“إمرأة في الطريق” كاد يتسبب في طلاق “هدى سلطان”!
* فريد شوقي يهدي “رشدي أباظة” أحد أهم أفلامه السينمائية
* العاملين فى الفيلم يحجبون عن وحش الشاشة ألبوم صور الفيلم!
* الإذاعة تمنع أغنية “يا صابر” وتعتبرها أغنية حسية!
* هدي سلطان أثبتت أنها ممثلة من العيار الثقيل في هذا الفيلم
كتب : أحمد السماحي
يعتبر فيلم “إمرأة في الطريق” واحدا من أهم أفلام صناعه، فهو نقطة الانطلاق للفنان الكبير “رشدي أباظة”، وهو أيضا الذي أكد موهبة النجمة “هدى سلطان” التى ظلمها البعض وقتها بأن نجاحها يرجع لزوجها النجم “فريد شوقي” وموهبتها الغنائية، لكنها كممثلة ضعيفة المستوى، فجاء “إمرأة في الطريق” ليؤكد للجميع أن موهبة “هدى سلطان” من ذهب، وأنها لا تقل عن موهبتها الغنائية، وأنها “غول تمثيل”، والدليل نجاحها الساحق فى دور “لواحظ” في هذا الفيلم، كما أن الفيلم يعتبر واحدا من أهم أفلام مخرجه “عز الدين ذوالفقار”.
قصة “إمرأة فى الطريق”
يناقش الفيلم تحكم الشهوة فى أفعال وسلوكيات البشر، وتأثيرها عليهم، كما يناقش مشكلة تفرقة الأهل بين الأولاد فى المعاملة، حيث تدور أحداث الفيلم حول المعلم “فرج” الذي جسده “زكي رستم” بأداء يغلب عليه الأداء المسرحي فى بعض المشاهد، لديه ولدان من زوجتين مختلفتين صابر “رشدي أباظة”، وحسنين “شكري سرحان”، ولكنه يحب “حسنين” عن “صابر”، رغم أن “صابر” هو من يساعده ويقف بجواره دائما ويحترمه ويحبه، ورغم هذا يجد منه كل جفاء ونكران، على عكس معاملته لـ “حسنين” هذا الولد العالة الذي لا يفعل شى سوى انه يحب زوجته الغازية لواحظ “هدى سلطان” التي دائما ما تحط من شانه وتلعنه بسبب قله عمله وحيلته، وفى نفس الوقت تحب “صابر” وتحاول إغوائه، رغم أنه لا يحبها.!
تقع حادثه للأب “المعلم فرج” يفقد على أثرها البصر، ويعتقد أن “صابر” السبب فى فقدانه للبصر، ورغم أن “صابر” برئ من هذا، إلا أن الأب يصر على أنه هو من فعلها، ومع ذلك يحاول “صابر” الاستمرار في عمله حتى يساعد والده، وأثناء ذلك يحاول “أمين” الرجل الذي يدعي الورع والتقوى الإيقاع بين الاخين، وينجح في ذلك مستغل أن الأب يفضل أحد الأبناء عن الآخر، وينجح بأن يزرع في نفسه بأن “صابر” يخون “حسنين” مع “لواحظ”، وعليه يحاول “حسنين” قتل “صابر” ولكنه يقتل على يد “لواحظ” التي يقوم “صابر” بقتلها للانتقام من أخوه وتصير نهايه مأساويه.
يخفون ألبوم صور الفيلم من وحش الشاشة
يقول “رشدي أباظة” عن هذا الفيلم: كان عام 1958 هو عام السعد والسعادة على، فقد كان صديقي المخرج “عز الدين ذو الفقار” الذي قدمني في أربعة أفلام يعد لفيلم جديد بطولة “فريد شوقي وهدى سلطان وشكري سرحان بعنوان “إمرأة في الطريق”، ونظراً لانشغال “فريد” بالعمل في أكثر من فيلم رشحني “عز الدين ذوالفقار” لبطولة الفيلم، ورغم حاجتي لهذا الدور الصعب والمتميز في تلك الفترة إلا أنني رفضت قبول الدور قبل استئذان صديقي “فريد شوقي” الذي رحب بهذا الترشيح وتمنى لي النجاح في التجربة الصعبة، وقال لي أنه الذي رشحني لمخرج الفيلم الذى سعد جدا بهذا الترشيح!.
وفي أحد أيام التصوير، جاء “وحش الشاشة” إلى موقع التصوير في طريق مصر- إسكندرية الصحراوي، وفور وصوله طلب الاطلاع على “ألبوم” صور الفيلم، فأخفاه الجميع خوفاً من غضبه بسبب المشاهد الساخنة بين زوجته “هدى سلطان” وبيني، ولكن الأمر لم يظل سراً، فعند عرض الفيلم الذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ارتفعت أسهم نجوميتي وأصبحت أتصدر قائمة نجوم الشاشة العربية، وكان هذا الفيلم بداية الخلاف بين “فريد شوقي” وزوجته هدى سلطان والذي انتهى بالطلاق فيما بعد.
كواليس الفيلم
* يقول “فريد شوقي” في مذكراته التى كتبتها الناقدة الكبيرة “إيريس نظمي” عن فيلم “إمرأة في الطريق”: لم يعد شرطا أن أظهر مع زوجتى “هدى سلطان” فى نفس الأفلام، وذات ليلة قالت لي هدى: أريد أن ألعب دور البطولة فى هذه القصة، وأشارت إلى سيناريو وحوار “إمرأة في الطريق” الذي أضعه مع سيناريوهات أخرى بجوار سريري، وقالت لي: لازم يا فريد تنتج قصة هذا الفيلم ووافقتها، وبدأنا الإعداد للفيلم، وبدأت الصحف والمجلات تكتب عن بطولتي للفيلم، لكنني وجدت نفسي في حيرة إذ أننى كنت مرتبط ببطولة مجموعة من الأفلام وبدأت تصوير بعضها بالفعل، ولا يوجد لدي وقت لتصوير فيلم آخر هو “إمرأة في الطريق”، فبعت القصة والسيناريو والحوار للمنتج الصديق “حلمي رفلة”، ورشحت صديقي النجم “رشدي أباظة” لدوري فى الفيلم وهو “صابر”.
ونجح الفيلم وكان نقطة انطلاق لبطل جديد على الشاشة هو “رشدي أباظة”، وقد تندهشون إذا قلت لكم أنى لم أشاهد هذا الفيلم حتى الآن، ففيه بعض المشاهد والمواقف المثيرة التى لا تعجبني كزوج غيور.
* رفضت الإذاعة المصرية وحتى الآن إذاعة أغنية (يا صابر صبرك طال وليه الصبر مية ليلة، وتعطش ليه، وقدامك بحور الميه تتمنى)، تأليف الشاعر “فتحي قورة”، وتلحين الموسيقار “منير مراد”، وغناء “هدى سلطان”، وذلك لما تحمله كلمات الأغنية من معاني جنسية متوارية، وقيل وقتها أن الأغنية حسية أكثر وأن من شاهد الفيلم سوف يشعر بمعاني الأغنية.
نقد إمرأة في الطريق
كتب الناقد السينمائي “طارق الشناوي” نقدا عن هذا الفيلم فى كتابه “عز الدين ذوالفقار” قال في نهايته: إننا أمام فيلم متقدم جدا فنيا وتكنيكيا، حيث اختيار مكان شبه منعزل وتقديم الغريزة الجنسية بكل هذا الوضوح فى مجتمع بطبيعته لا يتقبل مثل هذه الصراحة فى التناول يقترب خلالها من المذهب الطبيعي، تفوق أداء “هدى سلطان ورشدي أباظة”، بينما غلف أداء “شكري سرحان” من داخله شيئ ما من التصنع وكأنه نفسيا لم يتقبل أن يصبح هو هذا الرجل الخاضع لزوجته، موسيقى “اندريه رايدر” ومونتاج “ألبير نجيب” توافقا فى تعميق الإحساس بهذا الفيلم المتفرد فى مشوار مخرجنا الكبير “عز الدين ذوالفقار” الذي قدم في الفيلم ملمح مختلف يؤكد دائما في تعبيره الفني أنه يملك ثراء فى لغة الصورة، وأن الإحساس عنده لا يعرف سقفا.
هوس الحب
كتبت الناقدة السينمائية “فريال كامل” بعض النقاط الهامة عن فيلم “إمرأة في الطريق” فى كتاب “أهم مائة فيلم في السينما المصرية” جاء فيها:
* تتجاوز علاقات الحب فى “إمرأة في الطريق” كل منطق مما يحرى أن يعنون الفيلم بجنون أو هوس الحب.
* قدم المخرج “عزالدين ذوالفقار” فيلما مليئا بالإثارة كرس خلاله الفنانة “هدى سلطان” كنجمة إغراء حين منحها دور البطولة المطلقة لتبدع دورا من أروع أدوارها على الشاشة.
* تعرض البناء فى الفيلم لأنماط ثابتة تنبئ بداياتها عن نهاياتها “لواحظ” الزوجة اللعوب، “حسنين” الزوج العاشق والذي يفقد كرامته أمام فتنتها حتى أنه يغفر لها غوايته لأخيه الشريف، تصل شخصية “حسنين” لحد التماس مع شخصية “علي أبوريالة” المهووس بحب لواحظ، وأخيرا الأب “المعلم فرج” المدلهم بحب ابنه حتى أفسده.
* على مدار الأحداث لا تتوانى “لواحظ” عن السخرية من خيبة زوجها، بينما تتفنن فى غواية “صابر”، المثير للدهشة أن يرحل الزوج بحثا عن عمل، فيخلو الجو لتسلط اللعوب لواحظ مفاتنها على أخيه.
* كتب “محمد أبو يوسف” حوارا متميزا يفيض عن طبيعة الموقف، ويفصح عن خصائص الشخصية من حيث مهنتها ومستواها الاجتماعي، وأيضا حالتها المزاجية (لاحظ حوار سائق اللوري أبو الفضل مع “حسنين” فى المشهد الافتتاحي وايحاءاته الجنسية).
* استعان كاتب السيناريو بالحوار وهو أضعف الإيمان ليدفع للمتفرج بمعلومات تفسر تصرفات الشخصيات فنعرف من خلال الحوار قصة طرد “لواحظ” الغازية من البلدة وقذفها بالحجارة، وأيضا قصة مقتل “أم حسنين” على يد “أم صابر”، ونعرف أن “صابر” اتجه للعمل منذ طفولته لينفق على أخيه “حسنين” في المدارس ومن يومها صار “صابر” المنقذ لكرامة الأسرة وحامي شرفها.
* نهج المخرج “عزالدين ذوالفقار” نهج اللقطة المشهد حتى يحافظ على حرارة العلاقات بين الشخصيات، ويمنح أيضا بطلة فيلمه المتفجرة الأنوثة فرصة ألا تغيب لحظة عن عين المتفرج، أما إذا دعت الضرورة الفنية للتركيز عليها أو فصلها عما يحيط بها فيصورها داخل برواز يؤكد وجودها خلال نافذة على حافتها قلتان لما للقلة من دلالة في الموروث الشعبي من دعوة للعشق.
* تتدفق الحيوية خلال بعض المشاهد في الفيلم من أهمها الفيديو كليب الذي صوره المخرج لأغنية “صابر” لهدى سلطان فأبرز فتنتها ووصل بالفنانة لذروة إغرائها لـ”صابر”، يليه سهرة “حسنين” مع أصدقاء السوء، والذي تنتهي بوصول “صابر” لإنقاذ “لواحظ” من براثنهم، وفى الختام مشهد مطاردة رجال البلدة لـ”صابر” في الملاحات عقب الفتوى التى أطلقها الدعى “أمين” صاحب محل البقالة.
* يعد “إمرأة في الطريق” لمخرجه “عزالدين ذوالفقار” من أرقى نوعية أفلام الإثارة، عرض جسد الأنثى كأداة جبارة لإثارة الغرائز، إلا أنه حدد مدى الاستجابة له بعقلانية الشخصية وأخلاقياتها.
* لا يشوب السيناريو سوى خنوع شخصية “حسنين” وتجميد شخصية “المهووس على أبوريالة” بما لم يسمح له ببلورة الفكرة.
أفلام عام 1958
عرض عام 1958 مجموعة كبيرة من الأفلام وصل عددها إلى 55 فيلما سينمائيا كان أبرزها: (جميلة بوحريد، باب الحديد، خالد بن الوليد، سيدة القصر، مجرم فى إجازة، قلوب العذارى، شارع الحب، الزوجة العذراء، الطريق المسدود، غريبة، حب من نار، أحبك يا حسن، شباب اليوم، سامحني، أمسك حرامي، سلم على الحبايب، شاطئ الأسرار، الملاك الصغير، مع الأيام، ساحر النساء، غلطة حبيبي، توحة، اسماعيل ياسين للبيع، اسماعيل ياسين في دمشق، اسماعيل ياسين فى مستشفى المجاذيب، اسماعيل ياسين بوليس حربي، اسماعيل ياسين طرزان، مهرجان الحب، سواق نص الليل، حبيبي الأسمر، الهاربة، هذا هو الحب، بنت 17، توبة، الحب الصامت، الأخ الكبير، ماليش غيرك، أبوعيون جريئة، بحبوح أفندي، رحمة من السماء، حياة إمرأة، سلطانة، ايامي السعيدة، أنا الشرق، المعلمة).
أحداث عام 1958 السينمائية
* في فبراير تمت الوحدة بين مصر وسوريا وأصبح إسم الدولة الجمهورية العربية المتحدة، وقدم إسماعيل ياسين فيلمه “إسماعيل ياسين في دمشق”.
* شاركت مصر فى المهرجانات الدولية حيث شارك فيلم “باب الحديد” في مهرجان “برلين”، وشارك “رد قلبي” في بروكسل، وشارك “خالد بن الوليد” في طشقند، وشارك “أرضنا الخضراء” في كارلو فيفاري.
* فاز فيلم “حتى نلتقي” إخراج “بركات” بجائزة المركز الكاثوليكي.
* لم يظهر سوى مخرجين فقط اشتركا في تقديم فيلم واحد بعنوان “أنا الشرق” هما “عبدالحميد زكي ومحمود فريد”.
* قدم المخرج “يوسف شاهين” فى هذا العام فيلمين هامين يعدان نقطة تحول في مشواره السينمائي هما “باب الحديد” و”جميلة”.
بطاقة فيلم إمرأة فى الطريق
إنتاج : أفلام حلمي رفله
قصة وسيناريو : عبدالحي أديب
حوار : محمد أبويوسف
الأغاني تأليف : فتحي قوره
الموال تلحين : محمد الموجي
صابر : ألحان منير مراد
مهندس المناظر : أنطون بوليزويس
مهندس الصوت : نصري عبدالنور
ميكساج : كريكور
مونتاج : ألبير نجيب
موسيقى تصويرية : أندريا رايدر
مساعد مخرج أول : إبراهيم حلمي
مساعد مخرج ثان : أحمد عيسي
مركب الفيلم : عبدالعزيز فخري
مونتاج نيجاتيف : إنجا وميلا
إكسسوار : نجيب خوري ــ كوستا
ريجيسير : علي وجدي ــ فتحي عزت
توزيع : شركة دولار فيلم
مدير التصوير : وديد سري
تصوير : كمال كريم
إخراج : عز الدين ذوالفقار
بطولة : هدى سلطان، رشدي أباظة، شكري سرحان، زكي رستم، عبدالغني قمر، أمال فريد، حسن حامد، محمود فرج، محمد توفيق، سلوى محمود، شفيق نور الدين، محمد صبيح، محمد بدرالدين.