كتبت : سدرة محمد
على الرغم من النقد اللاذع الذي وجه لفيلم (صاحب المقام) قصة وسيناريو وحوار الكاتب الصحفي والإعلامي الكبير (إبراهيم عيسى) وإخراج المخرج الشاب الموهوب والمتميز محمد العدل، وبطولة كل من (آسر يس، أمينة خليل، يسرا، بيومي فؤاد) وعدد كبير من ضيوف الشرف أبرزهم (محمود عبد المغني، فريدة سيف النصر، إنجي المقدم، ريهام عبد الغفور، إبراهيم نصر، محسن محيي الدين، وغيرهم ممن قدموا أدوارا مهمة على قصر مساحتها وارتباك السيناريو وضعف الحوار وغيرها من عناصر فنية لايتسع المقام لذكرها هنا، إلا أنهم برعوا كثيرا في تلك الأدوار وعلى رأسهم (محمود عبد المغني، وإنجي المقدم) اللذيين جسدا دور (أبو هاجر، وأمها) بإحساس يبعث على المرارة والأسى،حيث قدما لونا من التراجيديا الإنسانية في ثوب مأساوي يثبت كفاءتهما، وقد برعا معا في تقمص شخصية الأب مدمن للمخدرات والأم المغلوبة على أمرها، وسجلا مشهد (الماستر سين) في الفيلم، والذي جاء على النحو التالي:
يطرق (يحيى) الباب ممسكا بيده رسالة جاء بها من مقام الإمام الشافعي، تفتح له الباب سيدة يبدو عليها الفقر والعوز وقلة الحيلة، فيقول لها : حضرتك مدام نجوى عبد الراضي.
نجوى في إنكسار مصحوب بالحزن: خير
يحيى : إحنا كنا جايين بخصوص هاجر!
ترد نجوى بصوت مكتوم ملئه الأسى: اتفضلوا.
يهب في تثاقل محمود عبد المغني (والد هاجر)، وهو متكيئ على كنبة متواضعة: مين دول .. مين؟.
يجلس يحيى وابنه (ياسين) ونجوى وزوجها على (الأنتريه) الذي أكل عليه الدهر وشرب، وترد نجوى على زوجها الذي انتبه لتوه: جايين علشان هاجر!.
يرد والد هاجر في سخرية وتهكم : هاجر.. هاجر ماتت؟!.
ويضيف الزوج المكلوم: انتوا كنتوا فين واحنا بنلف على المستشفيات والدكاترة؟، ثم يشعل سيجارة مصحوبة بنبرة حزن قائلا : إحنا اتمص دمنا، كنتوا فين؟
يسحب نفسا من السيجارة ويعتدل في مكانه محدثا يحيى: هو حضرتك تبع البرنامج بتاع الأستاذ عمرو؟.
يهز يحيى رأسة في إيماء إلى أنه ليس تبع أي برنامج، ثم يضيف : هو انتي مش حضرتك كنتي بعتى جواب للإمام الشافعي؟
في حالة ذهول يخرج والد هاجر منتفضا في حالة من الارتباك وكأن قشعريرة تسري في عروقه للتو إلى البلكونة ووجهه للسماء مناجيا ربه قائلا: يارب .. أنا يارب بتسمعني أنا .. دا أنا مدمن ابن كلب واطي ومليش تلاتين لازمة .. بتسمعني أنا يارب أنا .. الإمام الشافعي يرد على جواب عويل أفيونجي ترامادولي زيي .. إزاي .. إزاي.
تنهض نجوى به وتتمتم على كتف زوجها قائلة : متعملش في نفسك كده ياراجل!
يرد عليها بوجع : أنهو راجل.. فيه راجل يعمل في عيلته كده .. فيه راجل مراته تشتغل في البيوت علشان تصرف عليه وعلى عياله.. أنهو راجل قاعد على الكنبة ليل نهار يضرب وينام .. يضرب وينام، أنهو راجل.
يقطع يحيى حواره قائلا: الراجل اللي ربنا سمع نداه والإمام الشافعي لبى!.
يرد والد هاجر في حسرة وأسى : بعد إيه .. بعد ما هاجر ماتت.
يرد يحيى: هى ماتت إزاي؟
ترد نجوى: محدش من الدكاترة عرف عندها إيه؟.. إللي قال نزلة واللي قال حمى .. ثم تردف قائلة: خدناها وروحنا بها على (أم المصريين)، قالولنا روحوا (أبو الريش) .. معرفناش .. ملحقناش.
تدخل (زينب) الأخت التوأم لهاجر مصحوبة بحالة سعال حاد.
ينهض يحيى ويمسك بزينب قائلا : البنت دي لازم تطلع المستشفى، ويهرول بها نحو سيارته، ويذهب إلى المستشفي، لتوضع زينب على جهاز الفحص الذي يشخص حالة التعب التي لازمتها طوال سنوات طويلة لم تتمكن الزوجة المغلوبة على أمرها وزوجها الذي يتعاطى المخدرات من أن يأتوا بعلاج لها، خاصة بعد أن أخبرتهم الطبية بأن مرضها نادر.
يتعهد يحيى بعلاجها، وقبل أن يغادر المستشفى يتوجه لأبو هاجر سائلا: هو انت ليه بعت الجواب باسمها مش باسمك.
يرد أبو هاجر: اللي يكتب جواب للإمام الشافعي لازم يكون بينه وبين ربنا عمار، وأنا كنت بعيد قوي ياباشا.. بس الحمد لله.. وينتهى عندئذ المشهد الذي يعد الـ (ماستر سين) في الفيلم الذي يعد قمة التراجيديا الإنسانية.