نكشف المحذوف من رائعة شادية (أغلى شعاع) فى وداع عبدالناصر
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة ،أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أو حذفها.
كتبت: سما أحمد
من الروائع الغنائية التى غنتها المطربة الكبيرة (شادية) فى وداع الزعيم الخالد (جمال عبدالناصر) قصيدة (أغلى شعاع)، هذه القصيدة النادرة التى كتبها الشاعر الكبير (محمود حسن إسماعيل) ولحنها الموسيقار (رياض السنباطي)، والتى أذيعت مرتين فقط في تأبين الزعيم، كتبت خصيصا لسيدة الغناء العربي (أم كلثوم)، لكن ظروفها الصحية لم تجعلها تستطع غناء غير قصيدة واحدة هى (خطاب عاجل إليك) للشاعر العربي الكبير (نزار قباني) وألحان (رياض السنباطي)، لكنها أهدت قصيدة (أغلى شعاع) لشادية تقديرا منها لصوتها وحبها لشخصيتها، ورغم ابتعاد دلوعة السينما عن غناء القصائد، لكنها لم تستطع رفض غناء القصيدة، خاصة أنها من كلمات وألحان اثنين من عمالقة مصر.
وبالإطلاع على نص القصيدة الأصلية التى كتبها (محمود حسن إسماعيل) تحت عنوان (لا تقولي الوداع) وجدناها مختلفة كثيرا عن ما غنته صوت مصر شادية، ووجدنا أبيات كثيرة غنتها المطربة المصرية غير موجود أصلا فى النص الأصلي للقصيدة، وبعد بحث وتحرى فى أرشيف هذه الفترة وجدنا أن (السنباطي وشادية) طلبا من شاعر القصيدة وضع أبيات جديدة، وحذف كثير من الأبيات حتى تغنى فيما لايزيد عن 10 دقائق فقط، لهذا اكتفوا فقط من القصيدة القديمة بمطلع القصيدة وجزء من نهايتها، ولأول مرة سننشر القصيدتين، نظرا لأنهما مختلفتين عن بعضهما إلا فى بعض الأبيات القليلة:
قصيدة (لا تقولي الوداع) كاملة للشاعر (محمود حسن إسماعيل)…
فوق صدر الضحى مال أغلى شعاع
واهبا عمره لليالي شراع
صلوات الريح، خاشعات لديه
وعطور الصباح كبرت من يديه
يا سماء ارفعي عنك سر القناع
كيف أزجي الضحى شمسه للوداع
وهو حيّ السكون رغم صمت الحياة؟
يلهم السائرين كل يوم ضياه
يا بكاء العصور، يا دموع الدهور
لن يغيب الشعاع
يا ضفاف اصبري، لين يغيب الشعاع
كبري وانشري نوره في البقاع
وازحفي بالسنا لا تقولي الوداع
ازحفي بالشراع، في الخضم الحزين
فى قلوب الحيارى، فى يد المعدمين
فى سهوب الصحارى، فى حشا الجائعين
فى حديد الفؤوس، في صرير التروس
فى الظهور التى أنشب القهر فيها هوان التحرك
فى الصدور التى ألهب التيه فيها فراغ التملك
فى الجفون التى أخفت الدمع فيها ضباب التبرك
فى الدجي فى انفلاق الصباح
فى الأسى، فى احتراق الجراج
فى فم الغاشمين وهم يعلكون رفات الحقوق
فى الرشا وهى تتغو لحياتها فى ضمير غريق
فى بغايا العيون اشتهى جفنها نعش كل السنابل
فى الضحى تسرق النور مني
من الكادحين حفاة المناجل، فى احتضار السلاسل
فى انتفاض المعاول، فى ارتفاع الصدى الحر من نابه
فى جراح البلابل، فى الفقير الكسير
انتشت فى يديه مناحات لقمة
فى الشجى وهو يسقى الشجى فيه
أشلاء طيف لنعمه، فى الشذى المستكين
فى سفوح السنين، في يد الفجر
ينقض يذبح بالنور هذا الظلام
شق أعتى شراع، بحر هذا الضياع
ماخرا بالسفن، كل هذا الأنين
وهو رغم السكون لم يزل هادرا فى الربى والبقاع
مستمر الصراع، فى صدى كل نبرة، فى مدى كل ذرة
بوقه مستمر الزئير، فاسمعي صوته طارقا كل باب
وانهلي نوره من وراء الحجاب، يا ورد البقاع
يا حصون القلاع، كبري واصبري وازحفي
وارشقي كل ليل بلمح الشعاع
واسحقي كل لج بسبح الشراع لا تقولي الوداع.
يا حقول أشربي واغرسي واقطفي من يديه جناه
يا سهول اسمعي أرغن السد والشمس غنت ذراه
يا تراب الربى ساحق الذل فى كل درب يدوي صداه
يا حماة العرين بأسه صاعد في جميع القلاع
فازحفي بالشراع لا تقولي الوداع
يا حصون القلاع، كبري واصبري
وازحفي بالشعاع لا تقولي الوداع
……………………………………………………………………………………………………………………..
قصيدة (أغلى شعاع) كما غنتها مطربتنا الكبيرة (شادية) …
فوق صدر الضحى مال أغلى شعاع
واهبا عمره لليالي شراع
في ظلال الغيوم في طريق السنين
نوره لا يغيب عن جميع العيون
فهو حيّ السكون رغم صمت الحياة
يلهم السائرين كل يوم ضياه
يا ضفاف انشري عطره في البقاع
و ازحفي بالسنا لا تقولي الوداع
يا حقول أشربي اقطفي من يديه جناه
يا سهول اسمعي السد والشمس غنت ذراه
يا تراب الربى ساحق الذل عات صداه
يا حماة العرين يا خطا الثائرين
بأسه صامد في جميع القلاع
فازحفي بالشراع لا تقولي الوداع
فهو لليلي مازال يعطي الشروق
وهو للركب ما زال يهدي الطريق
و هو في كل وجه يرد الكرامة للصاغرين
وهو في كل أرض لهيب ونار على الغاصبين
فلنسر في خطاه فهو فينا حياة الحياة
و هو فينا الإباء المطل بكل الجباه
وإذ ساعة النصر دقت بسمع البطاح
ورنّ الأذان على القدس يغسل كل الجراح
فهو هادي الشراع وهو سر الشعاع
يا زهور الربى يا عطور البقاع
لا تقولي الوداع