الله معنا.. صرخة الحق وانتصار العدل
بقلم : سامي فريد
لم يكن ممكنا بأية حال إنتاج هذا الفيلم عقب حرب فلسطين مباشرة بعدما اتضح خلالها من مؤامرة الأسلحة الفاسدة ومأساة الجيش الذي ذهب ليحارب بدون أسلحة أو ذخيرة.. أو حتى قيادة!!
الفيلم إنتاج سنوات أوائل الخمسينات عقب ثورة يوليو 1952 مباشرة، والقصة كتبها إحسان عبدالقدوس الصحفي الذي فجر قضية الأسلحة الفاسدة وكتب عنها وطالب التحقيق فيها ويقوم بدوره في الفيلم شكري سرحان (محسن عبدالموجود)، ونشر وثائق إدانة الخيانة ليحدث ما يحدث من مطاردة الوطنين الشرفاء وبدايات حركة الضباط الأحرار حتى إقصاء الملك وعصابة الفساد من البلاد.
سيناريو الفيلم وإخراجه كان للمخرج (أحمد بدرخان) الذي تولى إدارة هذا العمل الضخم الذي ضم أكثر من خمسين فناناً على رأسهم كانت (فاتن حمامة وعماد حمدي وماجدة ومحمود المليجي وحسين رياض وعلوية جميل وسراج منير وشكري سرحان وسعيد أبوبكر واستيفان روستي وأحمد علام وفؤاد المهندس ومحمود السباع وملك الجمل) وغيرهم.
تحكي قصة الفيلم حكاية المؤامرة التي تبدأ بالنظرة الوردية لليوزباشي أحمد (عماد حمدي) الذي يذهب للحرب معتقداً عن يقين أنها نزهة يعود منها الجيش المصري منتصراً لكنه يفقد ذراعه في الحرب عندما انفجر فيه أحد المدافع من الأسلحة الفاسدة!
ونكتشف مع أحداث الفيلم أن عمه عبدالعزيز باشا جمال الدين (محمود المليجي) هو أحد كبار تجار السلاح الفاسد لحسات جلالة الملك فاروق وذكور باشا (حسين رياض) رئيس الديوان الملكي، وفي عصر عمه الباشا يكتشف أيضا أن هناك باً قويا عفيفا يربط بين نادية (فاتن حمامة) ابنة الباشا تاجر الأسلحة لكن نادية بعد ما تكتشف خيانة أبيها وتطلب أن تحارب إلى جوار ابن عمها اليوزباشي أحمد.
وبالفعل تساعده عندما تسكب من خزانة الباشا والدها ما يكشف خيانته من خزانته،
ونرى حياة القصور والفساد والتآمر وتدخل الأجانب في المؤامرة، ويفضح لنا ذكور باشا (حسين رياض) أن ما يعود عليه من الصفقة ليس إلا العشر أما التسعة أعشار فتذهب إلى صاحب الجلالة.
ويدين الفيلم أيضا قائد الجيش (سراج منير) الذي يطيع أوامر رئيس الديوان كرجل عسكري لا يجد إلا إطاعة الأوامر رغم فسادها فيكون هو أيضا أحد المتأمرين بحكم عمله فقط!.
وتحاول الحكومة وقف نشاط المعارضة الذي يديره الصحفي محسن، كما تحاول قتل اليوزباشي أحمد ومعرفة حقيقة ما وصل إليها من نشاط بعض الضباط داخل نادي الضباط وللإطاحة بالحكم الفاسد.
ويحاول رئيس الديوان بعدما علم من البوليس السياسي خبر إدارة اليوزباشي أحمد لنشاط خلية الضباط الأحرار أن يقنع عبدالعزيز باشا بضم (البطل) أحمد في الوزارة الجديدة لكن اليوزباشي الحر يرفض المؤامرة ويطالب عمه بأن يضغط على الحكومة لفتح التحقيق في قضية الأسلحة الفاسدة.
ويصور لنا السيناريو الذي كتبه أحمد بدرخان مفارقة مذهلة عندما نعرف أن (نادية) تطبع منشورات الضباط الأحرار على مطبعة أبيها في بدروم السرايا، ونرى اجتماعات الضباط الأحرار في نادي الضباط واتفاقهم على سرعة الحركة حتى يتم إعلان الحركة والقبض على المتورطين في الخيانة ثم إقصاء الملك وتطهير البلاد من هذه العصابة.
ولعلنا لا نبالغ إن طلبنا إعادة إنتاج الفيلم من أجل الأجيل الجديدة التي لابد أن تطلع وتعرف ما عرفناه عن هذا الجيل الذي كان من الشجاعة أن يواجه الطواغيت ويقهرها باتحاد الشعب مع الجيش.. لكن الفيلم الجديد – إن حدث هذا – لابد أن يكون دقيقا وفنيا محبوك السيناريو ليثبت من جديد مساحة ناصعة من تاريخنا لا ينبغي أن تغيب عن إدراك ووعي الأجيال الجديدة.