كتب : أحمد السماحي
رغم رفض المئات من أكبر نجوم مصر والشخصيات العامة، وكل النقابات الفنية والصحفية، مع بعض الحقوقيات النسويات المناهضات للاغتصاب وغيرها من قضايا مجتمعية أخرى تخص الإبداع والفن، تكريم النجم الفرنسي (جيرار ديبارديو) في مهرجان الجونة السينمائي والذي انطلق منذ ساعات، إلا أن المهرجان تحدى الجميع، وقام بتكريمه كما ظهر من خلال النقل الحي من جانب فضائية ON E، وهو يلقي كلمته باللغة الفرنسية دون أن تصاحبة ترجمة توضح ماذا يقول هذا المناصر القوي لدولة إسرائيل والصهيونية العالمية.
وكما هو معروف فإنه فور الإعلان المبدئي عن تكريم (ديبارديو) قامت حملة جمع توقيعات لمطالبة إدارة المهرجان بالتراجع عن قرارها بتكريم رجل متهم بقضية اغتصاب – ماتزال منظورة أمامك القضاء الفرنسي حتى الآن – والمنحاز لدولة لإسرائيل، لكن المهرجان استهان بمشاعر المئات من النجوم والصحافيين المصريين وكبار الشخصيات العامة، وضرب عرض الحائط وأصر في تحدي سافر على موقفه، ورد القائمين على المهرجان بتأكيد تكريم النجم الفرنسي احتفالًا بمسيرته المهنية الطويلة في السينما.
النقابات الفنية ترفض ديبارديو
كان قد وقع أكثر من 300 شخصية مصرية وعربية في مقدمتهم شخصيات من كبار السينمائيين المصريين على بيان رفض تكريم (جيرار ديبارديو) في مهرجان (الجونة السينمائي)، وناشد الموقعون إدارة المهرجان على رفض تكريم واستضافة محب إسرائيل وداعمها (جيرار ديبارديو) وجاء بيان الموقعون كالأتي:
(السادة شعب مصر.. السادة فناني ومثقفي ومواطني الأمة العربية، بعد أن حاول أعوان الكيان الصهيوني منذ سنوات تكريم المخرج الفرنسي (كلود ليلوش) العاشق للكيان الصهيوني في مهرجان (القاهرة السينمائى الدولي)، وتصدى السينمائيون المصريون ومثقفو ومواطنو مصر لهذا التكريم وتم إلغاؤه، اليوم يتم الإصرار مرة أخري على تهييج الرأي العام من خلال مهرجان (الجونة السينمائي) الذي الي يموله الملياردير المصرى (نجيب ساويرس) وتدعمه وزارات الثقافة والسياحة والصحة المصرية، والذي سبق وكرم المخرج اللبناني المطبع (زياد دويرى) في دورة سابقة، والآن يقوم بتكريم الممثل الفرنسي العاشق للكيان الصهيوني (جيرارد ديبارديو)، وذلك خرقاً لما أجمعت عليه الجمعية العمومية لاتحاد النقابات الفنية وغالبية فنانى مصر من رفض كل أشكال التعامل مع مناصري العدو الصهيوني ومؤيديه، فضلاً عن أن هذا الممثل متهم في قضايا اغتصاب في فرنسا مازالت قيد التحقيق.
وتابع البيان: (لذلك نعلن شديد رفضنا لهذا التكريم كمواطنين مصريين ونرفض كافة أشكال التطبيع أو المساندة لكل من يدعم العدو الصهيوني الغاشم حتى تتحرر أراضينا العربية، إن فناني مصر وكل مبدعيها يعلنون رفضهم لما ستقوم به إدارة مهرجان (الجونة السينمائى) حال تكريمها لهذا الممثل، ويطالبون إدارة المهرجان بإلغاء هذا التكريم الذي يهين قيم الإنسانية والكرامة) .. المجد لمثقفي وفناني مصر ومواطني مصر ضد التطبيع مع عدونا الصهيوني.. وتحيا جمهورية مصر العربية
نقابة الصحافيين ترفض التكريم
هذا وقد أبدى عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين استنكارهم فى بيان وقعوا عليه وأعربوا عن رفضهم الكامل لتكريم مهرجان (الجونة السينمائي) الممثل الفرنسي الداعم للكيان الصهيوني (جيرارد ديبارديو)، مؤكدين أن هذا التكريم الذي يمثل سابقة خطيرة وغير مقبولة، وتحديًا علنيا واضحًا لموقف المثقفين المصريين وأعضاء النقابات المهنية الرافض للتطبيع مع الكيان المحتل، والمتمسك بالمقاطعة الشاملة لكل من يدعم الاحتلال الإسرائيلي البغيض على حساب الحق الفلسطيني والعربي.
وطالبوا الموقعون على البيان وهم (محمد خراجة، ومحمد سعد عبد الحفيظ، وعمرو بدر، ومحمود كامل، وهشام يونس) والذين يرفضون كل صور التطبيع ) القائمين على مهرجان الجونة بإلغاء تكريم الممثل الفرنسي الداعم للكيان الصهيوني، وهو التكريم الذي لن يضيف إلى المهرجان إلا نقطة سوداء ستلاحقه دائما، خاصة مع توالي الاتهامات الأخلاقية للممثل الفرنسي.
وذكر الموقعون إدارة المهرجان بأن (ديبارديو) قام بتمثيل ودعم إنتاج فيلم دعائي يدعو يهود العالم لإعادة اكتشاف جذورهم التاريخية في أرض الميعاد، وقام منذ أقل من عامين بتسويق التوقيع على بيان تحريضي في فرنسا يعبق برائحة الكراهية ضد كل من تسول له نفسه انتقاد الصهيونية وإسرائيل.
وحيا أعضاء مجلس نقابة الصحفيين – الموقعون على البيان – موقف الصحفيين والمثقفين والنقاد والفنانين ومن أعلنوا موقفهم بوضوح ودون مواربة أو حسابات صغيرة، بإدانة هذا التكريم.
كما ثمن الموقعون موقف الزملاء الصحفيين الرافض للتطبيع، والمتمسك بقرار جمعيتهم العمومية؛ الذي يحظر التطبيع بكل صوره، ويدعمون موقفهم لمقاطعة جلسة تكريم هذا الممثل وعدم نشرها.
إصرار مهرجان (الجونة السينمائي) على تكريم النجم الفرنسي الروسي يجعلنا نستعيد ونردد قصيدة (المزاد الكبير) لشاعرنا الفلسطيني الكبير (هارون هاشم رشيد) التى تصف بدقة وشاعرية متناهية تلك الحالة الراهنة من خزي وعار يلاحق هذا المهرجان بتكريمه هذا الصهيوني المتطرف والمتحرش، والتي يقول في جزء منها :
لأن كل شيء عندنا له ثمن
نبيع هذى الليلة الوطن
من يشتري ؟
من يشتري؟
بأبخس الثمن ..
من يشتري .. من يشتري الوطن
من يشتريه من ؟
من يشتريه من ؟
…
من يشتري عباءة النبي ؟
من يشتري سيف علي ؟
من يشتري الأقصى .. والجامع الأموي؟
من يشتري عنترة العبسي؟
من يشتري تراثنا الثري ؟
فنحن بين ميت وحي
نطأطىءالرؤوس للقوي
…
من يشتري خيولنا المُطهَّمَة
من يشترينا مسلماً ومسلمة
والقصص الخالدة المعظمة
والذكريات الرائعات الملهمة
من يشتري وجوهنا الملثمة
من يشتري عيوننا المُهوَّمة
من يشتري أمتنا المستسلمة
تردد البطاح أصواُتُنا ،
وصرخة النُّواح
…
من يشتري قبر صلاح الدين ؟
من يشتري التاريخ في حطين ؟
من يشتري قلائد المجاهدين ؟
نبيع كل شيىء عندنا ثمين !
نبيعه في السوق للمزاودين
نبيعها : أخلاقنا والدين
من يشتري؟ نصيحُ هاتفين
جدير بالذكر أن (ديبارديو) يعد واحدا من أشهر الممثلين الفرنسيين الذين لعبوا بطولة عدد من الأفلام من بينها “سيرانو دي برجراك” و “جان دو فلوريت”، ومع ذلك فهو يواجه تهمة التحرش بممثلة فرنسية شابة تبلغ من العمر 22 عاما بناء على بلاغ رسمي للشرطة تقدمت به هذه الممثلة، وكانت قد تقدمت الممثلة الشابة، التي لم يُفصح عن اسمها، ببلاغ إلى الشرطة في لامبيسك في جنوبي فرنسا، وأحيلت القضية إلى النيابة في العاصمة، وأفاد تقرير إعلامي فرنسي بأن تلك الجريمة ارتُكبها في منزل يمتلكه ديبارديو في باريس.
كثيرون من أبناء الشعب العربي يعرفون أن (ديبارديو) دأب على تكرار نشاطات فنية متنوعة في (إسرائيل) وذلك في ذروة حروبها القمعية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني والتنكيل بأبنائه العزل في غيبة من وعى العالم، وهو نفسه الذي قام بتمثيل ودعم إنتاج فيلم دعائي فج وعنصري يدعو بكل قوة وإصرار، وفي تحريض واضح يهود العالم لإعادة اكتشاف جذورهم التاريخية في أرض الميعاد، وتلك أكذوبة صهيونية كبرى ترسخ للفكر الاستعمارى الصهيونى ونظرة الاستعلاء والعنصرية وخداع العالم بأنهم شعب الله المختار، كما أن الحركة الصهيونية قامت على عقيدة باطلة حاولت أن ترقى بها إلى ذروة الحقيقة، وهى أن فلسطين وما حولها من “أرض تمتد من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات” هى أرض الميعاد وعد الرب بها شعبه المختار من بنى إسرائيل لتكون ملكاً ووطناً.
ولهذا يصر غالبية الساسة والقادة الغربيون على ما يسمونه بحق إسرائيل في الوجود وبدولة معترف بها ضمن حدود آمنة بعد أن عمل قادة الدول العظمى على إيجاد هذه الدولة العنصرية بقوة السلاح الغربي والتآمر الدولي والنفوذ الإمبريالي الاستعماري الكوني، وزرعوا هذه الدولة الغاصبة في قلب المنطقة العربية عام 1948، تحقيقاً لمصالحهم الاقتصادية وطمعاً بالثروات النفطية والسيطرة على الممرات المائية الحيوية والمواقع الاستراتيجية، ولتمزيق الوحدة الجغرافية والسياسية للعالم العربي، وتماشياً مع الفكر الصهيوني الذي سيطر على سلوكهم ونمط تفكيرهم وثقافتهم ومعتقداتهم.
وفي هذا الإطار ساهم (ديبارديو) منذ أقل من عامين بتسويق التوقيع على بيان تحريضي في فرنسا مفعم بفحيح رائحة الكراهية ضد كل من تسول له نفسه انتقاد الصهيونية وإسرائيل، وضد الدين الإسلامي – الذي اعتنقه لمدة سنتين للاسف قبل تحوله إلى الديانة المسيحية الكاثوليكية – والجاليات الإسلامية والعربية في فرنسا، وقد أشار هذا البيان العنصري إلى اتهام كل عربي ومسلم في الواقع بأنه (مجرما وإرهابيا متهما حتى تثبت براءته) ومن ثم فقد جعل هذا البيان كل معاد للصهيونية، هو معاد بالضرورة لليهود في تزييف متعمد.
والسوال الذي يطرح نفسه الآن: ماذا يهدف (آل ساويرس) بتحديهم السافر لإرادة أصحاب الفكر والثقافة والفن بتكريم غير مستحق لأحد الموالين لدولة إسرائيل العنصرية، في وقت يصرخ فيه الفلسطين العزل جراء ممارسات وحشية تنكل بهم وبأرضهم يوميا؟!!.