محسن منصور .. محترف في خلط الشر بالكوميديا
كتب : مروان محمد
قليل من الفنانين من يتقن أدوار الشر والطيبة في آن واحد، وأن يقنعك حين يقدم شخصية الشرير أو المجرم ويبكيك حين يقدم أدوار الخير والطيبة، وقلائل هم الفنانون الذين يستطيعون التعبير عن هذه الانفعالات المختلفة، وهؤلاء بحق هم أسطوات التمثيل القادرون على الإبداع فى أى دور يقومون به سواء شر أم خير وعلى رأسهم (محمود المليجي، فريد شوقي، توفيق الدقن وعادل أدهم) وغيرهم، وضيفنا في باب (في دائرة الضوء) من هؤلاء الأسطولات، لكنه يختلف في تكنيك أدوار الشر، فعلى الرغم من أنه يأتيك بملامح غليظة، ووجه عبوس، وموهبة كبيرة، وعرف طريقه إلى أدوار الشر في الدراما المصرية، وتم ضمه من قبل النقاد في صفوف أشرار السينما المصرية، ورغم اتقانه لأدوار الشر، إلا أنه يحاول أن يخلط الشر بالكوميديا في معادلة مختلفة يسعى من خلالها أن يتهرب من (إكليشيه) الشر، خوفا من أن يظهر على شاشات التليفزيون بشكل نمطي يضعه في خانة واحدة.
إنه الفنان (محسن منصور) الذي تألق من أول طلة له على المسرح وشاشة السينما والتليفزيون، حيث تجسد نظرات عينيه كل معانى الشر، حتى أنه يصيبك بالرعب في أثناء تجسيده لشخصية شريرة، لكن سرعان ما يذوب هذا الشعور عندما يجنح نحو الكوميديا على جناح (إفيه) خاص به ويصبح (لازمة) له طوال أحداث العمل، ويكفي أن تنظر إلى عينيه وهو يلعب أدوار المجرم أو رئيس العصابة أو الشرير القاتل وتتعجب من قدرته على تجسيد كل معانى الخير والطيبة والأصالة في قلب أكثر الأحداث تراجيدية حين يقلبها إلى مواقف ضاحكة بلغة جسد معبرة للغاية كما تبدو على ملامحه المتجهمة في غالب الأحيان.
ولد محسن منصور في الأول من مارس في عام 1973 في القاهرة، وعاش فترات حياته الأولى بمنطقة (الحطّابة) في حي القلعة الشهير، ثم تنقل في دروب الأحياء الشعبية المصرية الأصيلة، مثل حي السيدة (عائشة)، مما ساعده في أداء أدوار (ابن البلد) الشعبي في ثوب يعبر عن الأصالة، وكان في بداية حياته يعشق كرة القدم، ويريد أن يصبح لاعبا شهيرا، فكان يذهب إلى كواليس النادي الأهلي، ليشاهد الخطيب ومصطفى عبده، وفيما بعد مارس لعبة (كرة اليد) إلى أن خيره والده بين استكمال دراسته الثانوية وممارسة الرياضة فرضخ إلى إرادة والده، وحصل (محسن) على ليسانس آداب، قسم تاريخ، وداخل أسوار الجامعة اكتشف موهبته الفنية.
وداخل أسوار جامعة القاهرة أيضا، ربطت حبال الصداقة بين محسن منصور والفنان الراحل خالد صالح، فكان أول عرض يشاهده على خشبة مسرح كلية الحقوق، كان عرض (المجانين) والذي تعرف من خلاله على الراحل الكبير خالد صالح، وربطتهما صداقة منذ عام 1985، وبدأ بالمشاركة بالمسرح الجامعي بشكل فعلي، ثم انطلق على خشبة المسرح، ففي عام 1989، ظهر في مسرحية (المزاد)، وفي عام 1993، ظهر بشخصية (نعيم بن مسعود) بالمسلسل التاريخي المصري (الوعد الحق)، والمسلسل كان من بطولة الفنانين الكبيرين عبدالله وحمدي غيث، ومن إخراج وفيق وجدي وتأليف فاروق حلمي.
دخل بوابة السينما في عام 2000، حيث ظهر في فيلم مصري بعنوان (عمر)، من بطولة خالد النبوي ومنى زكي وأحمد حلمي، ومن تأليف وإخراج أحمد عاطف، وظهر في فيلمي (سكرتير الملياردير، أم الغلابة) أما بالنسبة للمسلسلات فظهر في مسلسل (رجل طموح) ومسلسل (الحسن البصري)، وواصل محسن منصور مسيرته الفنية من خلال ظهوره بعدد من الأفلام والمسلسلات في عام 2001، فقد ظهر في مسلسل (قسمتي ونصيبي) بدور (عبدو زرجينة)، كما ظهر في مسلسل (نجوم في سماء الحضارة الإسلامية) ومسلسل (أهل الدنيا) الذي أخرجه رضا النجار، وهو من بطولة الفنان صلاح السعدني وهالة فاخر ومعالي زايد، حيث أدى شخصية (عصمت)، وظهر في نفس السنة بفيلم (ابن العز).
في 2002، كان له ظهور في مسلسلين هما الأول (شمس منتصف الليل، والمسلسل الثاني (قاسم أمين)، وهو من إخراج إنعام محمد علي وبطولة كمال أبو ريا وتوفيق عبد الحميد وماجدة الخطيب وغيرهم، أما في عام 2003، فقد ظهر في مسلسل (رحلة العمر)، وفي فيلم (حرامية في تايلندا) بدور (خليل) وهو فيلم ينتمي للطابع الرومانسي والكوميدي، وهو من إخراج ساندرا نشأت، وفي عام 2004، ظهر في مسلسل (طبيب)، والفيلم الاجتماعي (شباب تيك أوي) بدور (شاكر)، من تأليف وإخراج سعيد محمد ، وبطولة أحمد عز ومنى شلبي، وفي فيلم (تيتو) بدور (راضي اللاتيني)، من بطولة أحمد السقا وحنان ترك وعمرو واكد.
عاود الظهور على المسرح مرة ثانية، حين ظهر في مسرحية (الأميرة والصعلوك) عام 2005، وفي نفس العام كان له ظهور في الفيلم المصري (أبو علي)، وهو من إخراج أحمد نادر جلال، ومن بطولة كريم عبد العزيز ومنى زكي، وأدى فيه محسن دور (نزار) ضابط المباحث، وشارك أيضاً في مسلسل (المنادي) ومسلسل (المهنة)، وفيلم (حمادة يلعب) وفيلم (ملاكي إسكندرية) بدور صلاح المحامي المرواغ.
عام 2006، ظهر محسن منصور، بدور الصعيدي المزيف في فيلم (واحد من الناس)، وهو فيلم أكشن، من إخراج أحمد نادر جلال وتأليف بلال فضل وبطولة منى شلبي ومحمود الجندي وعزت أبو العوف وغيرهم، وفي عام 2007، كان له حضور في أربعة أفلام وهى (خارج عن القانون) أدى شخصية (رجب حلومة)، وفيلم (كود 36) أدى شخصية أحد الإرهابيين، وفيلم (كدا رضا) بدور (بشير)، وفيلم جوبا، وفي عام 2008، واصل محسن منصور مسيرته الفنية، فقد ظهر في مسلسلين هما (الهاربة) الجزء الأول، ومسلسل (بعد الفراق).
أما بالنسبة للأفلام السينمائية التي شكلت علامة فارقة في حياته وأدواره فكان له ظهور في فيلم (كباريه) وفيلم (حسن ومرقص) الذي لعب فيه دور البطولة كل من الفنانين عمر الشريف وعادل إمام، بالإضافة لفيلمي (كابتن هيما، وإحنا اتقابلنا قبل كدا) ولعب دور (مصطفى)، وبدأ يتألق في ظهور وحضوره في عام 2009، حيث لعب شخصية (مرسي الشيمي) في المسلسل المصري (الأدهم)، وهو من إخراج محمد النجار وتأليف محمود البزاوي، وكان له حضور خاص في فيلمي (بوبوس) كضيف شرف، و(أيام صعبة) حيث أدى دور الضابط (خالد شاكر)
في عام 2010، شارك (محسن) في أربعة مسلسلات هم على التوالي، (قضية صفية) بدور مستر شادي، و(أهل كايرو) بدور خالد، و(الجماعة) بدور مصطفى مشهور، ومسلسل مملكة الجبل، أما بالنسبة للأفلام في هذه السنة فقد ظهر في فيلم (محترم إلا ربع)، وهو فيلم كوميدي، وفي عام 2011، قدم ستة أعمال فنية وهى ثلاث مسلسلات (شارع عبد العزيز – الجزء الأول) بدور شابرو، ومسلسل (خاتم سليمان) بدور كليانتي ومسلسل (الشحرورة) بدور فريد شوقي والأفلام التي ظهر فيها خلال هذه السنة فكانت هى (على واحدة ونص، وتك تك بوم) بدور حماصة، وفيلم (أنا بضيع ياوديع) بدور إمام المحامي.
تابع محسن منصور نشاطه الفني حيث ظهر في السنوات التالية بالعديد من الأفلام والمسلسلات بحيث لم تمر سنة واحدة إلا وله مشاركات سواء في مسلسل أو فيلم قد كان له حضور واضح وأداء متميز مما سمح له بالظهور إلى جانب فنانين كبار والعمل بأعمال أخرجها مخرجين لهم بصمة في الفن المصري خاصة والعربي بشكل عام، ففي عام 2012، كان له حضور في ثلاثة مسلسلات وهى (باب الخلق) بدور أبو خليفة، ومسلسل (خرم إبرة) ومسلسل (البلطجي) بدور شعلان، وفي العام التالي، ظهر في عدد من المسلسلات والأفلام منها (حاميها وحراميها) بدور المعلم الطوبجي، ومسلسل (العراف) وفيلم (قلب الأسد) بدور نعيم وفيلم (القشاش) بدور صلاح الشايب.
وفي عام 2014، ظهر بعملين على الشاشة الصغيرة هما (ابن حلال) بشخصية سعد ومسلسل (كيكة على العالي).
أما في مجال السينما فقد كان له حضور في فيلم (المهرجان)، وفي العام التالي ظهر في مسلسل (الصندوق الأسود)، أما في عام 2016، فقد ظهر منصور في مسلسل (الأسطورة) بدور الدكتور سلماوي، وفيلم (الهرم الرابع) بدور جمال ضابط مباحث
وفي عام 2017، كان له حضور في أربعة مسلسلات وهم (فوبيا، كلبش جزء أول، شاش في قطن، ومسلسل عائلة الحاج نعمان)، وبالنسبة للأفلام كان له حضور في فيلم (بث مباشر، عنترة ابن ابن ابن شداد، وعندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره ينتهي به الأمر إلى المهزلة بدور أبو عماد.
كان عام 2018، زاخراً في حياة (محسن منصور) من حيث النشاط الفني، وخاصة الدراما التليفزيونية، فقد ظهر في الجزء الثاني من مسلسل (كلبش) بدور محمود عبد المنعم، والجزء الثاني من (عائلة الحاج نعمان) بدور فخري، ثم ظهر بكل من المسلسلات التالية (أمر واقع) بدور فهمي السوهاجي، و(قانون عمر، الدولي، كأنه امبارح، منطقة محرمة)، ومسلسل (رسايل) بدور أمين، ومسلسل (ربع رومي) بدور بكار، وقد ظهر على الشاشة الكبيرة بكل من الأفلام التالية فيلم (جدو نحنوح) وفيلم (براءة ريا وسكينة) وفيلم خلاويص، وفي عام 2019 ظهر كضيف شرف في مسلسل (هوجان)، وقدم صوته في مسلسل الأزهر بدور منصور.
عام 2020، كان عام النضج الفني في حياة (محسن منصور) على قلة ظهور، فقد شارك في أعمال مهمة مثل مسلسل الأخ الكبير بدور جمال، كما ظهر في مسلسل (فالنتينو) من بطولة عادل إمام، ومؤخرا في مسلسل (أسود فاتح) في دور مهدي الذي يساعد رانيا (هيفاء وهبي) في الانتقام ممن أوقعوا بها في السجن ونغصوا عليها حياتها، وهو ربما يكون من أكثر الأدوار حرفية في مسيرته كفنان برع في خلط الشر بالكوميديا في قالب فني خاص به هو وحده ليضع في مصاف النجوم الكبار من حيث القدرة على التجسيد والعيش في الشخصية بتلقائية مشهودة له، ومن هنا كتبت شهادة التفوق الكبير لمحسن منصور في الدراما التليفزيونية، وربما ساعده في إجادة التمثيل كونه صاحب خلفية مهمة في المسرح الذي مازال يمثل له نوعا من العشق.
وعلى الرغم من مرور أكثر من أكثر من 15 عاما، لم يعرف (منصور) كفنان موهوب إلا من سنوات قليلة، حيث كان دور (سعد) في مسلسل (ابن حلال) من الأدوار الفاصلة في حياته، كما أنه يعتبرُه علامه في تاريخه الفني حيث تميزت شخصية (سعد) بالتنوع؛ على مستوى تعامله مع البيت والأسرة غير التعامل في الشغل، وهو ما قدمه بمتعة عبر شخصية متنوعة تخلو من لحظات الملل، فمحسن منصور يؤمن بحكمة تقول: (كل ما يخرج من القلب يصل إلى القلب، وكل ما يخرج عن القلب لا يصل حتى إلى الآذان)، فيعتبر الجملة أو المشهد بطولة في الفيلم، وليس أدوار البطولة فقط (مفيش حاجه اسمها دور صغير، فيه حاجه اسمها (ممثل صغير)، لكن يبقى أكبرأحلامه ، أنّ يؤدي دور (الطيّب)، أو ربّ الأسرة المطحون في عجلة الحياة.. تحية تقدير واحترام للفنان الناضج (محسن منصور) الذي احترف بقدرة خرافية على خلط الشر بالكوميديا في ثوب فني مختلف.