تحية كاريوكا .. خبأت السادات وتبرعت بمجوهراتها لتسليح الجيش
* بعد اتهامه فى حادث مقتل (أمين عثمان) خبأت الرئيس (محمد أنور السادات) فى مزرعتها لمدة عامين كاملين!
* جمعت تبرعات لتسليح الجيش المصري، وقدمت جزء من مجوهراتها.
* المفكر الكبير (سلامه موسي) تساءل: لماذا تحظى هذه السيدة بكل هذا الحب والإعجاب؟!
* بعد العدوان الثلاثي سارعت بالتطوع فى الهلال الأحمر، وسافرت إلى مدن القناة لتشترك فى إسعاف وعلاج الجرحي.
* في مهرجان كان هاجمت ريتا هيوارث، وبصقت في وجه نجم، وطلبت من يحيي حقي الانسحاب.
كتب : أحمد السماحي
قال عنها (إدوارد سعيد) المفكر العربي والأستاذ الأكاديمي بجامعات أمريكا الذى كتب مقالا كبيرا عن الراحلة قال فيه: ( إن تحية كاريوكا مثل أم كلثوم تحتل موقع الرمز المرموق فى الثقافة الوطنية المصرية، وجزء من نهضة ثقافة أساسية).
مساعدة الفدائيين
لقد استطاعت تحية كاريوكا أن تعطي نموذجا لما يستطيع الفنان أن يفعله لبلاده، ولقد بدأت شخصيتها تحمل هذه البذور منذ فترة طويلة وبالتحديد عام 1948 حين كانت تساعد الفدائيين، فى العمل الفدائي فى منطقة القناة قبل ثورة 23 يوليو1952، فبعد إنفجار الحس الوطني ومؤامرة حرب فلسطين أصبحت منطقة الإسماعيلية التى كانت تحوي أكبر معسكرات ومخازن السلاح للإنجليز فى فايد وأبوصير وأبوسلطان، ولأن نجمتنا – التى يجهل كثيرون تاريخها السياسي – من الإسماعيلية، لهذا كان من الطبيعي دخولها إلى المدينة لزيارة أهلها.
تخبأ الرئيس السادات
استغلت كاريوكا ذلك فى نقل الأسلحة فى سيارتها الخاصة، والدخول بها إلى أرض شقيقتها (مريم) فى الإسماعيلية، وقد سميت هذه الأرض فيما بعد (تبة مريم)، نسبة إلى شقيقة تحية التى خبأت الرئيس الراحل (محمد أنور السادات) فى مزرعتها لمدة عامين كاملين، بعد أن قامت تحية بتهريبه فى سيارتها إلى منزل شقيقتها بعد هروبه من مطاردة الشرطة في أعقاب اتهامه فى حادث مقتل (أمين عثمان)، الطريف أن السادات بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية قال لها وهو يكرمها عام 1978 (فاكرة يا تحية لما كنت بأعمل مع شقيقتك فى مزراعتها)، ولكنها ردت “لا يا ريس إنت كنت هاربان وأنا اللي هربتك” فضحك السادات ضحكته الشهيرة!.
قطار الرحمة
بعد عودتها من أمريكا فى بداية الخمسينات أثر زيجة فاشلة دعت لتحسين أحوال الفنانيين المصريين بما أسمته (شهر الفنانيين)، حيث تقام الحفلات والمهرجانات الغنائية لجمع الأموال لحساب (صندوق الفنانيين)، وعندما قررت ثورة يوليو 1952 استثمار الفن والفنانيين فى العمل الوطني من خلال (قطار الرحمة) الذي كان ينطلق من القاهرة إلى بقية المدن المصرية حاملا أشهر فناني مصر لشرح أهداف الثورة وتوضيح مبادئها، وذلك لكسب تأييد الجماهير لهذه الثورة الوليدة وجمع تبرعات للفلسطنيين كانت تحية فى مقدمة الفنانيين المشاركين فى هذا القطار، ولم تكتف بذلك فقد أوقفت نشاطها الفني واعتذرت لكل متعهدي الحفلات عن الرقص لقيامها بهذا الواجب الوطني.
تسليح الجيش
فى عام 1955 أعلن الرئيس (جمال عبدالناصر) قراره التاريخي بكسر احتكار السلاح والتحول إلى المعسكر الشرقي لتسليح الجيش المصري، بعد أن رفضت أمريكا وأوروبا تقديم السلاح إلى مصر إلا بعد الاعتراف بإسرائيل، وعقد اتفاق معها، ورفض عبدالناصر ويومها خرج الفنانون المصريون، وفى مقدمتهم (تحية كاريوكا) فى احتفالية ضخمة أطلقوا عليها (أسبوع تسليح الجيش المصري) إلى الشوارع والمحافظات لجمع التبرعات مساهمة فى شراء صفقة السلاح الجديدة.
كما خصص الفنانون أجورهم عن الأعمال المسرحية والسينمائية لهذا الهدف الوطني، وجاءت (تحية كاريوكا) ومعها السيدة (أم كلثوم) على القمة فى جمع أكبر قدر من التبرعات لتسليح الجيش المصري، كما قدمت (كاريوكا) جزء من مجوهراتها لهذا الهدف، وشكرها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقال لها جملته الشهيرة (إنتي بألف رجل يا تحية)، فردت عليه أن كل هذا من خير مصريا ريس!
وفى نفس العام 1955 يدعى الفنانون لاجتماع عام لانتخاب أعضاء جدد لمجلس نقابة الممثلين التى كانت مجرد نقابة عمالية، وترشح (تحية كاريوكا) نفسها بما لديها من رصيد ضخم لدى زملائها الفنانيين من حب وتقدير، حيث لم تتوان عن مد يدها لأي منهم حين يحتاج لذلك وتحصل (كاريوكا) على أعلى الأصوات، ويومها تساءل المفكر والكاتب الكبير(سلامه موسى) فى مقال كبير عن تحية كاريوكا (لماذا تحظى هذه السيدة بكل هذا الحب والإعجاب؟! ويقول تضاربت الإجابات لكنها اتفقت على شيئ واحد أن هذه السيدة إنسانة قبل أن تكون فنانة، وأنها لا تعرف معنى للجنيهات التى تكسبها من تعبها إلا فى إنفاقها على تفريج الضيق عن الزملاء والزميلات، وليس هذا فقط ولكنها زيادة على إنسانيتها ترى رؤيا لمصر وتبصر بالمستقبل، ومن علامات ذلك أنها دعت إلى قصر العضوية لنقابة الممثلين فى المستقبل على من يجيدون قراءة النوتة الموسيقية والقراءة والكتابة).
العدوان الثلاثي
بعد تأميم قناة السويس حدثت مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وعلى الفور سارعت بالتطوع فى الهلال الأحمر، وسافرت إلى مدن القناة لتشترك فى إسعاف وعلاج الجرحي من القوات المصرية فى المستشفيات المدنية والعسكرية، ونفس الأمر حدث عندما حدثت نكسة 1967، حيث ذهبت مع كتيبة من المتطوعات إلى جمعية القنال لتشترك فى إسعاف وعلاج الجرحى.
الوفد الأسرئيلي
فى عام 1956 اشتركت مصر فى مهرجان كان بفيلمها (شباب إمرأة)، وسافرت أسرة الفيلم إلى المهرجان ومن اللحظة الأولى اكتشف الجميع فرق المعاملة مقارنة بالوفد الإسرائيلي الذى يعامل بكل اهتمام وتدليل، وتفتق ذهن (تحية) عن حيلة عبقرية للفت الأنظار وسحب البساط من تحت أقدام كل النجمات ومن بينهن (ريتا هيوارث)، فقد غيرت ملابسها المودرن لتلبس (الملاية اللف) التى ترمز لبنت البلد المصرية الجدعة، وبالفعل أصبحت كاريوكا حديث كل الوفود المشاركة.
تهاجم ريتا هيوارث وتنال إعجاب ناصر
أثناء الغداء الذى تقيمه إدارة مهرجان كان تحية وتقدير للوفود المشاركة تعمدت (ريتا هيوارث) أن تتحدث عن الوفد الإسرائيلي وتمدحه، وعلى الفور تصدت لها (تحية) وأسمعتها بلغة انجليزية سليمة مالم تتخيله، واضطرت النجمة الشهيرة أن تهرب من سب كاريوكا، وعندما حاول أحد الممثلين الأجانب أن يسب همجية العرب بصقت فى وجهه، وطلبت من رئيس وفد مصر الأديب (يحيي حقي) أن ينسحب فآثر الحكمة والتعقل ورفض الانسحاب، وكلف هذا الموقف تحية عدم الحصول على جائزة النقاد عن دورها فى الفيلم، وعندما علم الرئيس (جمال عبدالناصر) بهذا الموقف بعد أن كتبت عنه الصحف قرر على الفور تكريمها وتعويضها بجائزة أكبر وأوصى بمنحها جائزة الدولة عن دورها فى فيلم (شباب امرأة)، وبعد هذا الموقف من النجوم الصهاينة ضد مصر قررت تحية أن تأسس جمعية برئاستها لمقاطعة الأفلام والنجوم ذوى الميول الصهيونية .
حرب أكتوبر
في حرب أكتوبر كانت لها صولات وجولات في كل مستشفيات مصر، حتى إنها لم تكن تدخل عنبرا للجرحى إلا وتسمع توسلات الجنود قائلة: (والنبي يا ست تحية الدكاترة هنا بيحبوكي وبيسمعوا كلامك، وصيهم علشان يخرجونا، ونرجع نحارب!).
هذه بعض المواقف البسيطة جدا والقليلة جدا من سجل تحية كاريوكا الحافل والمليئ بالعديد من المواقف الوطنية والأنسانية، لن نستطيع سردها كلها أو جزء كبير منها لأنها تحتاج إلى مجلد ضخم يكون عنوانه الوجه الآخر لتحية كاريوكا.