الرئيس السادات يحضر تسجيل “بشاير” سيد إسماعيل
كتب : أحمد السماحي
هذه الأيام تتطلع عيون الملايين سواء من حجاج بيت الله الحرام أو باقي المسلمين في شتى بقاع الأرض نحو جبل عرفات العتيق، رافعين أكفهم ومتوجهين إلى السماء بالدعاء مرددين نشيدهم الأبدي “لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبيك”، وفي قلب هذا المشهد النوراني تتجلى قدرة الله جل جلاله في عرفات ومنى والمزدلفة، مصحوبة بتمتمات الشفاه بكلمات الله الواحد الأحد، بينما قلوب الجمع الوفير وجلة بين الصدور من فرط بهاء المشهد الروحاني السنوي في أقدس موسم إسلامي هو موسم الحج.
تلك الأجواء الروحانية التي ترفرف على المشاعر المقدسة داعبت خيال الشعراء على مر التاريخ فأنتجوا لنا مئات القصائد والأغنيات التي تسجل عظمة الله في تلك الأيام المباركة، فجاءت أناشيد عذبة في صورة نفحات روحانية على حنجرة أساطين الطرب لتحل البركة وتزين أرشيف هؤلاء ، بينما نطرب نحن مستحضرين تلك المشاهد التي لاتنسى في بهاء ودعة.
خلاف أحمد صدقي وعبدالمطلب
من أشهر أغنيات الحج التى تتردد بصفة منتظمة حتى الآن رغم إنها أذيعت أول مرة عام 1951، أغنية “بشاير” كلمات “مرسي جميل عزيز”، ألحان “عبدالعظيم عبدالحق”، وغناء “سيد إسماعيل”، عن هذه الأغنية قال لي المطرب والملحن الكبير “سيد إسماعيل” فى حوار مسجل لدينا نسخة منه : فى فترة من الفترات حدث خلاف بسيط بين الموسيقار الكبير “أحمد صدقي” والمطرب “محمد عبدالمطلب”، فقرر “صدقي” أن يعطيني الأغنيات التى كان من المقرر أن يغنيها “عبدالمطلب”، رغم أنني كنت فى بداية المشوار ولا أحد يعرفني، وبالفعل غنيت من ألحانه وكلمات بلدياتي “مرسي جميل عزيز” ثلاث أغنيات هى: “حتى أنت يا قلبي، وبأصعب على روحي، علشان بدك ترضيني”، ونجحت الأغنيات بقوة، وجعلت اسمي يتردد فى الوسط الفني.
الشجاعي يقترح أن ألحن بشاير
وفى أحد الأيام، وبعد نجاح الأغنيات مباشرة، كنت فى الإذاعة فوجدت “محمد حسن الشجاعي” رئيس قسم الموسيقى والغناء فى الإذاعة يعطيني كلمات أغنية “بشاير” لـ “مرسي جميل عزيز” الذى كان موجودا فى مكتبه، وطلب مني أن أقوم بتلحينها وغنائها، ورحب “مرسي جميل” بهذا الاقتراح، لكنني عندما قرأت كلمات الأغنية شعرت بخوف ورهبة لأنها تتكلم عن الحج وطقوسه، فقررت إسناد تلحينها لصديقي الملحن “عبدالعظيم عبدالحق”، وبالفعل لحن “عبدالحق” الكلمات من أجمل ما يكون.
السادت يتوقع النجاح لبشاير
يوم تسجيل الأغنية فوجئت بوجود شاب أسمر، كانت الصحف كتبت عنه من سنوات عندما اتهم بمقتل “أمين عثمان” ودخل السجن، كان هذا الشاب هو الرئيس “محمد أنور السادات” الذى تربطه علاقة صداقة وطيدة بأسرة “عبدالعظيم عبدالحق”، وحضر التسجيل فى استديو”1” فى الإذاعة، ويومها هنأني وهنأ “عبدالحق” وتوقع النجاح للأغنية، وهو ما حدث بالفعل، ولم تكن أغنية “بشاير” هى الوحيدة التى قدمها سيد إسماعيل عن الحج، وإن كانت الأشهر فقدم “الكعبة” كلمات عبدالفتاح مصطفي، ومن تلحينه، و”على عرفات الله” كلمات مصطفى عبدالرحمن، “الحجاج” من ألحانه أيضا وكلمات إبراهيم رجب.