* والده له العديد من المؤلفات الدينية وأشقائه معظمهم ضباط فى الجيش
* بدأ محمود رضا في مزاولة الرقص فى آواخر المرحلة الثانوية
* حصل على مجانية التعليم الجامعي بسبب تفوقه الرياضي
* شقيقه “أحمد” حذره من نظرة المجتمع عندما فكر في احتراف الرقص
* الفنان “أسامة عباس” اشتغل معه كراقص في فرقته
كتب : أحمد السماحي
حياة الفنان “محمود رضا” الشخصية لا تقل ثراءا وحيوية عن تصميماته واستعراضاته، فنشأة أي فنان ومسيرة حياته السجل الحقيقي الذي يطالعنا على العوامل التى أثرت في تكوينه، ولد الراحل فى حي غمرة بالقاهرة عام 1930 لأسرة مصرية مكونة من أب وأم وعشرة من الأبناء الذكور والإناث، وكان الوالد الأستاذ “محمد رضا” يعمل أمينا لمكتبة جامعة فؤاد الأول – القاهرة – وكان عالما متبحرا فى علوم الدين وله مؤلفات دينية عظيمة منها “محمد صلى الله عليه وسلم، أبوبكر الصديق، عمر بن الخطاب، الحسن والحسين، المدينة والإسلام” وغيرها وهى من المؤلفات التى لا يزال يعاد طبعها حتى الآن .
أشقاء محمود
أما أشقاء “محمود” – كما جاء في كتاب محمود رضا والرقص الشعبي – فهم “أحمد رضا” الأخ الأكبر الذي درس القانون فى إحدى جامعات فرنسا، وشغل منصب مستشار قانوني بمجلس الدولة، وله كثير من المؤلفات الأدبية والثقافية والتاريخية، والشقيق الثاني هو “حسين رامز رضا” وكان مديرا لشئون العاملين بالمصانع الحربية، والشقيق الثالث هو “مصطفى رضا” ضابط لاسلكي بهيئة قناة السويس، أما الشقيق الرابع فهو الفنان “علي رضا” المخرج السينمائي والملحن الشهير، الشقيق الخامس هو “صلاح رضا” كان ضابطا بالقوات البحرية المصرية، ثم درس التأليف الموسيقي بالمعهد العالي للكونسيرفتوار بأكاديمية الفنون، ثم أصبح أستاذا لمادة التأليف الموسيقى بالمعهد، ثم أستاذا للموسيقى بمعهد الموسيقى بالكويت، وباقي الأخوة سيدات .
بداية الرقص
بدأ محمود رضا في مزاولة الرقص فى آواخر المرحلة الثانوية، ومع بداية الدراسة الجامعية في كلية التجارة، حيث بدأ يمارس الرقص كهواية في الحفلات التى كان يقيمها نادي البلدية الرياضي، وكذلك نادي “هليوليدو” وكانت الحفلات تقام كل شهر، ويتخلل برامجها فقرات رياضية وأخرى موسيقية راقصة، وكان “محمود” يشارك في الفقرات الرياضية سواء السباحة أو الغطس أو الجمباز، ويشارك أيضا في الفقرات الفنية، ويقدم برنامجا راقصا يشترك فيه معه بعض الهواة من شباب النادي، والذين أصبح من بينهم بعد ذلك شخصيات مرموقة فى المجتمع منهم على سبيل المثال الفنان “أسامة عباس”.
الميدالية الذهبية
مع أن هذه المحاولات كانت على سبيل الهواية فقط فإنها أثرت فى تكوين شخصيته الفنية فى تلك الفترة، ويذكر الفنان “محمود رضا” عن تلك الحفلات أنه كان يعد لتلك الحفلات فقرات فنية تمزج الرقص بالجمباز، ولذلك كان يختار عددا من أصدقائه لاعبي الجمباز لتقديم تلك الاستعراضات، كما أنه أدخل بعض حركات الرقص في تمرينات الجمباز الأرضية، عندما طلب إليه ذلك مدرب الفريق الأوليمبي للجمباز “هانزتشودي” السويسري الجنسية، ولم يكن هذا المزج بين الرقص والجمباز معروفا على المستوى العالمي فى ذلك الوقت، فحصل على الميدالية الذهبية فى بطولة الدول العربية التى أقيمت فى الإسكندرية عام 1951 .
مجانية التعليم الجامعي وهلسنكي
استطاع “محمود رضا” فى تلك الفترة المبكرة من حياته الجمع بين تفوقه الدراسي وهواية التزحلق “الباتيناج” وممارسة كثير من الأنشطة الرياضية، مثل تنس الطاولة والكرة الطائرة، وكرة السلة، ولقد أحرز كثيرا من البطولات باسم مدرسته أو الكلية التابع لها، مما أفاده فى الحصول على مجانية التعليم الجامعي لتفوقه الرياضي، كما شارك فى عدة بطولات على مستوى محافظة القاهرة أو الجمهورية في رياضات السباحة والغطس، أما في رياضة الجمباز فقد وصل به تفوقه الرياضي إلى تمثيل مصر فى الألعاب الأوليمبية في “هلسنكي” عام 1952 .
تكوين أول فرقة استعراضية
ولا شك أن ممارسة ” محمود رضا” الأنشطة الرياضية المتنوعة كان لها دور كبير وفعال في تكوينه الفني كراقص، وأيضا كمصمم استعراضات، وقد تعلم رقص الباليه في بعض معاهد الرقص بالقاهرة، وجاء اهتمامه بالرقص الاستعراضي والحديث من خلال حرصه على متابعة ومشاهدة الأفلام الاستعراضية لأشهر الفنانيين، وقد استمر هذا النشاط الفني والرياضي أيضا في نادي “هليو ليدو” والذي كان يضم كثيرا من الجنسيات الأجنبية، وأيضا من المصريين ولكن من أصل أجنبي، وجمع خمس بنات وخمسة أولاد من أعضاء النادي وكون فرقة صغيرة تقدم رقصاتها فى الحفلات الشهرية، وكانت هذه هى أول فرقة راقصة يكونها “محمود رضا” ويصمم لها بعض الرقصات وكان من بين راقصي الفرقة الفنان “أسامة عباس”.
وبالإضافة إلى نشاطه فى إنشاء هذه الفرقة الصغيرة من الشبان والفتيات انضم “محمود رضا” خلال عامي 1954 و1955 إلى فرقة “ألاريا” الأرجنتينية، وشارك في عروضها في القاهرة والإسكندرية، وروما وباريس، مما أكسبه بنفسه وبقدراته الفنية والإستعراضية، ويعد عمل هذه الفرقة رافدا من أهم الروافد التى أثرى من خلالها خبراته فى معرفة الرقص الأرجنتيني، والإسباني والرقص الحديث، فضلا عن اكتساب خبرة تصميم الرقصات من خلال تجارب عملية مع هذه الفرقة.
الاستقالة من شل وسمعته
عندما قرر “محمود رضا” إنشاء الفرقة واحتراف الفن الراقص كان عليه أن يتفرغ تماما، وأن يترك وظيفته بشركة “شل”، وخاف عليه شقيقه الأكبر “أحمد” من هذه الخطوة لعدة أسباب أهمها نظرة المجتمع فى هذا الوقت للراقص الذي يصفوه بالميوعة وغيرها، كما كان يرى أن تركه للوظيفة مخاطرة يجب عمل حسابها بدقة، وحاول أن يقنعه بالتأني فى هذا القرار، وقال له كما جاء على لسان الفنان الراحل محمود رضا: إن الرقص الشعبي له سمعه سيئة للنساء فما حال لو مارسه رجل، وأنت والدك رجل دين وله مؤلفات دينية، كما أنه شيئ محدود ولا يتعدى عددا قليلا من الرقصات، وبعد أن تقدم هذه الرقصات إلى الجمهور، فماذا تقدم له بعد ذلك، سوف تتوقف عملية الإبداع، ومن ثم يتوقف نشاط الفرقة بعد أن تكون قد فقدت الوظيفة واتهمك الناس بما ليس فيك!!
لكن محمود لم يفكر فى كل هذا، لكنه انتبه إلى شيئ واحد وهو أن مخزونه من الرقصات محدود لهذا طاف محافظات مصر جميعها حتى يعرف تراثها من الرقصات وبالفعل جمع العشرات من الرقصات التى كانت ينبوعه الفني الذي يلجأ إليه عندما كون فرق رضا.
وزيرة الثقافة تنعي الراحل
هذا وقد نعت الدكتورة “إيناس عبد الدايم” وزيرة الثقافة وجميع الهيئات والقطاعات الفنان محمود رضا أحد مؤسسي فرقة رضا للفنون الشعبية الذي غيبه الموت اليوم الجمعة 10 يوليو عن عمر يناهز 90 عاما.
وقالت الوزيرة ان الراحل واحد من أساطير الفنون الشعبية وعبرت تصميماته عن الروح المميزة للفنون الاستعراضية المصرية، كما نجح فى الوصول الى العالمية بالفرقة التى باتت سفيرا لقوى مصر الناعمة
وتابعت : “رحم الله الفنان الكبير محمود رضا داعين الله ان يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم ذويه من تلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان”