وسام حنا .. رأس حربة الحراك المدني اللبناني
كتب : مروان محمد
من عالم الإعلانات والتقديم التليفزيوني، كمقدم عبر برنامج (الصباح) على شاشة (المستقبل)، استطاع أن يتجاوز بسرعة (عقبات) الكاميرا وصعوبات البث المباشر، ليثبت نفسه كمذيع واعد يستطيع أن يضمن لنفسه مكانة مميزة في عالم التقديم، ثم دخل الشاب الوسيم عالم التمثيل فاستطاع إثبات موهبته بشكل لافت، وبعيدا عن شكله حقق نقلة نوعية كبيرة في مسلسل (جذور)، تغيرت معها خياراته وشروطه في الأعمال الدارمية، وحمل لقب ملك جمال لبنان لسنتين على التوالي، ثم فاز بعدها بلقب ملك جمال الدول الآسيوية، وهو من أكثر الملوك الذين كثرت حولهم الأقاويل والشائعات، وأصبح محط أنظار الكثيرين من المحبين والمبغضين والغيورين، فكان باختصار حالة فريدة من نوعها، حيث طرق أبواب الشهرة فشرعت له أبوابها على مصراعيها فنهل منها الكثير ولا يزال، وأكثر ما يميزه بالإضافة إلى أدائه التمثيلي البارع حديثه المميز حول الشأن السياسي اللبناني والمليء بالصراحة والجرأة، إلى حد أن أصبح في أحداث لبنان هو رأس حربة الحراك المدني بفضل احتكاكه وتواجده في الشارع.
إنه النجم الصاعد الواعد (وسام حنا) الذي لفت الأنظار إليه مؤخرا، فمنذ اليوم الأول للتظاهرات اللبنانية، دخل (وسام) محمولاً على الأكتاف إلى شارع رياض الصلح وساحة الشهداء في وسط بيروت، وسط هتافاته وقبضاته العالية، فلم يكتف الممثل اللبناني بالمشاركة في الحراك، بل راح يصوّر كل يوم فيديوهات يدعو فيها للبقاء في الشارع، كما حمل (الميكرفون) وخاطب الناس بلغة المحرّك الأساسي لهم وصاحب المعنويات القوية لمواجهة السلطة.
هكذا، بين ليلة وضحاها تحوّل (وسام حنا) إلى (قائد) للحراك الشعبي البناني، عارضاً يوميا خطة تنقلاته بين المتظاهرين وأماكن تواجده، لم يخف عارض الأزياء والممثل الذي لفت الأنظار إليه تأثره بمسلسل (ثورة الفلاحين) لـ (كلوديا مارشيليان وفيليب أسمر) الذي بثته قناة lbci عام 2018، بعدما نشر صورة من داخل التصوير أثناء قيادته للحراك في العمل الدرامي ومقارنته بوضعه الحالي!، فقد لعب حنّا في اهذا المسلسل دور (نورس) الذي يقف مع الثوار ضد الاقطاعيين.
بسرعة استطاع (حنا) أن يغير صورة ارتسمت في الأذهان عنه كشاب وسيم، سطحي، بسيط، لايهمه سوى تحقيق الشهرة والظهور على أغلفة المجلات، وأن يظهر الشخصية الأخرى التي يتمتع بها، كمثقف يعرف ماذا يريد؟.، خصوصاً انه كما يقول عن نفسه (رجل قانون) وتخرج من كلية الحقوق وأجرى دراسات عليا في العلاقات الدولية والدبلوماسية.
مع انتشار فيديوهات الممثل الشاب الذي أثار الجدل حوله، راحت بعض المواقع تفتش في صور الأرشيف التي كان (حنا) ينشرها وتجمعه بالسياسيين اللبنانيين، فقد اتضح لاحقاً أن الممثل تطغى على صوره تواجده مع السياسيين التابعين لحزب (القوات) حيث كان يفتخر بنشر الصور معهم، لذلك راحت التعليقات تشير إلى أن حنّا يتم تحرضيه من (القوات) للبقاء في الشارع.
من جانبه، خرج (وسام حنا) على صفحاته على السوشال ميديا، معلقاً بأنّ (لماذا إخترتم صوري مع سمير جعجع، واستثنيتوا الكل وأنا معروف بحبي وصلتي ببهية الحريري وكنت أول المطالبين بإسقاط الحكومة برئاسة سعد الحريري)، لكن ذلك الأمر لم يمنع الناشطين على السوشال ميديا من متابعة البحث في صور حنّا وعرضها على الصفحات الافتراضية وربطها بـ (ثورته) الحالية حيث بدا أكثر جرأة ونشاطا ومؤثر قوي في الحراك الشعبي.
ولد (وسام حنا) في بلدة (جزين)، وعاش طفولته في جنوب لبنان (شرق صيدا)، وتحديدا في (عين المير) حيث ترعرع في الدير، وتمنت والدته السيدة (ماري) أن يصبح راهبا، لذا فقد تربى على أسس المسيحيّة وقضى بالفعل سنة ونصف في (الإكليريكيّة) لكنه خرج منها بسبب ضغط الأهل، وتخرج من كلية الحقوق وأجرى دراسات عليا في العلاقات الدولية والدبلوماسية، ثم درس الفن في أميركا في New York Film Academy ، وهناك تدرب على كل شيء قبل دراسة التمثيل، وشغل منصب وزير الدفاع ووزير الإعلام بالوكالة في الحكومة الشبابية التي شكلها الحريري العام 2000 .
عمل كعارض أزياء في وكالة (نضال بشراوي)، وفي عام 2005 حصل على لقب ملك جمال لبنان ثم نال لقب (مان هنت 2005 ) في كوريا الشمالية ولقب ملك جمال العالم عام 2006 في سنغافورة، وكان من الذين عملوا على قانون إلزامية التعليم حتى سن الخامسة عشرة، إضافة إلى عمله في عدد من مؤسسات المجتمع المدني في لبنان، ودرس التمثيل مع المخرج جلال خوري في جامعة القديس يوسف عام 2006 ، وخضع لـ (كاستينج) للمشاركة في فيلم عالمي مع المخرج الإيطالي الشهير (فرانكور زفيريلي)، إلاّ أن العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 حال دون ذلك.
قبل التلفزيون شارك (وسام حنا) إذاعياً في أكثر من مسلسل مع الكاتب فراس جبران، وتلفزيونيّاً في الدراما الدينيّة مع الكاتبة كلود أبو حيدر في سلسلة (نور من نور)، و بدأ في احتراف العمل التمثيلي عام 2007 ، وفي تقديم البرامج عام2008 ، إضافة لكونه أحد الوجوه الإعلانية لإحدى ماركات الملابس الرجالية fiordelli منذ العام 2005 حتى الآن، وفي عام2014 شارك كمتسابق في برنامج (الرقص مع النجوم) على شاشة mtv اللبنانية وحصل على المركز الخامس، ومن بعدها شارك في لجنة تحكيم ملكة جمال لبنان 2015، وفي أبريل 2016 عاد ليطل مرة أخرى على شاشتي LBC و LDC كمقدم برنامج ألعاب ترفيهي واجتماعي بعنوان (حسابك عنا) يقوم على ألعاب، أسئلة، دولاب، وحظّ، ضمن مراحل عدة تتنافس فيها أربع عائلات مؤلّفة من “الحماة وزوجة الإبن”، بهدف تجميع النقاط وإقفال جزء من الدين، ونجح في تقديمه بشكل ترفيهي مثير.
يقول (وسام حنا) معبرا عن نفسه: التمثيل سرقني، كل إنسان يطمح لمشاريع كثيرة في حياته، لكن العروض التي تردني هى التي تفرض نفسها، علماً أنني لم أسع إليها، إنما المنتجون هم الذين يطرحون اسمي كممثل، ولعله في هذا الصدد قدم أعماله مهمة تألق من خلالها والتي بدأها بـ (للحب وجه آخر 2007، جود 2009، أجيال 2010، الجب القديم وخيوط في الهواء 2011، عندما يبكي التراب وأجيال 2 عام 2012، جذوزر 2013، عشرة عبيد صغار وعشق النساء 2014)، ودخل مرحلة النضج التمثيلي فى عام 2016 بثلاثة مسلسلات هى (سمرا، كواليس المدينة، وياريت)، وتألق أكثر في عام 2017 في مسلسلي (شبابيك، وفخامة الشك)، ولعب الحظ لعبته معه في عام 2018 الذي كان الأكثر غزارة من خلال أربعة مسلسلات هى: (عندي قلب، حدوتة حب، قسمة وحب، وثورة الفلاحين)، ووصل إلى درجة أكبر من النضج الفني في عام 2019 من خلال مسلسلي (بردانة أنا، وبالقلب).
ويعد عام 2020 هو الأكثر لمعانا في حياة النجم اللبناني (وسام حنا) القادم بقوة على طريق النجومية من خلال مسلسلي (غربة، وسر)، ولعل شيئا من البراعة الفائقة ظهر لديه أكثر في مسلسل (سر)، فقد بدا في أداء دور (مهند) بمزيج خاص يجمع بين الكوميديا السوداء مخلوطا بقدر من التراجيديا، والتي تظهر حالة الازدواجية والمعاناة التي يعيشها، لنتذكر معه أن المعاناة للممثل ما هى إلا إحياء لآثار التأثيرات التي مرّ بها كثيرا في الحياة الحقيقية، وأنه يحيي في داخله آثار هذه التأثيرات، ويربط ما ينتج عن ذلك مع موضوع درامي لا يستطيع في حد ذاته أن يستدعي هذه المعاناة، لكن يجب على الممثل أن يبدأ باستقبال الموضوع في شكله المعطى كما هو إذا أراد أن يصل إلى جوهر المعاناة كاملة.
وفي هذا السياق يقول قسطنطين ستانسلافسكي: “الانتباه دليل المشاعر”،وبفعل انتباه “وسام حنا” منذ لحظة التركيز الإيجابي (الإرادي) بدأت عنده كممثل عملية الإبداع أثناء التمثيل، فعيونه وأذناه وحركة جسده في الفراغ، وكل أعضاء حواسه كانت تبدو كما يعيشها في الحياة الحقيقية، وهو مالاحظناه ورأيناه وكنا نحسّه ونلمس تأثيراته على الحالة الدرامية التي يعيشها (وسام)، وفي كل الأحوال كنا نستقبل حلاته الانفعالية كأنها حقيقة، وهذا ما يعرف اصطلاحا بتحقيق عملية الإيهام التي تجعل الجمهور يصدق تماما أن كل ما يراه من خلال المشاهد التمثيلية هو حقيقة بالفعل، ما يعني إصطلاحا عملية السيطرة على شعور المتفرج عن طريق المجاهدة في جعله يحس أثناء وجوده بأنه حقيقي وواقعي وصادق إلى درجة تدفعه إلى الاندماج في الأحداث والشخصيات، ويبقى أن نقول: يعد أهم ما يميز (وسام حنا) أنه اشتغل على شخصيته، لأن الإنسان الذي يثبت حضوره تزيد ثقته بنفسه، ومن هنا تتمنى بوابة (شهريار النجوم) للنجم اللبناني القادم بثقة كل التوفيق في عالم التمثيل وفي الحياة كلها.a