حوار أجراه : رضا العربي
حسن فؤاد .. شاكوش التسعينات الذي ظل يرفرف بسنوات العمر الجميل الحنون قبل عقدين من الزمان مرددا كلمات الراحل الكبير سيد حجاب قائلا:
وينفرط من بين إيدينا الزمان
كأنه سَحبة قوس فى أوتار كمان
وتنفطر ليّام.. عقود كهرمان
يتفرفط النور.. والحنان.. والأمان
وينفلت من بين إيدينا الزمان.
حينها كنت طالب في الثانويه العامة وكنت أعشق سماع هذا التتر وأتخيل عند سماعه سمات وشكل من يقوم بالغناء، فالاسم لم يكن معروفا ولكن الصوت كان مولفا على موجات القلوب يتسرب للوجدان والأحاسيس دون استئذان، ظللت فترة أبحث عن ألبومات له في الأسواق فلم أجد إلى أن صدر ألبومه الأول (أيوه ياسيدي) الذي حمل بين طياته أجمل ماغنى الفنان الجميل والانسان الأجمل (حسن فؤاد) ،بداية من تتر أربيسك لعمنا سيد حجاب ومبدعنا الخالد عمار الشرعي مرورا بأيوه ياسيدي وغيرها من الأغنيات العذبة التي حفرت في الوجدان المصري والعربي.
إلا أنه بعد صدور هذا الألبوم بفترة وتحديدا بعد وفاة العالمى بموسيقاه عمار الشريعي اختفى فنانا الجميل حسن فؤاد، وأصبح كفص ملح وداب ولكن أغنياته ظلت خالدة وعلامة بارزة في تاريخ الدراما المصرية، لا يمكن أن تطالها يد الزمن مهما مر عليها من أيام أو سنوات، لكن بعد مرور سبعة عشر عاما ومع بزوغ فجر عام 2020 بعث إلى الأفق مرة أخرى الفنان الجميل الحالم (حسن فؤاد)، وعاد إلى الساحة الغنائية من جديد.. بأغنية (بليز كلمني) ولم أكذب الخبر فاتصلت به على الفور لمعرفة ما سر هذا الإبتعاد؟، وما سر السنوات الـ ١٧؟، وأين ولماذا اختفى طيلة هذه الأيام والسنوات؟، لذا كان معه هذا الحوار في محاولة للإجابة عن كل الأسئلة التي شغلت جمهوره وشغلتني شخصيا طيلة هذه السنوات.
* في البداية أين ولماذا اختفيت كل هذه السنوات ياحسن ؟
** يضحك: (أولا: والله موجود بس تعبت.. بعد موت الأستاذ عمار معرفتش أتعامل، أو بمعنى أدق مالقيتش ملحنين على نفس القدر من الأمانة في التعامل زي الأستاذ عمار، فمع الأسف تجد اللحن الوحد يباع لأكثر من مطرب لمن يدفع أكثر، وأنا مش واخد على التعامل بالطريقة دي.
ثانيا: كان هناك حادثة شخصية كانت السبب الرئيسي في ابتعادي عن الفن طيلة هذه السنوات، وهى رحيل بعض أصدقائي المقربين من الوسط الفني في أعمار صغيرة وهذا كان مدعاة أني أفكر مع نفسي شوية وأراجع شريط حياتي.
* هل تفسر لنا ولجمهورك ماذا فعلت في هذه السنوات، ومن أين كنت تدبر حياتك المعيشية ؟
** بسرعة في الإجابة: (ربك كريم عمره ما بينسى حد)، لقد تفرغت يا سيدي لحفظ القرآن، حفظ وإتقان حتى أنني أتقنته كحفظ بالأحكام والقراءت… أما بخصوص الموارد المالية فكما قلت (ربك ما بينساس حد وبيدبرها من حيث لا تعلم).
* من هو صاحب الفضل عليك في دخولك الوسط الفني؟
** والله صاحب الفضل الأول على بعد ربنا الشاعر الجميل (مأمون الشناوى)، هو من رشحني بعد سماعه لي إلى الاستاذا مجدي العمروسي بشركة (صوت الفن) وعن طريق الأستاذ مجدي تعرفت أيضا على الأستاذ الموجي وكانت البداية.
* في هذ الفترة من حياتك، من كان مثلك الأعلى من المطربين وكنت تتمنى تكون مثله أو تحقق ما حققه من نجاح؟
** والله مثلي مثل كل المطربين العرب والمصريين لا أظن أن أحد لايحب أن يكون مثل حليم.. طبعا عبد الحليم حافظ هو مثلي الأعلى في كل شي، وأتمنى أن أكون مثله أو أحقق بعض ما حققه من نجاحات في مشواره الفني، سواء كان على مستوى الغناء أو التمثيل.
* في بيتك ما هى أخبار الفن ؟، بمعنى أدق : هل أحد أفراد العائلة يهوي الطرب؟
** يضحك بصوت عالي: كان لي خال عندما علم أني سأغني هددني بالقتل، ويستطرد لا للأسف البيت عندنا لاعلاقة له بالفن، فقد كان البيت مكون من تسعة أشقاء خمسة ذكور وأربعة إناث.. بيت متدين جدا صوفي الطبع، لكن محيطي السكني وبلدي التي ولدت بها كانت كتلة من الجمال في كل شي، وصوت أم كلثوم يحتضنك في كل مكان، هذا كله دفعني للفن والغناء تحديدا.
* بعد أن مارست الفن وعانقتك الشهرة، ماهى أخبار خالك الذي هددك بالقتل؟.
** يضحك: هذه واقعة مضحكة جدا، ففي أول حفل لي كان من خلال احتفالات أكتوبر التي يحضرها الرئيس كل عام، ووفقني الله وغنيت بها وأذيع الحفل مباشر، وفوجئت بعد انتهاء الحفل وعودتي للمنزل أخذني خالي بالأحضان وظل يتشرف بي بكل مكان بعدما رأني أسلم على الرئيس الراحل حسني مبارك، وألغي من قاموسه فكرة ضربي بالنار نهائيا.
* ما سر عودتك للغناء مرة أخرى طالما ارتضيت حياة الهدوء والسكينة؟
** بقدر من الهدوء: (والله كل شي بتدبير ربنا.. كل الناس اللي بتقابلني.. بتقولي حرام عليك.. اللي ذيك وذي الحجار ومدحت صالح تسيبوا الساحة فاضية أمام طوفان أغاني المهرجانات.. دا ينفع؟) فكان لابد لي أن أرجع وبقوة من جديد.. (برضه ما خبيش عليك بين فترة والتانية كنت بحن للغنا والتفاعل مع الناس).. الفن حالة داخل الفنان لا تموت أبدا.
* لكن قل لي كيف تعرفت إلى عمار الشريعي، ولماذا عمار تحديدا؟
** بعد تعرفي إلى مجموعة من الملحنين الكبار، قلت لنفسي (أنا عاوز عمار الشريعي.. ليه عمار حاسيت انه الوحيد اللي قادر على فهمي كصوت وتوظيف قدراتي)، لذا كنت أذهب اليه من السادسة مساء حتى السادسة من صباح اليوم التالي، طيلة ثلاثة سنوات متتالية، إلى طلبت منه ذات أن يقدمني في تتر أي مسلسل من المسلسلات التي يقوم بتلحينها في موسم رمضان من كل عام، وبالفعل قدمني في مسلسل أرابيسك، على الرغم من معارضة جميع صناع العمل، بسبب كوني صوت جديدا إلا أن الاستاذ عمار أصر على تقديمي في هذا التتر.
* ترى: من من طاقم العمل كان رافضا أن تغني هذا التتر؟
** بالطبع كان الاستاذ أسامة أنور عكاشة، لكنه سريعا ما أعاد وجهة نظره ورحب بي بعد سماعه التسجيل المبدئي للتتر، هو والغالي العزيز الراحل سيد حجاب، وتواصلت الأعمال بيننا فيما أنا والأستاذ عمار وعمنا سيد حجاب.
وفي الختام شكرته وتمنيت له التوفيق الدائم، وطلبت منه عدم الغياب مرة أخرى.. باعتبار أن حسن فؤاد يمتلك ناصية الحس والفن وهو أحد افراد القوة الناعمة المصرية الأصيلة التي يمكن أن تنقذنا من عشوائية ومهرجانات الغناء التي اجتاحت حياتنا مؤخرا.