كتب : مروان محمد
حكاية (ضي القمر) هى الخامسة في سلسلة قصص العمل الدرامي الاجتماعي (إلا أنا)، لكنها جاءت هذه المرة كنوع من التراجيديا الخاصة جدا، تلك التي تلامس شغف القلب وأنت تشاهدين قصة (عاليا) وتحمدين الله على نعم كثيرة أولاك بها، أولها نعمة الأمومة، ومن ثم فهنالك دروس مستفادة كتيرة من هذه القصة ، فكما شاهدتنا الأحداث الدرامية عن قرب وتجرعنا كأس مرارة الحرمان الذي أصاب بعض النساء اللاتي تمنين أن يرزقهن المولى عز وجل بولد أو بنت تملأ الدنيا من حلولهن، فضلا عن احتواء نفس الأحداث في خلفيتها على قدر من الخيانة وهنالك مواقف أخرى أيضا تجسد من يتعب في عيشه في وقت يعيش فيه آخر الرغد في نفس الحياة.
تناقضات كثيرة شهدتها أحداث حكاية (ضي القمر)، والتي وضع فكرتها الكاتب (يسري الفخراني)، سيناريو وحوار (عبير سليمان) ، والإخراج لأحمد حسن، أما البطولة فكانت لكل من (كندة علوش – عاليا، محمد علاء – نادر، محمد شاهين – وليد، زينب غريب – مريم، وياسمين موافى – نيفين، أحمد عبد الله محمود – راجي)، هؤلاء كانوا الأبرز بالإضافة إلى عدد آخرمن الفنانين الشباب ومعهم القديرة (إنعام الجريتلي)، التي أبدعت في تجسيد دور الأم (النقاقة والحشرية) بطريقة احترافية تؤكد كفاءتها في فن الأداء الصعب، وقد بدت (كندة علوش متألقة على غير العادة بأداء ناعم ورقيق أضفى نوعا من السحر الخاص على الشخصية التي جسدتها على مستوى لغة الجسد والتعبير بحساسية عالية داخليا، خاصة حينما كانت تتقوقع على نفسها وتعاني من رواسب نفسية تركها الأب في أعماق نفسها لتلازمها طويلا.
وتناغم مع (كندة) كل من (محمد علاء برقي وتعبير صادق عن عن شخصية نادر، ما ينم عن ذكاء وتطور مذهل في الأداء، بحيث بدت حركاتك كلها مدروسة على مستوى النظرة، الانفعال، الصوت الهادئ وكأنه لحن جميل هادئ يتوازي تماما مع غناء (لينا شماميان) في أدائها الصوفي العذب الذي يناسب التراجيديا الإنسانية في أحداث المسلسل، كما اتسم أداء (ياسمين موافي) بعذوبة تخلط بين التراجيدي والكوميدي بأسلوب السهل الممتنع – يبدو أنها اكتسبتها من جينات والدها – ليؤكد على موهبة تحمل قدرا من الطاقة الإيجابية التي يمكن استغلالها في أعمال كوميدية راقية، وحتى في لحظاتها التراجيدية في محاولاتها العبثية بالإسقاط على جسمها السمين فقد عزفت على مشاعرنا بطريقة رائعة اكتسبت تعاطفا شديدا من جانب الجمهور.
أما الثنائي (زينب غريب ومحمد شاهين) فقد أثبتا بما لايدع مجالا للشك بأنهما موهبتان فطريتين وملبوسين بالتمثيل القائم على الصدق الفني، ففي تناغم مذهل عبرا سوياعن كافة المواقف ببراعة شديدة، وكانا في كل مرة يلتقيان في مبارزة تمثيلية غاية في الروعة والاحترافية، أما أحمد عبد الله محمود فقد أثبت أنه فنان جميل موهوب جدا في هذا الدور الذي عكس حساسية شديدة يمتلكها على المستوى الإنساني حتى بدا صادقا جداً، وأرى أنه بحاجة ماسة لأدوار ثقيلة، نظرا لأنه يحمل بداخله طاقة وقدرة لم ترى النور بعد، حيث على ما يبدو قد ورث چين الإبداع من والده الراحل (عبد الله محمود) بذات الحس الإنساني العالي.
تدور الأحداث حول الشيف عاليا (كندة علوش) التي يضعها حلمها هى وزوجها في الإنجاب تحت ضغط كبير، ما يجعل علاقتهما الزوجية تمر بالكثير من الصعوبات التي تواجهما في رحلة الحياة، مع تقلبات الأحداث والمفارقات المذهلة التي حملها سيناريو ناعم يتسم بالمشاعر من جانب (عبير سليمان) لعبت معها كاميرا (أحمد حسن) بطريقة ذكية أكسبت التراجيديا نوعا من الصدق إلى حد أن كل حلقة من الحلقات العشرة كانت تحمل أكثر من مشهد (ماستر سين)، لكني آثرت أن يكون المشهد الأخير هو الـ (ماستر سين) الجامع الشامل، نظرا لأنه يضع نهايات سعيدة لكل الشخصيات في حفل خطوبة (نيفين) التي كانت فاكهة المسلسل، وقد جاء على النحو التالي:
اجتمع كل فريق العمل في حفل خطوبة (نيفين) وانخرطوا جميعا في الرقص فرحين لها ولأنفسهم أيضا:
مع انطلاق الزغاريد تبدأ حلقات الرقص، بينما (نفين) تبدو في المهد الأول للاحتفال منهمكة في الرقص مع خطيبها (راجي) وسط حالة من البهجة والسرور تخيمان على أجواء مزركشة في صورة كرنفال جميل جمع كل الأحباب في حديقة فيلا (نادر وعاليا)، وعلى جانب آخر يبدو (وليد ومريم) في قمه سعادتهما بقدوم توأم جديد ينضم لابنتهما رفيدة، بينهما تبدو السعادة الغامرة على وجه (نادر وعاليا) بعد أن طال الجفاء بينهما مدة طويلة كادت تعصف بقصة حب جميلة جمعتهما في قفص الزوجية وبعد أن عانت عاليا طويلا بسبب عدم ثبات حملها.
في أحد الأركان يقف وليد مع زوجته بحثا عن طعام العشاء وكانت الصدمة:
مريم : فول .. معقول!!
وليد : آه فول .. إحنا جايين فرح زي ده علشان ناكل فول وبطاطا وكشري!!
مريم بنفس راضية: حلو حلو.
يتدخل راجح في الحديث قائلا: اعترض ياعم على ذوق المدام من أولها.
وليد : يعنىي أنتوا قاصدينها؟!
نيفين : آه .. بذمتكم فيه أحلى من الأكل الحرش ده زي البطاطا والكشري؟
مريم : طبعا إزاي؟
نيفين : ثم انتوا جايين تفرحلولنا ولا جايين تاكلوا؟
مريم ووليد في نفس واحد: جايين نااااااكل!!.
تنظر نيفين لخطيبها راجح قائلة : لا احنا كده منظرنا وحش!!
مريم ترد على الفور: لا إحنا بنهزر.
ويكمل وليد المداعبة موجها كلامه لراجح : هو صحيح مفيش بانيه؟
راجح في إصرار على رد فكاهي وهو يهز رأسه : لا فيه بطاطا .. حلوة؟
تضحك مريم مداعبة وليد : شكلها حترسى على بطاطا، ثم توجها كلامها لابنتها رفيدة كلى ياماما.
وليد ينظر بعيدا ويقول لمريم: باقولك ايه هنا فيه فراخ ويشير بيده للبعيد.
مريم : والله شامه ريحتها.. تعالي نروح هناك.
يدخل الحضور جميعا في وصلة رقص على إيقاع رومانسي حالم ويبدو في الكادر كل من (نادر وعاليا) ويعلو جبهتهما ابتسامة عريضة ، بينما تشتبك يديهما وكأنهما يحلقان كطائرين مغردين في خضم رقصة حالمة، بينما يبدو وليد ومريم مشغولان بالطعام الذي يمل فميهما، وتظهر نيفين سعيدة بالرقص مع خطيبها راجح.
في كادر آخر يبدو(ياسر محمد على) ووجهه تعلوه السعادة بعد أن استرد ابنته عاليا التي كانت قد قاطعته سنوات طويلة قضاها في الغربة معذبا ونادما على معاملته السيئة لأمها التي رحلت مقهورة جراء عنفه وجبروته، والذي اضطره طويلا للحرمان من ابنته حتى جاءها نادما في خريف العمر، ويذهب نادر لإحضاره للرقص مع ابنته وهو يبدو في قمة السعادة والرضا منخرطا في الرقص.
في اللحظة التي وقف فيها الكل للالتقاط صورة جماعية دق جرس تليفون نادر، فاتخد ركنا قصيا ليرد عليه، لتلاحظ عاليا شروده فتلحق به قائلة : حبيبي مشغول عني في ايه؟
يرد نادر بطريقة مرتبكة ووجهه يبدو عليه الاضطراب مختلطا بفرح داخلي: المعمل بعت نتيجة التحليل.
بلهفة مصحوبة باضطراب وتوتر داخلي تقول عاليا: وايه .. طلع عندي حاجة؟
نادر يهز رأسه في خبث: أيوه
بلهفة أكبر ترجوه عاليا : فيه ايه ما تقول يانادر ماتخضنيش؟
بابتسامة فرح يرد نادر: انتي حامل.
ينتهي المشهد باكتمال فرحة حبيبين ربط بينهما الحب طويلا وصبرا حتى استجاب القدر لرعبتهما في الإنجاب بعد طول عناء.