(صدمتي فيك يا أزهري) .. !
بقلم : محمد شمروخ
كأي رد فعل طبيعي عقب قراءة التحذير المنسوب إلى الأزهر الشريف للمسلمين من الاستماع إلى أغنية للمطربة (أصالة) بسبب أن كلماتها لها كما أدعى مساس بنص حديث نبوى شريف سارعت إلى البحث عبر شبكة الإنترنت عن هذه الأغنية للاستماع إليها أو على الأقل قراءة كلماتها خاصة أن الخبر الذي ورد بتحذير الأزهر لم يتطرق إلى هذه الكلمات مباشرة ربما لأن في كتابتها نوع من تكرار ما حذر منه الأزهر الشريف نفسه.
هذا وأنا ابحث عن نص الأغنية كنت متوقعا بأن بحثي هذا هو تصرف طبيعى لأى مطلع على هذا الخبر إذ أن الأزهر؛ بداية بتصريحاته حول هذه الأغنية؛ قد ساهم في ذيوعنا بين الناس مما يتناقض مع الغرض نفسه ومما يجعلنى أكثر حزنا على عقلية من أنتج هذا الاعتراض ومن صاغته فريحته وكيفية مواجهته، إذ أنه أفشل مبدئيا اي خطة لمواجهة ما يرنو إليه وحقق ما لم يتوقعه مؤلف وملحن وموزع الأغنية، بل وكتب لها الخلود قبل أن يشرع في تنفيذ اول خطوات المواجهة
إنها عقلية جعلتنى أشفق على محاولات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التصدى لهذا الجمود والقصور في معالجة الأمور داخل مؤسسة عملاقة وعريقة في حجم مؤسسة الأزهر بكل ما يحمله هذا الاسم من تاريخ وقيم ودلالات في الذهنية المصرية والعربية والإسلامية.
وكان أن طالعت الكلمات فوالله الذي لا إله إلا هو ما وجدت في الأغنية إلا نصرة لقيم الإسلام وموقفه من المرأة بل وأفضل دعاية تقف أمام الدعايات المغرضة التى لا تتوقف ضد الدعوة الإسلامية وضد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاي تحذير ذلك الذي قصده القاصد بهذا الذي صدر عن الأزهر؟!
أتراه رأى أن كلمات الأغنية التى كتبها الشاعر (محمد أبو نعمة) موجهة إلى قلب الإسلام؟!.
نعم هى موجهة إلى القلب ولكن ليس قلب الإسلام بل قلب المسلم الغافل الذي يرى في المرأة المسلمة أنها مجرد كتلة من السواد تسير على قدمين وتتحمل في سبيل إرضاء الرجل ما لا تطيقه الجبال الراسيات؟!
بل الكلمات موجهة إلى قلب ذلك الخانق على الإسلام الذي يتقاسم مع سابقه الرؤية المتخلفة الظالمة نفسها.
موجهة إلى قلب المعرض الذي لا يفتأ ليل نهار في جمع الأدلة على ظلم الإسلام للمرأة والتى تشكل نصف أتباعه تقريبا حتى يحقق غرضه بتنفيرها من عقيدتها التى تقسو عليها.
فكم من مسلم أهان المرأة وهو يظن أن إهانتها فرض عين عليه بسبب فهم فاسد – ولكنه عمدي – من بعض من نسبوا أنفسهم إلى الفقه الإسلامي وأرادوا أن يفرضوا علي الدين الحنيف عقدهم النفسية والاجتماعية والثقافية.
فأي عيب في أن ينادى صوت (أصالة) بكلمات تحض على الرفق بالنساء تنفيذا لوصية محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
هل لمجرد أن شاعرا نظم في قصيدة معنى الحديث واستخدم في مفتتح أغنيته كلمات من الحديث نفسه؟!
أي جريمة في أن تشدو (أصالة) بالأغنية بألحان الموسيقار (سهم) وهى تذكر ما بهدي النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه من الحديث الشريف؟!.
لا أجد مناصا من اتهام من صاغ هذا التحذير – على الأقل – بالتسرع، ولن افترض التطرف أو الانغلاق أو تعمد تشويه الصورة التنويرية للأزهر الذي يستمد هذا النور من نصوص الكتاب والسنة الخاصة المبرأة الطاهرة دون خلطها بشذاذ نافر من عقول أقحمت نفسها على تراث الدين الحنيف.
وأقولها بالبلدى : (حرام عليكم.. شمتوا الدنيا فينا).
وما لكم إذن لا تحذرونا من أم كلثوم وهي تشدو بـ (سلوا قلبى أو حديث الروح أو ولد الهدى أو نهج البردة؟!).
ما لكم لا تحرمون علينا سماع المدائح النبوية منذ (حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير والنابغة الجعدي) رضي الله عنهم وغيرهم من الشعراء الذين مدحوا الرسول في عهده أو من جاؤوا بعدهم في كل العصور؟!
ألم تسمعوا للمطربة الراحلة (سعاد محمد)، وهي تغني في نهاية فيلم (الشيماء) قائلة بأعذب صوت : (إنك لا تهدى الأحبة والله يهدي من يشاء)، وبعدها ختم الفيلم بنص الآية القرآنية من سورة القصص رقم ٥٦: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) .. صدق الله العظيم.