارة شئون الدولة.
وضربت مثالا على ذلك قائلة: (سافرنا إنجلترا في سنة 1991، وسافرنا وهو ملحق عسكري بالسعودية، ثم سافرنا إلى أمريكا، وكانت سفريات ناجحة وحقق فيها نجاحات كويسة في الدراسة، وأوضحت: المدرسين في أي لقاء كانوا بيقولوا لي إنه يخرج ويتنفس ويشوف الدنيا مش كل حاجة لازم تبقي فيها دراسة وأضافت بفخر الزوجة المحبة لزوجها : هو مجتهد جدا وبيذاكر بطريقة معينة تكون المحاضرات واضحة والأقلام ملونة لدرجة إن زملاءه كانوا يحبون يطلعوا عليها.. من أيام الكلية الحربية ودي كانت طريقته).
ولقد أعجبني جدا في حديثها النابع من القلب ليلامس قلوب المصرين أنها تهتم بقضايا المرأة المصرية قائلة: إن سيدات مصر عددهن 48.5 مليون، وأنا كسيدة مصرية فخورة بحصول المرأة على 8 حقائب وزارية في عام 2019 بنسبة 24% من الوزارات، وفخورة بحصول المرأة على 90 مقعدا في البرلمان: دي حاجة كويسة)،
موضحة بأن نشأة الرئيس السيسي أثَّرت عليه في حكمه على المرأة بقولها: (دي من الحاجات اللي أثرت في الرئيس، إنه يحكم على المرأة المصرية بطريقة مختلفة لأنها بتتعب وبتشقى وأمنيتها تشوف أولادها سعداء، مش بتفكر في نفسها)
وكان حديثها عن الشباب ذو شجون عنما أكدت أن هناك طفرة بالنسبة للشباب: (شبابنا بقى يعمل كل حاجة من إكسسورات وشنط ورسومات على الملابس.. أحب أن أشجعهم لكي يكون لديهم الحماس لإنتاج بأقصى ما لديهم)، مضيفة أنها حريصة على لقاء الشباب: (ألتقي بهم، وطلباتهم تتلخص في الحصول على معدات حديثة)، أما حديثها عن الأسرة فكان له وقع آخر في نفوس كل المصريين الذين شاهدو الحوار الشيق قائلة: (أسرتنا لما تكون مع بعض نتفرج على الحاجات في التليفزيون اللي بتيجي قبل الغداء أو قبل العشاء، لما يكون فيه فيلم حلو نتجمع ونشوفه، ده بيدينا طاقة إيجابية خاصة المسلسلات بتاعة زمان اللي كانت بتأثر فينا).
وتابعت: (كل المصريين كأسر زمان كانوا بيتجمعوا ويتفرجوا، زي ما حصل في مسلسل الاختيار، خلى الناس كلها تتجمع وتتابع ويعرفوا الدنيا ماشية إزاي)، وواصلت: (كل أحداث المسلسل عرفتها كلها بكل تطوراتها، بس لما الواحد يشوفها قدامه يبقى ليها طعم تاني)، وعن تفضيلاتها في القراءة، أكدت أنها تحب الكثير من الروايات القديمة، والكتابات الجديدة، وأردفت : من زمان بنحب روايات معينة، كانت في موسوعة مصر القديمة لـ (سليم حسن) إذ إنها حكت عظمة الحضارة المصرية، وكانت غاية في الصدق والأصالة عندما قالت أنها تفضل رواية (الوتد) لخيري شلبي، وخاصة في تفسيرها لها بأنه تمثل المرأة المصرية الريفية بتحملها للمسؤولية والمواقف الصعبة التي مرت بها.
وأكدت قرينة الرئيس: (في حاجات تانية زي الأيام لطه حسين وعبقرية عمر وعبقرية خالد لعباس العقاد استفدنا منها جدا لما درسناها وكنا بنتناقش فيها كطلاب، وأفضل العظماء أيضًا مثل إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ومازلنا إلى الآن بنحب نقرأ كل رواياتهم”، ثم كانت المفاجأة عندما أظهرت اهتمامها بكتب السير الذاتية الخاصة التي تعكس التجربة الإنسانية في تحدى الظروف، عندما قالت: (في حاجات حديثة دون سابق إنذار لأنيسة حسون.. إنها مرضت وتحدت الدنيا حتى تعيش أسرتها في سعادة ودون كآبة حسستهم إنها إنسانة قوية).
وعن تفضيلاها الغنائية قالت السيدة انتصار السيسي، قرينة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنها تُحب سماع أغاني أم كلثوم عبدالحليم حافظ ووردة وفايزة أحمد لها مكانة خاصة في نفسها، موضحة أن كل أغاني كوكب الشرق عظيمة للغاية، مشيرة إلى أن أغاني أم كلثوم كانت بتجمع كل الأسر، الأسر كانت بتجيب الراديو وتسمعه، قعدوا عمر يسمعوا أم كلثوم في جماعة ويلموا الأسرة كلها)، وتابعت: (لما الأغاني بتاعة أم كلثوم كانت تبدأ في الراديو الساعة 5، كنا بنجيب لب ونقعد في البلكونة ونضحك، ولو خرجت أشتري حاجة، كنت أسمع الأغاني وأنا رايحة، معظم البيوت كانت مشغلاها).
هكذا استمتعنا على مدار 72 دقيقة بحوار شيق قريب من القلب ولامس أوتارا كثيرة من حياتنا المصرية من خلال السيدة (انتصار السيسي) والتي بدت فيه تتمتع بقدر من الوعى والذكاء الفطري المصري كسيدة مصرية أصيلة تعرف كيف تحافظ على بيتها وأسرتها، ويعكس في الوقت ذاته أن مصر محروسة ومحظوظة برئيسها البطل الجسور الذي نشأ على قيم الأصالة والذوبان في حب تراب هذا الوطن كما أكدته قرينته مرارا وتكراا خلال حديثها، وعندما سردت تاريخه الناصع منذ كان طالبا بالكلية الحربية وحتى الآن .. حما الله مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي من كل شر وحفها بالأمن والأمان.