“التحرش” ظاهرة كريهة لكن لا تستدعي هذه الضجة!
بقلم : محمد حبوشة
هى ظاهرة كريهة ومستهجنة بلاشك، والتحرش جريمة وضيعة، وما يميزها عن باقى جرائم الاعتداء على النفس أن مرتكبها لا يقصد مجرد إشباع نزوة ملحة، أو الإيذاء البدنى لضحيته، بل الأهم من ذلك هو تعريضها للإهانة والتحقير في محاولته البائسة لفرض سيطرته والشعور ولو لوهلة بقوته وبضعفها، والتحرش في الواقع لا يعبر فقط عن انحراف مرتكبيه بل عن تقصير بالغ لدى المسؤولين عن تربيتهم في المنازل، وعن تعليمهم في المدارس، وعن بث الأفكار الفاسدة في عقولهم عبر مختلف قنوات التأثير، ومن ثم فإن تغيير السلوك الاجتماعى في سبيل التصدي لهذه الظاهرة التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر لا يحدث فجأة، ولا يأتى بسبب مقال أو بيان أو تشكيل لجنة من جانب بعض الفنانات والفنانين – كما ظهر في مصر خلال الأسبوع الماضي وماتزال آثاره حتى الآن – أو حتى تطبيق قانون جديد.
فقد ضجت مصر خلال الأيام الماضية على وقع اتهام أكثر من 100 فتاة لشاب بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على قاصر والتحرش بأخريات، حملة الاتهامات بالاغتصاب استهلتها فتاة مصرية بإنشاء حساب على انستغرام بعنوان “شرطة التعدي Assault Police”، تضمن “شهادات وأدلة اتهام” من الفتيات ضد الشاب، وسرعان ما توالت الشهادات واتسع الجدل ليشمل جميع منصات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، ليتصدر وسم يحمل اسم الشاب (أحمد بسام زكي) قوائم الموضوعات الأكثر تداولا في مصر على مدى ثلاثة أيام، وكان المركز القومي للمرأة في مصر من أوائل المؤسسات التي ساندت الفتيات، إذ تقدم المركز ببلاغ للنائب العام للتحقيق في الواقعة، مطالبا جميع الفتيات اللاتي وقعن ضحية للشاب بالتقدم ببلاغات رسمية.
ويبدو أن قضية (أحمد بسام زكي) حركت جميع النساء للتحدث بقوة عن ما تحرش بهم، وزاد حجم التفاعل أكثر عندما ركبت الموجة الممثلة (رانيا يوسف) وكشفت عن تعرضها للتحرش اللفظي من خلال حساباتها على مواقع التواصل واتصالها تليفونيا بالإعلامي (عمرو أديب) عبر برنامجه (الحكاية)، حيث طالبت بقانون رادع لمواجهة تلك الظاهرة، ووجهت رسالة إلى الفتيات بضرورة الإبلاغ فوراً في حالة التعرض للتحرش، واتخذت (يوسف) من حساباتها الرسمية على مواقع التواصل منبراً لتطلق سلسلة من التغريدات حول هذا الموضوع بالتحديد، وقالت: (نعم تعرضت للتحرش).. كلمة تعاني منها كل امرأه من سنوات طويلة وحتى هذه اللحظة نعاني منها وكأنه شبح يطاردنا في كل مكان.. حادثة الشاب الذي تحرش بأكثر من فتاة ليست فردية بل هناك الآلاف مثل هذا الشاب يبيحون لأنفسهم التحرش بأنواعه لمجرد أنه الأقوى وهذا غير صحيح.
وتابعت (رانيا يوسف): أنا أواجه التحرش اللفظي يوميًا عبر منصات حسابتي الرسمية وأيضًا الإيميل الخاص بي، حيث تصل عليه عدد كبير من الرسائل التحرش اللفظي، وهؤلاء يستبيحون إرسالها من خلف شاشات الموبايل والكمبيوتر والتحرش الظاهري بالمرأة في كل مكان (عملها، المواصلات وغيرها) وأيضًا عبر الهواتف المحمولة، فالتحرش بأنواعه كبير فلا بد من التصدي له بكل أنواعه المختلفة لأنهم يعلمون إنه ليس لهذا التحرش رادع، وختمت (رانيا) قائلة: أطالب بقانون رادع وسريع للتحرش بكل أنواعه في مصر وخاصه التحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليكون عبرة للجميع ويكون رادعًا، وقالت أخيراً: (رسالتي للبنات متخافيش وواجهي أي متحرش بالبلاغ فورًا عنه).
والحقيقة أنه عند هذا الحد لابد أن (رانيا يوسف) على جهودها الحثيثة تجاه قضية شغلت الرأي العام كثيرا في الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لست معها في المبالغة في الأمر قبل مراجعة نفسها وطريقة لبسها، فاللافت أنها تلقت مئات التعليقات، على الرسالة التي طالبت من خلالها بقانون للقصاص من المتحرش، حيث وضعت معظم التعليقات اللوم على (رانيا نفسها) بسبب ثيابها الفاضحة وصورها الجريئة التي تنشرها، حتى هناك من قال (أنت أكبر دعوة للتحرش)، وتعليق آخر (أكيد لبسك ملفت)، وآخر قال: (المبالغة في التعري نوع من أنواع التحرش بالشباب يا أخت رانيا شئتي أم أبيتي، وتعليق آخر (طب ما هو اللي زيك بلبسهم هما اللي بيجبرو الشباب بالتحرش ربنا يهدي).
وبالتأكيد لست مع من علق على سلوكيات الممثلة التي لا ترى في لبسها شيئا لافتا للانتباه في وقت تشعل فيه منصات التواصل بالصور لـ “مايوه شفاف” إنطلاقا من حرصها على مشاركة جمهورها كل لحظاتها الجميلة من خلال حساباتها، وقد نشرت (رانيا) جلسة تصوير جديدة من على الشاطئ وهي أمام حمام السباحة، بينما دخلت على الخط زميلتها الممثلة (هالة صدقي) قائلة إن السر وراء انتشار ظاهرة التحرش الجنسي فى المجتمع المصرى هو إنه أغلب الشباب لا يمارسون الرياضة، ويعانوا من قلة الثقافة وليس لديهم أموال يتزوجوا بها ولا يرقصون، وأضافت قائلة “الرقص مش خلاعة لكنه تعبير عن الفرح ومن أيام الفراعنة والناس بترقص، وزى الرياضة لكن الرقص بمزيكا.
وكأنها فرصة للمزايدة والمكايدة ورغبة ملحة في تحقيق جانب من الشهرة على صهوة جواد التحرش الذي فتح الباب في مصر على مصراعية، وعلى أثره فتح هواء الفضائيات على البحري من جانب (عمرو أديب) الذي ترك القضايا الملحة كـ (أزمتي ليبيا وسد النهضة) وراح يخصص مع سبق الإصرار والترصد مساحة كبيرة من برنامجه بشكل يومي لقضية التحرش الكبرى والتي بطلها (أحمد بسام زكي)، واعد جمهوره بأن سيبذل أقصى جهده في الحصول على معلومات جديدة على مدار الساعة، وكأنه يشير إلى أن قضية أمن قومي وقعت على أرض المحروسة، وليس فعلا متكررا بين الحين والآخر، وبدلا من تحليل الظاهرة والوقوف على أسبابها من جانب خبراء علم النفس والاجتماعي، واستدعاء قانونيين من شأنهم وضع قواعد ملزمة تضع حدا لتلك الظاهرة، بل إنه فتح الهواء لاستقبال اتصالات (رانيا يوسف، وهنا الزاهد) وغيرهن من بطلات مسلسل (التحرش الكبير) ليستمع لحكايهم الفارغة، دون مناقشة ضيوفه من الفنانات وحثهم على صناعة أعمال تتصدى للظاهرة.
على جانب آخر من المزايدة والبحث عن الشهرة استرعى هذا الأمر انتباه الممثلة (سميىة الخشاب) هى الأخرى وحفزها على المشاركة الفاعلة في ظل (بطالتها الفنية) وصومها طويلا عن التمثيل، ليفتح شهيتها هذا المسلسل الدرامي الذي يضمن شعبية كاسحة ووجودا فعليا على منصات التواصل الاجتماعي، فقامت هى الأخرى بالاتصال بـ (عمور) حبيب النجوم، وراحت تدلي بدلوها في دراما (التحرش الكبير)، فقد قالت (الخشاب) – لافض فوها – أن على الجميع أن يأخذ خطوة إيجابية تجاه قضايا التحرش، وحتى إذا كان المتحرش شباب صغير مراهق لا يعرف الصح من الخطأ لا بد من وجود مراكز تأهيل لهم، وأكدت خلال مداخلتها الهاتفية مع عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” أن المتحرش مريض نفسي – وكأنها كشفت عن لغز خطير! في أسباب التحرش – ولا يتوقف الأمر على ملابس الفتاة كما يقول البعض.
وحكت (سمية) بعد تحولها إلى خبيرة نفسية متخصصة في تحليل الظواهر التي تتنافر مع السلوك العام للمجتمع العربي: أنها في مرة رأت شابا يتحرش بفتاة ترتدي حجابا وجلباب أسود طويل لا يظهر منها أي شيء، وقتها وقفت هي وصرخت فيه مما جعله يشعر بالخجل ويهرب من المكان مسرعا، ولهذا افترحت أن يتم فتح المدارس المغلقة في الصيف، وأن يقوم بعض المدرسين التربويين بإعطاء نصائح للشباب والفتيات في سن المرهقة، مؤكدة أنها إذا طلب منها أن تجلس مع الفتيات لتعطيهن النصائح لمعرفة حقوقهن لن تتأخر- طبعا لأنها لاتعمل حاليا – وأشارت سمية الخشاب إلى أن أغلب النساء يتعرض للتحرش اللفظي في الشارع، موضحة أنها دائما ما تتعرض لمضايقات خلال قيادتها لسيارتها، وأيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتلقى تعليقات مسيئة لكنها لا ترد على أي تعليق وتكتفي بـ”البلوك”.
ورأي الشخصي أنها رغم عبثية أرائها، فإن (سمية) قد أصابت حين تمنت من كل الفنانين أن يعودوا لتقديم الأعمال الاجتماعية التي تظهر قيم ومباديء الأسرة، وأن نبتعد عن الألفاظ الخارجة، ونعود للأسلوب التربوي في الأعمال، ومعها كل الحق طبعا فيما ذهبت إليه في ذلك.
وفي صدد الآراء الإيجابية التي وردت في شأن التصدي لظاهرة التحرش التي شغلت الرأي العام خلال الأيام الماضية أعجبني جدا رأي الدكتور (مدحت العدل) الذي جاء واقعيا وواعيا ولم يهول من أمر الظاهرة، حيث قال في تصريحات لقناة dmc: (مفيش حاجة ما بتتغيرش والمهم نكون مؤمنين بأهمية التغيير للأحسن، والمهم نزيل أثار العداون على إنسانية المصريين، من 40 سنة لم نكن نسمع عن أحد بيتحرش بأحد)، وأضاف: (التحرش طول عمره موجود، ولكنه بدأ يأخذ موجة في السبيعينات مع تواجد الجماعات الإسلامية في الجامعات المصرية وبدأوا يضايقوا الفتيات غير المحجبات لكي تعرف إن الحجاب الذي يحمي مش الملابس العادية، والشيء الخطير إن التحرش أصبح مغطى بغطاء ديني، والشاب يفعل هذا وفاكر إنه هكذا يتقرب إلى ربنا، لما ده يحصل من شيوخ وأئمة ويعطيني غطاء ديني لفعل غير إنساني فهي مصيبة، وأنا شخصيا لما نزلت تغريدات عن إدانة التحرش بأبنة عمرو السولية، لاعب النادي الأهلي، والأزهر طلع بيان ودار الإفتاء أيضا شتمونا، هل يعقل هذا؟ الشباب معمول لهم غسيل مخ، ولكن لن نصمت وهذه رسالتنا وسنعمل عليها، ولازم نربي أبنائنا على عدم التحرش وبناتنا على القوة).
الخطير في قول (العدل) هو ما تعلق بظاهرة الداعية المتطرف (عبد الله رشدي) حيث قال أخذت نصيبا من الهجوم بسبب تعليقي على فيديوهات رشدي، والغريب أن هذا الرجل له ألتراس والموضوع مثير للجدل، وفاكرين إنه بيفهم أكثر من شيخ الأزهر لا يعقل كم غسيل المخ هذا، ومندهش إن هذا الرجل لم يتم التحقيق معه فيما يقوله وحديثه يكون ضد السلام الاجتماعي، وفيديوهات قديمة أيضا طلعت لدعاة موجودين دون ذكر أسمائهم تتحدث عن ملابس المرأة، الموضوع تحول لشو مش عبادة ولا إسلام وأصبحت حاجة مثيرة للغثيان، ويعتقد الشباب أن هؤلاء الشيوخ هم رموز الإسلام وهم بيبوظوا صورة الإسلام والإنسانية في عيون كل الناس، ويكفي إننا دولة مشهور في العالم كله بالتحرش).
لقد وضع العدل يده على الجرح المكشوف وأرجع الأسباب لفكر الدعاة المتطرفين الذين وضعو منهجا يسوق مبررات دينية للتحرش، وهذا يستدعي منا ضرورة محاصرة الظاهرة ووأدها في مهدها وذلك بعدم فتح الهواء – سداح مداح – لكل من هب ودب كي يدلى بدلوه وهو ليس أهلا لذلك، وخاصة نجوم الفن والذين ينبغي أن ينخرطوا في أعمال درامية تتصدي لهذه الظاهرة وغيرها من ظواهر سلبية هم معنيون بها بالدرجة الأولى بالـاكيد على القيم الأسرية والتربوية في أعمالهم الدرامية ، وليس من واجبهم أن يدخلوا أبدا في معارك وهمية مع الجمهور حتى ولو تحرش بعضهم لفظيا أو معنويا، فهم في النهاية مشاهير والشهرة لها ضريبة، وهنا لست أقصد أن يتقاعسوا عن تعرضهم للتحرش، بل ينبغي أن يكون في حدود الإبلاغ عن المتحرشين في إطار القانون، ومن ثم يكفوا عن الصراخ في الفضائيات وينتبهوا لرسالة الفن السامية.
تطور السلوك الاجتماعى وارتقاؤه – يا أهل الفن – يكونان نتيجة التغير في الوعى وفى المفاهيم السائدة وفى القيم التي يعتبرها الناس جديرة بالاحترام أو تلك التي تصبح في نظرهم قبيحة ومستهجنة، وهو تغيير بالضرورة بطىء وتدريجى وقد يتأرجح بين التراجع خطوة والتقدم خطوتين إلى أن يستقر في الضمائر ويترسخ كل ذلك عبر أعمال درامية تناقش بوعي وحكمة كافة الظواهر السلبية في المجتمع، خاصة أنه من وقت لآخر يطرأ فجأة وبدون مقدمات حادث صادم للرأى العام، فيجذب الأنظار ويفتح باب الجدل ويدفع الناس لإعادة النظر فيما كانوا يعتبرونه مقبولا، ومثل هذه الأحداث الكبرى لا تكون في حد ذاتها السبب وراء تغير السلوك الاجتماعى، ولكنها تساعد على تحفيزه والإسراع بوتيرته لأنها تكشف عن خلل جرى العرف على تجاهله وحان وقت لمواجهته بجدية الدراما الحية التي تغوص في قلب الظواهر وتتصدى لها بالفكروالعقل والضمير.
الأكيد أن التحرش ليس جديدا، وأنه لا يقتصر- كما يتصور البعض – على مجرد المعاكسة أو (الاستظراف) الثقيل، بل يذهب لأبعد من ذلك بكثير، وأنه ليس مقصورا على الطرقات المظلمة بل يجرى في وضح النهار من شباب يتصورونه سلوكا عاديا واختبارا مبكرا للرجولة، وأنه يجد دعما أخلاقيا ومعنويا من جانب من يروجون لكون المتحرش بها مسؤولة عما يصيبها بسبب استهتارها في ملبسها أو مسلكها أو لمجرد جرأتها في اقتحام مجالات عمل ودراسة ومنافسة لا تليق بها، وهنا يأتي دور الدراما التليفزيونية في صناعة أعمال من شأنها التصدي للتحرش على جناح الخيال وسحر الصورة التي تؤثر في النفوس، فالتحرش سلوك اجتماعى لن يغيره أو يدفع لانحساره مجرد بلاغ أو أكثر للنيابة ولا مئات أو حتى آلاف التعليقات على (فيسبوك).
وبالقطع فإن شجاعة الشاكيات، واستعدادهن للحديث عن تجاربهن، وصمودهن أمام الضغوط المعتادة لتجاهل الموضوع وستر الفضائح، كل هذا ليس جهدا ضائعا، بل سيترك أثرا ويدفع لحوار مؤجل ويشجع آخرين على الخروج عن صمتهم ويفسد على الساكتين راحتهم، وبالتالي لابد أن يتم تناول هذه القصص والمواقف دراميا من جانب كتاب واعين يستطيعون الحد من الظاهرة في ظل تناميها المقيت، ولعل تدخل المجلس القومى للمرأة، ورفض الأزهر الشريف للتحرش، وتحرك السلطات والنيابة العامة، كل هذه علامات مشجعة على أن شيئا ما يجرى وأن المياه الراكدة بدأت تتحرك بالفعل، ما يتح للفن القيام بواجبه المنوط بها كقوى ناعمة يمكن أن تصلح كثير مما أفسده الدعاة الجدد المتطرفين.
ولكن إن كنا نرغب في تشجيع حركة التغيير على أن تتصاعد وتكتسب مصداقية وقبولا في المجتمع ولا نستهدف مجرد القصاص من شخص أو أكثر، فإن علينا واجب توجيه هذه الحركة الناشئة في مساراتها الصحيحة لكى ينبنى حولها توافق تدريجى وواسع، وتخرج من كونها حركة نخبوية محدودة النطاق لتصبح تيارا رافضا للتمييز ضد المرأة وللتحرش بكل أشكاله وفى كل المجالات وعبر كل الطبقات الاجتماعية، وهذا يستدعى أن يكون هناك احترام ودعم لمن يتقدمن بالشكوى أو يفصحن عن تجارب مؤلمة، وذلك بتوثيقها في صورة أفلام ومسلسلات تناقش منابع التحرش الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجدية دون أن تكون مبررا للجريمة، وأن نتمسك من جهة أخرى في تلك الأعمال الفنية بمبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته كى لا تتحول هذه الحملات والأعمال النبيلة إلى وسيلة للتشهير أو لتصفية الحسابات.
وأخيرا وليس آخر، نريد للفن المصري أن يستفيق في غفوته وترويجه لأعمال البلطجة والعنف والأكشن والخيال العلمي الباعث على الخرافة كي يتصدى لتلك الظاهرة وغيرها من ظواهر سلبية أخرى في صورة أفلام ومسلسلات سابقة لحملة مكافحة التحرش، وألا تتحول ظاهرة التحرش إلى (فرقعة) إعلامية عابرة، بل أن تنمو ويشتد ساعدها وتكتسب أرضية ومصداقية في كل المجتمع لأنه عندئذ فقط يكون التغيير عميقا وحقيقيا ومستداما، نريد ألا يصبح موضوع التحرش مادة رائجة في وسائل الإعلام وحسب، وعادة ما تكون زاوية المعالجة متحيزة دائما لطرف على حساب الآخر، حيث تلقي بكامل المسؤولية على الرجل، وتُظهر المرأة دائما في دور الضحية، لذلك فإن الموضوع يحتاج لدراسة موضوعية وتحليل واقعي وأعمال درامية جادة تلقي الضوء على الجوانب المسكوت عنها في النقاش العام.