(أنا قلبي إليك ميال) .. أغنية فضلها الموجي لـ (فايزة) بدلا من زوجته
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام ذكرى صوت الكراون (فايزة أحمد) التى رحلت عنا في مثل هذا اليوم (21 سبتمبر 1983)، وكانت الراحلة صاحبة صوت واضح الملامح، مميز النبرات، مملوء بشحنة انفعالات وأحاسيس، عندما تستمع لغنائها تنجذب إلى صوتها، حيث تدفئك فى حضن أدائها وصدق تعبيرها، وكانت الراحلة بشهادة من عاشرها تحمل فى قلبها كل طيبة الأطفال، ونقاء ضمائرهم، وعفوية سلوكهم، ولأن مشوارها كان صعبا ومريرا فإنها كانت تثور بشدة وتدافع بقوة عن كل ما يخص فنها، ففى نهاية الخمسينات ذهبت إليها (أم كلثوم) لتستمع إلى صوتها وتستعيد غنائها وتميل برأسها مع نشوة الاستماع وهى تقول: كمان يا فايزة، كمان يا كروانة!.
من طرائف مشوار فايزة أحمد أن أغنيتها (أنا قلبي إليك ميال) التى حققت لها شهرة مدوية في مصر والعالم العربي، لم تكن لها في الأساس، فقد كتبها الشاعر الغنائي (مرسي جميل عزيز) للمطربة (أحلام) التى كانت زوجة للموسيقار محمد الموجي في منتصف الخمسينات، والتى أحبت أن تقدم أغنية جديدة تقترب من نجاح أغنيتها الشهيرة (يا عطارين دلوني) التى لحنها باقتدار الموسيقار المظلوم (محمود الشريف) ورددها الشارع المصري كله، وبالفعل لحن لها (محمد الموجي) أغنية (أنا قلبي إليك ميال) على هذا الأساس لعل وعسى تحقق أو تقترب من نجاح أغنية (يا عطارين)، وبدأت (أحلام) تحفظ اللحن، وتصرح في الجرائد والمجلات الفنية مثل (الكواكب، والاثنين والدنيا، والجيل) عن أغنيتها الجديدة (أنت وبس اللي حبيبي)!.
لكن حضور(فايزة أحمد) ونجاح وصلتها الغنائية فى أول حفل لها فى سينما (الهمبرا) بالإسكندرية فى شهر مارس عام 1956 ، والتى غنت فيها أكثر من أغنية شامية، غير كل الموازين، وأصبحت المطربة الجديدة حديث الوسط الغنائي كله، والكل يريد التلحين لها، لكن المطربة الجديدة كانت قادمة وعينها على الملحن الشاب (محمد الموجي)، الذي سرعان ما تعرفت عليه، وأصرت أن تأخذ منه لحنا جديدا، لأنها من أشد المعجبات بألحانه وفكره الموسيقي، ووقع الموسيقار الشاب في حيرة، ماذا يلحن لها وأي كلمات؟! وفجأة تذكر كلمات ولحن أغنية (أنا قلبي إليك ميال) فأسمعها اللحن، فطارت به، وأصرت على غنائه، فطلب منها مهلة يومين لكي يقوم بإعادة تلحين الأغنية لتتناسب مع صوتها، حيث أن مساحات صوتها تختلف عن مساحات زوجته المطربة (أحلام).
وبالفعل غنت (فايزة أحمد) اللحن لتصبح بين ويوم ليلة حديث مصر والعالم العربي، بعد أن كانت حديث الوسط الغنائي فقط، لكن ما فعله (الموجي) لم يمر مرور الكرام في منزل الزوجية، فقد غضبت منه زوجته (أحلام) لأنه أخذ أغنيتها، وأعطاها لمطربة أخرى، لكن (الموجي) استطاع إحتواء الموقف ووعدها بلحن آخر أجمل!، لكنها لم تنس له أنه فضل عليها (فايزة أحمد) وكان هذا اللحن أحد أسباب الطلاق بينهما فيما بعد.
وبعد النجاح المدوي لأغنية (أنا قلبي إليك ميال) أصبح الموجي تميمة الحظ بالنسبة للمطربة الوافدة، فلحن لها (يا مه القمر على الباب) ليكمل النجاح، فصعد هذا اللحن بالمطربة إلى القمة، حيث حقق نجاحا فاق نجاح أغنيتها السابقة، وأقبلت عليها السينما، وأصبحت (فايزة أحمد) مطربة شعبية يعرفها الشارع المصري والعربي، ولا تقتصر فقط على فئة معينة، بسبب هاتين الأغنيتين، وتوالت الأغنيات الجميلة في مشوارها الذي زينه الموسيقار المتجدد (محمد سلطان) الذي تزوجها وأنجب منها ولدين توأم هما (طارق وعمرو)، ولحن لها العديد من الألوان الغنائية المختلفة، فلحن لها القصيدة، والموشح، والأغنية الشعبية والطربية، والمودرن، والاستيل، وفى كل هذه الألوان حققت الراحلة كل النجاح، فمن منا ينسى لهما (رسالة من إمرأة، ، أخد حبيبي، مال على مال، أيوه تعبني هواك، بكره تعرف) وغيرها الكثير.
مقالة بغاية الروعة. اجمل لحنين اعطاهما محمد الموجي لفايزة برأيي هما: حيران وغلطة واحدة….رحم الله الموجي وفايزة واحلام