اليتيمتين .. فيلم بالأمر المباشر!
بقلم : سامي فريد
الفيلم ميلودراما من التراجيديا فاقعة السواد في الأغلب لولا أغنيتان تغنيهما ثريا حلمي وفاتن حمامة، وسنسميه فيلم المصادفات المحبوكة!
مخرج الروائع حسن الإمام يعمل مديراً فنيا.. ومديرا فينا لأي شيء؟.. أرجوك فليس هذا مجال مجال السؤال.
والحوار أبو السعود الأبياري لا تترك لك الفرصة لالتقاط الأنفاس، معظم الفيلم من الممثلين مجموعة متميزة اختارها حسن الإمام بعناية.. فيها فاتن حمامه وثريا حلمي (اليتيمتان) ثم عبدالعزيز أحمد وعزيز حلمي وصلاح منصور وزكي إبراهيم (عجوز كل الأفلام) ونجمة إبراهيم وفاخر فاخر ونعيمة الصغيرة ورياض القصبي ونبيل الألفي وعبدالعزيز أحمد ومحسن حسنين ومحمد علوان، ثم الإذاعي المعروف ثم جمالات زايد.
أغلب المشاهد في الفيلم لكل الممثلين تقريبا قصيرة غير نجمة إبراهيم وفاخر فاخر وبشكل نسبي عزيز أمير ونبيل الألفي.
وتجري أحداث الفيلم مع بعض التجاوزات الفنية التي ربما رأها المخرج وكان السيناريو نوعا من زخرفة الميلودراما في الفيلم.. والقصة كما كتبها هنرى بركات تقول إن الشابة عزيز حلمي قد تزوجت على غير رغبة والدها الوجيه زكي إبراهيم.
تزوجت من شاب من أسرة فقيرة فانتزع منها طفلتها وهى في فراش الولادة لتضعها على باب المسجد للتخلص منها.. ولا تستعجب ولا تندهش إن رأيت المسجد ملتصق الحائط بالحائط في بيت الوجيه، وللعجب أيضا فيضع الطفلة على درجات المسجد ثم يدخل ليصلي ويستغفر ربه حتى يجدها بعض الفلاحين ويتساؤلون ماذا سيفعلون بها حتى يقترح عليهم الوجيه البيك أن يربيها أحدهم ثم يضعها في يدى عبدالعزيز أحمد لتربيتها بعد أن رأه أن فكرة إرسالها إلى الملجأ ستحتاج وفتا وسفرا.
ثم تكبر البنتان في حب يفوق حب الشقيقتين.. لعب ولهو ومرح وغناء في عز الوالد وحنان الأم جمالات زايد التي تكتشف أن في ملابس الطفلة خمسين جنيها.. ولم يفكر واحد وربما لأن السيناريو أو هذا ليستمر الفيلم..
وفجأة وبدون توقع تفاجأ بأن الأب تصدمه سيارة فيموت وهو يوصى ابنته الشرعية ثريا حلمي (سنية) بأختها فاتن حمامة (نعمت) لتعاملها كشقيقتها تماما.. فتعرف أنها كانت تعرف ومع ذلك فالحب الشديد بين الاختين مستمر.
ثم يظهر أول إنذار الفيلم وهو هنا رياض القصبجي صاحب المطحنة ليتقدم للزواج من نعمت التي تندهش قائلة: لكن أنا من دور ولادك.. ويرد هو بكل برود: وماله.. أنا راضي.. لكن أحدأ لم يضحك على النكتة!..=
ولم تجد البنتان سوي الهروب من القرية إلى طنطا عند قريبة لهما ومن طنطا تسافران إلى القاهرة بعد أن تكونا قد اشتغلتا بصنع المناديل للاسترزاق حتى تصاب عيني نعمت بضعف البصر وتقضي على أي أمل فيهما قطرة النشادر بالخطأ لتصبح كفيفة تماماً.
ثم لا تعرف من أين جاءتا بالمال لعمل العملية المستعجلة لفاتن في القاهرة بعد فشل طبيب عيون طنطا الذي أوصى بإجراء الجراجة في القاهرة.. وفي القاهرة تبدأ المأساة.. فتفترق الأختان عن طريق الخطأ في ركوب القطار.. فاحدهما (سنية) تترك (نعمت) في قطار القاهرة بعد أن اكتشفت أنها قد نسيت باقي ثمن التذكرتين عند المحصل.
وتعود مسرعة لتستقل القطار فلا تجد أختها التي أنزلها الركاب لأنه قطار الإسكندرية.. ثم نرى فاتن حمامة على أحدى كنبات المحطة بنظارتها السوداء تنتظر شقيقتها التي ربما تأتي في قطار الثامنة كما أخبروها.. لكن الشقيقة تركب بالخطأ قطار الإسكندرية لتقع في براثن القواد صلاح منصور الذي يشير عليها أن تركب سيارته ليعود بها إلى القاهرة.. ثم وفي الطريق (لا نعرف لماذا) يحاول الاعتداء عليها ونسأل أنفسنا ومادامت هي مستسلمة لكلامه المعسول لم يذهب هو بها إلى بيته.
وفي الطريق تهرب منه لكنه يطارها.. وتستغيث هى بسيارة تحاول إيقافها لكنها لا تقف فيلحق بها صلاح منصور وهي تقاومه وتصرخ ولكن جمهور السينما لابد قد استرد أنفاسه عندما رأى السيارة تعود لينزل منها نبيل الألفي الذي يخلصها من يدى صلاح منصور لتركب معه وكأنها لم تتعلم شيئا من ركوب السيارات مع الغرباء.. ويسألها إلى أين كانت ذاهبة فترد بأنها كانت تريد الذهاب إلى القاهرة إلى شقيقتها التي تركتها في المحطة ويرد الألفي بأنه عائد إلى الإسكندرية لكن (معلش في الإسكندرية) ستركبين القطار إلى القاهرة.
ولكي تكتمل المأساة ففي المحطة تكتشف أن قطار الثامنة قد غادر المحطة ولم يعد أمام سنية سوى ركوب القطار الصعيدي (هكذا) الذي سيصل إلى القاهرة عند الفجر!
ولا تسأل كيف ستنتظر الكفيفة 24 ساعة جالسة على معقدة في المحطة دون طعام ولا ماء، لكن يظهر لها الإنسان الطيب (فاخر فاخر) الأعرج بسبب شقيقه البلطجي محمد علوان.. وهو يبيع الجرائد والمجلات في المحطة.. وفي المحطة يكتشف وهو يعرض على نعمت بعض المجلات لتسليتها حتى تعود شقيقتها فيكتشف أنها كفيفة ويحمد الله أنها لم تعرف أنه أعرج!! وبالمناسبة فهو واحد من أبدع أدوار فاخر فاخر.
قصة الهلهلية
لم تظهر في الأحداث قصة الهلهلية (نجمة إبراهيم) والدة فاخر فاخر وهى لا تفيق من السُكر.. لتسأله لماذا يجلس إلى جوار هذه الأمورة فيخبرها بأنها عاجزة نظر وتجدها الأم فرصة فتسحب البنت إلى بيتها بحنان كاذب لتقضي الليل معهم وتلبس جلبابا تختاره لها (آخر قيافة) ونرى فيه القطوع والرقعات فيما هيى تسرق فستانها لتضفعه في دولابها.
وتبيت نعمة على الحصيرة في البرد ولا تتعشى وفي الصباح تسحبها فضة معها لتبيع أوراق اليانصيب في الشوارع وترفض نعمت لكنها تجد نفسها مضطرة لأن تسمع كلام فضة وإلا من أين ستأكل وتعيش وليس معها بحسب بها إلا الأعرج الذي تكتشف أنه يخاف من أمه فالأمرة كلها تخافها..
وتبوء كل محاولات حسونة (فاخر) لتهريب نعمت حتى تساعده الراقية اليتيمة التي تعيش مع البلطجي دون زواج.. تساعد في تهريب نعمت.
ولن تفاجأ.. فهكذا أراد السيناريو أن يظهر من جديد البطل نبيل الألفي ليسأل سنية إن كانت قد عثرت على أختها ويسألها أن كانت نعمت قد عادت إلى البيت ويعرف أنهما من طنطا وهي بلده.. ونعرف من الفيلم أن الألفي هو ابن شقيق عزيزة حلمي أم نعمت لكنه لا يعرف هذه الصلة حتى تكتشف العمة انشغال ابن شقيقها بحب جديد وتسأل من هي فيقول أنها من طنطا وأنها تبحث عن شقيقة لها تركت في المحطة ولم تجدها.
وتهتم العمة وتذهب معه إلى مشغل الخياطة الذي تعمل فيه سنية لتسألها من هي فتعرف أنها ابنة الشيخ عبدالعزيز مستأجر المطحن فتعرف الأم فورا أن شقيقتها نعمت هي ابنتها، ويبدأ الخير يتحرك لمواجهة الشر ولأول مرة نجد فاخر فاخر المستسلم دائما وهو يدخل معركة مع شقيقه البلطجي، ويدور بدراجة أنحاء القاهرة ينادي على سنية ليخبرها بأن نعمت عندهم، ويلتقى سنية ويخبرها بالحقيقة وتقول الراقصة المضطرة للعيش مع هذه الذئاب البشرية أن الليلة هي ليلة زفاف نعمت إلى البلطجي محمد علوان وذلك حتى لا تتهم بخطفها.. وكيف ذلك وهى زوجة ابن فضة.
ولا تعجب للمرة الرابعة عندما تذهب سنية (ثريا حلمي) ومعها كل زميلات مشغل الخياطة إلى ليلة الفرح وتكتشف في الفرح راقصتان وفرقة موسيقية تدق على القانون والعود والناي من فتيان المشغل وثريا حلمي ترقص أكثر من رقصة أحداهما ببذلة الرقص ويسرع حسونة (فاخر فاخر) إلى حيث مكتب نبيل الألفي ليساعدهم في استدعاء الشرطة، وتقل الراقصة البلطجي وتقبض الشرطة على المجرمين وتنزل كلمة النهاية على فيلم من إنتاج لوتس فيلم، وإخراج مخرج الروائع..
سيعجبك الفيلم بشرط أن تكفى عن أسئلتك المحرجة.