الورشة.. فيلم النسيان
بقلم : سامي فريد
لم نعرف من هو كاتب قصة هذا الفيلم.. وبالتالي فلم نعرف من هو كاتب السيناريو أو الحوار!!
كل الذي عرفناه هو أن الفيلم من إنتاج شركة أفلام إيزيس عزيزة أمير.. وهو بطول النجم (في ذلك الوقت) محمود ذو الفقار مع عزيزة الأمير المنتجة بالطبع.. ثم أنور وجدي النجم الشاب الصاعد الذي يلعب في الفيلم دور الشرير شقيق عزيزة أمير زوجة صاحب الورشة ستيفان روستي، وهو أيضا وثانيهما في آخر الفيلم وبينها تقع أحداث الفيلم المصنوعة صنعا لتناسب الممثلين النجوم وغير النجوم.. وتناسب بالمرة المخرج!.
ولنستعرض أحداث فيلم (الورشة) بسرعة ونحاول أن نفهمها بما فيها من إيماءات وإيحاءات إلى أشياء ومواقف اجتماعية وسلوكية وإشارات كان يجب التوقف عندها لمساحات أطول مما قدمت فيها بمجرد إشارات عابرة على السنة الأبطال أو بعض الأبطال وبالمناسبة فمعظمهم فيما يبدو من ممثلي المسرح الذين لم نعرف منهم إلا من ذكرنا..
ونعود إلى الورشة.. هى ورشة لميكانيكا إصلاح السيارات وكهرباء السيارات وكل ما يتعلق بهندس السيارات وهى بالمناسبة لا تعدو سيارة أو سيارتين في هذه الورشة الكبيرة لصاحبها الريس علي عبدالرحمن “ستيفان روستي”، ويساعده في إدارتها شقيق زوجته أنور وجدي الشاب المستهتر شارب الخمر ولص خزينة الورشة التي تضم فوق العشرين من العمال في كل التخصصات.
المهم أننا نراهم يعملون في الورشة وكأنهم يعملون في مصنع للساعات وفي ميكانيكا لا نعرف معها لماذا كل هذا العدد من العمال في بلد ليس فيه من السيارات في ذلك الوقت إلا ما لا يزيد على العشرات أو لو كنا متفائلين المئات من الباشوات والبكوات الذين يمكن أن يكون عندهم هذه السيارات التي تبلغ أثمانها فوق المائتين من الجنيهات او أكثر قليلاً.
ثم يبدأ الفيلم بمشهد يظهر فيه الريس على عبدالرحمن صاحب الورشة (ستيفان روستي) وحوله عدد من أصحاب السيارات (أربعة أو خمسة) من الباشوات والبكوات وكلهم بملابسهم الرسمية أما الريس والواجب أن نقول علي بك عبدالرحمن فنراه وقد اعتمر فوق رأسه خوذه قائدي سيارات السباق وقد وضع على عينيه نظارة تقيه رمال الصحراء.. ولماذا؟ لأنه سيقود هذا الرتل من السيارات خلال رحلة صيد عبر رمال الصحراء.
ويبدأ القطيع المسافر وتسير إلى جوار سيارة زوجها قائد الرحلة الفنانة عزيزة أمير حزينة تدعو له بالسلامة.. ويراقب المشهد مشغوفا شقيقها أنور وجدي الشاب الفاسد، وسنرى أنه في المشهد الثاني يخرج زجاجة خمر من المكتب ويسرق من إيراد الورشة ويراقبه أكبر عيالها وأقدمهم وهو الملاحظ وينصحه أن يبتعد عن العبث بمال ولي نعمته لكن الشاب المستهتر ينهره، ثم نرى نتيجة لهذا تراكم السيارات التي تراكمت بغرض الإصلاح الذي لم يحدث وأن أصحابها راحوا من أجل أن يخرجوها من الورشة.. وتكون النتيجة توقف الورشة وعدم حصول عملها على أجورهم ورفضهم العمل ليبدأ الإفلاس.
ولا تجد الأسطى زهرة (أصل اسمها في الفيلم هو زينة) حل سوى أن تسلم ملاحظ الورشة كل مصاغها لبيعه وتسليم العمال أجورهم ليعود العمل إلى الورشة وتبدأ السعادة.
ثم نفاجأ بمشهد لعدد من جرائد وصحف ذلك الزمان عن اختفاء السيارات، ثم العثور عليهم بعد مدة ودعودتهم ماعدا سيارة صاحب الورشة التي يئسوا تماما من العثور عليها.
وتمر السنون وتضطر الأسطى “زهرة” إلى ارتداء “عفريتة” العمال الزرقاء لتصبح واحدة منهم حتى تلتقى بصاحب أحدى السيارات (أحمد بك) أو محمود ذو الفقار، ويرتب المخرج بعض المشاهد الساذجة بين الأسطى زهرة ومحمود بك ويعرف منها أنها ستسافر أو أنه سيسافر (باعتباره – رجلا) إلى الإسكندرية لاستلام آلات جديدة وصلت إلى الميناء، وبالمصادفة (يا سلام) فهو أيضا مسافر إلى الإسكندرية.
ويقترح على الأسطى زهرة الذي يضع الطربوش على رأسه مع “عفرتية” الشغل ليسافرا معا إلى الإسكندرية، وفي الطريق وأمام (الرست هاوس) تتعطل سيارة أحمد بك الذي تصدمه سيارة مسرعة وهو يعاين سيارته، فتسرع الأسطى زهرة إلى إسعافه، ويقترح أحمد بك الاستراحة في فندق الاستراحة حتى يشفى من إصابته، وللأسف فليس في الغرفة سوى سرير واحد لينام عليه الاثنان، أحمد بك وصديقه الجديد الأسطى زهرة لتبدأ بعض المشاهد الكوميديا المفتعلة خفيفة الظل عند تدليك ظهر أحمد بك المصاب بزيت الكافور.. وهكذا.
ويصحو أحمد بك قرب الفجر فلا يجد الأسطى زهرة إلى جواره، لكنه يراه وقد تكوم فوق أحد المقاعد في ركن الغرفة وقد سقط طربوش وبدأ من تحته شعره (شعرها) الجميل فيتعمد أن يرفع صوته للنداء على الجرسون حتى ينبه الأسطى زهرة ليستقيط دون أن يخبر وأنه قد عرف حقيقته.. أو حقيقتها..
ويبدأ رغم ما يحاول الفيلم إخفاءه مشوار الحب بين أحمد بك وزهرة لكن عمال الورشة يلاحطون تردد أحمد بك المستمر على الورشة وعلاقته مع الأسطى زهره ويخبرون شقيقها الفاسد بالأمر، ويتفق بعد الأشرار من عمال الورشة على طرد أحمد بك، ويلجأ أنور وجدي إلى حيلة قديمة وهى أن يطلع بنت الباشا خطيبة أحمد بك على العلاقة الجديدة بين خطيبها وبين زهرة وتبدأ المكاشفة والخلاف وتنصرف بنت الباشا التي لا تتكلم إلا وقد خلطت كلامها بشكل مفتعل بألفاظ أجنبية لا تعجب والدها الباشا ابن البلد الذي يخبط كفا بكف من هذا الجيل الفاسد الذي سيترك (عواف.. وصباح الخير ومساء الخير” إلى هالو.. وبونجور.. وبونسوار)، وهو يرفض الباشا ويرفضه ايضا أحمد بك ابن الطبقة الراقية لكن ماذا نقول ولابد أن يمضي الفيلم في هذا الاتجاه.
ويبدأ الخصام بين زهرة وأحمد بك بعد ما عرفت عن حكاية خطوبته لبنت الباشا فتطرده من الورشة لتبكي على فراقه بعد ذلك ولا يبدو أمامه إلا التطوع في الجيش لمهندس حربي ويرتدي البذلة العسكرية، ونسمع في عدد من المشاهد المتتالية الدعوة إلى الوطنية والانخراط في جيش الملك الذي يرفرف علمه ونسمع الهتاف له.
وينضم أيضا الشاب المستهتر شقيق زهرة في نوبة صحوة وطنية (شوف إزاي) فيحطم كأس الخمر في يده لينضم جنديا إلى الجيش وتراه في المعسكر الذي ليس به سوي سيارة عسكرية أو سيارتان قديمتان وعدد لا يزيد على الثلاثين جنديا وعلم الملك الذي يفرف على المعسكر.
ويتقدم أنور وجدي من حضره الضابط أحمد بك ليعترف أمامه بأنه هو الذي أفسد بمؤامرة العلاقة بين حضرة الضابط وزهرة، لكن الحقائق تتضح وتعود المياه إلى مجاريها، وفي ليلة عقد القران (هكذا وبدون إجراءات طلاق أو نحوه) يعد علي بك عبدالرحمن ولا تعرف زهرة كيف تتصرف ولا يعرف أحمد بك سوي الأمر أن ينصرف عائدا إلى الخدمة الوطنية، رغم ما دعاهما إليه القائد، بعد غياب 40 عاما إليه صوابه مع ظهور كلمة النهاية، ولعل المرحوم سيتفان روستي ألا يكون قد عاد إلى الإفراج مرة أخرى حتى (يعطي العيش لخباره).