سيد (أفندي) سليمان .. بسببه أنشئت الرقابة على المصنفات!
بقلم : سامي فريد
كانت بدايته الفنية مع السينما الصامتة في فيلم (البحر بيضحك ليه)، من إخراج ستيفان روستي، ثم عمل بالمسرح في فرقة أمين صدقي وبديعة مصابني وعلي الكسار.
وهو من مواليد النوبة.. من أسرة كانت ميسورة الحال ألحقته بمدرسة الفريد فردس اللغة الفرنسية وغيرها من المعارف حتى أصيب والده بأزمة مالية فترك الدراسة ليعمل في مكتب أحد المحامين ومنه تنقل بين عدد من الأعمال كبائع في بعض المحلات أو جرسون في البارات.
كان هذا هو الأسمر النوبي الفنان سيد سليمان أشهر مولوجست في زمانه.. ثم سافر سيد سليمان إلى القاهرة وهو الذي عشق في صباه تقليد نجوم السينما العالمية وبسبب هذا التقليد الذي برع فيه عشق الفن، وعمل في فرقة نجيب الريحاني في مسرحيات مثل الدنيا على كف عفريت والدنيا لما تضحك ولعلنا مازالنا نذكر له دور عمر آدم في مسرحية (إلا خمسة) أمام ماري منيب وعدلي كاسب وعادل خيري ومحمد الديب.
ثم بدأت أزمة سيد سليمان مع فن المونولوج السياسي الذي عشقه وردده الجمهور حتى كان صدامه مع الأزهر الذي أزعجه مونولوجه عن الشيج جونسون وفي كان يقول: محسوبكم جونسون العايق / قوي ، وفي الأبهة لايق ، ماشي اتمختر بلطافة / للنزنة وفكري رايق ، بصيت قدامي لقيت / حاجة حلوة وزي البطة / قربت عليها بخفة / وغمزتها نطت نطة / أنا أموت / أنا ادوب / أنتي عروستي..
ولم يكن كلام المونولوج هو سر الصدام أو سببه، لكن ربما كانت ملابسه التي خرج بها ليلقي مونولوجه على مسرح الكسار في روض الفرج هى السبب.
وكان سيد (أفندي سليمان) كما كان يكتب اسمه في إعلانات المسرح حيث كان يلبس قميصا وبنطلونا وصديري بدلة سموكن وفوق هذا كله جاكته حريرية ويلبس فوق رأسه عمامة كشيوخ الأزهر.
كان الهدف المفهوم من المونولوج والمقصود هو السخرية من معاكسة السيدات لمنعها، أما ملابسه فقد اختارها تشكيلة لما يلبسه كل أفراد الشعب من الأفندية (البنطلون والقميص) والصديري لأبناء البلد والبدلة الاسموكن للذوات والعمامة والجبة لرجال الدين أو بعض رجال الدين، وهو ما آثار ضده مشيخة الأزهر فتقدمت بشكوى ضده إلى البرلمان وإلى وزارة الداخلية لعرض كل ما يقدمه على جهة رقابية مختصة، ومن هنا كان إنشاء جهاز الرقابة على كل المصنفات الفنية!
وهكذا كان مونولوج (الشيخ جونسون) هو نهاية اشتغاله بالمونولوج واكتفائه بالعمل كممثل في المسرح والسينما.. وساعد على قراره هذا ظهور الفنان إسماعيل يس كمونولوجست من نوع جديد لفت أنظار الجمهرو فأحبه وزاد حبها له بعد عمله في بالسينما.
وفي السينما لن ننسى له دوره في فيلم (الفانوس السحري) مع إسماعيل يس ولا دوره في فيلم (إنت حبيبي) مع شادية وفريد الأطرش وهند رستم وعبد السلام النابلسي.
وفي السينما لمعت موهبته الكوميدية كما لمعت على المسرح، لكنه لم يحظ بما يستحق من الشهرة كمنولوجست مصر الأول الذي كانت تبحث عنه الجماهير في أفيشات المسارح.. وذهبت الشهرة التي تركته إلى إسماعيل يس ثم محمود شكوكو كوجهين جديدين في عالم الكوميديا والمونولج..
وكان من مونولوجاته التي عشقتها الأجيال التي سبقتنا مونولوج (السكران) أو (العبيط وعروسته المطلقة) مع بديعة مصابني ثم مونولوج (تيكي تيكي تم تم، يابن الحلال، هلاقيها منين) مع رتيبة رشدي.
أما مونولوجه العجيب الذي كانت تغنيه الجماهير في بيوتها وفي الشوارع فكان مونولوجه عن (الحمار) وما فيه من اسقاطت سياسية، وفي هذا المونولوج كان سيد افندي سليمان يقول:
حا يا نحيل الحفر حا / يا فورد ماركة مصر سني
الأربع حداوي انشالوا حا / وبقم كوتش تنط بيه
وهو سخرية من كل من كان يقفز تاركا ماضيه وتاريخه إلى المستقبل الغامض الذي لم يقدم نفسه بعد، ورغم تراجعه عن المونولوج فإنه حفر اسمه في السينما والمسرح وترك المونولوج وفنه إلى الجيل الجديد، خصوصا إسماعيل يس الذي خطف منه الأضواء بعد أن كان مونولوجست مصر الأول.