كتب : مروان محمد
هناك حساسية مرهفة نسميها الجاذبية، وهى خاصية يتمتع بها بعض الممثلين، وهذا الحضور للممثل يساعده على إيصال أفكاره الإبداعية، ولكن التواضع مطلوب حتى لا يسيروا إلى الغرور أو الاعتماد على حضورهم متناسين الدور ومتطلباته، لذا يلزم الممثل دائما توافر عنصرين مهمين، هما (الانضباط والأخلاقيات)، وكلاهما مطلوب وبدقة متناهية في العمل الإبداعي الذي يتطلب بالضرورة وجود حالة الإحساس الخارجي، والمقصود بها هى الحالة (الفسيولوجية) الملائمة لوظائف الأعضاء السوية، وهي حالة مطلوب من الممثل إيرادها والإعداد لها قبل الانخراط في العمل التمثيلي على مستوى الصوت، النبرة، الإيماءة، الحركة، الإلقاء، الاتصال، الفعل الفسيولوجي وأخيرا التكيف.
ولأن تلك الخواص كلها تقترن بالتواضع مع الانضباط والأخلاقيات، ومن ثم تصنع الجاذبية فهى صفات توافرت في ضيف (نجوم على الطريق) هذا الأسبوع الممثل الشاب الموهوب (محمد مهران)، صاحب الطلة المميزة على الشاشة، والذي استطاع من خلال أعمال قليلة أن يثبت نفسه لدى الجمهور، فعندما تشاهده تعرف أنك ستشاهد أداء مختلفا عما شاهدته منه من قبل، وفى كل دور تجده قادرا على أن يخرج أفضل ما عنده، لذا فقد استطاع أن يكون حديث السوشيال ميديا، بعد ظهوره في دور “حمادة” خلال أحداث مسلسل “البرنس” في موسم رمضان 2020، والذى لفت من خلاله الأنظار إليه بأدائه المتميز للدور، وأثبت في الوقت ذاته أنه يمتلك ذكاء في اختيار أدواره التى تظهر موهبته التمثيله التى تجعله يسير على خطى جيدة في مشواره الفني.
ولد (محمد مهران) في القاهرة عام 1990، وتربى منذ صغره على حب الفن والتمثيل والتصوير، وشارك في أعمال فنية خاصة عديدة بالمدرسة، وبعدما أنهى المرحلة الثانوية فكر بدخول معهد الفنون المسرحية لدراسة التمثيل، وليكون أقرب أكثر لعالم الفن، وبالفعل بدأ العمل بالتمثيل قبل التخرج من معهد الفنون المسرحية، ثم كانت بداية عمله كممثل في بداية على خشبة المسرح عام 2011م في مسرحية (هنكتب دستور جديد) للمخرج مازن الغرباوي، وتأليف محمود جمال الحديني، تمثيل مصطفى حمزة ومصطفى أبو سريع ، وكان أول عمل تلفزيوني شارك فيه من خلال مسلسل الخفافيش من إخراج وتأليف أحمد النحاس، بطولة مصطفى أنور، مريم سعيد صالح، محمود سمير شيماء عصمت .
ومن المفارقات المذهلة في حياة (مهران) أنه بعد التخرج لم يجد الفرصة المناسبة فأضطر للعمل صحفيا بجريدة التحرير في قسم الفن، وكان يشعر بالضيق لعمله بالصحافة لأنها ليست مهنته الأساسية، ولهذا كان يتصل بالنجوم والممثلين ومنهم من كان زميلا له في المعهد، لكنه لم يكن يوضح لهم ذلك، وكان يتصل من رقم آخر غير رقمه للحصول على الأخبار منهم، مثل الفنان حسن الرداد الذي كان يكبره بسنتين والفنانة أيتن عامر عامر التي كانت تسبقه في المعهد بدفعتين، لكنه لم يستمر في العمل الصحفي سوى أسبوع واحد، دخل بعدها في حالة اكتئاب، لكنه قرر أن يعمل بالمسرح أويسافر للخارج وبالفعل سافر إلى المغرب ومنها إلى فرنسا وعاد ليدخل اختبارات من خلال (أوديشن) لفيلم (أسرار عائلية)، وتشاء الظروف أن يدخل الفيلم في المهرجان القومي للسينما الذي أوفدته من قبل الجريدة لتغطية أحداثه قبلها بعام ليفوز بجائزة أحسن ممثل في نفس المهرجان.
كان فيلم (أسرار عائلية) من إخراج هاني فوزي، وتأليف محمد عبد القادر، بطولة سلوى محمد على، طارق سليمان، بسنت شوقي، مريم محمد علي، محمد العمروسي، ناتاشا، أحمد خالد، محمد محي، وليد صابر، أحمد دعية، وهو يعد واحد من الأفلام المثيرة للجدل ، لكنه حصل على عدد كبير من الجوائز في المهرجانات، وعلى الرغم من أحداثه تدور قصته حول المثلية الجنسية، والنظرة المجتمعية لهم، وكيف هي حياة شاب منذ طفولته وهو لديه ميول مثلية، يعيش وسط عائلة متوسطة ، إلا أنه كانت نقطة إنطلاق (محمد مهران) إلى عالم التمثيل الحقيقي، حيث جسد دوره بطريقة احترافية لطالب يدعى (مروان)، وهو شاب يمارس الجنس مع أقرانه من الشباب أو يميل للجنس الآخر، حاول كثيرا لتغير ميوله بالذهاب إلى أطباء لكي يعود إنسانا طبيعيا، وترجع أسباب تلك الميول الانحرافية إلى تعرض مروان صغيرا لاعتداء جنسى من أخيه الأكبر سامح، كان يتم فى الظلام، واستعذبه مروان، وخاف مصارحة أمه، مما أحدث شرخا بداخله، ولهذا فشلت كل محاولاته اليائسة بإخفاء ميوله، ومعاناته بسبب انحرافه عن الطبيعة من وجهة نظر المجتمع.
ويعتبر أول دور حقيقي لـ (محمد مهران) في مسلسل (بنت اسمها ذات)، مع نيللي كريم، باسم سمرة، أحمد كمال، انتصار، عمر السعيد، ثراء جبيل، من إخراج كاملة أبو ذكرى، وتأليف نجلاء الحديني، تدور أحداثه حول الحياة بين الفترة الزمنية 1952 – 2011، تلك السنوات التي كانت تعيش فيها المرأة في ظروف قهرية ومهمشة وكيف كانت حياتهن صعبة لكن استطاعوا أن ينجبوا جيلا قويا ، وكان عام 2014 عام مليء بالأعمال الذي شارك بها، أولها مسلسل (سرايا عابدين) في دور (حسين كامل)، ومسلسل (كيد الحموات) في شخصية (إبراهيم)، وبعدها شارك في مسلسلات: (قلوب، فيفا أطاطا، فرق توقيت، دنيا جديدة، المطلقات، ألوان الطيف، والبيوت أسرار، سرايا عابدين الجزء الثاني، المغني ، ثم عاد للمشاركة في أفلام سينمائية منها (البر الثاني وفيلم من 30 سنة).
وبسبب دوره في فيلم (من 30 سنة) لمع اسم (محمد مهران) واعتبره بعض النقاد بعد الفيلم هذا الفيلم هو الحصان الرابح ، حيث حفر لنفسه اسما من دهب – على حد قول أحدهم – نظرا لأن طبيعة الدور جاءت في تصاعد انفعالي، وقد حافظ (مهران) من جانبه كممثل محترف على كل انفعالاته ونظراته، كما اتضح من أسلوب أدائه المحكم ، فخرجت منه شخصية متماسكة من البداية إلى النهاية، ورغم أن السيناريو والحوار يكادا يكونا سطحيين، لكن الدور كان لها خلفية تاريخية استطاع أن يذاكرها و يفهمها جيدا، وتمكن بمهارته العالية أن يستدعي كل ماضيها، خاصة في مشهد البكاء الذي كان يحكي من خلاله أسباب صمته الدائم ، وكان حتى في صمته هذا ممسكا الشخصية بكلبش فولاذي، ليثبت أنه ممثل قوي وبارع في إحياء الشخصية وتجسيدها وجعلها من دم و لحم في سياق الأحداث.
وقد لاحظت أنه منذ عام 2017 و(محمد مهران) يختار الأعمال السينمائية والتليفزيونية وأدواره بعناية أكثر لكي يتعرف عليه الجمهور أكثر، منها دوره في مسلسل رمضان كريم، تأليف أحمد عبد الله، وإخراج سامح عبد العزيز، وبطولة سيد رجب، محمود الجندي، ريهام عبدالغفور، روبي، شريف سلامة، سلوى عثمان، وكانت تدور أحداث هذا المسلسل في شهر رمضان في إطار الحارة الشعبية، حيث إحدى الفتيات التي تحاول التبروء من أهلها ومستواها الاجتماعي، فتلجأ إلى الكذب وادعائها أنها من عائلة ثرية حتى تتعرف على شاب (أعرج) اسمه (حسين) تقع في حبه، وقد لعب الشخصية بعذوبة نادرة، حيث رسم نظرة انكسار ظلت تخيم طويلا على ملامحه البسيطة، جراء رجله التي تعوقه من أعمال كثيرة، وتشعره بأنه ناقص عن أقرانه من الشباب الذي يمارس حياته بطريقة طبيعية تصعب عليه.
ثم بعدها لعب شخصية (شكري) في (الجماعة – الجزء الثاني)، وفيلم (ممنوع الاقتراب أو التصوير)، كما لعب دور (سلام نصير) في الأب الروحي، للمخرج تامر حمزة، وتأليف هاني سرحان، بطولة أحمد عبد العزيز، سوسن بدر، محمد عادل، ميرهان حسين، محمود متولي، عمر الشناوي، ومن هنا تبلورت شخصية محمد مهران في إثبات موهبته وقد أكدها أكثر باشتراكه في (أبو العروسة – الجزء الثاني)، وقد نجح إلى حد كبير في النتشار والشهرة نتيجة لأنه واحد من أهم المسلسلات الاجتماعية التي عرضت على شاشات التلفزيون، وقد ظهر فيه في دور شاب جامعي يحب التصوير وهو صديق كارولين الابنة الصغيرة لعبد الحميد، ولقد ساهم في ذلك أن قصة الموسم الثاني اختلفت قليلا، فقد تطورت الأحداث من أب يزوج ابنته إلى جد ، وتتطور الأحداث على هذا المنوال بالشكل الذي أحبه الجمهور كثيرا وأصبح حديث المجتمع المصري آنذاك.
لكن البطولة المطلقة جاءت ( محمد مهران) من خلال مسلسل (أنا شيري دوت كوم)، للمخرج إسلام ريزو وشريف المليجي، وتأليف أحمد هشام سلام، تدور أحداثه العمل حول شيري الفتاة المليئة بالطاقة والحيوية والطموح الكبير، تسعى دائما للنجاح والتألق في عملها، لديها صديقتين مقربتين هن (نورا وبسنت)، من ناحية أخرى يوجد صديقا لهن اسمه (رمزي)، يملك كافيه والده ويعمل به وتربطه علاقة حب مع (شيري)، ويتعبر هذا العمل كوميدي به الكثير من العلاقات والمشاكل التي قد تحل بشكل فكاهي بسيط ، وفي 2019 شارك في مسلسل (كارمن) من إخراج حسين شوكت وسعاد الهجان، تأليف سامح مجدي، بطولة ريهام حجاج، محمد الكيلاني وولاء الشريف، عمر الشناوي، محمد مرزبان ، وقد دارت أحداثه حول (كارمن) الفتاة التي تبحث عن الشهرة بأي طريقة، مما يجعلها تضطر إلى الكذب من أجل الوصول لحلمها، لكنها تقابل حب حياتها ومن ثم دخلت في مواقف كثيرة معقدة إلى أن حاولت أن تخرج من كل كذبة كذبتها في النهاية.
في عام 2020 لمع نجم (محمد مهران) في فيلم (بنات ثانوي)، وفي موسم رمضان جاءت مشاركته القوية التي لفتت الأنظار إليها من خلال لعبه دور (حمادة) صديق (رضوان البرنس) في مسلسل يحمل عنوان (البرنس) على اسم البطل (محمد رمضان)، وهى تعد خطوة مهمة جدا في مشواره الفني، بل أنها تعتبر نقطة تحول كبير في مسيرته نظرا للصدق في الأداء الذي تطلب منه العمل في ورشة سمكرة بـ (المغربلين) ليتدرب على أعمال (الدوكو والسنفرة والرش واللحام)، حتى أن مخرج العمل محمد سامي، قال عنه: إن الفنان محمد مهران، ممثل جيد جدا، ويمتلك موهبة كبيرة وإحساس كبير، وكان يحتاج مناخ جيد ليظهر شخصيته وموهبته، لكنه مع أول فرصة، كان على قدر مسؤوليتها، وأثبت أنه على قدر الثقة، والفترة المقبلة ستكون انطلاقته الحقيقية، وهو شخص مجتهد ويذاكر جيدا، ولا يحتاج لنصائح، لكنه يحتاج لدعم ومساندة.
جدير بالذكر القول في النهاية بأن (محمد مهران) حقق معظم أحلامه التي روادت خياله في الطفولة والصبا، وذلك بالعمل مع النجمين الكبيرين الزعيم عادل إمام بالمشاركة بدور (مروان) في مسلسل (عفاريت عدلي علام)، وسيد رجب بدور (حسين) في مسلسل (رمضان كريم)، لكن انطلاقته الحقيقية كانت من خلال مسلسل (البرنس) رمضان 2020، والذي أكد من خلال إنطلاقة قوية نحو نجومية قادمة لا محالة على الطريق، ومن جانبنا تتمنى له بوابة (شهريار النجوم) مزيدا من التألق والنجاح في كل خطواته القادمة.