زوزو حمدي الحكيم .. نجمة الشر التي ماتت وحيدة!
بقلم : سامي فريد
لم أكن نجمة سينما.. ولا كانت السيدة نجمة إبراهيم كذلك.. لكنه كان اختيار العبقري صلاح أبو سيف لنا لتمثل ثنائي الشر هذا سببا في شهرتنا السريعة.. وسبب أيضا في أنه أغلق أمامنا كل أبواب العمل بعد أن حصرنا في هذين الدورين.
وتضيف الفنانة زوزو حمدي الحكيم تقول: نعم أنا كنت نجمة مسرح في شبابي.. لعبت أدوارا عظيمة أمام جورج أبيض وفي فرقة خليل مطران القومية، كما لعبت أعظم أدواري التي أحبها على المسرح أمام فاطمة رشدي الفنانة التي اعتبرها تراثا مسرحيا وفنيا لا يمكن تجاهله، فأمام فاطمة رشدي لعبت أدوار كبيرة في مسرحيات عالمية مثل (النسر الصغير، والملك لير) وغيرها..
أما حكاية قصيدة الأطلال التي كتبها في حبي الشاعر إبراهيم ناجي فهي حكاية لم أعلم بها إلا عندما سمعت مثلي مثل كل جمهور العظيمة أم كلثوم لأول مرة يوم 7 ابريل من عام 1966.
وتضيف الفنانة زوزو حمدي الحكيم فتقول: سمعت كلمات الأغنية وتأكدت أنني سمعت أو قرأت هذا الكلام من قبل ولكن متفرقا، وتذكرت: كان الشاعر الكبير يزورنا لمتابعة أعمالنا الفنية في المسرح، ثم أصبح طبيب الفرقة القومية، ثم فرقة فاطمة رشدي، ثم أصبح طبيب المرحومة أمي وكان يزورنا في البيت لمتابعة علاجها، وكنا بالطبع نتردد عليه في العيادة.
وتذكرت تضيف “زوزو”: فأسرعت إلى الروشتات القديمة التي كان يكتبها لأمي لأقرا كلمات القصيدة على ظهورها، فمرة يكتب ويناديني “زوزو” أو “حياتي” أو “صديقتي الحبيبة” أو “صديقتي المقدسة”، وأقسم أنني لم أبادله أي حب بدليل ما كتبه هو نفسه في القصية عندما قال: يا فؤادي لا تسل أين الهوى، كان ناجي جرحا من خيالي.
وهذا دليل على أنه كان يحب الحب للحب.. كان ناجي مشتعل حبا ولا يستطيع أن يعيش بدون حب، فقد أحب الفنانة الكبيرة زينات صدقي، وأحب زوزو ماضي وأحب سامية جمال، وأحب الشاعرة أماني فريد، كما أحب العازفة الموسيقية “أنعام”.. أما حبه الكبير فكان كما يراه الصحفي الكبير مصطفي أمين هو “زوزو حمدي الحكيم”.
ولا تنكر الفنانة زوزو حمدي الحكيم أنها تزوجت أكثر من مرة، كانت الأولى في بلدها “سنتريس” في المنوفية وكان سنها في ذلك الوقت أقل من 16 سنة عندما أصرت أسرتها على العريس على أن تكمل زوزو دراستها وتحصل على البكالوريا، ووافق الزوج لكنه بعد الزواج رفض أن تكمل تعلمها فانتهزت هي أول فرصة هربت إلى خالتها في القاهرة لتكمل تعليمها ولم يكن أمام الزوج إلا أن يطلقها.
ثم حصلت الفنانة زوزو الحكيم على الشهادة العليا من دار المعلمات عام 1930، لكنها كانت قد قرأت إعلانا في جريدة الأهرام عن إنشاء أول معهد للتمثيل فالتحقت به، وفي أول عام دراسي كانت الأولى على الدفعة، لكن وزير المعارف في ذلك الوقت حلمي باشا عيسي أغلق المعهد بحجة أنه لا لزوم له!!
وكانت زوزو الحكيم تحرص على حضور الندوات الثقافية والشعرية، وكان هذا سببا في تعرفها على العديد من نجوم الأدب والعلم في مصر.
ثم تزوجت زوزو الحكيم بعد ذلك سرا من الصحفي الكبير محمد التابعي، لكنه كان زواجا لم يستمر طويلا فتم الاتفاق على الطلاق لتتزوج من خارج الوسط الفني زوجا تصفه بأنه كان من أفضل الناس الذين عرفتهم واستمر زواجهما 25 عاما حتى توفاه الله.
وتتساءل زوزو الحكيم في حسرة: هل لأننا أنا والسيدة نجمة إبراهيم أجدنا دورنا في الفيلم حتى أننا أصبحتا مصدر رعب للمرأة المصرية عمرما وليس في الإسكندرية وحدها وحتى اليوم؟، هل يكون جزاؤنا أن تغلق كل أبوبا العمل أمامنا؟.
وتضيف: لست ألوم المخرج العبقري صلاح أبو سيف على اختياره لنا.. فقد أدي عمله كما ينبغي من وجهة نظره لأنه رجل يعرف كيف يجيد صنع عمله.. لكننا أصبحنا بعد الفيلم مثل خير الحكومة لا ننتظر إلا إطلاق النار علينا.
وتصورا.. تقول الفنانة بكل الألم والحزن أنها منذ عام 1989 أصيبت بالشلل فلم تسمع رنة التليفون في بيتها ولا مرة من أي فنان عملت معه أو عمل معها، لم يسأل عنها أحد، الآن بابها لايطرقه أحد لمدة 14 عاما حتى أصبحت تنتظر الموت وتتمناه ليريحها من هذا التجاهل المزري، وتقول مثلا: عملت مع الفنانة لبني عبدالعزيز والفنان أحمد مظهر والفنان حسين رياض والفنان فريد شوقي في فيلم “وإسلاماه” ولم يسأل عني منهم أي واحد.
وفي فيلم ريا وسكينة نفسه عمل معنا الإذاعي الفنان محمد علوان وشكري سرحان وسميرة أحمد وبرلنتي عبدالحميد، ولم يتصل منهم مخلوق!!
وتقول زوزو الحكيم أنها يكفيها فيلم “المومياء” رائعة شادية عبدالسلام، وهو الفيلم الذي مازال متصدر قائمة السينما المصرية حتى اليوم، وهو الفيلم الذي لعبت فيه دور الأم الصعيدية فكانت نموذجا لهذه الأم.
وتقول أغرب حكاية تحكيها زوزو الحكيم هى أنها وبعد أن بدأت طريقها في المسرح وبدأت معه شهرتها فطلبها ثري من البلد يكبرها بـ 30 عاما فأرسلت لها الأسرة لتكتفي بالفن عن هذا الحد وتعود إلى سنتريس للزواج، فأرسلت لها مندوبا من رجال الأسرة ليقنعها، وبالفعل حضر الرجل وشاهدها على المسرح في فرقة جورج أبيض، وكانت تلعب أمامه دور “عبلة” في مسرحية عنتر وعبلة، وعند خروجها من المسرح من الباب الخلفي وجدت قريبها ينتظرها أمام الباب فارتبكت وخافت وفكرت في الهروب، لكنه أوقفها بابتسامة مشجعة وقال إنه بالفعل كان قد جاء لإقناعها بأن تعود معه إلى البلد وتتزوج، ولكن وبعد أن شاهدها على المسرح فهو شخصيا يشجعها على الاستمرار في الفن، وانه سيكون أول وأكبر مدافع عنها ثم صافحها وتمنى لها التوفيق وعاد إلى البلد ليعلن رأيه صراحة هذا على الأسرة كلها.
أما أكبر خطأ في حياتها الفنية تعترف به زوزو الحكيم فهو فيلم “إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة”، الذي حاولوا فيه استغلال نجاح الفيلم الأصلي، لكن فيلم إسماعيل يس فشل فشلا ذريعا وسقط ولم أشاهده سوى مرة واحدة، لأنى أحسست معه بالخجل الشديد من نفسي.
عاشت زوزو الحكيم 91 عاما منذ ميلادها عام 1912 وحتى وفاتها عام 2003 حياة حافلة بالنشاط الإذاعي والمسرحي والسينمائي رغم ما عانته من شهرتها في السينما وتجاهل الزملاء لها، وكانت ملهمة إبراهيم ناجي في قصيدة غنتها على الدنيا الفنانة أم كلثوم.