تطور الصورة
بقلم : فراس نعناع
مقاربة بين صورة خيال الظل وتطور صورة تقنية 4k للتلفزيون ووسائل التواصل الحديث.
يمارس الإنسان الاتصال منذ الخليقة، والإنسان مخلوق اتصالي لا يستطيع العيش دون التواصل مع الآخرين ، يأخذ منهم ويعطيهم ، وقد يكون الاتصال بين شخص وشخص آخر، ويسمى بالاتصال الشخصي، أو مع مجموعة صغيرة من الأشخاص وعادة يكون الاتصال عفويا دون إعداد مسبق، أو يكون منظما خاضعا لقواعد وأصول محددة ومخططا لتحقيق أهداف وضعها القائم بالاتصال مسبقاً حيث وجد الباحثون رسوم وصورا على جدران الكهوف والمعابد للإنسان الأول عبرت تلك الرسوم والصور عن كيفية تعبيره وطريقة اتصاله مع الآخر وإن كانت الرسوم والصور بشكل بدائي، لكنها عرفتنا عن يومياته وحياته.
خيال الظل
أكد الكثير من الباحثين بأن خيال الظل انتقل من الشرق الأقصى منذ ما يقارب عن ٢٠٠٠ ق.م من الصين، وأشهر من نقله إلينا “ابن دانيال الموصلي” إلى بلاد الشام والعراق أيام العصر العباسي، ثم انتقل الى مصر في القرن الثامن الهجري، ونقله الذهبي، وازدهر هذا الفن أيام الفاطميين كثيرا، وحتى أيام المماليك، ونقله العثمانيين وطوروه وجعلوه للعامة، وكانت شخصيتي (كراكوز) والتي تعني العين السوداء الكبيرة بالعثمانية القديمة وعيواظ من الوعظ.
ويدرس هذا الفن في أكاديميات علوم التمثيل في العالم العربي على أنها من الظواهر المسرحية عند العرب، و تقنية خيال الظل هى عبارة عن (خيال) شخص يقوم بتحريك تلك الشخوص من وراء ستارة قماشية (شاشة) كانت تضاء من الخلف بسراج ضوء الزيت أو الكاز، لتبدو خيالات تلك الشخوص، ويقوم “الشخص، المخيال” بروي قصته التي كانت في كثير من الأحيان تنتقد الوضع العام عبر حبكة اجتماعية مبتعدة عن المباشرة خوفا من سلطات ذلك الوقت العثمانية، وهو قمة الذكاء الشعبي.
وهذه الخيالات للشخوص لم تكن دقتها واضحة، فقط خيالات عندما كانت تعرض للعموم، وفي القصور كانت دقة صور الشخوص اكثر وضوحا لتوافر إمكانات أكبر، وأعتقد أن خيال الظل مهد للمخترعين فكرة “اختراع التلفزيون”
نشأة التلفزيون
قام العالم الألماني “بول نيكون” باختراع اسطوانة تسطيع تحويل ظل الأشياء إلى نبضات كهربائية يمكن التقاطها على مسافات بعيدة ، فتتكامل وتتجمع لتكون صورة وقد نجح في تحقيق ذلك عام ١٨٨٣.
ثم تابع ” تشارلز جنكنز” عملية تطوير هذا الاختراع وحقق نجاحاً عام ١٨٩٠م ، ثم أتى فورينيه ورينو بأبحاثهما عام ١٩٠٠ واستنادا لتلك التجارب، ثم طور العالم الروسي (فلاديمير زوريكين) عام ١٩٢٣م من اختراع (الإيكونوسكوب) أي عين الكاميرا التلفزيونية الإلكترونية، وتوالت الأبحاث ليطور العالم البريطاني (جون بيرد) التلفزيون عام ١٩٢٢م، والذي نسب إليه اختراع التلفزيون بعد أن استكمل تصنيع أول جهاز يمكن تجربته بصورة عملية عام ١٩٣٠م، بدأ البث التلفزيوني عن طريق شركة nbc في نيويورك.
في مصر وسوريا كان البث بيوم ٢٣ يوليو تموز ١٩٦٠ إبان الوحدة بين البلدين، أيام حكم الرئيس جمال عبدالناصر، تطورت دقة صورة التلفزيون عبر الزمن، خاصة مع الانتقال إلى الإرسال الرقمي (الديجيتال- 0000)، ثم ما لبث أن تطور وتحول الى تقنيات عديدة مثلHD وتقنية FHD وغيرها، لتزيد الصورة دقة ووضوحا اكثر مما يضفي على منتج الصورة الوصول إلى واقعية الألوان الأكثر طبيعية وقربا لعين المتلقي.
تقنية الـ 4k
نحن اليوم في عصر متقدم للصورة
ماهى الصورة ؟
هى مجموعة من المربعات المتراصة بجانب بعضها مكونة من صف من المربعات، يليها صف آخر يليه صف ثالث.. إلخ لتشكل لنا صورة كاملة.
نحذف كلمة المربع ونضع بديلا باللغة الانكليزية وهى pixel، والبكسل ملون بلون مصمت solid calor، ولا يجوز تلوبن جزء من هذا البكسل (المربع)، والبكسل له حجم ولون وقيمة لونية وأقل وحدة تخزينية هى Bit وتعني نقطة.
والبكسل يقاس بالبوصة = ١ إنش = ٢،٥٤ سم، وعدد البكسلات في البوصة المربعة تسمى Resalution، وكلما زاد الـ Res زادت عدد البكسلات أي زادت أهمية ودقة الكوليتي.
لننتقل لتقنية الـ 4k، ودقة تقنية الـ 4k هي 2160\3840 ضرب يعني يصل مجموع البكسل إلى حوالي ٨ مليون بكسل في الصورة الواحدة عالية الدقة.
إن هذه صيغة التقنية الجديدة هى تقنية المستقبل ومستقبل الإعلام الجديد، حيث إنه مع بداية عام ٢٠٢٠ أصبحت أغلب البيوت الأمريكية تستخدم هذه التقنية في التلفزيونات التي تتيح للمتلقي صورا أكثر وضوحا ودقة وسوف تصبح التلفزيونات أكبر حجما، حيث يندمج المتلقي مع أية رسالة بصرية مرسلة له لأنها ستكون أقرب الى الواقع والطبيعي بنقل ألوان أكثر وزيادتها للضعف، ومع هذه التقنية مثلا سيكون اللون الأبيض أكثر سطوعا واللون الأسود أكثر ظلمة وباقي الألوان ستكون زاهية والأقرب جدا الى الطبيعية.
كل ذلك التطور ساهم إلى حد كبير في خدمة وسائل التواصل بشكلها القديم والحديث، طبعا هناك دولا مثل اليابان تبث بتقنيات أعلى بكثير مثل 8K، نحن بانتظار المزيد من ذلك التطور لخدمة الصورة، فكما يقال “الصورة بألف كلمة” حيث باتت الصورة هى المتحدث الأول والأخير اليوم ، خاصة أن باستطاعة أي فرد على كوكب الأرض بالتقاط أي صورة لحدث ما وإرساله عبر وسائل التواصل الحديث وبسرعات فائقة بعيدة عن عين الرقيب كل الوقت، وهو ما تحتاجه الحكومات حاليا وتبحثه لتشريع ووضع قوانين تنظم ما يبثه الفرد، طبعا كل ما يخص تلك التقنية باتت في يد المستهلكين في العالم من أجهزة لوحية وموبيلات وكاميرات وأجهزة ألعاب.. إلخ.
على العموم ذلك التطور زاد في قوة المنتج البصري الدرامي “سينما وتلفزيون” لعالمنا العربي ، وكل صناع الفن باتو يطلبون تلك التقنيات الحديثة لتواكب تطلعاتهم وأعمالهم.