لولا صدقي .. سر هروب عاشق باريس منها!
كتب : عمر أحمد
تعتبر (لولا صدقي) واحدة من النجمات اللاتي تألقن جدا في السينما المصرية، فرغم أنها لم تقدم إلا دورا واحدا وهو دورالشريرة، لكنها قدمته بـ (ستيل خاص جدا) وبمهارة شديدة، وبتنويعات مختلفة، مع لثغة محببة فى نطق حرف (الراء) فتنطقه (إغ) مما أضاف عليها جاذبية خاصة، هذا الأسبوع نتوقف مع حكاياتها مع العاشق الباريسي الوسيم وسر هروبه منها، فتعالوا بنا نتركها هى تحكي الحكاية كما جاءت فى مجلة (الأثنين والدنيا) عام 1953.
تقول لولا: ذات صيف سافرت إلى باريس لأقضى جانبا من الإجازة، والهروب من بعض المتاعب الخاصة، ونزلت بأحد فنادق باريس، وأقمت أسبوعين في عزلة تامة لا أكلم أحدا، ولا أحد يكلمني، وشعرت بالشوق إلى بلدي وأحسست بالغربة خاصة وأنا لا اسمع لغة بلدي، كنت أتكلم الفرنسية وأتناول الطعام الفرنسي، والوحدة تعذبني، الوحدة التى لا يعرف أثرها في النفس إلا كل من تغرب ووجد نفسه وحيدا.
وحدث بعد ذلك أنني كنت أجلس فى أحد مقاهي باريس وطلبت من الجرسون أن يأتيني بقدح من القهوة، وفوجئت بصوت يقول بالعربية : (لماذا لا تشربين قدحا من الليمون فى هذا الجو الجميل؟!) والتفت إلى مصدر الصوت وصحت مصري؟! وأجاب صاحب الصوت الوسيم نعم وعدت أصيح إذن تعال وتناول الشاي على مائدتي، ولم تنقض لحظة واحدة إلا وكان يجلس أمامي على المائدة، وتحدثنا فى أشياء عديدة تدور كلها عن وطننا مصر.
وتوطدت بعدها علاقتنا بحكم الغربة، وكانت تلك أول زيارة له في باريس فكان من الطبيعي أن أكون الدليل الذي يقوده بين معالم باريس ومفاتينها، كنا نلتقي كل صباح ونظل طوال اليوم نتنقل في باريس ويعود كل منا إلى فندقه بعد السهرة، وخلال هذا الطواف، وخلال السهر كنا نتحدث بإستمرار، وشعرت من بعض كلماته وبعض تصرفاته أن سهام (كيوبيد) قد أصابت قلبه، وأنه يحبني وإن كان خجله يمنعه من إعلان هذا الحب، كنت موقنه تماما من حبه لي.
وذات يوم كنا نسير فى أحد ضواحي باريس في شارع طويل على ضفاف السين، وتوقف فجأة وأمسك بيدي وقال بتردد : (أنا .. أنا) وصحت قائله : أنت ماذا؟! فرد: أنا مكسوف!، وضغطت بأسناني على شفتي من شدة غضبي وسكت، وسرنا صامتين نتكلم، وعاد بعد برهة يمسك يدي ويقول: هل تغضبين من الصراحة؟! فقلت له : (أبدا أنا صريحة وأفضل الصراحة).
والواقع إنني كنت متلهفة إلى معرفة شعوره نحوي، كنا في بلد غريب والغربة تجعل الإنسان يبحث عمن يحبونه، ولا أنكر أنني كنت أميل إلى هذا الرجل، وقد يكون هذا الميل سببه حبي لبلدي، وأردت أن اشجعه على الكلام فقلت له: (كن صريحا وقل ما يدور في فكرك، فأنا صريحة وأحب الصراحة)، واستجمع الرجل شجاعته كلها وقال بتلعثم: (أنا …. أنا …. أحبببببك)! وقبل أن يكمل كلمته الأخيرة كان يتهاوى مغشيا عليه، وعبثا حاولت أن أعيده إلى صوابه بلا جدوى!.
كانت يداه باردتان كالثلج وكان العرق يتصبب من جسده جميعا، ونقلته إلى الفندق في سيارة أجرة، وظللت إلى جواره حتى استعاد صوابه، وانطلق يبكي! وهو يغطي وجهه بيديه من الخجل، وعبثا حاولت أن أسري عنه ولكنه كان يصرخ ويهذي ويطلب مني أن أتركه ينفرد بنفسه!.
وتركته وعدت إلى فندقي، وعندما ذهبت لزيارته في اليوم التالي اكتشفت انه غادر الفندق فى الصباح، بل غادر باريس كلها بعد أن ترك خطابا يعتذر لي فيه عن (وقاحته) عندما اعترف لي بحبه، ومضى يقول إنه سيظل يحبني إلى الأبد، ويرجو أن أغفر له ما حدث منه!، وعدت إلى مصر بعدها وانتظرت أن أراه لكنني لم أقابله حتى اليوم!.