رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الممثلة التي رفضت موعد غرامي مع دونالد ترامب!    

طارق عرابي

بقلم الدكتور: طارق عرابي

لا عجبَ في أن تكون مصر القديمة هي التي ألهمت أعظم دول العالم وأكثرها تقدماً ودفعت إداراتها لتمكين المرأة وعدم تقييد دورها في الحياة عند باب الزوجية والأمومة ، وبالتالي منحوها بمبدأ “تكافؤ الفرص” حق منافسة الرجل في كل المجالات مما سمح لها بإثبات قدرتها الفائقة على إحداث فوارق كبيرة في تقدم وازدهار المجتمعات التي أدمجتها في تحمل المسئولية بمختلف أنواعها ، ولا عجبَ كذلك أنه لم يتحدث أي من الرواد الأوائل الذين طالبوا بحقوق المرأة في تلك الدول العظيمة قديماً أو حديثاً إلا واستشهد بملكاتٍ حكمن مصر في العصر الفرعوني، ومن أشهرهن نفرتاري ونفرتيتي وكليوباترا وحتشبسوت ، وكذلك “شجرة الدر” المرأة الوحيدة التي جلست على عرش مصر وحكمتها بعد الفتوحات الإسلامية في عهد الدولة الأيوبية ، والتي كانت في الأصل جارية لدى الملك الصالح “نجم الدين أيوب” الذي استحسنها وأحبها ومنحها منزلة خاصة وأنجبت له ولداً مات لاحقاً وهو لايزال صغيراً.

أحد أبرز المعجبين بالمرأة المصرية القديمة هى العالمة الأمريكية ذات الأصول الأيرلندية “كارا كوني” Kara Cooney ، وهي عالمة الآثار والمصريات والأستاذ المساعد للفن والعمارة المصرية ورئيسة قسم لغات وثقافات الشرق الأدنى بجامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس UCLA ، وصاحبة البرامج التلفزيونية عن مصر القديمة على القناة العالمية الشهيرة “ديسكفري” Discovery Channel ، وقد صدر لها العديد من الكتب والمقالات بأشهر صحف ومجلات العالم تتحدث فيها عن قوة المرأة المصرية القديمة ، وتناولت في أحد كتبها الشهيرة سيرة 6 ملكات حكمن مصر وهو كتاب صدر باللغة الإنجليزية في أكتوبر 2018 بعنوان “عندما حكمت النساء العالم: ملكات مصر الست” When Women Ruled the World: Six Queens of Egypt.

لا عجب في أن تكون مصر هى ملهمة العالم بأسره في كل ما يتعلق بحقوق المرأة وتمكينها من المشاركة والمنافسة في كل مناحي الحياة ، ولكن العجب كل العجب أن تخرج بعض الأصوات الرافضة لحق المرأة في المشاركة والمنافسة العادلة من البلد التي صدرت الفكرة للعالم.

هناك المصابون بفيروس “لا لتمكين المرأة” وهم من تظهر عليهم أعراض الإصابة علناً دون أن تصيبهم حُمرةُ الخجل وهؤلاء في الأصل هم الحاضنون لفيروس التطرف الفكري والهلاوس الدينية ، وهناك الحاملون لفيروس العنصرية الذكورية “أنا ثم المرأة” ولا تظهر عليهم دلالات رفضهم لتمكين المرأة وحقها في المنافسة العادلة إلا بأحاديثٍ خاصة في جلساتٍ خاصة محدودة ومغلقة .

إن ما رأيناه وما زلنا نراه في عصرنا الحديث من اعتلاء المرأة لمناصب قيادية بمجالات عديدة بالقطاعين الحكومي والخاص في كثير من دول العالم سيبقى فروعاً من شجرةٍ غرست المرأة المصرية القديمة بذرتها الأولى وهو ما مهد الطريق لتعظيم مكانة المرأة وأطلق العنان لقدراتها الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفنية كي تساهم في تغيير مجتمعاتها إلى الأفضل.

كتبت هذه المقدمة بمجرد أن فكرت في نجمة هذا الأسبوع ، فهي سيدة صاحبة فكر ومعرفة وقدرات فنية عالية وتتميز بقوة وصلابة شخصيتها واحترامها لذاتها ولفنها ، وعندما قفزت إلى عقلي جلبت معها صورة أصيلة عن قوة المرأة المصرية القديمة ، إنها النجمة المتميزة “إيما تومسون” Emma Thompson .

إيما تومسون مع جون ترافولتا في شخصيتين ترمزان لبيل وهيلاري كلينتون في فيلم Primary Colors عام 1998

معروف عن “إيما تومسون” أنها من أشد منتقدي الرئيس “دونالد ترامب” ، وفي مارس 2017 أي بعد توليه الرئاسة الأمريكية بأسابيع قليلة كشفت النجمة “إيما تومسون” أن دونالد ترامب اتصل بها ذات مرة للحصول على موعد لكنها لم تأخذ عرضه بالبقاء في “أبراج ترامب” على محمل الجد ، وصرحت للمجلة الشهيرة People Magazine وكذلك لبرنامج تلفزيوني سويدي على قناة SVT أنها تلقت عام 1998 مكالمة من “دونالد ترامب” (رجل الأعمال الشهير الذي لا تعرفه على المستوى الشخصي)، وذلك بعد يوم من صدور وثيقة طلاقها الرسمي من زوجها الممثل والمخرج البريطاني الشهير “كينيث براناج” ، وكان “ترامب” آنذاك على وشك الطلاق الرسمي من زوجته الثانية وهي الممثلة “مارلا مابلز” التي أنجبت له إبنتها الوحيدة منه “تيفاني ترامب” ، وكانت “إيما تومسون” حينها النجمة الشهيرة الحاصلة على جائزتي أوسكار إحداهما كأفضل ممثلة والأخرى كأفضل كاتبة سيناريو ، وقالت إنها تلقت المكالمة بينما كانت في مقطورة التصوير (عربة الكنترول) الخاصة بفيلمها مع “جون ترافولتا” آنذاك Primary Colors ، والذي كانت تجسد فيه شخصية “سوزان ستانتون” المأخوذة عن شخصية “هيلاري كلينتون” ، وكان ترافولتا يلعب شخصية “جاك ستانتون” المأخوذة عن شخصية “بيل كلينتون” ، وقالت “تومسون” إن “ترامب” عرض أن يوفر لها إقامة فاخرة بأحد “أبراج ترامب” وقال لها في عرضه على الهاتف” “إنها أبراج مريحة للغاية ، وربما تتطور علاقتنا بشكلٍ جيد ، وقد نتناول العشاء سوياً We may have dinner together ” ، وهذه العبارة في الثقافة الأمريكية خاصةً والغربية عامةً تعني الدعوة إلى “موعد غرامي” ، وردت “إيما تومسون” على هذا العرض قائلةً لترامب: “حسناً حسناً .. سأفكر وأعاود الاتصال بك لاحقاً .. شكراً على مكالمتك الكريمة” ، ثم قالت مازحة مع مذيع البرنامج التلفزيوني: “لقد أخطأت بعدم قبولي .. تخيل لو أني قبلت ، مالذي كنت سأكونه اليوم” ورد عليها المذيع مازحاً: “كنا نتمنى ألا ترفضي لتكوني السيدة الأولى في أمريكا وكان بإمكانك حينها إيقافه عما يفعل”. هذه هى “إيما تومسون” التي تمثل المستوى الرفيع لفنان لا يقبل أن يُساوَم على حريته وكرامته ومبادئه الأخلاقية ولو بأموال الدنيا.                            

إيما تومسون مع زوجها الأول الممثل والمخرج كينيث براناج

بنت الوز البريطاني “عوامة” في البحر الأمريكاني

وُلدت “إيما تومسون” عام 1959 في منطقة “بادينجتون” التابعة لمدينة “ويستمينستر” بالعاصمة البريطانية لندن ، والدها “إريك تومسون” كاتب ومذيع وممثل تلفزيوني بريطاني ، والدتها ممثلة تلفزيونية بريطانية (من أصل اسكوتلاندي) وهي الأكثر شهرة عن زوجها “إريك” ، وقد أشركتها إبنتها “إيما تومسون” لاحقاً في بعضٍ من أفلامها السينمائية. توفي والد “إيما” نهاية عام 1982 ، ومازالت والدتها في صحة جيدة وتبلغ من العمر 88 عام. “إيما” لها أخت ممثلة تصغرها بثلاث سنوات وهي “صوفي تومسون” .

كانت الطفلة “إيما” شغوفة ومنبهرة باللغات والأدب منذ الصغر ، ودائماً تنسب لأبيها (الكاتب) حبها لإبداع الكلمات ، وبدأت تدرس اللغات الإنجليزية والفرنسية واللاتينية بمراحل التعليم قبل الجامعي حتى حققت النجاح والحصول على أعلى مستوى (A) في الثلاث لغات ، مما أهلها للحصول على منحة دراسية مجانية لدراسة الأدب الإنجليزي بكلية “نيونهام” بجامعة “كامبريدج” وتخرجت منها عام 1980. وأيقنت “إيما تومسون” مبكراً بأنها ستصبح يوماً ما ممثلة ، وصرحت بذلك في لقاءات تلفزيونية عديدة مبررةً ذاك اليقين بأنها محاطة بالإبداع منذ الصغر حيث نشأت وترعرعت في أسرة فنية من الجانبين (الأب والأم). 

إيما تومسون مع روان أتكينسون في أول ظهور سينمائي لها في فيلم The Tall Guy عام 1989
إيما تومسون مع كينيث براناج في فيلم Henry V عام 1989
إيما تومسون مع كينيث براناج وروبن ويليامز في فيلم Dead Again عام 1991
إيما تومسون مع أنتوني هوبكنز وأول جائزة أوسكار لها في فيلم Howards End عام 1992

بدأت “بنت الوز” مسيرتها الفنية الاحترافية في المسرح عام 1982 ثم بدأت المشاركة في أعمال تلفزيونية من 1982 واستمرت بالعمل للتلفزيون حتى جاءتها أول فرصتين للسينما عام 1989 ، الأولى مع الممثل الأمريكي “جيف جولدبلوم” والممثل البريطاني الكوميدي “روان أتكينسون” الشهير بـ (مستر بين) Mr. Bean وذلك في فيلم The Tall Guy ، أما الفرصة السينمائية الثانية بنفس العام فكانت مع الممثل والمخرج “كينيث براناج” في فيلم “هنري الخامس” Henry V والذي ترشح عنه “كينيث براناج” لجائزتي أوسكار إحداهما كأفضل ممثل في دور رئيسي والأخرى كأفضل مخرج ، وفاز عن نفس الفيلم بجائزة BAFTA كأفضل مخرج وترشح لنفس الجائزة كأفضل ممثل في دور رئيسي ، وقد تزوج “كينيث براناج” في نفس العام (1989) من الممثلة الصاعدة “إيما تومسون”.

ثم تشارك “إيما تومسون” في عملين سينمائيين عام 1991 وتبدأهما بفيلم Impromptu مع كل من “هيو جرانت” والممثلتين القديرتين “جودي ديفيس” و” برناديت بيترز” ، ثم تختتم عام 1991 بفيلم Dead Again من بطولة وإخراج زوجها “كينيث براناج” ومع كل من النجم الصاعد آنذاك “آندي جارسيا” والقدير الراحل “روبن ويليامز”. وتسير “إيما تومسون” بخطوات واثقة في مشوارها الفني عاماً تلو الأخر ، وفيما يلي سنمر على بعض أهم العلامات السينمائية في مسيرتها الفنية.

إيما تومسون مع والدتها (فيليدا لو) في فيلم Much Ado About Nothing عام 1993
إيما تومسون في مشهد من فيلم The Remains of the Day عام 1993

في عام 1992 تبدأ “إيما تومسون” البداية المُثلى لشهرتها العالمية مع العملاق “أنتوني هوبكنز” والممثلة البريطانية القديرة “فينيسا ريدجريف” والمخرج القدير “جيمس إيفوري” وكاتبة السيناريو الراحلة “روث براور جيبفالا” ، ومع المنتج العالمي المتميز الراحل “إسماعيل نور محمد” ذي الأصول الهندية والشهير بإسم “إسماعيل ميرشانت” Ismail Merchant وذلك في واحدٍ من أروع وأعظم الأفلام السينمائية العالمية (بآراء العديد من كبار صُناع الأفلام ونقاد السينما في العالم) وهو فيلم Howards End ، وقصة الفيلم ملخصها أن “هيلين اشليجل” (هيلينا بونهام كارتر) تقع في حب الشاب “بول ويلكوكس” (الممثل البريطاني الراحل “جوزيف بينيت”) ولكنها غير مرحب بها ، بينما تنشأ صداقة حميمة بين أختها “مارجريت” (إيما تومسون) ووالدة “بول” السيدة “روث ويلكوكس” (فينيسا ريدجريف) التي تعدها وتكتب في وصيتها بالفعل منزل العائلة إرثاً لها ، لكن تلك الوصية تختفي بعد وفاة السيدة “روث ويلكوكس” ويبدو أن حلم “مارجريت” في هذا المنزل قد تبخر إلى الأبد ، حتى يأتي إعجاب أرمل العائلة “هنري” (أنتوني هوبكنز) بـ “مارجريت” وانجذابه لها فتتغير مجريات الأحداث.

فازت ولأول مرة “إيما تومسون” عن هذا الفيلم بجوائز الأوسكار وجولدن جلوب و BAFTA كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، وفازت “روث براور جيبفالا” بجائزة الأوسكار كأفضل سيناريو كما فاز الفيلم بجائزة الأوسكار كأفضل ديكور وترشح لست جوائز أوسكار أخرى للمنتج “إسماعيل ميرشانت” كأفضل فيلم ، والمخرج “جيمس إيفوري” أفضل إخراج ، والقديرة “فينيسا ريدجريف” كأفضل ممثلة في دور مساعد ، وأوسكار أفضل تصوير سينمائي وأفضل تصميم ملابس وأفضل موسيقى أصلية. وفاز المنتج “إسماعيل ميرشانت” بجائزة BAFTA كأفضل فيلم وترشح لنفس الجائزة من جولدن جلوب ، وترشح “جيمس إيفوري” لجائزتي جولدن جلوب و BAFTA كأفضل إخراج ، وترشحت لنفس الجائزتين الكاتبة “روث براور جيبفالا” كأفضل سيناريو ، كما ترشح الفيلم لسبع جوائز أخرى من BAFTA كان من بينها الممثلة “هيلينا بونهام كارتر” كأفضل ممثلة في دور مساعد.   

وتختتم “إيما تومسون” العام 1992 بفيلم Peter’s Friends من بطولة وإخراج زوجها “كينيث براناج”.

في عام 1993 تعكس “إيما تومسون” مسار العام السابق وتبدأ مع زوجها (ممثلاً ومخرجاً) ومع كل من “دينزل واشنطن” و”مايكل كيتون” و”كيينو ريفز” و”كيت بيكينسيل” و”روبرت شين ليونارد” وذلك في الفيلم الكوميدي الرومانسي Much Ado About Nothing

ثم تعود بنفس العام إلى فريق عمل فيلم جوائز الأوسكار السابق حيث تشارك للمرة الثانية العملاق “أنتوني هوبكنز” والنجم الراحل “كريستوفر ريف” الشهير بأدوار السوبرمان ، والممثل “هيو جرانت” مع كاتبة السيناريو “روث براور جيبفالا” والمخرج “جيمس إيفوري” والمنتج “إسماعيل ميرشانت” ، وذلك في فيلم The Remains of the Day ، وتجسد “إيما تومسون” في هذا الفيلم شخصية الآنسة “كينتون” التي تعيش في ثلاثينيات القرن العشرين قبل الحرب العالمية الثانية ، وهي مدبرة المنزل لدى اللورد البريطاني “دارلينجتون” (الممثل جيمس فوكس) والتي تقع في حب رئيس الخدم “جيمس ستيفينز” (أنتوني هوبكنز) الذي يتفانى في عمله مع اللورد لدرجة جعلته لا يزور والده وهو على فراش الموت ، ولكي يستمر في عمله يتغاضى “جيمس” عن تعاطف اللورد “دارلينجتون” مع النازية ومعاداته للسامية ، وبعد مرور 20 عاماً على وفاة اللورد “دارلينجتون” يحاول “جيمس ستيفنز” التواصل مع الآنسة “كينتون” ويبدأ في مرحلة الندم على ولائه وتفانيه خلال عمر طويل مع اللورد دارلينجتون .

ترشح هذا الفيلم لثماني جوائز أوسكار كان من بينها “إيما تومسون” كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، و”أنتوني هوبكينز” كأفضل ممثل في دور رئيسي ، و”جيمس إيفوري” كأفضل إخراج ، و”روث براور جيبفالا” كأفضل سيناريو ، و”إسماعيل ميرشانت” بالشراكة مع منتجين آخرين كأفضل فيلم. كما ترشحت كاتبة السيناريو والمخرج لجائزة جولدن جلوب كأفضل سيناريو وأفضل إخراج ، وكذلك “أنتوني هوبكنز” و”إيما تومسون” كأفضل ممثل وأفضل ممثلة في دور رئيسي ، وفاز “أنتوني هوبكنز” بجائزة BAFTA كأفضل ممثل في دور رئيسي ، وترشحت “إيما تومسون” لنفس الجائزة كأفضل ممثلة في دور رئيسي. وترشح كذلك “إسماعيل ميرشانت” بالشراكة مع منتجين آخرين لجائزتي جولدن جلوب و BAFTA كأفضل فيلم سينمائي.

إيما تومسون مع أرنولد شوارزنيجر وداني ديفيتو في الفيلم الكوميدي Junior عام 1994
إيما تومسون مع دانيال داي لويس في فيلم In the Name of the Father عام 1993

وتختتم “تومسون” العام 1993 مع عبقري الآداء “دانيال داي لويس” والممثل القدير الراحل “بيت بوستيثوِيِت” والمخرج “جيم شيريدان” بفيلم In the Name of the Father حيث تلعب “إيما تومسون” دور “جاريث بيرس” محامية الدفاع التي تبحث في قضية “جوسيبي كونلون” (بيت بوستيثوِيِت) وموته وهو في الحجز ، وهو والد الشاب الآيرلندي العاطل “جيري كونلون” (دانيال داي لويس) المسجون ظلماً بتهمة المشاركة في تفجير أحد البارات في “جيلدفورد” بجنوب غرب لندن وهو الحادث الذي أودى بحياة 5 أفراد وجرح العشرات ، وبعدما اعترف الجاني الحقيقي للتفجير بارتكابه لهذا العمل الإرهابي تعمدت الشرطة إخفاء ذاك الاعتراف بغرض تفادي الإحراج بعدما تم الحكم بالفعل على “جيري” وأصدقائه بالسجن مدى الحياة ، وأثناء بحث المحامية “جاريث بيرس” في ملف موت والد جيري “جوسيبي كونلون” تقع يدها على وثائق سرية خطيرة (ممنوع عرضها على هيئة الدفاع) ، وتستطيع المحامية البارعة في النهاية من تبرئة “جيري” وزملائه وتحريرهم من السجن بموجب تلك الوثائق ، ويقوم “جيري” مع المحامية “جاريث بيرس” بتحويل قضية ظلمه وموت والده في الحجز إلى قضية رأي عام. ترشح هذا الفيلم لسبع جوائز أوسكار وأربع جوائز جولدن جلوب وجائزتين من BAFTA ، وكان من بين ترشيحات الأوسكار وجولدن جلوب “إيما تومسون” كأفضل ممثلة في دور مساعد و”دانيال داي لويس” كأفضل ممثل في دور رئيسي ، وترشح “دانيال داي لويس” لجائزة BAFTA كأفضل ممثل في دور رئيسي ، وترشح “بيت بوستيثوِيِت” لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور مساعد ، كما ترشح “جيم شيريدان” لجائزة الأوسكار كأفضل إخراج وكذلك ترشح بالشراكة مع الكاتب “تيري جورج” لجائزتي الأوسكار و BAFTA كأفضل سيناريو.   

إيما تومسون مع كيت وينسلِت في فيلم Sense and Sensibility عام 1995

في عام 1995 تضيف “إيما تومسون” لبراعتها في التمثيل براعة أخرى فائقة في كتابة السيناريو وذلك في فيلمها الشهير Sense and Sensibility الذي أخرجه الكاتب والمخرج المتميز ذو الأصل التايواني “أنج لي” ، وشارك فيه بالتمثيل مع “إيما تومسون” كل من “كيت وينسلِت” و”هيو جرانت” و”ألان ريكمان” و”توم ويلكنسون” و”جيمس فليت” و”إيميلدا ستونتن” والممثل الذي سيصبح لاحقاً الزوج الثاني لإيما تومسون “جريج وايز”. الرواية الأصلية للفيلم كتبتها الروائية الأسطورية “جين أوستن” عام 1811 ميلادية ، ويمكنك أن تلحظ تأثر “إيما تومسون” وغيرها من صناع السينما بهذه الكاتبة المبدعة حيث تم كتابة سيناريوهات لأفلام أخرى مأخوذة من روايات “جين أوستن” ، تلك السيدة البريطانية التي أثبتت الإبداع المبكر للغاية في فن الكتابة عند المرأة ، فقد ولدت عام 1775 ورحلت عام 1817 وعمرها 41 عام.    

فازت “إيما تومسون” عن هذا الفيلم بجائزتي الأوسكار وجولدن جلوب كأفضل سيناريو وترشحت لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، كما فازت بجائزة BAFTA كأفضل ممثلة في دور رئيسي وترشحت لنفس الجائزة كأفضل سيناريو ، وترشحت لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، وترشح الفيلم في مجمله لسبع جوائز أوسكار كان من بينها “كيت وينسلِت” كأفضل ممثلة في دور مساعد ، وست جوائز جولدن جلوب كان من بينها “أنج لي” كأفضل إخراج و”كيت وينسلِت” كأفضل ممثلة في دور مساعد ، وإثني عشر جائزة من BAFTA وكما ذكرنا عن فوز “تومسون” بها كأفضل ممثلة في دور رئيسي فإن “كيت وينسلِت” قد فازت بها أيضاً كأفضل ممثلة في دور مساعد ، وقد فازت المنتجة “ليندسي دوران” بالشراكة مع “أنج لي” كمنتجين بجائزتي جولدن جلوب و BAFTA كأفضل فيلم سينمائي.

إيما تومسون في شخصية المربية ماكفي في فيلم Nanny McPhee – الجزء الأول عام 2005 والجزء الثاني 2010
إيما تومسون بأحد أجزاء فيلم Harry Potter عام 2007

في عام 2005 تقدم “إيما” دوراً استثنائياً مع الممثل “كولن فيرث” في فيلم Nanny McPhee حيث تجسد شخصية المربية “ماكفي” التي يعينها الرجل الأرمل “سيدريك براون” (كولن فيرث) لترعى أطفاله المتوحشين وعددهم 7 أطفال ، وهم الذين لا يمكن لأي مربية أن تتحملهم وتكمل معهم ولم تصمد معهم أية مربية من قبل ، وتضطر المربية “ماكفي” لاستعمال منهج غير تقليدي لتغيير سلوك الأطفال وغرس روح الإنضباط فيهم. وقدمت “إيما” الجزء الثاني من هذا الفيلم في عام 2010 ، وقد كتبت “إيما تومسون” سيناريو الجزئين بينما ساعدتها الكاتبة “كريستيانا براند” في كتابة الشخصيات.

إيما تومسون مع داستن هوفمان في فيلم Last Chance Harvey عام 2008

في عام 2008 تقدم “إيما تومسون” دوراً رومانسياً رائعاً مع النجم البارع “داستن هوفمان” في الفيلم الرائع Last Chance Harvey والذي يتناول معاناة  كاتب الأغاني المكافح “هارفي شاين” (داستن هوفمان) الذي حضر من أمريكا إلى لندن لحضور حفل زفاف إبنته ، وعند موعد عودته يتأخر في الحضور إلى مطار هيثرو وتفوته رحلة الطائرة التي كانت ستعيده إلى نيويورك ، وقد خلَّف ذلك آثراً نفسياً سيئاً على “هارفي” لأنه قد فقد وظيفته ، وبينما يمكث داخل مطار هيثرو غارقاً في إحباطه وأحزانه يلتقي السيدة “كيت” (إيما تومسون) وهي الأخرى تعاني في حياتها من ضغوط عملها كموظفة في الحكومة البريطانية وضغوط أخرى من مكالمات والدتها لها على الهاتف ويبدو أنها لم تنل لحظة سعادة واحدة في حياتها ، وتنشأ علاقة تدريجية بين “هارفي” و”كيت” حتى يقعان في حب بعضهما البعض. ترشحت “إيما تومسون” وكذلك ترشح “داستن هوفمان” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة وأفضل ممثل في دور رئيسي.

في عام 2013 تشارك “إيما تومسون” كلاً من النجم الفريد “توم هانكس” والنجم “كولن فاريل” والممثل القدير “بول جيماتي” في الفيلم المأخوذ عن أحداث حقيقية Saving Mr. Banks وتجسد فيه “إيما” شخصية المؤلفة “بي إل ترافيرز” والذي يسعى المنتج الشهير “والت ديزني” (توم هانكس) للحصول على حق تحويل قصتها “ماري بوبنز” إلى فيلم ، لكنها ترفض ذلك خشية أن تتحول شخصيات قصتها المحبوبة إلى شخصيات مشوهة في آلة السينما الهوليودية ، ومع الوقت يحدث تدهور في سوق الكتاب وتتدهور مبيعات الكتب وتجد “ترافيرز” نفسها في مأزق ، وعندما تشتد حاجتها إلى المال توافق على إعادة النظر في اقتراح السيد “ديزني” لشراء القصة وتحويلها إلى فيلم. ترشح الموسيقار “توماس نيومان” عن هذا الفيلم لجائزة الأوسكار كأفضل موسيقى أصلية ، ومن المعروف أن “توماس نيومان” من أكثر الموسيقيين ترشحاً لجائزة الأوسكار حيث ترشح لها 15 مرة حتى عام 2020 ولكنه لم يحصل على الجائزة ولا مرة واحدة. وترشحت “إيما تومسون” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة في دور رئيسي.

إيما تومسون مع توم هانكس في فيلم Saving Mr. Banks عام 2013
إيما تومسون في مشهد من فيلم Late Night عام 2019

في عام 2019 تقفز “إيما” إلى منطقة جديدة من الآداء وتثبت قدرتها على تجسيد أي شخصية وذلك في فيلم Late Night حيث تلعب شخصية “كاثرين نيوبري” المذيعة التلفزيونية المتألقة في برامج التوك شو الليلية التي يتم اتهامها بأنها كارهة للنساء حيث أنها لا توظف إلا الرجال في فريق عملها بمختلف التخصصات ، ويبدأ برنامجها في خسارة عدد كبير من المشاهدات بسبب هذا الاتهام ، فتلجأ إلى حيلة قد تعالج تلك المشكلة وتعين “مولي” (الممثلة السمراء “ميندي كالينج” – وهي كاتبة سيناريو هذا الفيلم) ضمن فريق عملها وتكون هي المرأة الوحيدة بين كل أعضاء فريق عملها من الرجال ، وتريد “مولي” أن تثبت أنها ليست مجرد موظفة وتجتهد في مساعدة “كاثرين” على تنشيط عرضها ، وتسعى لإحداث تغيير أكبر يحقق النجاح لكاثرين ولها. ترشحت “إيما تومسون” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة رئيسية.

إيما تومسون في حفل الأوسكار عام 1993 وجائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي عن فيلم Howards End إنتاج 1992
إيما تومسون مع زوجها الحالي الممثل جريج وايز وابنتهما جايا وابنهما بالتبني تيندبوا أجابا

ترشحت “إيما تومسون” خلال مسيرتها الفنية حتى عام 2019 لعدد 5 جوائز أوسكار فازت منها مرتين ، وقد ترشحت لجائزة الأوسكار مرتين في عامٍ واحد بحفل الأوسكار عام 1994 عن أعمال عام 1993 حيث ترشحت كأفضل ممثلة في دور مساعد عن دورها في فيلم In the Name of the Father وترشحت كذلك كأفضل ممثلة في دور رئيسي عن دورها في فيلم The Remains of the Day ، كما ترشحت لعدد 10 جوائز جولدن جلوب فازت منها مرتين ، وعدد 7 جوائز من BAFTA فازت منها ثلاث مرات.    

من الجدير بالذكر أن “إيما تومسون” تبنت هي وزوجها الثاني والحالي “جريج وايز” عام 2003 صبياً يتيماً كان حينها في السادسة عشر من عمره ، وهو من لاجئي دولة “رواندا” التي كانت تجند ميليشياتها الأطفال للقتال ، والصبي يدعى “تيندبوا أجابا” ويعيش معهما ومع إبنتهما الوحيدة “جايا وايز” المولودة عام 1999 

Dr.TarekOraby@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.