كتبت : كرز محمد
على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى مسلسل (ليه لأ)، سواء فيما يتعلق بالقصة التي أثارت استهجان بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين رأوا أن المسلسل يدس السم في العسل، إذ يحرّض الفتيات على ترك منزل الأسرة والعيش بمفردهن، وهو أمر ضد عادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية؛ إلا أنني أتفق تماما مع ردود أفعال الفتيات التي جاءت على النقيض من كل ذلك، سواء كن صاحبات تجربة الاستقلال عن الأهل، أو ممن يعرفن فتيات مررن بذلك بالفعل ويشعرن نحوهن بالتقدير.
كثيرات عبرن عن إعجابهن بالعمل وواقعيته، بل جرأة صناعه، وعلى جانب آخر ظهرت فئة أخرى انتقدت العمل الدرامي جملة وتفصيلا، لإظهاره من جهة الفتاة المستقلة كشخصية سلبية وساذجة للغاية لا تعرف كيف تعتمد على نفسها أو تنجو دون مساندة، ومن جهة أخرى لتصويرها كامرأة جبانة تهرب دوما من مواجهة مشكلاتها.
وعلى اختلاف وجهتي النظر فإنه قد أعجبني أبطاله، فأمينة خليل جاءت مناسبة تماما للدور، كما ظهرت شيرين رضا ومحمد الشرنوبي بأفضل حالاتهما، أما مفاجأة العمل فهي النجمة هالة صدقي التي قدمت دور الأم، إذ أدته بحرفية مطلقة، وجسدت من خلاله شخصية الأم المتسلطة التي تستغل ضعف بناتها، ولا تقبل منهن سوى الطاعة العمياء وإلا الحرب، ويتساوى في ذلك كل من محسن محي الدين وهاني عادل، وعمر الشناوي وعمر السعيد، وعايدة الكاشف وصدقي صخر.
مسلسل “ليه لأ” من تأليف ورشة “سرد” تحت إشراف السيناريست (مريم نعوم)، ومن إخراج (مريم أبو عوف) وقد أبدعت الاثنتين تماما في القصة والإخراج، فعلى الرغم من أن السيناريو كتبه أربعة إلا أن (ناعوم) ضبطت الإيقاع تماما، بحيث لم تظهر أية أخطاء جراء اختلاف وجهات النظر، وظني أن (مريم أبو عوف) برعت إلى حد كبير في إدارة فريق العمل، بحيث يبدو الانسجام واضحا بين الشخصيات المختلفة طوال الحلقات رغم تباين الأعمار فيما بينهم، وقد ساهم في إنجاح هذا العمل الموسيقى التصويرية لـ (خالد الكمار) بما قدمه من تنويعات رومانسية غاية في العذوبة، في تواز تام مع جدية بعض المواقف التي تلامس الكوميدية الخفيف، ولقد لعبت الموسيقى فيها دورا مهما للغاية للتأكيد على حالات الشجن والغضب والارتباك.
ويظل أجمل في هذا المسلس هو التتر أو أغنية مقدمته التي أدتها المطربة (آمال ماهر) بحماس يواكب الأحداث، فكلمات الأغنية جاءت لتشجع المرأة على الوقوف بالمرصاد لكل من يحاول أن يملي عليها تصرفاتها ويمنحها صك حقوقها الحياتية، وقد جاءت الأغنية التي لحنها ووزعها (خالد عز) على خلفية ظهرت فيها البطلة تهرب لحظة عقد قرانها، مما تسبب بالإحراج لأمها وكل من حولها من الأهل والأصدقاء، فضلا عن “كسرة القلب” لخطيبها، وهى نفسها الأسباب التي نتج عنها انقسامات بالرأي، وتصدرها استهجان من الرجال، سواء داخل المسلسل نفسه أو خارجه على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
خلاصة مسلسل (ليه لأ) أن ثمة مشاعر جميلة شكلت لغة خاصة ربطت منذ منتصف الأحداث بين “عالية وحسين”، وظلا فترة طويلة لايبوحان بما يحمله كل واحد منهما تجاه الآخر، حتى جاءت الفرصة مواتية عندما لحق بها في أثناء قيامها برحلة “سفاري” في الصحراء، واتصل بها لتسأله عن مكانه ليقوما بعمل (ماستر سين) الحلقات، من خلال مشهد رومانسي يلخص الحالة برمتها، وجاء الحوار على النحو التالي:
عالية : انت فين يا حسين؟
يرد حسين : أنا هنا (يظهر في الكادر من خلفها).
عالية أن مش فاهمة حاجة حتى تنتبه على وقع أقدامه خلفها فتضمه لحضنها كنوع من التعبير عن السعادة.
عالية تصعد على حجر بجوارها وتقفز من فوقه لترتمي في حضن حسين قائلة: لأ .. بجد لأ.. الله .. الله.
حسين : هو انتي فاكرة انني حاعدي أول عيد ميلاد ليكي واحنا مع بعض عادي.
عالية : أيوه .. انتا عرفت أنا فين أصلا وأنا في وسط الصحرا؟
حسين : اتصرفت بقي!
تحضنه عالية من جديد قائلة : إيه المفاجأة التحفة دي
حسين : وحشتيني
عالية : وانتا كمان وحشتيني قوي.
حسين : كل سنة وانتي طيبة.
عالية : وانتا طيب.
ثم يجلسان سويا أما الخيمة والنار تشتعل من حولها في جو شاعري، ويلعب حسين في شعرها بينما هى نائمة على ركبته قائلا: اللي واخد عقلك؟!، فتضحك عالية ضحكة فيها قدر من السعادة، وهو يرد على ضحكتها متسائلا: طيب اللي واخد قلبك؟
عالية : أنا مش عارفة احنا ازاي وصلنا لهنا ؟!.
حسين مستنكرا كلامها : أنا من أول لحظة وأنا عارف ازاي حنوصل هنا.
عالية : مكنتش شايفه ده بصراحة .. إحنا كنا .. انتا كنت بتحكي لي عن حياتك وأنا باحكليك عن حياتي، ونانسي وكريم ويكمل حسين: وشريف فتقول له لا لا .. ده كان قبل ما أعرفك.
ثم يعتدل حسين ويقول لها تعالي لما أفرجك على حاجة ويفتح شنطته ويخرج كاميرا احترافية هدية لعالية.
بعد ليلة رومانسية فارقة في حياة كل من (عالية وحسين) يصحوان على إيقاع الحياة الصحراوية، حيث يقوم حسين بتتبيل اللحمة تمهيدها لشويها، ووقفت عالية في مواجته قالة: عندي سؤال ، بس هو سؤال غريب شوية .. ايه أكتر حاجة شدتك ليا ؟
حسين : أكتر حاجة شدتني ليكي .. ههههه.. ده سؤال كليشيه .. سؤال كليشيه قوي .. ثم أردف قائلا في سخرية : عليكي تقديمة قهوة .. سحرتني!!!.
عالية : عارف ياحسين ثم قذفتة بتفاحة حمراء انت بجد سخيف!!!.
حسين: لا والله بس السؤال اللي انتي سألتيه….ثم يتراجع عن استكمال كلامه.
عالية بنوع من خجل الموقف : لا خلاص مش عاوزه أعرف .. اعتبر اني مسألتش حاجة.
ثم يتجها سويا إلى أعلى الجبل، ويجيب حسين على السؤال: قوليتلي إيه أكتر حاجة شدتني ليكي هه؟ .. انك استثنائية.
عالية : ايه الغزل اللي بالفصحة فجأة ده.
حسين : لا والله جد أنتي استثنائية.. انتي أقوى ست شفتها في حياتي .. انتي حاربتي كل حاجة في حياتك وحاربتي أي حاجة في الدنيا علشان تعرفي توصلي لهدفك، مع انه كان صعب جدا، كان ممكن تستسهلي وتسمعي كلام أهلك وتتجوزي وتتستتي وتقعدي في بيتك وخلاص.
عالية : حسين أنا عاوزه أسالك عن السفر بس خايفة.
يرد حسين على الفور : مش وقته .. خلصي مسابقتك وخلصي كل حاجة في حياتك وبعدين نتكلم في كل اللي انتي عاوزاه .. وعلى فكرة أنا مش مشدود ليكي : أنا باحبك.
تقبله عالية في خده وينتهى المشهد على إيقاع موسيقى رومانسية حالمة.