وديع الصافي .. الأب الروحي للغناء الوطني والديني
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتبت : سما أحمد
كان المطرب الكبير وديع الصافي هو الأب الروحي لكثير من المطربيين المصريين والعرب، فكثير منهم خاصة أصحاب الأصوات العذبة القوية كانوا يعتبرونه المثل والقدوة، وهو الآخر كان يعتبرهم مثل أولاده الذين سيكملون المشوار من بعده، فكان يقول : الأصوات الضعيفة التى تجهل أصول الأداء ستتساقط كأوراق الخريف قبل أوانها، ولن يبقى على الساحة سوى الصوت الأصيل المتمكن والمسلح بالعلم والمعرفة.
وهذا الأسبوع نتوقف في باب (سيلفي النجوم) مع واحدة من صوره الجميلة مع اثنين من أجمل الأصوات المصرية والعربية المطربة المبدعة (أصالة)، والمطرب صاحب الحنجرة العذبة القوية (خالد سليم)، ومعهم في الصورة المخرج السينمائي (طارق العريان)، وتنام على رجليه أصالة عندما كانت زوجته، و(يطبطب) مطربنا الأسطورة وديع الصافي بحنو شديد وأبوة على أصالة التى حزنت جدا لرحيله، غنت في نفس العام في حفلها في دار الأوبرا المصرية رائعته مع فيروز (سهرة حب) حيث غنت جزء منها مع المطرب أحمد سعد.
الفن يسمو حين يكون مستمدا من الأديان
وبعيدا عن (سيلفي النجوم) يهمنا أن نتوقف مع بعض آراء (وديع الصافي) الذي وضع صوته فى خدمة دينه فرتل الكثير من التراتيل الدينية، وغنى الكثير من الأغاني الدينية سواء المسيحية أو الإسلامية وعن هذا الأمر قال فى حوار قديم له نشر في مجلة الشبكة اللبنانية فى منتصف الستينات: منذ بداية وعيي الفني دأبت على الترتيل والتجويد، ومازلت إلى الآن، إن الفن يسمو حين يكون مستمدا من الأديان السماوية، وفى الأمثال الفرنسية إن من يغني الله، يصلي مرتين، لدى إنشاد ترتيلة أو أية من الذكر الحكيم، أشعر أنني قريب من الله، ولا يوجد فرق عندي للغناء للإسلام أو للمسيحية.
وقال أيضا : أنا مع كل لحن جديد أنسى عمري وأحس بأن اللحن كأنه ولد من جديد عم ربيه وبحس أن قلبي بعدو شب.
قضايا العرب
لم يكتف وديع الصافي في أن جعل من نفسه وأغنياته وحدة وطنية لبنانية، بل جعلها أيضا وحدة عربية شاملة، فغنى آلام العرب وأفراحهم وعزهم وأمجادهم، فبرهن عن لبنانيته الحقة، وعروبته المنفتحة، ولذلك ترى فى أغانيه الكثير من الغاني العربية الموجهة إلى الدول العربية، ومنها (أطفال الحجارة، جئت بغداد، جولان سوريا، نشيد الجزائر، عظيمة يا مصر، إذا مصر قالت نعم فاسمعوها، مكة، شام، قالت لي بنت الجيران (القطن السوري)، أعرف عدوك، لبنان يا قطعة سما، ارز لبنان، أطفال قانا، خضرا يا بلادي خضرا) وغيرها الكثير.
رحم الله مطربنا الأسطورة وديع الصافي الذي مات وهو واقفا يغني حيث لم يترك الغناء حتى وفاته.