“إشاعة حب” .. الفيلم الوحيد الذي تمنى “عمر الشريف” إعادته!
* الفيلم هو الظهور الأول والأخير لزوجة “بليغ حمدي” الأولى!
* فطين عبدالوهاب يتجرأ ويجعل أحداث فيلمه تجري في مدينة غير القاهرة
* شهد الفيلم كوكبة كبيرة من النجوم يخشى أي منتج حاليا على جمعهم في فيلم واحد
* يوسف وهبي قدم دور العم الكهل خفيف الدم ببراعة منقطعة النظير
كتب : أحمد السماحي
تثبت الأيام كلما تقدمنا مع السينما المصرية فى أفلامها الجديدة، وكلما رأينا في الوقت نفسه أفلامها القديمة، أن العقم أصاب كثيرا من عناصرها خاصة في مجال الكتابة الكوميدية التى يغلب عليها حاليا الاستخفاف والاستظراف و”الهبل”، وتثبت الأيام أيضا إن الذي نفقده من أسمائها الكبيرة لا نجد من يعوضه بالكفاءة نفسها، وأبسط مثال على ذلك صناع فيلمنا هذا الأسبوع “أشاعة حب” الذي نحتفل من خلاله بذكرى رحيل النجم المصري العالمي “عمر الشريف” الذي كان محبا لهذا الفيلم، ويتمنى إعادته مرة أخرى كما صرح لنا فى أحد الحوارات.
والفيلم أحد أيقونات السينما المصرية الكوميدية، التى تزداد جمالا مع مرور الوقت، رغم أن كل أبطاله ليس لهم علاقة بالكوميديا، وكانوا يجسدونها لأول مرة باستثناء طبعا النجم الكبير “يوسف وهبي” الذي صال وجال فى هذا الفيلم وقدم أدائا كوميديا رائعا، وتفوق على كل العاملين معه.
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول “حسين” الذي يجسده “عمر الشريف” الشاب الخجول المرتبك الغارق في حب ابنة عمه “سميحة” التى تجسدها “سعاد حسني”، في الوقت الذي لا تعيره هى اهتماما، وتحب ابن خالتها “لوسي” الشاب الذي يجيد الرقص والغناء، ولكن عم حسين “عبد القادر النشاشجي”، والذي جسده “يوسف وهبي”، غير راضي عن إعجاب ابنته بأبن خالتها، ومعجب بشخصية أبن أخيه “حسين”، لهذا وحتى يلفت انتباه ابنته له، يبدأ في تحويله ظاهريا إلى شخصية شاب “دنجوان”، وبهذه الحيلة استطاع أن يجذب انتباه ابنته، خاصة عندما رسم خطة ماكرة ونشر إشاعة أن “حسين” على علاقة بالفنانة “هند رستم” الممثلة الشهيرة، وتتوالى الأحداث التى تدور فى إطار كوميدي راقي.
كواليس الفيلم
شهد هذا الفيلم ظهور خاطفا لوجه جديد إسمه “أمينة”، هذه الفتاة هى “أمينة حسن تحيمر” الزوجة الأولى للموسيقار “بليغ حمدي”، والتى جسدت دور واحدة من صديقات “سعاد حسني”، وعن ظروف دخولها المجال السينمائي قالت فى إحدى المجلات التى غطت كواليس تصوير الفيلم: التقيت بصديقي “عادل هيكل” حارس نادي الزمالك فى النادي الأهلي، الذى عرفني بدوره علي صديقه المنتج “جمال الليثي” الذى عرض علي العمل فى فيلم جديد يقوم بإنتاجه إسمه “إشاعة حب” بطولة “عمر الشريف” والوجه الجديد “سعاد حسني”، فقلت أجرب نفسي واستغل أوقات فراغي، فتمنى لها “المحرر” النجاح وتركته سعيدة، وانشغلت بتصوير دورها الصغير فى الفيلم.
لكن فى المونتاج حذفوا كثيرا من دورها، وأبقوا فقط على مشهدين، وفى العرض الخاص حزنت “آمال” جدا لما حدث لها، وتوجهت بكامل زينتها مباشرة إلى صديقها الموسيقار الشهير”أنور منسي” تشكي له وهى قلقة وعصبية، فطيب خاطرها، ولم يتركها إلا وهى ضاحكة، وقال لها وهو سعيد بانقشاع غشاوة الحزن: تعالي أسمعك مقطوعة جديدة، وتدفقت النغمات، وفى هذه اللحظة دخل “بليغ حمدي” ورأها وأعجب بها وتزوجها.
نقد الفيلم
تناول الناقد السينمائي الكبير الراحل “سامي السلاموني” هذا الفيلم بالنقد فى مجلة “فن” عام 1990، حيث قال: السينما المصرية لا تتصور أبدا أن مصر ليست القاهرة، وأن عشرات المدن الكبيرة والصغيرة الأخرى يمكن أن تكون لهم مشاكلهم ورغباتهم وأحزانهم ومسراتهم، وفي الحالات النادرة فقط التى تجرؤ فيها الكاميرا على مغادرة قصور وديكورات أو كباريهات القاهرة، تكون الموضوعات عن الفلاحين مثلا، فترى السينما أنه سيكون غريبا نوعا ما أن يتم تصوير الفلاحين أيضا بحقولهم فى القاهرة.
ولكن فى “إشاعة حب” تقع الأحداث كلها في بورسعيد وهى مدينة صغيرة نسبيا ولكنها مهمة جدا لأنها تقوم علي ثاني أهم ميناء مصري بعد الأسكندرية، وكان يمكن أن تستخلص منها السينما موضوعات شيقة ومختلفة عن طبيعة مجتمع مغلق يقوم في الوقت نفسه على التجارة وتبادل العلاقات والخدمات مع جنسيات من كل العالم، فأفلام المواني من أغنى وأخصب الأفلام بالموضوعات والأحداث في سينما العالم كله، ولكن الميناء فى الميناء المصري هو مجرد ” نزوة” تخطر للمخرج لصنع مشهد أو مشهدين عن إنزال شحنة ما من مركب تنتظرها العصابة غالبا!.
لكن “فطين عبدالوهاب” يصور فيلمه بالكامل في بورسعيد من دون أي عصابات وإنما مجرد مجتمع ضيق ومغلق بحيث يصبح ممكنا أن تصبح العلاقات معروفة وتحت أبصار الجميع، وبحيث تتولد الإشاعة وتنتشر بأكثر مما تضيع في القاهرة، باستثناء ذلك لا تختلف أحداث الفيلم في بورسعيد عنها في القاهرة، ووسط الجو الكوميدي الظريف الذي تدور فيه الأحداث، والذي أجاد صنعه “فطين عبدالوهاب” كعادته يقول الفيلم مقولة مهمة جدا أيضا عن تفكير الناس العقيم، فهم يحكمون على غيرهم حتى في مجالات العواطف حسب المظهر أيا كان خداعه، وبغض النظر عن قيمة الإنسان أو حقيقته فى ذاته، ومن يدعى البراعة أو “الفتاكة” فلابد أنه كذلك فعلا، أما المهذب المتواضع الذي “يمشي جنب الحيط” فلا يلتفت له أحد، بينما الشخص هو نفس الشخص لم يزد عليه أي شيئ، ولكن إذا كان على علاقة بأمرأة صارخة الجمال فأنه يصبح فجأة وسيما وجذابا في نظر الأخريات.
ومن ناحية أخرى فليس المهم جوهرك الحقيقي، وأنما ما يشاع عنك أو ما يكشف عن سره فجأة ومن دون أي تأكد من صحته، لأنه سرعان ما يشيع وينتشر، ولأن لدى الناس ميلا فطريا لاعتناق الإشاعات أو الفضائح وهم أحيانا أن لم يجدوها يخترعونها ثم يصدقونها بعد ذلك، وهذا الفيلم جماله ليس في حكى قصته ولكن فى مشاهدته، لأنه نموذج لتناول الموضوعات البسيطة في إطار من الكوميديا الراقية التى برع فيها مخرج فنان مثل “فطين عبدالوهاب”.
مغامرة فطين عبدالوهاب
يقول الناقد السينمائي “سمير غريب” عن هذا الفيلم فى كتابه “فطين عبدالوهاب .. رائد الفيلم الكوميدي”: لم يكن موضوع الفيلم المغامرة الوحيدة التى خاضها “فطين” فقد غامر بما هو أصعب حيث أسند أدوار البطولة إلى أسماء لم يكن لها عهد بالكوميديا على رأسهم ملك الترجيديا “يوسف وهبي”، وفارس الرومانسية “عمر الشريف” بالإضافة إلى الوجه الجديد “سعاد حسني” التى كانت تقدم ثاني أو ثالث أفلامها للسينما، أما فطين نفسه كمخرج فقد فعل ما يريد، قدم كوميديا أبطالها أفراد الأسرة، تدور أحداثها فى البيوت، واستخدم الإضاءة العادية المنتشرة دون أية مؤثرات مبالغ فيها، صنع ضحكاته معتمدا على مواقف كوميدية مكتوبة لا على إفيهات أبطاله أو حركاتهم الكاريكاتيرية المحفوظة سابقا.
بإختصار قدم عملا كوميديا مسليا يمكن أن يلتف حوله كل أفراد الأسرة سواء داخل دار العرض أو أمامة شاشة التليفزيون.
……………………………………………………………………
بطاقة الفيلم :
مقتبس عن : مسرحية “حديث المدينة” لجون أمبرسون وأنيتا لوس
سيناريو : ” علي الزرقاني، محمد أبوسيف.
حوار : محمد ابويوسف
إنتاج : جمال الليثي
توزيع : شركة دولار فيلم
تصوير : كمال كريم
مونتاج : حسين أحمد
مناظر : أنطون بوليزويس
إكسسرار : نجيب خوري
المكياج : ميتشو
مساعد إخراج : محمود فريد، صالح فوزي، جمال عمار
المناظر الداخلية والطبع والتحميض : ستوديو مصر
العرض الأول : 21 / 11 / 1960 سينما أوبرا.
البطولة : عمر الشريف، يوسف وهبي، سعاد حسني، عبدالمنعم إبراهيم، إحسان شريف، وداد حمدي، زينات علوي، جمال رمسيس، رجاء الجداوي، آمال رمزي، والوجوه الجديدة ” أمينة وجيهان وسناء”، ضيفة الشرف ” هند رستم” مع لاعب الكرة ” عادل هيكل”.
……………………………………………………………………
أحداث عام 1960 السينمائية
** تم إنشاء معمل “خورشيد” فى طريق الأهرام، لطبع وتحميض الأفلام 35 م،16 م، وأطلق عليه بعد ذلك اسم معامل “اعتماد”.
** تم إقامة أول مهرجان سينمائي دولي بمصر، وهو المهرجان الأفريقي الآسيوي الثاني، وكانالمهرجان الأول قد أقيم فى طشقند “الاتحاد السوفيتي”، وشاركت مصر في المهرجان بفيلم “قيس وليلى” إخراج “أحمد ضياء الدين”.
** شاركت مصر في مهرجان “برلين” بفيلم “دعاء الكروان” إخراج “بركات”، كما رشح الفيلم لجائزة “الأوسكار” لأحسن فيلم أجنبي لعام 1960.
** ظهر أربعة مخرجين جدد هم “سعد عرفه الذي قدم فيلم “لقاء في الغروب”، طلبة رضوان غراميات إمرأة”، شريف زكي ” شجرة العائلة”، عدلي خليل “قلب في الظلام”.
** تم إفتتاح التليفزيون العربي في 21 يوليو، وشاهدت مصر التليفزيون لأول مرة.
** فاز فيلم ” قيس وليلى” إخراج ” أحمد ضياء الدين” بجائزة المركز الكاثوليكي.
** تغير إسم جريدة مصر الناطقة إلى الجريدة العربية.
……………………………………………………………………
أفلام 1960
عرض خلال عام 1960 مجموعة كبيرة من الأفلام وصل عددها إلى 59 فيلم سينمائي كان أبرزها هذه الأفلام (نهر الحب، بداية ونهاية، إشاعة حب، المراهقات، ملاك وشيطان، لوعة الحب، بهية، سكر هانم، غراميات إمرأة، العملاق، جسر الخالدين، حب وحرمان، النغم الحزين، بين إيديك، حلاق السيدات، البنات والصيف، عمالقة البحار، بنات بحري، وطني وحبي، غرام في السيرك، سوق السلاح، أنا وأمي، الفانوس السحري، زوجة من الشارع، صائدة الرجال، نهاية الطريق، الرباط المقدس، العاشقة، نداء العشاق، سر إمرأة، مال ونساء، نساء وذئاب، إسماعيل ياسين في السجن)، وغيرها من الأفلام.