يزن خليل .. صعود نحو القمة باجتهاد
كتب : مروان محمد
موهبة تمثيلية متميّزة، عبر شخصيته المميزة وأدائه المتنوع في قلب الدراماالسورية، ومن ثم فقد استطاع فرض حضوره ليضع لنفسه مكانة بين النجوم الشباب، عبر توليفة من العديد من الأدوار المتميزة التي لعبها، كشفت موهبته التمثيلية عن انتقاله بسلاسة بين مختلف الأنواع الدرامية، وهو في ذات الوقت يرى أن التنوع في التمثيل صفة رئيسية من صفات الممثل المحترف، ومن المهم أن يكون شاملاً في أدواره قدر المستطاع، وهذا التنوع بحاجة لمجموعة عوامل مساعدة، من أهمها التوسع في طبيعة الأدوار المعروضة عليه.
عندما نقول (يزن خليل) فإننا نتحدّث عن حالة نموذجية تخص الممثل الذي يملك قدرات خاصة، وعيناً مدركة، ورشاقة أدائية، وحيوية داخلية، ومهارة في الابتكار على مستوى فردي تعنى بشغله كممثل، كل تلك السمات تجعله يمتاز عن غيره من أقرانه من الشباب، عدا عن أنه ينتمي لمدرسة الأداء الجواني التي تركز على عوالم الشخصية النفسية وتحرض القبض بحزم على مفاتيح خاصة تسلك درب الإقناع، بعيداً عن الإفراط في المبالغات، إنما الإلمام بالمعارف التي يتطلبها الشغل الإبداعي.
ولد يزن خليل عام 1991، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2011، وقدم أكثر من عشرين عملاً، نذكر منها (الولادة من الخاصرة – 2011، سكر وسط، وياسمين عتيق – 2013، بواب الريح – 2014، حرائر، والغربال 2 – 2015، لست جارية، وعطر الشام، وخاتون – 2016، أهل الغرام، والغريب” عام 2017، هوا أصفر، وناس من ورق، وعن الهوى والجوى – 2019، سوق الحرير، وبروكار – 2020، إضافة إلى (بورتريه، وحارة القبة)، كما له العديد من المشاركات السينمائية، منها (يحدث في غيابه) مع المخرج سيف الدين سبيعي، و(البحث عن جولييت) مع المخرج زهير قنوع، و(الحبل السري) مع المخرج الليث حجو، و(غربة) للمخرجة نادين تحسين بيك، ومن مسرحياته (بار في شارع الحمرا، طميمة، روميو وجولييت، بعباع الطماع).
التنوع في التمثيل صفة رئيسية من صفات (يزن خليل) والتي يحرص عليها كممثل محترف، فمن المهم أن يكون شاملاً في أدواره قدر المستطاع، وهو في ذات الوقت يشير إلى أن هذا التنوع بحاجة لمجموعة عوامل مساعدة من أهمها التوسع في طبيعة الأدوار المعروضة عليه، ومن هنا فلا يخفي صاحب شخصية (صياح) في (عطر الشام) وجود عائق رئيسي يمنع الممثلين من تحقيق هذا التنوع وهو استسهال بعض المخرجين لاختيار ممثلين سبق لهم وأن لعبوا أدواراً مماثلة، وعدم المغامرة بإسناد أدوار جديدة لهم والتي من الممكن أن تظهر إمكاناتهم بشكل مختلف.
وتشكل المتعة بالنسبة إلى (خليل) الذي عرفه الجمهور في مسلسل (سكر وسط )هدفاً رئيسياً في أي دور يؤديه، ولكن دائماً هناك أدوار تحقق شرط المتعة أكثر من غيرها معتبراً أن شخصية (شفيق) بمسلسل (هوا أصفر)، تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، حققت له مستوى عالياً من المتعة ونقلة نوعية له في الدراما.
يلتزم خريج (المعهد العالي للفنون المسرحية) الفنان الشاب (يزن خليل) بوصايا عرّابي مهنة التمثيل في العالم، وخاصة المعلّم الروسي (فسيفولد مايرهولد)، من خلال الدراسة الوافية لدوره قبل البدء في أدائه، وابتعاده عن استنساخ الشخصيات التي يلعبها كما كتبت على الورق، بل بإضافة منكهاته الإبداعية، كما يراقب حركات جسده بما فيها حركات يديه، إلى جانب ذلك يعرف (خليل) ما يملكه من مقدرات تعبيرية في عينيه، لذا فإنه يلعب بهما مع صوته كموّلد أداء ينجز الإقناع ويترك أثره البليغ عند المتلقي، مع احترامه لضبط وإدارة المخرج، من دون بخله بالاقتراح والاجتهاد، ومحاولة تعميق ما بين يديه.
نجم (سكر وسط) دخل تحد مهم في الفن السابع، بعدما جرّب الشغل السينمائي في أفلام قصيرة، حيث يقف للمرة الأولى كبطل لفيلم روائي طويل هو (يحدث في غيابك) (كتابة سامر إسماعيل وإخراج سيف الدين السبيعي)، إذ يتقاسم البطولة مع الممثلة اللبنانية ربى زعرور، ويلعب فيه دور صحافي تختطف زوجته وابنه الرضيع، فيقرر اختطاف سيدة لا يعرفها بنية إجراء تبادل وسرعان ما تنقلب المنقلة وتختلط المشاعر بين الثنائي بطريقة رمزية عميقة تعبّر عن الوجع السوري.
عن واقع السينما في سوريا يقول (يزن خليل): نحن لا نملك سينما سورية إنما نملك تجارب، وهى محكومة بكل ما يحاصر البلد من فساد ومحسوبيات، وعندما أتحدّث على مستوى مهنتي كممثل لدينا آلاف الممثلين لا يملكون في سيرتهم الذاتية ولا فيلماً واحداً، بينما في المقابل هناك حفنة من الممثلين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، قدموا عشرات الأفلام خلال مسيرتهم، بمعنى أن الفرص تذهب لأشخاص معينين بشكل دائم، علماً أنه نتيجة شح الإنتاج، يجبب عليك أن تفتح الفرص للجميع.
وعن إمكانية أن تكون المقاطعة الثقافية سبباً في تراجع صناعة الفن السابع في سوريا، يقول يزن: الفيلم السوري طموحه أن يصل إلى المشاهد السوري أولا، قبل أن يكون هناك رغبة بالعرض في المهرجانات وحصد الجوائز، الموضوع يحتاج مقومات ومفردات تشكّل بمجملها حالة حياة سينمائية تبدأ من صالات العرض الصالحة، في القاهرة مثلاً، هناك مئات الصالات وكم هائل من الأفلام والمنتجين والنوعيات المتباينة بين شبّاك التذاكر والأفلام ذات القيمة المعرفية والنخبوية، كل الأنواع تقدّم وكل شرائح الجمهور تتعاطى السينما!.
ويضيف خليل: عندما نصل إلى هذا الشكل، عندها نفكر بأن نكون حاضرين وفاعلين، فلا يمكن تعليق مشكلة السينما السورية على الحصار الثقافي، عندما تصنع مادة جيدة أينما تعرض ستحقق حضوراً كافيا، ومعظم التجارب التي حققت قفزة نوعية من الحضور العالمي هى تجارب مغرقة في المحلية تهم جمهور بلدانها في الدرجة الأولى ومشغولة بتقنية رفيعة المستوى.
وعن واقع الدراما السورية يقول: يشبه هذا الواقع من وجهة نظري كخريج المعهد العالي للفنون المسرحية: واقع جميع قطاعات العمل في سورية فتحسنه وتطويره مرتبط بالوضع العام، لافتاً إلى أن هناك مواسم تدعو إلى التفاؤل من حيث الكم والنوع وجودة التسويق ولكن التعافي التام بحاجة إلى مزيد من الوقت والعمل الجاد من الجميع للنهوض بهذه الصناعة الوطنية المهمة.
ويبقى الفنان خليل متفائلاً بمستقبل الدراما السورية ولا سيما بوجود طاقات بشرية في جميع المجالات الفنية التي هى طاقات ساحرة وقادرة دائماً على خلق ما هو جديد ومتميز، ولكنها بحاجة إلى رعاية جدية لكي تكون مثمرة ومفيدة بحسب رأيه، وعلى الرغم من تنوع أدواره الدرامية إلا أنه لم يشارك في أي عمل كوميدي حيث أوضح أن النصوص الكوميدية التي قدمت له لم ترق إلى المستوى المطلوب فهناك شح فيها متمنياً أن يكون القادم من هذه الأعمال أجمل.
جدير بالذكر بأن (يزن خليل) قدم تجربة سينمائية جديدة، حيث خاض بعد فيلم (يحدث في غيابك)، تجربة أخرى في الفيلم السينمائي (البحث عن جولييت) تأليف وإخراج زهير قنوع، وأدى فيه شخصية شاب لم يحصل على فرصته، فهو ممثل وشاعر غير معروف، يحب زوجته كثيراً ولكن تحدث خلاقات بينهما ولا يلبث أن يقوده الشك إلى فعل بعيد عنه تماما ولا يشبهه في الحياة، والفيلم يتناول في إطاره العام موضوعاً إشكالياً وحساسا هو التنمر والتحرش، وقد شاركه البطولة عدد من الفنانين: نانسي خوري، غابريل مالكي، ريام كفارنة، رُسل الحسين، المغنية نور خوري والفنان معتصم النهار.
أما على صعيد الدراما التلفزيونية فقد أدى دوراً محورياً في مسلسل (بروكار) إخراج محمد زهير رجب وتأليف سمير هزيم، حيث جسد فيه شخصية (عصمت) طالب سنة أخيرة طب بشري وهو شاب شهم يشبهه أهالي الحارة بجده المناضل، يعيش قصة حب مع (بثينة) ويخوضان معا مغامرة مشتركة وسط رفض الأهل لعلاقتهما، والعمل بشكل عام يحمل طابع الدراما الرومانسية البوليسية وتدور أحداثه ضمن إطار البيئة الشامية في حارة تضم مشغلاً لقماش البروكار المصنوع من خيوط الذهب والفضة، وقد بدا (يزن خليل) محترفا في الأداء بهذا المسلسل، وقدّم، وما زال يقدم، أهم الأدوار بحالات مختلفة لا تشبه بعضها بعضاً، تماما كما أطلّ بدور متميز في “سوق الحرير”، تناغمَ مع زينة في (بروكار) بشخصية الدكتور (عصمت)، وظهرا كعاشقَين تركا بصمةً عند الناس، رغم ضعف العمل من ناحية القصة إجمالاً.. ومن جانبا في بوابة (شهريار النجوم) نبعث بتحية للفنان الشاب (يزن خليل) متمنين له مستقبل أفضل في عالم التمثيل.