سر بكاء “أنور وجدي” بسبب “فاطمة” !
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتبت : صبا أحمد
من أنجح الأفلام التى قدمتها “أم كلثوم” في مسيرتها السينمائية فيلمها الأخير “فاطمة” الذي عرض عام 1947، وشاركها البطولة النجم “أنور وجدي”، عن قصة للكاتب الصحفي الكبير “مصطفى أمين”، حوار “بديع خيري”، سيناريو وإخراج “أحمد بدرخان”، وهذا الأسبوع نتوقف في باب “سيلفي النجوم” عند صورة العرض الخاص للفيلم، والصورة تجمع بين “أم كلثوم، وأنور وجدي، ومصطفى أمين”.
ودارت أحداث الفيلم عن قصة حقيقية حدثت لمطربة العشرينات الشهيرة “فاطمة سري” التى تزوجت زواجا عرفيا من “محمد بك شعراوي” ابن “هدى هانم شعراوي”، وحملت منه و تنكر لنسب طفلتها “ليلى”، فما كان منها إلا أن واجهته في المحاكم لإثبات نسب ابنتها لتكون أول صاحبة قضية نسب في مصر، هذه القصة تحمس لتقديمها فى السينما “مصطفى أمين”، عندما طلبت منه صديقته “أم كلثوم” كتابة قصة لتقوم ببطولتها فتذكر قصة “فاطمة سري” وشجاعتها وذكائها فكتب قصة قضيتها ونجاحها في نسب ابنتها لوالدها “محمدبك شعراوي”.
ويحكي “مصطفى أمين” فى كتابه “شخصيات لا تنسى” قصة طريفة حدثت بينه وبين النجم أنور وجدي فيقول: ألفت قصة “فاطمة” بناء على طلب “أم كلثوم” واشترطت أن أختار المخرج والممثلين والممثلات، ووافقت “أم كلثوم” و”محمد رشدي بك” رئيس مجلس إدارة شركة مصر للسينما، واخترت “أنور وجدي” ليمثل الدور الأول أمام “أم كلثوم”، وعلم “أنور” أنني رشحته فجاء إلى مكتبي يشكرني وقال: إن أمنيته كانت دائما أن يمثل الدور الأول أمام “ثومه”.
وبعد أسابيع جاء محتجا على الرواية، ويقول أنه يفضل أن يموت من الجوع ولا يمثل هذا الدور، وأضاف: كيف تجعلني يا أستاذ أموت قبل إنتهاء الفيلم بربع ساعة، وتبقي “أم كلثوم” التى تكبرني بعشر سنوات على قيد الحياة إلى نهاية الفيلم، فقلت له: إن هذا هو سياق القصة، وإن المخرج “أحمد بدرخان” وافق عليها ووضع السيناريو، فقال: أنا لا أريد أن أموت، أريد أن أعيش حتى ينتهي الفيلم، قلت له: إنني آسف لأنني لا أستطيع أن أغير أو أبدل نهاية الفيلم!
فأرسل لي زوجته “ليلى مراد” لإقناعي بأن أبقى “أنور” حيا، فقلت لها: إن القصة لا تستقيم إلا إذا مات “أنور”، لأنه غرر بممرضة فقيرة، واستولدها ولدا وكتب عقد زواج عرفي، وهرب منها بعد أن سرق العقد، تحت ضغط أسرته الكبيرة، وفى هذه اللحظة دخل “أنور” المكتب وقال: إنه يفضل ألا يمثل إطلاقا على أن يقتله المؤلف فى موعد غير مناسب، وقال: إنني بصراحة متشائم أن أموت فى هذا الفيلم، إننى أتصور أنني سأموت حقيقة إذا مت فى الفيلم، إنني شاب صغير وحرام أن تقتلني وأنا فى ريعان الشباب، وتترك أم كلثوم التى تكبرني، وبكى “أنور”!
وأعترف أنني ضعفت أمام دموعه وجلست أعدل خاتمة الرواية وجعلته يعيش إلى نهاية الفيلم.