كتب : أحمد السماحي
نحيي اليوم الثلاثاء الذكرى الـ47 لوفاة عميد الأدب العربي (طه حسين) الذي أثرى حياتنا الأدبية والفنية بروائع الأعمال، ومن أهم أعماله السينمائية فيلم (دعاء الكروان) الذي كان من المقرر أن يلعب بطولته في البداية المطرب (فريد الأطرش)، وذهب بمصاحبة المخرج (هنري بركات) إلى منزل (طه حسين) واتفقوا على كل ما يتعلق بالفيلم وحرر”أحمد نجيب الهلالي باشا” صيغة العقد ووقع العميد والموسيقار عليه.
وعندما عكف (بركات) على دراسة القصة لإعدادها وجد البطل شريرا يعتدي على الأعراض، ولايمكن أن يكون مطربا يشدو بأغاني الحب والغرام التى تلمس القلوب وتجتذب الألوف إلى شباك التذاكر، وكانت خطتهما أن يكون الفيلم غنائيا استعراضيا لأنه يقدمه لجمهوره الذى يتوقع منه الأغنية والأوبريت والموال مما لا يتاح فى قصة درامية أو فى فجيعة فيها سفك دماء وهتك أعراض، فاضطرا إلى تأجيل قصة (دعاء الكروان) لفترة، والبحث مجددا عن قصة تصلح للسينما الغنائية.
وبعد أسابيع من البحث، عثرا على ما يبحثان عنه عند الكاتب والشاعر (بديع خيري) الذى أهداهما قصة فيلم (حبيب العمر) التى حققت نجاحا كاسحا وبسببها كون الأطرش ثروة مالية وثنائيا فنيا مع سامية جمال.
وبعد سنوات طويلة وبالتحديد عام 1958 استطاع (بركات) أن يخرج القصة من الأدراج ويهديها لسيدة الشاشة العربية (فاتن حمامه) لتكون واحدة من أروع أعمالها الفنية، وقبل أن تقوم ببطولتها دعاها الدكتور (طه حسين) لتجلس معه، ويومها سألها بسخرية واستهزاء – كما حكت لي فى حوار بيننا – هل قرأت الرواية يا مدام فاتن؟! فردت: طبعا يا فندم، فأعاد سؤالها: وفهمتي دور آمنة، والمعنى الموجود فى القصة؟! فردت بغضب مكتوم وبصوت هادى: طبعا الرواية عظيمة ويكفي المعنى التى تحمله وهو ما هو الأقوى، الحب أم الأاتقام؟!
وهز (طه حسين) رأسه بسخرية، وخرجت (فاتن حمامه) من عنده وهى باكية مجروحة مطعونة، وقالت لصديقها المخرج (بركات) لماذا دعاني لمنزله طالما أنه غير مقتنع بي، ولماذا كل هذه البهدلة قبل أن نبدأ تصوير الفيلم؟!.
وتم التصوير وعرض الفيلم فى عرض خاص حضره الدكتور (طه حسين وقرينته وابنه وابنته)، وبعد انتهاء العرض، فوجئت (فاتن) بطه حسين يقول لها: إن خيالي وأنا أكتب صورة (آمنة) فى القصة هو بالضبط ما فعلته أنت يا سيدة الشاشة!
وخرجت (فاتن حمامه) من العرض الخاص وهى أسعد امرأة في العالم، ومن يومها أصبح لقب سيدة الشاشة مرادف لاسمها.