بقلم : عمر علي
في فبراير الماضي أعلن النجم حسن الرداد أنه يقوم بتصوير فيلمه الجديد (توأم روحي) تحت قيادة المخرج عثمان أبو لبن في تعاونهم الأول وتشاركه البطولة النجمتان أمينة خليل وعائشة بن أحمد ، وأعلن الرداد أن الفيلم سيكون مفاجأة لجمهوره لأنه سيبتعد فيه عن الكوميدي ويقدم الدراما الرومانسية لأول مرة ، والحقيقة أنني بعد أن شاهدت الفيلم أستطيع أن أؤكد أنه مفاجأة حلوة بالفعل.
يحكي الفيلم حول المهندس عمر الذي تتوفى زوجته ريم (أمينة خليل) في اليوم الأول من شهر عسلهم وتتحول حياة عمر بعدها إلى جحيم ويهمل في عمله ويدخل في مرحلة اكئتاب شديدة إلى أن تقنعه شقيقته وزوجها بزيارة طبيبة نفسية لتساعده على الخروج من حالته ، وبعد إلحاح شديد منهم يوافق على طلبهم ويذهب معهم إلى الطبيبة (رجاء الجداوي) ويحكي لها معاناته وتقترح عليه طريقة علاج تجعله يتواصل مع ريم زوجته روحياً على طريق الأحلام ، وفي كل مرة يرى حلماً مختلفاً يقابل فيه (ريم) ويكون هو وهى شخصين مختلفين عن حقيقتهم وفي نهاية كل حلم تنفصل ريم عنه بطريقة أو بأخرى ، إلى أن تصل قصة الفيلم إلى نهاية ذكية وغير متوقعة بالمرة.
سيناريو الفيلم الذي صاغته الكاتبة أماني التونسي، في تجربتها الثانية للسينما بعد فيلم (قصة حب) كان سيناريو شديد الذكاء في تفاصيله ، إذ نجحت منذ الدقائق الأولى في وضع المشاهد في قلب الحدث وقامت بتقديم الشخصيات الرئيسية بشكل واضح وسريع دون مقدمات مملة ، رغم طبيعة أحداث الفيلم الهادئة إلى أن إيقاع الفيلم كان متوازناً جداً بحيث لم يكن هناك مشهد أطول من اللازم أو أقصر من اللازم ، فكرة الفيلم في حد ذاتها جديدة وأصلية ولايشوبها الاقتباس بحيث لا أذكر أني رأيتها قبل ذلك في أي فيلم ، وأيضاً من مميزات السيناريو هو إعادة ترتيب الأحداث في الثلت الأخير من الفيلم بحيث نصل إلى تلك النهاية غير المتوقعة والمنطقية في نفس الوقت.
على مستوى التمثيل فربما يكون هذا هو الأداء الأفضل من بين كل الأدوار التي قدمها حسن الرداد في تاريخه ، حيث نجح في تقديم عدة شخصيات متبانية للغاية في الجوهر رغم تشابه شكلها ، وجميع هذه الشخصيات كانت بداخل الشخصية الرئيسية ، ونجح في عكس الصراع الداخلي الرهيب الذي تعيشه شخصية عمر والتعبير عنه بصدق ، ويمكن القول أنه وصل لمرحلة نضج كبيرة في أداءه مكنته من تقديم شخصية مختلفة تماماً عن ما قدمه من قبل.
أيضاً أمينة خليل في ظهور مختلف ومغاير تماماً عن ما قدمته من قبل، تقدم واحدا من أفضل أفلامها وتنجح في تقديم عدة شخصيات أيضاً وتعطي لكل واحدة منها مذاق خاص. بطلة الفيلم الثانية عائشة بن أحمد، رغم أن ليس لديها تاريخ كبير في السينما ، إلا أن هذا الفيلم يعتبر أجمل أفلامها على الإطلاق ونجحت في تكوين ثنائية مميزة للغاية مع حسن الرداد جعلتني أتمنى أن أشاهدهما سوياً في عمل آخر.
يجدر الإشارة أيضاً إلى أداء بيومي فؤاد الملفت للغاية رغم ظهوره القصير في مشهدين فقط ، ولكنه ظهور أضاف للفيلم الكثير تحديداً في مشهده الثاني والذي يمكن اعتباره من أقوى مشاهد الفيلم على الإطلاق.
من الجوانب الإيجابية التي يجب الإشارة إليها في هذا الفيلم هو الأغاني التي صاحبت أحداث العمل والتي كتبها بحرفية عالية الشاعر صابر كمال بحيث جاءت معبرة تماماً عن أحداث الفيلم وشخصياته ، وأداها بإحساس مميز المطرب الكبير وائل جسار والمطربة الشابة كنزي تركي.
لا يمكن الحديث عن هذا الفيلم دون الحديث عن منتجه أحمد السبكي الذي يقدم فيلماً غير معتاد بالمرة سواء بالنسبة له أو بالنسبة للسوق المصري ، وينفي عن نفسه إشاعة أنه متهم بإفساد الذوق ، لأنه بالإضافة أنه يقدم أفلام شعبية بسيطة لجمهور العيد يقدم أفلام مختلفة وقيمة في أحيان كثيرة ، ومثلما يتم مهاجمته عندما يقدم أفلاماً شعبية أرى أن من العدل الاحتفاء به عندما يقدم أفلاماً قيمة.
بعد عدة أفلام أكشن قدمها المخرج عثمان أبو لبن هى: (فتح عينيك، عمليات خاصة، المركب) ، عاد لتقديم الدراما الرومانسية في فيلم (قصة حب) الذي عرض العام الماضي وكان فيلماً جيداً إلى حد ما ، وأكمل الخط الرومانسي في (توأم روحي) والذي وصل فيه إلى مرحلة نضج كبيرة جعلته يقدم واحدا من أفضل أفلامه على الإطلاق وينجح في تقديم عمل صعب في كل تفاصيله ، أدارها كلها بحرفة بدءاً من اختياره وإدارته للممثلين واختيار أماكن التصوير ، إذ أنه وصل في رأيي إلى المعادلة الصعبة وهى أنه نجح في حكي القصة وإيصال أحاسيسها للجمهور وفي نفس الوقت لم يتنازل عن إبراز قدرته كمخرج في تقديم لغة بصرية مميزة للغاية ، ليخرج في النهاية بفيلم متكامل أظن أنه سيبقى في الذاكرة طويلاً.