ورده : بليغ راح لكن فنه سيعيش طويلا
كتب : أحمد السماحي
ونحن نحيي الذكرى الـ 27 لرحيل النغم الخالد عبقرى الموسيقى المصرى (بليغ حمدى)، الجامع بين القديم والجديد في عالم موسيقى فريد ومبتكر، عشقه منذ نعومة أظفاره فلم يترك بابًا يأنسُ من ورائه شعاعًا من فائدةٍ فنّيةٍ إلاّ وَلَجَهُ، فبدا لحنه في شكله العام سهلا ممتعا وشجيا بينما جوهره يمتاز بالجذالة التى لاتفقد حداثتها، واعتمد في تكوين خبراته الموسيقية على الموسيقى الشعبية المصرية والفولكلور المصري ولاسيما الفولكلور الصعيدي، كما اهتم أيضاً بالفولكلورالشامى، فضلا عن درسته العميقة لعلوم الموسيقى الأوربية بما فيها الهارموني والتوزيع الموسيقي.
وإذا كان “زرياب” تلميذ “اسحاق الموصلى” قد زاد في أوتارعوده وتراً خامساً فاكتسب به ألطَفَ معنى وأكمل فائدة وأدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة قبله، فإن بليغ حمدى استطاع أن يستوعب كل ذلك ويضيف آلاف من الأوتار التى تعزف على إيقاع المشاعر الإنسانية الرقيقة.
اليوم نتوقف أمام شهادة مطربتنا الكبيرة (وردة) التى كانت حب بليغ حمدي الأول والأخير، فرغم أنه تزوج قبلها أكثر من مرة، إلا أن قصة حبه لوردة كانت مثل قصة حب (روميو وجوليت) خالدة وتعتبر أطول زواج للطرفين، حيث عاشا مع بعضهما من عام 1973 إلى 1979، ولحن لها ما يقرب من 200 أغنية سواء فى الأفلام أو المسلسلات أومن خلال أوبريت (تمرحنة)، كان بداية اللقاء من خلال أغنية (أحبك فوق ماتتصور، ويانخلتين فى العلالي) فى فيلم (ألمظ وعبده الحامولي)، بعدها تتالت الأعمال أشهرها (لو سألوك على، اشتروني، خليك هنا، طب وأنا مالي، إسمعوني، العيون السود، دندنة، أحضنوا الأيام، إيه ولا إيه، حكايتي مع الزمن، حنين، ليالينا)، وغيرها وكان آخر ألحانه لها (بودعك).
وعن بليغ حمدي قالت لي صديقتي المطربة الكبيرة (وردة) فى حوار من حوارتنا معا: بليغ راح واتخطف فجأة !، لكن فنه خالد وسيعيش طويلا، ولقد أحببته كفنان منذ أن استمعت إلى لحنه الأول لعبدالحليم حافظ (تخونوه) فى فيلم (الوسادة الخالية) فى إحدى دور العرض فى دمشق، ومنذ هذا اليوم قررت بيني وبين نفسي أنني لو نزلت إلى القاهرة لابد أن أقابل ملحن هذه الأغنية، وأغني من ألحانه، لأن لحن (تخونوه) كان جديدا فى وقته ويحمل شخصية بليغ حمدي اللحنية، وبعد أن حضرت للقاهرة وتقابلت معه، أعجبتني شخصيته وطيبته ورقته الشديدة، وتزوجنا وعشت معه أجمل سنوات عمري الفني والشخصي، وكنت أستشيره فى كل الألحان التى تعرض على، وكان يقول لي رأيه بصراحة شديدة، لكنه كان عاشقا لألحان (الموجي وكمال الطويل)، وكان يشجعني على الغناء من ألحانهما، وبدوري كنت أقول له رأي فى ألحانه لزملائي المطربين باستثناء سيدة الغناء العربي أم كلثوم لأنها كانت دقيقة جدا وأكثر خبرة مني، وكثيرا ما كان يوقظني من النوم حتى يسمعني لحن جديد لعبدالحليم أومحرم أورشدي أو نجاة أو شادية، ونظرا لعشرتي الطويلة معه أخذت طريقته فى الغناء، وعلى المستوى الشخصي كان (بليغ) طيبا جدا وهادئ الطباع وحالم ولا يعيش على الأرض كان يحلم بالطيران لاصطياد نغم ملون بالشجن.
وأكدت وردة أن أعظم ألحانه لها كان “خليك هنا” الذى رددته مصر فى اليوم التالي للحفله رغم أن الحفل لم يكن مذاعا على الهواء.