كتب : مروان محمد
لا شك أن أسوأ الكوميديا هى الكوميديا التي لا تضحك، حتى إذا افترضنا أن لعمل كوميدي ما رسالة فكرية هامة، لكن أحداثه وشخصياته لا تضحك، فإنه سيفشل حتما، نجح (موليير وبومارشيه وماريفو) وخلدت أعمالهم ليس لأنها تحتوي رسائل اجتماعية ناقدة، ولكن لأنها تضحك، والعمل الكوميدي الناجح، سواء كان رواية أم مسرحية أم فيلما أم مسلسلا تلفزيونيا، هو الذي يحترم قيم معظم المشاهدين، ويتجنب جعل السماجة دافعا للإضحاك، لأنها إذا أضحكت فإنما هى تضحك شريحة ضيقة من المشاهدين، وليس الغالبية العظمى من الناس.
ونجمنا هذا الأسبوع في باب (نجوم على الطريق) الفنان الشاب ( محمد ثروت) هو من النوع الذي يجلب الضحك من القلب، فالضحك معه يجعلك تشعر بشعور أفضل، بل إن الضحك عنده يعد شكلًا رائعًا من أشكال تخفيف الضغط النفسي، وهذه ليست مزحة، لأنه فنان يملك القدرة الفائقة أن يمنحك ضحكه آثارا طويلة المدى، وليس هذا فحسب فإنه عندما تبدأ بالضحك، فلا يقتصر دوره فقط على تخفيف الأعباء التي تصب على العقل، بل يحفز أيضا على حدوث تغيرات جسدية لديك، فتتحسِّن الابتسامة لديك وتزيد من استنشاق الهواء الغني بالأكسجين، وتحفز القلب، والرئتين والعضلات، وتزيد الإندورفين (المسكِّنات الطبيعية) التي يقوم الدماغ بإطلاقها.
إنه مانح السعادة وأحد صناعها حاليا (محمد ثروت) الذي دخل الفن على الرغم من عدم تشجيع أهله لدخوله هذا العالم الساحر، لكنه قرر أن يسعى وراء حلمه وهو (التمثيل)، حيث كان يملك الموهبة و(خفة الدم) التي تؤهله للظهور على الشاشة، وهو ما استخدمه لتعليم الأطفال لغة التخاطب، حيث يجيد الرسم والكتابة والتفاهم بشكل (كوميدي) مع طلابه، وهو من الفنانين الذين إلى وقت قريب كانوا غير ظاهرين إعلاميا رغم أعمالهم وبصماتهم الواضحة في مجال الفن والتمثيل.
محمد ثروت .. ممثل كوميدي يتميز بنبرة صوتية حادة جعلته مميزاً بين أبناء جيله، وقد استطاع فى فترة قصيرة خطف قلوب الجماهير وأصبح اسمه يتردد على لسان الجميع فهو الرجل البلطجى فى (عفاريت عدلى علام)، والمحامى الملتزم ابن بواب القصر فى (مأمون وشركاه)، وشاروخان فى (جحيم فى الهند)، وقد شارك فى بطولة عدد من الأفلام أبرزها (رغدة متوحشة، ساعة صفا،على بابا)، وظهر مؤخرا في رمضان 2020 عبر عالم برامج المقالب من خلال تقمص شخصيات ومهن مختلفة، ببرنامجه (محدش فاهم حاجة)، والذي يعد بمثابة عودة للكاميرا الخفية وضيوف البرنامج من الأشخاص العاديين.
ولد (محمد ثروت) في القاهرة، ووالده هو (ثروت سعيد) بطل مصر وأفريقيا في رمي القرص في ألعاب قوى، وحصل على بكالوريوس في التجارة من جامعة عين شمس، ولكنه فضل الاتجاه إلى عالم الفن فيما بعد، بعدما أن وجد نفسه أكثر في التمثيل، خاصة أنه صاحب دم خفيف ومحبوب ليبحث وقتها عن فرصة لدخول عالم التمثيل من أي باب قد يفتح أمامه، وبعد بحث طويل تم قبوله لتقديم دورا في فيلم (ولاد العم)، حيث شارك ثروت خلال أحداث الفيلم في مشهد النهاية تحديدا، ليبدأ رحلته في عالم التمثيل سواء في السينما أو الدراما بعد سلسلة من الأدوار علي خشبة المسرح مع المخرج خالد جلال، وشارك بعد ذلك في مسلسل (تامر وشوقية) في جزئه الرابع لتكون فاتحة خير عليه.
ظهر في بداياته على الشاشة من خلال أدوار صغيرة، ولكنه يعتبر أن شخصية المحامي راضي عبد التواب، في (مأمون وشركاه) عام 2016 مع النجم عادل إمام، هي نقطة انطلاقته الفنية، وتعرف على زوجته (منى جمال) في الجامعة في كلية تجارة عين شمس، حيث كان كل منهما في مسرح الكلية، فتعارفا ووقعا في الحب وتزوجا، وأصبحت فيما بعد مديرة أعماله ويقول دوما أنها سبب نجاحه ودوما تشجعه وتقول أنه موهوب، كما أنها تخلت عن التمثيل من أجل التفرغ له وللمنزل.
كما شارك (ثروت) في العديد من الأفلام، حيث شارك في فيلم (جحيم في الهند) مع محمد إمام، وحمدي الميرغني، أيضاً (حلم عزيز، 18 يوم)، وفيلم (كلمني شكرا) مع النجم عمرو عبد الجليل، كما له العديد من المسرحيات التي اشترك فيها كمسرحية (قهوة سادة) ومسرحية (علي عليوة)، أيضا شارك في العديد من (الست كوم)، منها (تامر وشوقية، وبدر وبدرية)، كما شارك في كثير من المسلسلات منها (الكبير أوي، لسة بدري،والرجل العناب) كما برز في شخصية (راضي عبد التواب) في مسلسل (مأمون وشركاه)، ومسلسل (نيللي وشريهان)، كما تألق أكثر في شخصية (عربي) في مسلسل (عفاريت عدلي علام)، وأيضا في مسلسل (اللا لا لاند)، ومسلسل (أرض النفاق) مع النجم (محمد هنيدي)، أما عن أشهر المسلسلات التي شارك بها (واكلينها ولعة، والواد سيد الشحات، وسوبر ميرو، واللعبة 2020).
قبل التحاقه بأي عمل فني قرر أن يحاول الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية ومعهد السينما مرتين لكن تم رفضه بالمرتين، وهذا ما جعله يؤكد أن لا يوجد رابط بين الدراسة بالمعهد وبالعمل إطلاقا، فهو قد نجح بالحياة العملية رغم رفض معهد الفنون له، وهذا حدث أيضا مع نجوم آخرين غيره، وبدأ في الحصول على شهرة أكثر عبر نبرة صوته الحادة ومميزة فضلا عن امتلاكه ضحكة مختلفة تعرفه من صوته وقهاهاته في أي مكان.
على غرار إبراهيم نصر وحسين الإمام وإبراهيم يسرى، قدم الفنان محمد ثروت في رمضان 2020، بجانب الدراما التليفزيونية التي شارك فيها برنامج (محدش فاهم حاجة)، ليعيد نوستالجيا الكاميرا الخفية التى ارتبط بها الجمهور قبل سنوات، وقد أكد (ثروت) أن التجربة كانت مميزة وجعلته يقدم العديد من الكاركترات الكوميدية، إلا أنها عرّضته لمواقف صعبة، ومع ذلك يرى أن الكوميديا تتطور وتختلف مثل الموضة، كل جيل ينجذب للضحك بطريقة معينة، وعلى الكوميديان دائما أن يجدد من نفسه، وينزل الشارع، ليتعامل مع الشباب والأطفال حتى يستطيع التواصل معهم بأسلوبهم، الكوميديان يظل (طول حياته يتعلم)، ويزيد من ثقافته ورؤيته ويجالس كافة الفئات، على حد قوله.
وعن تجربة برنامج المقالب قال: بداية المشروع كانت من خلال المنتج طارق فهمى، عرضها على، وكان هدفى الرجوع لنوستالجيا البرامج التى قدمها الأساتذة (إبراهيم نصر وإبراهيم يسرى وحسين الإمام)، كنا نريد الرجوع بالمشاهد لهذه الحلقات بمواقف مشابهة، وكانت فكرة جديدة لم أتخوف منها وجلسنا على تطويرها وتحليل أفكارها لوقت طويل، وكانت النتيجة (محدش فاهم حاجة) والذي جاءت مواقفه واقعية وتميزت بالحضور الذهنى، لأنها قائمة بالكامل على الارتجال، الفكرة مكتوبة، لكن الموقف حسبما أعيشه مع الجمهور، وهو أمر استفزنى لأنه ساعدنى كممثل على تجسيد عدة كاركترات، مثل الجزار والمكوجى والطبيب وعامل البيتزا والبائع فى محال الملابس.
وعن البطولة المطلقة يقول (محمد ثروت): اعتذرت عن البطولات المطلقة فى أكثر من عمل سينمائي، لأن العمل الفني لابد وأن يكون جماعياً حتى يصب فى مصلحة الجمهور من خلال تواجد العديد من النجوم عكس ما يقوم ببطولة العمل ممثل واحد فقط، والمعروف أن غالبية أفلام زمن الفن الجميل كانت بطولة جماعية شهدت مشاركة كوكبة من النجوم، منهم (فريد شوقى ومحمود المليجى وسامية جمال وتحية كاريوكا وزهرة العلا وتوفيق الدقن) وغيرهم فى عمل واحد، لذا أنا مقتنع تماما بالعمل الجماعي الذي يبرز قدرات مختلفة في الأداء التمثيلي الذي يستمتع به الجمهور في النهاية عبر نماذج وشخصيات مختلفة.
وعن الأدوار التي يتمنى تجسيدها يقول الفنان الكوميدي (محمد ثروت): أتمنى تقديم العديد من شخصيات السيرة الذاتية، حيث قدمت من قبل سيرة ذاتية من خلال مسلسل (كاريوكا) بطولة الفنانة وفاء عامر، وقدمت ضمن أحداثه شخصية المخرج الكبير صلاح أبو سيف، وذلك بسبب تشابه الشكل بيننا، وقمت بدراسة الشخصية من خلال الجلوس مع (محمد) نجل صلاح أبو سيف لخروجها على أكمل وجه، وطبعا تم ذلك عبر قراءة العمل جيدا، لكن الدور لابد وأن يستفزنى فنياً وأن يكون إضافة إلى مشوارى الفني ويكون غير مكرر، وبالنسبة للتمثيل (الكوميدى) أشعر بأن الكوميديا (بيتى الأول) حتى أكون سبباً لرسم البهجة على وجه الجمهور.. ونحن بدورنا نتمني كل التوفيق والنجاح لـ النجم الواعد (محمد ثروت) الذي ينطلق انطلاقة كبيرة على طريق النجومية بثبات وثقة بأداء كوميدي باعث على البهجة.