فيروز تخلد قرية (مجدليا) في أغنية (يلا تنام ريما)
كتب : أحمد السماحي
نحتفل خلال هذه الأيام بعيد ميلاد جارة القمر (فيروز) صوت النور التى غنت للحب والصداقة والعشق والعشاق والوفاء والتلال والسماء والأرض والمطر والشجر والمواسم والرياح، والأزهار والأشجار والأماكن والبيوت.
غنت للحرية والأوطان والحرب والسلام، غنت لمصر ولبنان، ومكة والقدس وبعلبك والأردن، وسوريا، والكويت، والعراق، غنت للطفولة والبراءة، والمشردين، للحق وللزهر، غنت القصائد والموشحات والأدوار، غنت بالترانيم والمزامير والصلاة.
هذا الأسبوع نتوقف عند واحدة من أغنياتها الشهيرة للأطفال والتى غنتها على اسم ابنتها (ريما) وجاءت بعنوان (يلا تنام ريما) التى كتبها ولحنها الأخوين رحباني، هذه الأغنية فى جزء منها حدوتة رائعة تستحق الحكي، فجزء منها يحكي قصة واقعية من حياة اللبنانيين.
والقصة التى تداولها عشاق (فيروز) على الإنترنت تقول أنه منذ حوالي أربعمائة سنة، سكنت في قرية واقعة شرقي طرابلس، تدعى (مجدليا) عائلة مكونة من زوجين وطفلين، كبيرهما طفلة لم تناهز بعد ربيعها العاشر، وكانت أعمال العائلة محصورة في الزراعة وتربية الماشية، وذات يوم وبينما كانت الطفلة ترعى خرافها أرادت أن ترتاح فاختارت سنديانة ظليلة أسندت إليها رأسها وغرقت في نوم عميق.
وما هي إلاّ لحظات، حتى فاجأها صوت غريب فيه (لكنة) ابن البادية، فارتاعت كثيرا، وحاولت أن تصرخ، ولكن الخوف لجمها ومنعها عن الحركة، فحملها الإعرابي على ظهر حصانه، وساق أمامه القطيع، إلى أن وصل بر الشام، فأنزلها هناك وسط الصحراء، وأدخلها خيمة مفروشة بالوسادات والمقاعد العربية، وبجلود الغنم، عرفت فيما بعد أنها خيمة الأمير.
ومرت الأيام والشهور والسنين مسرعة، وأهل الفتاة أضناهم التفتيش عنها، حتى دب في قلوبهم اليأس، واعتقدوا أن وحشاً افترس ابنتهم مع القطيع، إلى أن لعبت الصدفة دورها ألأكبر، فقادت إلى الفتاة بائع عنب متجولاً، يحمل على شفتيه بسمة أمل، فنادت عليه الفتاة وأحفظته أغنية وطلبت منه أن يرددها ورائها حتى يحفظها، وبالفعل حفظ البائع المتجول الأغنية، وراح يغني الأغنية فى كل مكان يصل إليها حتى وصل ذات يوم إلى قرية (مجدليا) التى يسكن فيها أهل الفتاة وغنى الأغنية التى تقول كلماتها..
يا بيّاع العنب والعِنَبِيّا
قول لأمّي وقول لبيّا
سرقوني العرب والعاربيّا
من تحت سنديانة مجدليّا
بيتنا حدّ البيادر
وبيّي إسمو الشيخ نادر
وأمي من عيلة أنيسة
سآل عنها وعن كرم ديّا
يا بيّاع العنب والعِنَبِيّا
كنت هزهز من زمان
لخيّي بسرير المرجان
واليوم يا بيّاع صرت
هزهز لطفله بْنيَّه
بسرير الخشب والخاشبيّا
وعندما استمع أهل الفتاة لهذه الأغنية أيقنوا أن اعتقادهم خاطىء، وأن ابنتهم مازالت على قيد الحياة، وفى حاجة لمساعدتهم، فجندوا أنفسهم، وتوجهوا نحو مضارب القبيلة، حيث دخل أحدهم متنكرا إلى خيمة الأمير، فحاور وداور، حتى سنحت له الفرصة، فاستولى على الفتاة التى كانت قد كبرت، وعاد بها ظافرا، والبسمة تعلو ثغريهما معا.
الأخوان رحباني التقطا هذه القصة التى تعتبر من تراث حكايات الجدات للأطفال ونسجا على منوالها أغنيتهما الشهيرة (يلا تنام ريما) التى تقول كلماتها :
يللا تنام ريما.. يللا يجيها النوم
يللا تحب الصلا.. يللا تحب الصوم
يللا تجيها العوافي.. كلّ يوم بيوم
يللا تنام يللا تنام.. لادبحلا طير الحمام
روح يا حمام لا تصدّق.. بضحك عَ ريما تَ تنام
ريما ريما الحندقّة.. شعرك أشقر ومنقّى
واللي حبّك بيبوسك.. اللي بغضك شو بيترقّى
يا بيّاع العنب والعنبية.. قولوا لإمّي قولوا لبيّي
خطفوني الغجر.. من تحت خيمة مجدلية
التشتشة والتشتشة.. والخوخ تحت المشمشة
وكلّ ما هبّ الهوا.. لاقطف لريما مشمشة
هاي هاي هاي لِنا.. دستك لَكَنِك عيرينا
تَ نغسّل تياب ريما.. وننشرهن عالياسمينة