أنا بنت ناس .. ميلودراما ترضي الجميع!
بقلم : سامي فريد
وكأن الطفلة نعمت (فاتن حمامة) ستظل عمرها كله تدفع ثمن زواج والدها من زوجة ثانية من طبقة اجتماعية أدنى من زوجته فترفعها العمة فضيلة هانم (زوزو نبيل) بعد مصرع الوالد على يد وكيل أعماله طمعاً في الزوجة التي يخطفها ويهرب ليموت الاثنان في حادث سيارة.
نحن إذن أمام طفلة يتيمة وجدتها فردوس محمد التي تذهب بها إلى بيت عمتها فضيلة هانم فتطرتها وتمنع الطفلة عن شقيقها وأخته.
وتعيش الطفلة في طنطا مع جدتها.. ولابد مادام الفيلم من إنتاج حسن الإمام من جو المولد والأذكار.. ولابد أيضا من الحي الشعبي وعتريس مهرب المخدرات والكل يعازل الفتاة الحلوة نعمت لنيل رضاها والزواج منها حتى يختارها المعلم عتريس لتكون زوجته فتهرب البنت إلى القاهرة، بعد أن باعها خالها (محمد علوان) للمعلم، وفي القاهرة يصطادها محمد شوقي ليبيعها إلى تاجرة الهوى، لكن البنت تهرب قبل كبسة البوليس على البيت المشبوه.
هكذا.. فالحياة إذن هى الأبيض الأسود.. أو الخير والشر والصراع الدائم بينهما في واحدة من الميلودرامات الخمسينية أدارها المخرج وكاتب السيناريو حسن الإمام باقتدار.. وفي القاهرة تلتقي نعمت بثلاث فتيات فقيرات لتعيش معهن في غرفتهن فوق السطوح وتشاركهن في بيع أوراق اليانصيب. ويحبها جارها في السطوح محمود (شكري سرحان) ويختارها لتكون زوجته.. وفي الشركة التي يملكها شقيقته ولا هي بالطبع تعرف، لكن المخرج الذي يعرف كل شيء يسوق الأحداث لتلتقي كل الأطراف بعد كل هذا الصراع والعذاب في النهاية السعيدة التي ينتظرها الجميع.. ويحققها لهم المخرج.
والفيلم من إنتاج ماري كوين وتأليف محمد مصطفي سامي وحسن عبدالوهبا أما الحوار فهو لمصطفي سامي.
ويجمع الفيلم من النجوم العدد الوفير من الممثلين من كل الدرجات.. من زوزو نبيل وماجدة ومحسن سرجان وصلاح منصور إلى ثريا حلمي وشكوكو وشكري سرحان وسميحة توفيق وكل هذا الفريق يديره ويحركه حسن الإمام في سلاسة وسهولة..
وفي الشركة تطلب نعمت من شقيقها صاحب الشركة الذي لا تعرف أن يوفر لها أي عمل فيقرر أن تعمل خادمة عنده وعند زوجته سميحة توفيق التي تعاملها بكل قسوة لكن إحساسه الداخلي يتعاطف معها فيرسلها إلى بيت عمته (زوزو نبيل)، لكن زوجته تراها فتطردها لشكها في أن لزوجها محسن سرحان علاقة بها بعد ما تراه من عطفه عليها.
وتتزوج نعمت محمود وعلى فكرة في شقة الزوج العامل البسيط نراها في الفيلم شقة يدل أثاثها ويدكوراتها على أنها شقة تصلح لوزير أو على الأقل رئيس مجلس إدارة وبالمصادفة ترسل نعمت مع بلدياتها محمود شكوشو رسالة إلى جدتها لتزورها فتحضر الجدة لتلتقي بكل شيء وتعرف أنه ابنه وتخبره أن نعمت هى شقيقته، فيبدأ البحث من جديد عن نعمت التي تحبها الشقيقة ماجدة كما يحبها الشقيق محسن سرحان.
لكن رسالة من نعمت إلى جدتها ليحضر خالها ليتعرف على زوجها فتقع الرسالة في يد عتريس الذي مازال يبحث عنها فيحضر إلى القاهرة مدعياً أنه خالها حيث يصطحب زوجها شكري سرحان في رحلة نيلية ليلقي به في النيل وتعرف من المشهد أنه قد غرف ليعود بها عتريس (عبدالعزيز خليل) إلى دمياط حيث يعثر عليها محمود شكوكو (زين العابدين) وخطيبته فكيهة (ثريا حلمي) وتبدأ المرحلة الأخيرة من الفيلم بإخبار شقيقها عادل بك رضوان (محسن سرحان) ليأتي مع الشرطة ويقبض على عتريس وعصابته بعد معركة يؤدي فيها محسن سرحان بطل الملاكمة السابق دوره ببراعة قبل وصول الشرطة..
وتنصلح الأحوال.. فالعمة فضيلة تعترف بخطئها ويعود الأشقاء إلى أحضان بعض.. وترضى الزوجة التي كانت رافضة وتتصالح لأوامر زوجها الذي يصرخ في وجهها بأن نعمت ليست خادمة بل هي شقيقته..
ويخرج محمود (شكري سرحان) بعد إنقاذه من الغرق فيعود من المستشفى إلى البيت.. ويعود السلام والوئام إلى الجميع.. ليرضى الجمهور عن النهاية السعيدة وانتصار الخير على الشر.. أو انتصار الأبيض على الأسود ويلتئم شمل الأسرة من جديد.
وتعود بنت الناس (فاتن حمامة) إلى ناسها بعد أن نسمع من الأصوات في الفيلم فاطمة علي وعباس البليدي وغيرها في هذه الميلودراما التي تشبع مزاج جمهور سينما الخمسينيات.