المحذوف من رائعة “الشاطئ” لـ “عبدالهادي بلخياط”
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أو حذفها.
كتبت: سما أحمد
منذ أيام قليلة وبالتحديد يوم 10 أغسطس الماضي مرت ذكرى شاعر مصر الرقيق “مصطفى عبدالرحمن” المعروف بـ “ابن الشاطئ” الذي رحل عن حياتنا عام 1992، ويعتبر من شعراء مدرسة الرقة العاطفية، هذه المدرسة التى كانت غالبة على الأدباء والشعراء فى النصف الأول من القرن العشرين، وتميز “عبدالرحمن” بصدق التعبير عن تلك الرقة العاطفية، مع التجديد والإنطلاق والتحرر.
قدم الشاعر الراحل أغنيات كثيرة جدا لمجموعة كبيرة من المطربين سواء باللهجة العامية أو الفصحى نذكر منها “لمين هواك” غناء عبدالعزيز محمود، “رجع الهوا تاني” هدى سلطان، “السعد واعدني” محمد فوزي، “شغلوني عيونك” فايزة أحمد، “قبل هواك” نجاة، “ياني منك” نجاح سلام،”ربيع شاعر” عبدالحليم حافظ، “أشواق” ميادة الحناوي، وغيرها.
ومن القصائد الهامة التى تغنت له قصيدة “الشاطئ” التى تغنى بها الحنجرة الذهبية المطرب المغربي “عبدالهادي بلخياط” من ألحان الموسيقار المغربي الشهير الراحل “عبدالسلام عامر” وتغنى بها “بلخياط” عام 1968، وتعتبر واحدة من أجمل ما غنى مطربنا المغربي الكبير .
هذه القصيدة تم تغيير كلمة “الصبح” في البيت الذي يقول “يَسَألُ الليلَ عن الصبح البعيدِ” بكلمة الفجر فأصبحت “يسأل الليل عن الفجر البعيد”، وأهمل الملحن مجموعة من الأبيات بداية من “أَينْ ما كان على الشَّاطئِ من أَفْراحَنا”، هذه القصيدة عندما ظهرت نالت إعجاب “عبدالحليم حافظ” وتمنى أن يغنى لملحنها “عبدالسلام عامر” أغنية.
ستجدون القصيدة موجودة كاملة كما كتبها الشاعر، والأبيات المحذوفة موجودة باللون الأحمر.
أين يا شطُّ لياليكَ النديّاتُ الحِسانُ؟
أين غابت؟ أين وَارَاهَا عن العينِ الزَّمانُ؟
فَرغت كأسي وجفَّت من مُنى النفس الدنانُ
أين يا شطُّ لياليكَ النديّاتُ الحسانُ
راح أمسي وتولّى من يدي
غيرُ ذكرى تبعثُ الماضي الدَّفين
آه آه مِنها لِلغريبِ المُبعدِ
بين نارٍ وعذابٍ وحنين
لا رِمالُ الشَّطِّ إن راحَ يُناديها تجيبُ
لا ولا يَحنو على مَدْمَعِهِ الهامي حَبيبُ
شَفَّهُ الوَجْدُ فَأَمْسى من جَوى الوَجدِ يَذوبُ
يَسَألُ الليلَ عن ـالصبح ـ الفجرِ البعيدِ
وَيُمَنّي النَّفْسَ بِاللُّقْيا غَدًا
فَإِذَا لاحَ سَنا الصُبْحِ الجَديدِ
ذَهَبَتْ كلُّ أَمانيهِ سُدًى
ها هُنا أَشرق لِلْأَيّام فَجْري
وهُنا غَنَّتِ الأمْواجُ والشُّطْأنُ والدُّنْيا لَنا
أَينْ ما كان على الشَّاطئِ من أَفْراحَنا
أين أيام قصار ذهبت، قد قضيناها على الرمل معا
وأمان باسمات طويت، سخرت من خافقي لما دعا
كل هذا راح مني وتولى يوم غابوا
وبقيت اليوم أدعو وصدى الصوت جواب
من معيدي للذى قد كان والعمر شباب
مَن مُعِيدِي لِلَيالِيَّ الخَوالي
وعُهودٍ خَلُدَتْ في خاطِري
نَسْبِقُ ـ”الصبح”ـ الفَجْرَ إلى شَطِّ الجَمالِ
ونَرى المَاضِي بِعَيْنِ الحَاضِرِ
فرغت كأسي وجفت من منى النفس الدنان
أين يا شط لياليك النديات الحسان.