كتب : أحمد السماحي
لم يحزن الشعب المصري على موت رئيس مثلما حزن على فراق الزعيم جمال عبد الناصر، ولم ير الشعب المصري جنازة مهيبة مثل جنازة )أبوخالد( التي حضرها ستة ملايين شخص، في هذا اليوم الذي توقف فيه قلب القاهرة عن النبض، خرجت الجماهير من كل حدب وصوب ترفع صور الزعيم الخالد الذكر وكأنها تتحدي الموت، وتدفقت المواكب من كل المحافظات متشحة بالسواد حزنا علي الرحيل الكبير، وكانت بمثابة )مناحة( عظيمة في كل ربوع مصر، حضرها كثير من رؤساء الدول الأجنبية والعربية ونزل المصريون في الشوارع متشحين بملابس الحداد وكأن شعور كل مواطن أنه فقد أبوه أو أخوه أوقريبا له أو جارا عزيزا عليه، بينما صراخ النساء المنتحبات يسمع في شوارع مصر كلها.
ولم يكن السينمائيين المصريين بعيدين عن هذا الحدث الجلل، ولأن الفيلم التسجيلي، مع الأغنية هما أسرع وسيلة للتعبير عن الأحداث الكبيرة فقد تباري العديد من المخرجين للتعبير عن حزنهم لفراق القائد الملهم الذي غادرنا بجسده بينما روحه ظلت تجاهد في توحيد الصف العربي، مرددة كل كلمته قالها في كل المحافل الدولية، رحل بعد أن ودع رؤساء الدول العربية عقب مفاوضات شاقة أجريت خلال قمة عربية دعا إليها في مصر لوقف القتال بين قوات الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتمركز في الأراضي الأردنية، في ما عرف بأحداث (أيلول الأسود).
أنشودة الوداع
هذا الوداع هز 8 مخرجين كبار فقدموا واحدا من أهم وأجمل وأروع الأفلام التسجيلية الذى اختفى فور عرضه ولم يذاع بعد ذلك على الإطلاق، حيث يسجل الفيلم الأيام المريرة التى عاشها الشعب ومظاهر الحزن على وفاة الرئيس عبدالناصر، ويتابع اليوم الأخير، وكل مراسم الجنازة الرسمية والشعبية التى صاحبته حتى مثواه الأخير، الفيلم بعنوان (أنشودة الوداع) قام بإخراجه (شادي عبدالسلام، حسن رضا، جون فيني، خليل شوقي، محمد قناوي، أحمد راشد، سمير عوف، على عبدالخالق)، وقام بالتصوير 9 مصورين كبار هم (حسن التلمساني، محمد قاسم، فيكتور انطون، عماد فريد، رفعت راغب، عصام فريد، جمال عباده، محمود عبدالسميع، تحتمس صديق)، مونتاج (حسن رضا)، موسيقى تصويرية (اندريه رايدار)، ومدة عرضه 35 دقيقة.
دموع السلام
كما قدم المخرج سعيد مرزوق صاحب (أريد حلا)، و(زوجتى والكلب)، وغيرها من روائع السينما الروائية فيلم قصير جدا مدته 10 دقائق، وفيه أظهر التباين بين لقطات الرئيس أثناء حياته، وعرض لانجازاته مع المقارنة بلقطات من جنازته، قام بعمل المونتاج للفيلم شريف فيظي، ووضع الموسيقى التصويرية بنعومة شديدة وشجن بالغ اندريه رايدار.
الوداع فى موسكو
عن مظاهر الحزن على وفاة الرئيس فى موسكو من الروسيين أو العرب أو المصريين، قدم المخرج فؤاد التهامي فيلمه القصير جدا (الوداع فى موسكو)، تصوير مشترك بين أحمد عبدالفتاح، والروسي جنادي ساكنيف، مونتاج عادل منير، ومدة الفيلم 9 دقائق.
دقيقة حداد
قدم المخرج محمد سعيد أقصر فيلم تسجيلي فى التاريخ حيث بلغت مدته دقيقة واحدة بعنوان (دقيقة حداد) حيث قدم فيه صور للزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى مراحل مختلفة من عمره منذ كان شابا حتى اللحظات الأخيرة من عمره، وتمتزج اللقطات ببعضها حتى تمتزج صورته بعلم مصر الذى كان يلف جسده.