رياض القصبجي .. الشاويش عطية الهارب من الثأر!
بقلم : سامي فريد
الصعيدي ابن جرجا.. الكمساري بالسكة الحديد، ثم عضو فريق التمثيل بالسكة الحديد الذي نزح إلى القاهرة مع أسرته هربا من الثأر، ثم إلى الإسكندرية ليدخل الحركة الفنية بعد ذلك، مرة بسبب معرفة بالفنان محمود شكوكو الذي قدمه لفرقة علي الكسار، ثم عمله بعد ذلك في فرقة جورج أبيض ودولت أبيض وفوزي الجزيرلي حتى كان لقاؤه سبب شهرته ونجاح إسماعيل يس المذهل يوم التقى الثنائي.
وبدوا معا سلسلة من الأفلام بدأت عام 1954 بفيلم (مغامرات إسماعيل يس) تلاها فيلم (إسماعيل يس في الجيش) ثم في (البوليس) ثم في (الأسطول)، ثم (إسماعيل بوليس حربي) .. ثم لقاؤهما في فيلم (إسماعيل يس في مستشفى المجانين) ثم (إسماعيل يس بوليس سري) ثم (إسماعيل في الطيران)، ثم فيلم (العتبة الخضراء).
ولن ينسى جمهور السينما مطلقا طلة الشاويش عطية مع إسماعيل يس ولا الكلمات التي كان الشاويش عطية يوجهها للعسكري رجب أو إسماعيل يس مثل: هوه بغبوته ووشه العكر.. أو انت شغلتك على المدفع بررروم؟ أو مخالي شل!
وفي أحدث مشاهد فيلم إسماعيل يس في الأسطول لم يستطع أحمد رمزي التوقف عن الضحك رغم تنبيهات المخرج فطين عبدالوهاب المتكررة له عندما سقط الدهان الأبيض من إسماعيل يس وهو يقوم بطلاء المدخنة على وجه الشاويش عطية الأمر الذي اضطر معه المخرج فطين عبدالوهاب إلى استكمال التصوير مع ضحك أحمد رمزي.
ومن مفارقات حياة الراحل رياض القصبجي هو أنه في إقامته بالإسكندرية جاء سكنه أمام بيت ريا وسكينة.. ولم يكن يعرف أنه بعد سنوات سيلعب دور عبدالعال زوج ريا في الفيلم المشهور!
ويقول عنه ابنه فتحي القصبجي أن والده كان شديد الطيبة والحنان والصبر ويضيف فتحي القصبجي: كان أبي غاية في الحنان والرضا قانعاً بما يأتيه من الرزق.
كن الراحل الفنان رياض القصبجي يمارس رياضة رفع الأثقال والملاكمة.. وبسبب الملاكمة اشترك في مشهد صغير مع علي الكسار في فيلم سلفني 3 جنية وكان أجره في الفيلم 50 قرشا (نعم 50 قرشا) رضى بها القصبجي ولم يتكلم، حتى التقى مع علي الكسار مرة ثانية في فيلم (على بابا والأربعين حرامي) ثم فيلم (نور الدين والبحارة الثلاثة).
لكنه في فيلم (أبو أحمد) أمام النجم فريد شوقي أصيب بمرض نادر وكان ذلك عام 1959 قبل وفاته بعام واحد حيث كان يصور مشاهده في البحر وبسبب الاختلافات الكبير في درجات الحرارة أصيب بشلل نصفي ساعد عليه ارتفاع الضغط عنده فتدهورت صحته فرقد طرح الفراش فترة طويلة حتى غرق في الديون، وكانت أسرته تعيش على ما يأتيها من الإعانات من بعض الفنانين، ولا داعي لذكر الأسماء، لكن المهم هو أن القصبجي عمل فترة طويلة في فرقة إسماعيل يس المسرحية وكان يعتبر إسماعيل يس أخاً له.
وكان القصبجي على رواية ابنه فتحي يعيش في شقة عادية صغيرة في إحدي حواري شبرا، وكان من هواة ركوب الحنطور.. ولم يجمع ثروة في حياته ولا ادخر مالا رغم كثرة عمله في المسرح والسينما، ومع العديد من النجوم منهم فاتن حمامة وثريا حلمي وفاخر فاخر وفريد شوقي وأنور وجدي ونجمة إبراهيم وزوز حمدي الحكيم وغيرهم، وعندما سأل عنه المخرج حسن الإمام وعرف أنه قد بدأ يتعافى من الشلل وأنه غادر الفراش أرسل إليه بطلب ليعمل أمام عبدالحليم حافظ في فيلم الخطايا.. وفرح القصبجي بهذه الدعوة التي أكدت له أنه مازال مطلوباً ومازل محبوباً لكنه أمام الكاميرا لم يستطع الكلام ولا الوقوف فسقط مغشيا عليه وسط ذهول كل العاملين في البلاتوه.
بعد عام من هذه الواقعة وفي يوم 23 أبرايل 1963 لفظ رياض القصبجي أنفاسه الأخيرة وعمره 60 عاما بعد أن قصى سهرة الوداع مع عائلته، تعشى فيها أقراص الطعمية التي يحبها واستمع إلى صوت أم كلثوم التي يعشق صوتها ثم مات وظل جسده راقداً على فراش الموت لا يجد تكاليف الدفن أو الجنازة لولا أسرة المنتج (……..) التي غطت كل التكاليف.
وكانت آخر كلمات رياض القصبجي شريك إسماعيل يس فيما يقرب من عشرة أفلام كثنائي ناجح.. مع عمله في فرقة إسماعيل يس.. هي أن الوحيد الذي لم يزره في فترة مرضه بالشلل ولا حتى حضر الجنازة دون سبب مفهوم!.
وكان القصبجي يردد قبل أن يموت: ليه يا إسماعيل أنا عملت فيك إيه؟ واحنا كنا اخوات.. طب يا أخي تعالى زورني وأنا عيان.. ماكانش العشم يا راجل.
ولم يتول رعاية أسرة القصبجي بعد وفاته سوى فريد شوقي وفطين عبدالوهاب وأمينة رزق.. هكذا يقول ابنه فتحي رياض القصبجي.. وكان هذا أحد أهم الأسباب في انهيار صحته.
أما زواره في أيامه الأخيرة بعد إصابته بالشلل فكانوا نور الدمرادش وتوفيق الدقن، وقد خرجت جنازة رياض القصبجي من شبرا من (حارة حجر) المتفرعة من شارع (قطة) في شبرا، ولم تشهد جنازته أكثر من عشرين شخصاً من أهله وأسرته وجيرانه يتقدمهم الفنان محمد الغزاوي نقيب الممثلين نيابة عنهم الذي حمل باقة ورد يودع بها الفنان.