رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أمير الانتقام .. العدالة لا تحقق بعد العذاب

بقلم : سامي فريد

مقدمة الفيلم لا تنكر أنه مأخوذ عن القصة العالمية – وإن لم يذكروا اسمها – وأنه مراعاة للمؤلف – وهو هنا إسكندر ريماس الفرنسي – فإنهم اختاروا أن تكون أحداثها في زمن المماليك. وهو شيء قد يقترب من الصواب ولكن ليس كل الصواب..

والفيلم لابد أن نعترف أنه إنتاج ضخم تصدت له السيدة آسيا فحشدت له الفنانين والمناظر والقصور وما استلزمه العصر الذي دارت فيه الأحدث من التحف والتراث الإسلامي المملوكي الضخم.

أما عن الفنانين المشاركين في أحداث الفيلم فحدث ولا حرج.. فهم جمع من أكابرهم أمثال أنور وجدي وكمال الشناوي ومحمود المليجي وفريد شوقي وسراج منير وحسين رياض وسامية جمال ومحمد علوان ومديحة يسري وسراج منير وعبدالرحيم الزرقاني وعبدالعزيز أحمد ورياض القصبجي، إضافة إلى عشرات الكومبارس في مشاهد الحمامات أو سوق العبيد أو أفراد عصابة الشيخ غراب، ثم الراقصات والمطربات أمثال شهر زاد وفاطمة علي وغيرهما في سيناريو محبوك من إعداد بركات وأخرجه وخوار مدروس اللهم إلا بعض الهنات، وفوق هذا كله فريق التدريب على المبارزات التي ستجري بين البطل أنور وجدي وغريميه كمال الشناوي وسراج منير.

أكتب عن فيلم أمير الانتقام إنتاج الخمسينات:

أحداث الفيلم تبدأ بوصول المركب المنصورة إلى ميناء دمياط بعد رحلة ناجحة وموفقة لكن ريسها حسن الهلالي (أنور وجدي) يحمل معه رسالة خطيرة طلب منه أن تصل يدا بيد إلى الزعيم عبدالجليل (وهو بالمناسبة شقيق بدران (سراج منير) رئيس الشرطة وفيها خبر أن الأعداء للثورة والاستعداد لها.. لكن!.

لكن وفي ليلة زفاف حسن الهلالي إلى ياسمينة عروسه (مديحة يسري) والتي كان خطبها المملوك شاهين بك (كمال الشناوي) من يكون غرماء البطل وحساده الحاقدين عليه قد أحكموا تدبيرهم بعدما علم جعفر البحار على المركب المنصورة باستلام حسن الهلالي لتلك الرسالة التي كان ينفصهم أن يعرفوا لمن كانت مرسلة.

وهو ما دبره جعفر مع متولي (محمود المليجي) المرابي لخدمة شاهين بك الذي يغرف من ماله ليفشل زواج حسن وياسمينة وليفوز هو بها.

ويكون التدبير بعد أن عرفوا أن حسن سيسلمها وتاكدوا أنها للريس عبدالجليل (محمد علوان) شقيق بدران يسارعون باقناع شاهين بك بأن يكتب رسالة بيده اليسرى إلى بدران يخبره بالرسالة.. ويأتي الجند بأوامر مشددة من بدران ليقتادوا حسن إلى بدران الذي يسأله عن الرسالة، ولا ينكر حسن استلامها لكنه لا يعرف من هو عبدالجليل ولا مدى علاقته ببدران.. الذي ما أن يقرأها حتى يجن جنونه.

فالتدبير قد بدأ للثورة على بدران الظالم الذي يحكم الولاية بقوته وقة شرطته مع الوالي الطيب عبدالرحيم الزرقاني وتكون النتيجة هي الزج بالريس حسن الهلالي في السجن لبعض الوقت حتى ينتهي التحقيق.. لكن ذلك الوقت المؤقت يدوم خمسة عشر عاما فتنجح المؤامرة ويتزوج شاهين بك بحبيبة قلبه ياسمينة لكن الأحداث تدور داخل معتقل المغول الرهيب على غير ما كان حتى حسن الهلالي نفسه يتوقع وهو الذي صام عن الطعام واختار الموت لينهي حياته المظلمة البائسة التي لا تعدوا أي أمل في عدالة.

وفي المعتقل يبدأ حسن يسمع أصوات الحفر من زنزانة مجاورة ويبدأ هو أيضا الحفر حتى يلتقي مع سجين آخر هو الشيخ جمال الدين (حسين رياض) الثري ثراء فاحشا لكن إصراره على الحق ولا نعلم ما هية هذا الموضوع الذي قال فيه كلمة الحق لينتهي أمره إلى معتقل المغول، ويكشف الشيخ جمال الدين عن السر الذي كان يخفيه بعد أن رأي من شهامة حسن الذي تلقى العقاب ضربا بالسياط بدلا للشيخ جمال الدين والذي اعتبره ابنا له، وكان السر هو ذلك الكنز الذي خبأه الشيخ جمال الدين في أحد القصور القديمة على طريق السويس ويستخدم الهلالي الحيلة في الهروب من المعتقل مع جثمان الشيح جمال الدين لينطلق في هيئة تلك المزرية من الشعر الكثيف واللحية الطويلة..

والملابس التي لم يخلعها منذ خمسة عشر عاما ليجد القصر والكنز كما وصفه له الشيخ جمال الدين لنبدأ مرحلة أخرى من الفيلم وهي ظهور الأمير عز الدين (أنور وجدي) كأمير لإمارة السندستان بثروته الفاحشة.

وخدمه وعبيده وزمردة (سامية جمال) التي أنقذها من الأسر ولا نعرف أي أسر وفي أي معركة ولا نعرف أيضا كيف تحول الشجين الهارب بشكله المخيف وكيف حمل معه الصندوق الضخم العامر بالدنانير الذهبية والجواهر لا يهم، المهم هو أن يسعى ليعرف من هم أعداؤه لينتقم وسط أهات الجمهور المتشفية في الخونة ويبدأ الهلالي ليكشف لاعدائه عن شخصيته ويتم الانتقام من الأول (متولي) محمود المليجي ثم الثاني (شاهين المملوك) كمال الشناوي، ثم جعفر البحار الذي يتحول بلعبته ذكية من الهلالي إلى تاجر من أكابر تجار البلد لكن الهلالي يسلط عليه شيخ المنسر غراب (رياض القصبجي) الذي يتحول بين يدي الهلالي إلى العبد المطيع الذي يجد في خراب بيت جعفر وزوال تجارته سعادته بعد أن غدر به جعفر (هكذا) ولا تهم الأسباب.

أجاد كل فناني وفنانات الفيلم، ودارت مبارزات السيوف مدروسة على أحسن ما يكون.. حتى كلمات الأغاني التي كتبها بيرم التونسي وآخرون حتى موسيقى الرقصات التي أهداها الموسيقار فريد الأطرش لترقص عليها زمردة (سامية جمال).

وتكون النتيجة فيلما يجمع بين روعة التمثيل وبراعة السيناريو والطرب الرقصات وتحقيق العدالة في نهاية الفيلم وإن كانت عدالة لا تتم إلا بطريق الانتقام.. لكنها تعجب الجمهور كما أعجب بأمير الانتقام (أنور وجدي) ولدرجة أن (جعفر) هو وباسم (أمير الدهاء) استثمار النجاج الفيلم الأول..

وهذا موضوع آخر!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.