الأمير فريد الأطرش يقع في غرام ملكة مصر
* شعر بحب “ليلى الجزائرية” وهما في باريس
* أحضر لاكتشافه الجديد الفنان والمخرج الإذاعي الشهير “محمد علوان” ليعلمها اللغة العربية لتمثل دورها فى “أنا عايزة أتجوز”
* فريد يصرح لليلي: لست من أنصار الزواج، فقد قلت من سنين أن الزواج مقصلة الحب، وحكم بالإعدام على الفنان!
* الملكة “ناريمان” تطلب مشاهدة فيلم “لحن الخلود” في عرض خاص!
* مطرب العاطفة يوثق قصة حبه من الملكة “ناريمان” فى فيلمه “قصة حبي”!
كتب : أحمد السماحي
كان الموسيقار “فريد الأطرش” لا يحب النساء الصارخات الجمال، ولا يحب ملكات الفتنة وذوات الإغراء الصاعق، كان قلبه يهفو إلى الجمال البسيط لسمراء أو شقراء، يحب الجمال الذي يقولون عنه في الغرب أنه جمال بنت الجيران الذى تألفه العين فيعشقه القلب، وأهم ما يهمه في المرأة التى يرتبط بها أن تكون جميلة الروح، حنونة، واضحة.
بعد انتهاء قصة حبه للنجمة الراقصة “سامية جمال”، وزواجها من زوجها الأميركي، واستقرارها فى أمريكا، عاش “فريد” بعدها أياما صعبة، خاصة في الليل، حيث كانت تأنس ليله وتضيئه بحبها، وعطفها وحنانها، وحتى يخرج من حالة الحزن هذه اقترح عليه بعض الأصدقاء السفر إلى مدينة الجمال والحب “باريس”، وفى إحدى الليالى من عام 1951 تعرف على راقصة جزائرية تدعى “ليلى الجزائرية” كانت ترقص فى كازينو الجزائر بباريس، فأعجبه رقصها، وأعجبه أكثر رقتها – كما ذكر للكاتب الصحفي الكبير “فوميل لبيب” فى الحلقات التى نشرتها مجلة “الموعد” اللبنانية – وقال لنفسه : مثلما أغني كل الألحان العربية لماذا لا أقدم كل البطلات العربية؟، وتذكر أنها من بلد الذين احتجوا عليه عندما نسيهم فى أوبريت “بساط الريح”، فقال لليلى: أنا أخطأت فى حق الجزائر حين لم أعرج عليها ببساط الريح، ما رأيك لو أخذتك على هذا البساط إلى القاهرة وقدمتك في أفلامي.
فقالت ليلى : أوافق بلا قيد ولا شرط.
عايزة أتجوز
تعمقت علاقة “فريد الأطرش” بـ”ليلى” فى باريس، وأحس أنها بدأت تحبه، وأحضرها إلى القاهرة، وبدأ التحضير لفيلمهما الأول “عايزة اتجوز” مع المطربة “نور الهدى” ونظرا لعدم معرفة “ليلى” باللغة العربية أحضر لها الفنان والمخرج الإذاعي الشهير “محمد علوان” ليعلمها اللغة العربية، وبعد أسابيع بدأ يقرأ ويراجع معها حوار الفيلم، وبالليل كان فريد يعيد معها قراءة الفيلم خاصة أنها كانت تسكن معه.
وأشاعت “ليلى” المرح فى حياة “فريد الأطرش” وشغلت فراغه، وكان يستشف من عباراتها أن نيتها فى البقاء معه نية لا تعرف التحديد ولا التوقيت، وأنها تريد أن تستحوذ عليه إلى الأبد، وكان دائما يصرح لأصدقائه أنها بنت طيبة وخفيفة الظل، لكنه لم يردد أنها حبيبة الروح!.
ومضت أشهر والعمل في الفيلم أوشك على الانتهاء، وبدأت “ليلى” تحس أنها تعبر قلبه من جهة لتخرج من الجهة الأخرى، وبدأ “فريد” يحس أنها تتألم خاصة عندما تلوح بأنها تعتبر نفسها فترة الانتقال فى حياته، وجسرها إلى حب أكبر، ولكنها كانت واقعية مثل كل اللائي تربين بعقلية غربية، ولهذا فقد وطنت نفسها على ألا تسترسل مع الأحلام، ولا تطير مع الخيالات حتى لا تصطدم بالواقع إن سقطت من علياء أوهامها.
وكان “فريد” إلى جانب الحب والرقة فى المعاملة، والكرم في الضيافة، صادقا إلى أبعد حدود الصدق فلم يبذل وعدا وأخلفه ولا مناها بشيئ وتراجع عنها.
وعرض فيلم “أنا عايزة أتجوز” في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 18 أغسطس 1952 وحقق نجاحا كبيرا، وانشغل “فريد” بفيلمه الثانى “لحن الخلود”، وسافرت “ليلى” إلى باريس لرؤية عائلتها هناك، والعمل في فترة الصيف في ملهى الجزائر، وعرض فيلم “لحن الخلود” بطولة “فريد الأطرش وفاتن حمامه وماجدة” فحقق إيرادات خياليه، وكان الأكثر نجاحا في هذا العام.
لحن حبي
قبل أن ينتهي عام 1952 تسلمت “ليلى الجزائرية” خطاب مليئ بالمشاعر الحارة من “فريد” ويطلب منها النزول إلى مصر، للمشاركة معه في فيلم جديد بعنوان “لحن حبي”، وطارت “ليلى” من الفرح، واعتقدت أن “فريد” لا يستطيع الاستغناء أو الابتعاد عنها، فاستجابت لدعوته ونزلت مصر، وقبل بداية تصوير الفيلم زارت معه قريته الأصلية في جبل الدروز، وهناك قابلت أفراد عائلته بمن فيهم والدته، مما جعلها تعتبر أن هذا إعلان خطوبة رسمي، وذات مرة أرادت أن تجرب معه فكرة الزواج فقالت له: متى نتزوج يا فريد؟
فقال لها: لست من أنصار الزواج، فقد قلت من سنين أن الزواج مقصلة الحب، وحكم بالإعدام على الفنان!.
قالت : قد تستطيع واحدة لا أحد يعرفها أن توقعك فى الشباك فتغريك بالزواج.
فقال لها ساخرا: ربما!.
مرت أيام وليالي تصوير فيلم “لحن حبي” والذي شاركتهما بطولته النجمة “صباح” بهدوء وحب وسعادة، وعرض يوم 5 أكتوبر عام 1953 وحقق نجاح أكبر من فيلمهما السابق “أنا عايزة أتجوز”.
نهاية الحب
بعد إطمئنانهما على نجاح فيلمهما “لحن حبي” قالت له ضاحكة وهما يجلسان في شقته ذات صباح : هل أقول لك سرا؟ فقال لها: اذا قلتيه لي فلن تضمني أن يكون سرا بعد ذلك، فإنني لا أحتفظ بأسرار نفسي فكيف تتصورين أن أحتفظ بأسرارك؟
فضحكت وقالت وهى تقدم له ورقة زرقاء : هذا خطاب حب جاءني من فتى كنت أعرفه في باريس، أنه يسألني متى أعود، ويهدد بأن يطير إلى القاهرة أن ماطلت أوتأخرت فى الإجابة عليه، وأحس “فريد” أنها تلقي سهمها الأخير، ولم يشأ أن يكون جافا فى رده عليها، فقال لها : أنت ملأت هذا البيت انطلاقا ومرحا، سأفقدك ويحن إليك كل من فيه وكل من يطرق بابه، لك أطيب الذكريات، وأغرورقت عيناها بالدموع وهى ترتب حقائبها لترحل، وآثر”فريد” أن يترك البيت حين تحين ساعة الرحيل حتى يختزل فترة عذابه النفسي.
وسافرت “ليلى” لتتزوج على الفور، فإحساس المرأة بأنها فشلت فى الزواج برجل، يفتح قلبها على مصراعيه للرجل الثاني.
الملكة ناريمان
بعد ليلى الجزائرية بدأ فريد مرحلة جديدة غير فيه جلده السينمائي حيث ابتعد عن الفيلم الغنائي الكوميدي، وقدم الفيلم الدرامي، وفى هذه الفترة قامت ثورة يوليو 1952 وطويت صفحة لتبدأ صفحة بناء وشرف، تغير شكل البلد تماما، وغنى “فريد” لثورة يوليو وساندها، خاصة أنه لم ينسى للملك “فاروق” إنه اختطف الفتاة التى أحبها من كل قلبه، وفكر فى الارتباط بها وهى الملكة “ناريمان صادق” التى رأها “الملك” فى محل “نجيب غالي” الجواهرجي، وتزوجها وأجلسها على عرش مصر.
ناريمان تطلب مشاهدة لحن الخلود
أحب “فريد ناريمان” وهى بادلته الحب، لكن الملك “فاروق”، خطفها منه، وبعد طلاقها من الملك وعودتها إلى مصر تجدد الحب فى قلبه، وتمنى الزواج منها، وبدأ يتردد على بيت الأسرة، وكانت “ناريمان” تعامله ببساطة، وفى أحد المرات طلبت أن تشاهد فيلمه “لحن الخلود” فى عرض خاص، فتحدث إلى المسئولين فى ستديو مصر، وقد وافقوا على أن يعطوه صالة العرض لساعات، وحين ذهب إلى الاستديو ومعه “ناريمان” لم يجد واحدا من المسئولين، كلهم فروا خيفة أن يقال أنهم استقبلوا “ناريمان”! ووقع “فريد” فى حرج فأشاع فى العرض الخاص ظرفا أنساها ما حدث، وكانت “أصيلة هانم” أم الملكة “ناريمان” على عهد الحفاوة به كلما طرق الباب والتأكيد عليه بالعودة كلما رحل، وكان قلبه ينعطف من حيث لا يدري إلى ناريمان الحزينة، يتمنى لو يستطيع إسعادها، وكانت قد نجحت فيما صممت عليه من الحصول على الطلاق من الملك “فاروق”.
وقرر الزواج منها فهى ملكة سابقة من أسرة كريمة وهو فنان مرموق من أسرة لا تقل كرما ولا كرامة، وكان يقول لنفسه: صعد بك فنك إلى مستوى القصور والملوك، وأنت من باب المباهاة والتيه أمير بحكم فرماني سلطاني منح أولاد الأطرش لقب الإمارة.
أول ذبحة صدرية
كتبت الصحف عن قرب زواج الملكة السابقة من المطرب الشهير، لكنه فوجأ فى أحد الأيام ببيان تنشره “أصيلة هانم” والدة الملكة السابقة تقول فيه: “أن الأستاذ فريد هو مطرب صديق للعائلة وفكرة مصاهرته غير واردة، وإن كان يبحث عن الشهرة فليسع إليها فى مكان آخر، وليس على حساب بنات الأسر الكريمة، فخبر زواجه من إبنتي هو إشاعة أحقر من أن نكذبها”، وما أن قرأ “فريد” هذا الخبر حتى أصيب بأول نوبة قلبية فى حياته، وتأثر فريد جدا حيث أعتبر البيان إهانة له كإنسان وكأمير من عائلة الأطرش، وأيضا كفنان، وترك فيه هذا البيان جرحا غائرا ظل يعاج من أثره سنين، وكلما تذكره أحس بالإهانة! وقد طوى فريد صفحة الحب مع الأيام، وأن قدم أغلب أحداثها فيما بعد فى فيلمه “قصة حبي” الذى أخرجه بركات، وقامت إيمان على الشاشة بنفس دور ناريمان فى الحياة.
…………………………………………………………………………………………..
الأسبوع القادم شادية أنضج حب في حياة فريد الأطرش