كلام X الإعلام (4)
بقلم : على عبد الرحمن
لما كانت مصر المحروسه دوما بفضل الله تمتلك من وسائل الإعلام مالم يمتلكه شعب آخر علي وجه البسيطه، عشرات الوسائل الرسميه وعشرات من وسائل الإعلام شبه الرسمي ومواقع ومنصات، ولما كان هذا العدد من الوسائل وهذا الكم من الإنفاق الإعلامي الذي يعد بالمليارات علي إعلام قومي وآخر إقليمي، ولكن هل الناتج المعنوي والمادي يواكب كم الإنفاق سيرا وراء مقولة (أن من ينفق لابد وأن تكون له اهداف ومنافع يحققها نظير انفاقه).
ولما كان هذا التشابه البين والتكرار الواضح بين معظم الوسائل الذي أفقد هذه الوسائل شخصيتها ضاعت معه الأهداف فكان السؤال الحائر دوما: ماذا يستفيد المنفق من انفاقه؟، هل له رسائل يوصلها لمواطنيه أم له أهداف ينشرها؟، ولما كان الأعم الأغلب فيما يبث هو صراخ وآراء شخصيه في موضوعات تبعد كثيرا عما يجب أن يقدم، فقد أصبح الاعلام الرسمي القومي منه والمحلي، وكذا الإعلام شبه الرسمي متشابه في موضوعات يسهل حصرها فما بين المنوعات والرياضه ومابين الطبخ وتفسير الاحلام ضاعت أمورا هامه وكثيره وهي الأصل في أغراض الإنفاق الهائل علي هذا الوسائل التي توافر لها كل شيئ من نفقات وتحكم في البث والإنتاج والتوزيع والإعلان والدعم الرسمي.
وكل ذلك يحتم على هذا الوسائل أن تحقق شيئا مفيدا كأن تصيغ رسائل تتم ترجمتها إلى أعمال برامجيه ودراميه ووثائقيه كالتي تحث على الإنتاج، أو تنشر الأمل في الغد، أو تسوق لمصر الجديدة، أو تجلب استثمارا، أو تحفظ هويه، أو تعيد ريادة، أو تنشط سياحة، أو تحارب فكرا، أو تربي نشئا، لكن شيئا من ذلك لم يحدث وسط الهرولة على برامج المنوعات والترفيه والرياضة وغيرها مما يتكرر كل يوم على كل الوسائل.
ولما كان بساط الرياده يلمم أطرافه ولهجتنا المنتشرة حولنا تعاني انحسارا ورباط الأجيال حولنا بأم الدنيا لم يعد كما كان ودخلت دول حولنا في هذا المضمار تعظم تاريخها وتنشر معتقداتها وتنشط سياحتها ونحن كما نحن رغم خطورة مايحدث، وسبقتنا دول في عالم إنتاج المنوعات والترفيه، وأخرى في صناعة الوثائقيات، وثالثه في دراما التاريخ والسير، رغم حاجتنا الماسة إلى محتوى عصري للنشئ ومحتوي للأسرة ومحتوي ديني معتدل ومحتوي ثقافي جاد، محتوي سياحي ومحتويات أخري تواكب حركة الوطن وتطلعاته.
فهل لدينا إجابة عن لماذا اختفى إنتاج وبث الأفلام الوثائقيه بأنواعها واختفي إنتاج الأعمال التاريخية والدينية، هل ذلك لغياب الخطط أم لعدم حاجة المجتمع إليه، أم لأن هناك دولا سبقت وسيطرت وتفوقت؟ أم لأنه ليس مستهدفا ذلك في هذه الأوقات، وهل إغفال أهلنا في أطراف الوادي إعلاميا شيئ لايستحق المعالجة؟، أليس من الأفضل أن تتحول القنوات الإقليميه إلى مراكز إنتاج تقدم الفيلم الوثائقي والأفلام والبرامج ذات الصله بإقليمها إضافة إلى اكتشاف المواهب وتقديم النماذج القدوة في إقليمها، وأن تستهدف الفضائيات المصريه نقل صورة مصر الجديدة للاخر وتربط مواطني مصر بوطنهم وترد عن مصر كيد كل حاقد؟، وهل عودة الإنتاج الديني والتاريخي الضخم دراميا أصبح لا أب له؟، وهل صناعة برامج المنوعات في هوليود الشرق أصبح مستحيلا؟
إن هذه الأمة تستحق صوتا يدافع عنها آاخر ينقل صورا من حياة الملايين من أبنائها في الخارج وصوتا يقدم إنتاجا وثائقيا وتسويقيا باهرا وصوتا يقدم إنتاجا ثقافيا يعكس روافد ثقافتها وهويتها، وصوتا للتنميه ومشروعات الوطن الكبري، وصوتا لخطاب ديني وسطي معتدل وصوتا ينتج ما أغفلته ماكينات الانتاج.
هذه الأصوات أو الوسائل كلها تصلح أن تري النور من بين هذا الكم من الوسائل المتشابهة، لو تم وضع هوية لكل وسيلة وتم توجيه المتشابه منها لما يحتاجه الوطن والمواطن، إن دولة كمصر ينبغي أن تكون لديها قناة للسياحة وأخري للاستثمار وثالثة للهوية ورابعه للشباب وخامسة للنشئ وأخري للوثائقيات، فضلا عن إنتاج درامي وبرامجي يعيد لها ما فرط من عقد الريادة، إننا بحاجة إلى كلمة سواء في الإعلام، نخطط ونستهدف ونحول مسار تحقيقا لحاجة الوطن واحتياج المواطن ومتطلبات المرحله في منطقتنا.
اللهم أن هذا ليس نقدا ولا اتهاما، وإنما رغبة تسد قصور ما أغلفه إعلامنا كثير العدد، عالي التكلفة، المتشابه دوما، الغافل أحيانا،السائر نوما، المندفع بلا خطة، الظالم لأهله ونفسه في غالب الأحيان.