كتب : أحمد السماحي
يوجد نوعان من المطربين، مطرب عاشق لفنه يناضل ويقاتل من أجله، ومن أجل نجاح أغنياته المقتنع بها، حتى لو لم يقتنع الجمهور بهذه الأغنيات، كما فعل العندليب الأسمر (عبدالحليم حافظ) الذي ظل وراء أغنيته (فاتت جنبنا) التى لم تحقق النجاح الكبير عندما تم تقديمها أول مرة، وظل ورائها حتى حققت النجاح الكبير، كما ذكر كثير من أصدقائه وكما ذكر ذلك فى المجلات الفنية القديمة.
ومطرب آخر موظف يؤدي ما يطلب منه على أكمل وجه، نجحت الأغنية التى يقدمها يسعد بنجاحها، ويكررها فى كل حفلاته حتى يمل الجمهور منها ومنه!، هذا المطرب الذي يقدم دائما ما يطلبه الجمهور حتى لو تكرر الأغنيات التى يغنيها عشرات المرات!، ولا يدعم أغنيات أخرى لديه تمتلك كل مواصفات الجمال لكن الجمهور لم يسمعها أو يعرفها.
من هؤلاء المطرب اللبناني (عاصي الحلاني) صاحب الحنجرة القوية، الذي يمتلك أغنيات كثيرة رائعة، لكنه لا يدعمها ولا يقدمها فى حفلاته ويحرص على إخفائها كأنها رجس من عمل الشيطان!، ويقدم أغنيات بعينها يكررها في كل مناسبة! ويتجاهل أغنيات أخرى أكثر جمالا، ويمكن ببعض المجهود وببعض الاهتمام أن تحقق النجاح والشهرة الكبيرة وتضاف إلى قائمة أغنياته المطلوبة جماهيريا.
من هذه الأغنيات أغنية (طول عمري بسمعهم) تلك الأغنية التى لم يستمع إليها أحد إلا ووقع في هواها وجمالها، فالأغنية فكرتها غير مسبوقة فى سجل الغناء المصري بحكم استماعي إلى 90% من تراثنا الغنائي، وتتحدث عن الشخص الذي يمتلك فروسية وكبرياء ورقي وإنكار للذات، والذي يسمع شكوى الآخرين، ويرسم البسمه على وجهه طول الوقت، ولا يتحدث عن مشاكله أو همومه الشخصية أو العامة، مع العلم أنه لو حكى أحزانه توزنهم، هذا الشخص الذي لابد أن كثير منا صادفه فى مشواره أو في حياته.
هذه الأغنية لها قصة، حيث يقول عنها شاعرها المبدع دوما والمتجدد باستمرار، والشاب طول الوقت (بهاء الدين محمد)، الذي يقول: لم يكن فى ذهني أحد من المطربين، وجاءت فكرتها ذات يوم عندما كنت أجلس مع صديق لي ومعنا الديفا (سميرة سعيد)، وأثناء الحديث تتطرق هذا الصديق عن زواجه منذ 14 سنة، فكنت أول مرة أعرف أنه متزوج، فنظرت إليه مندهشا، فسألتني (سميرة سعيد) انتا مكنتش تعرف أنه متزوج؟!، فرد عليها الصديق: بهاء طول عمره يسمع ولا يتكلمش، عمره ما سأل أحد عن شيئ، وكلنا بنحكي له، وعمره ما حكى لأحد عن شيئ، رغم أنه عنده مشاكل توزنا جميعا، فعجبتني الفكرة وكتبت (طول عمري بسمعهم، بسمع ولا اتكلمش).
وبعد أن انتهيت من كتابتها لحنها صديقي الموسيقار المبدع الراحل (حسن أبوالسعود) وسمعها المطرب (عاصي الحلاني) ودفع لي يومها 7 آلاف جنية، وأثناء ذلك سمعت المطربة (أصالة) هذه الأغنية من (حسن أبوالسعود) فبكت من جمال الأغنية، وصممت على غنائها، وعرض على زوجها (أيمن الذهبي) في هذا الوقت أن أتنازل عن هذه الأغنية نظير 50 ألف جنية، لكني رفضت، واشتكتني (أصالة وأيمن الذهبي) للموسيقار الكبير (حلمي بكر) الذي رد عليهما قائلا هذا رجل محترم يحافظ على كلمته، وطالما وعد (عاصي) خلاص، الموضوع انتهى!.
ويومها ومن شدة إعجاب (أصالة) بالأغنية اتصل زوجها السابق (أيمن الذهبي) بالمطرب (عاصي الحلاني)، وطلبوا منه التنازل عن هذه الأغنية، وسوف يهدونه أغنيتين للموسيقار (محمد ضياء) كانت ستغنيهما (أصالة) لكنه تمسك أكثر بالأغنية، وذكرهما بأن هذه الأغنية هى التى ذكرها لهما وهما على الطائرة دون أن يذكر اسمها، وقال لهما يومها أنها (حتكسر الدنيا).
وبالفعل غنى (عاصي الحلاني) الأغنية وحققت نجاحا كبيرا فى لبنان ودول الخليج، وطارت منى الخمسين ألف جنية!!.
وهذا نص كلمات أغنية (طول عمري بسمعهم)، كلمات الشاعر بهاء الدين محمد، لحن: حسن أبوالسعود، توزيع: طارق عاكف:
طول عمرى بسمعهم بسمع مبتكلمش
يحكولى اوجاعهم فاكرين مبتألمش
فاكرني مش منهم انسان غريب عنهم
لكن أنا لو حكيت أحزانى توزنهم
ولا عمرى نمت الليل ولا عشت يوم مرتاح
من الدنيا شوفت الويل فى الحب شوفت جراح
يحتاجوا أبوابى يلاقوها فتحالهم
يحتاجوا أحضانى يلاقوها رايحالهم
واكمنى عمرى ما قلت محتاج لاحضانهم
ليا صحيح قلبين وياك وقلبي سعيد
والتانى قلب حزين شايل اهات بعيد
يحكولى آلامهم ويقولى مية أها
مضعفش قدامهم مبقولش ولا أها
وبدارى أحزانى وبداوي أحزانهم
فكرنى مش منهم إنسان غريب عنهم
فكرنى مش آه منهم إنسان غريب عنهم
لكن أنا لو حكيت أحزانى توزنهم