كتب : محمد حبوشة
على الرغم من عدم استكماله بسبب جائحة كورنا إلا أن المسلسل الكوميدي السعودي (مخرج 7)، نجح بامتياز في انتزاع الضحك من فوق شفاه المواطنين الخليجيين، رغم ما أثير حوله من جدل بشأن قضية التطبيع والتي لا أراها مؤثرة أو تمس العمل بأي نوع من السلبية، لأنها جاءت في إطار رفضه من جانب بطل المسلسل الفنان الكبير (ناصر القصبي) الذي استنكر أن يتشارك ابنه في اللعب مع زميل له إسرائيلي، وهو ما يؤكد سلامة النية والمقصد والهدف من عملية الإسقاط الكوميدي، رغم أنه شكل صدمة للمشاهدين جراء “فوبيا التطبيع”، والفوبيا في تعريفها البسيط هى خوف زائد وغير مبرر تجاه أشياء يتعامل معها الآخرون باعتيادية، ومن الطبيعي أن نناقش قضية التطبيع في الدراما على اعتبار أنها من القضايا الملحة والمثيرة للجدل.
ربما بالغ (راشد الشمراني) في طرح وجهة نظره بشكل فج، حيث نال من الشخصية العربية لحساب إسرائيل التي يراها متفوقة وتستحق أن نقيم معها علاقات متكافئة، ونقيم معها بيزنس، وهذه وجهة نظره الشخصية التي تخالف كل أفراد فريق عمل المسلسل، لكنها في الواقع تتفق مع غيره من الكثيرين الذين يرون ذلك، ولو بدت صادمة بعض الشيئ، وأيضا نفس الشيء ينطبق على قضية المثلية الجنسية التي أثارت هى الأخرى الجدل حولها، رغم رفض البطل الابتزاز الذي مورس عليه لإجباره على الاعتذار، ومع ذلك أعجبني أداء الولد الذي يشبه (الأنثى) والبنت التي تشبه (الرجل) في أثناء جلسة التفاوض المريبة.
وللحقيقة فإن المسلسل جاء كوميديا رائعا على مستوى الأحداث ولو صاحبته ضجة وأثار جدلا واسعا بسبب مناقشته التطبيع في إطار كوميدي بين أفراد عائلة الأب “ناصر القصبي”، خاصة أنه ناقش قضية التطبيع مع إسرائيل كأمر عادي، مثل الحديث عن كرة القدم والأفلام، وأن اهتمامات المواطن السعودي يجب أن تقتصر على رحلته في البحث عن موقف لسيارته، وليس أخذ موقف من الصراع في الشرق الأوسط، كما جاء في حوار بين (هديل) – أسيل عمران، وعامل توصيل الطلبات (تركي) – زيد السويداء.
ويحسب لـ (مخرج 7) في النهاية أنه ناقش التحولات التي شهدها المجتمع السعودي خلال السنوات الأخيرة وتأثيرها على العائلة والعلاقات الاجتماعية، في صورة لوحات كوميدية كانت بمثابة واحة رحبة أسعدت الجمهور عبر مواقف ساهم في نجاحها (حبيب الحبيب، خالد فراج، ريماس منصور، هبة الحسين”، وغيرهم ممن أدخلوا البهجة في نفوس جمهور يتعطش لمثل تلك النوعية من أعمال الكوميديا النظيفة الخالية من ألفاظ خادشة للحياء أو خروج صارخ على التقاليد العربية والإسلامية.
ولقد توقفت طويلا أمام مشاهد النهاية في الحلقة الأخيرة التي تحمل رقم 20 من مسلسل (مخرج 7)، والتي يمثل آخرها (ماستر سين) العمل ككل حيث يجلس “دوخي” الذي يجسده الفنان السعودي القدير (ناصر القصبي) مع زوجته الثانية (لولو) التي لعبت دورها الفنانة السعودية الشابة المتوهجة بالموهبة (إلهام على) ، بعد أن تشاركا المكتب في أعقاب تولى (عبد الفتاح) وقام بدوره (عبد المجيد الرهيدي)، منصب المدير العام بدلا منها، بينما يقف المواطن سعود يرقب الموقف عن كثب.
دوخى : ينظر في موبايله في دهشة ثم يرفع وجهه في وجه لولو قائلا: مريم (زوجته الأولى) أرسلت خلع.
ترد لولو بنفس الدهشة قائلة : خلع؟
دوخى يهز رأس رأسه مؤكدا لـ لولو: خلع .. طبعا .. طبعا بعد ما ورث أبوها 150 مليون طبعا ترسلي خلع، ترسل اللي تيبيه بعد .. أي ناس قليلين أصل للأسف!!
يتدخل المواطن (سعود) في الموقف، ويعلو وجهه سرور يختلط بالاندهاش: 150 مليون فينظر إليه (دوخي) محذرا ولا كلمة، فيقول له في حالة من التمويه: معاملتي يا خوي..اخلص على.
على أثر تحذير (دوخي) يخرج (سعود) وهو يتمتم في صمت غير مفهوم وجهته أو نيته بالضبط، ثم تتجه الكاميرا إلى مقر إقامة (جبر) والد زوجة (دوخي) الذي جسده ببراعة (راشد الشمراني)، والذي ورث 150 مليون من زوجته المتوفية في أكبر عملية نصب في حياته التي أعيته من خلالها وسائل النصب على خلق الله، بحجج واهية على أنه رجل أعمال عائد من أمريكا ومتخصص في فتح مجالات الاستثمار المختلفة بحكم عيشه هناك فترة طويلة.
وهنا يظهر (مشبب) الذي لعب دوره (علي الحميدي) ملوحا بيديه للسيارة الفخمة القادمة نحو القصر الذي يسكنه (جبر)، وهو يقول : مرحب مرحب .. وحيا .. حيا الله الشيخ جبر.
ينزل (جبر) من سيارته ليرد التحية : هلا هلا الله حيا، وفي تعال شديد يقول من هو الأخ، فيرد : مشبب خويك رفيق دربك .. أيوه والله ماعرفتك إلا من الخاتم ، ثم يستهين به أكثر قائلا: ممكن تنتظري علشان أعطيك تشتري لي ماكينة حلاقة؟
يظهر في الكادر (سعود) وهو ينادي : شيخ جبر.. شيخ جبر، فيرد عليه: من أنت والله اني أنا مشبه عليك؟
يوضح (مشبب): هذا الوغد الخسيس اللي داك اليوم في الحفل علم مع الوزير، وقفل شركة المناعير عرفته؟!.
يتجه جبر نحو سعود متسائلا : ايش تابي؟
فيرد سعود: شيخ جبر داك يوم وهذا يوم، وبعدين داك اليوم أنا اختبيت لما شفت معالي الوزير، وشوفت اللي حصل في البوفيه، بس أنا أبغي المصلحة العامة والله.
جبر : خلاص .. خلاص إحنا تجاوزناك ياخوي وتجاوزنا المرحلة دي كلها .. خير؟.
سعود: الله يطول بعمرك عندي طلب واحد وأتمنى إن شاء الله ماترده.
يتدخل مشبب ويقول ما عندنا سلف .. روح .. انقلع يلا.
سعود: لا يابوي والله ماهو بسلف .. طالب القرب منكم طال عمرك في كريمتكم (مريم) ، أنا طال عمرك دريت إنها انفصلت وقلت ألحق عليها قبل العدة وقبل ما يلحق عليها الخطاب.
جبر: لكن ايش السلفة هاي : ياخويا مريم بنتها في الجامعة .. ايش بلاك انت.
سعود: هذا الزين .. وحدن كبيرة عاقلة رصينة تراني آخد بزرة تحكي مثل البسة؟.
يرد عليه جبر: شورها في راسها ونشوف الموضوع إن شاء الله.
وتظهر “مريم” زوجة دوخي وهى ترد على أبوها جبر قائلة : زين أنا موافقة على سعود هاد ولو إني ما أعرفه، بس أنا حلفت إن أول خطيب يتقدم أوافق عليه علشان أحرق دم (دوخي).
تنتقل الكاميرا إلى حيث يجلس (دوخي) في بيت (لولو) متأسيا على حاله الذي آل إليه متحدثا مع أخيه (غريب) في الموبايل قائلا : تخليل ياغريب ياحبيي مافي أحد يتصل بي حتى زياد ولا بنتي (هديل)، وعبد الفتاح يقولى ابغي انقلك حفر الباطن، وحتى مشبب مايرد على اتصالاتي علشان اشتغل عند جبر.
تدخل لولو وفي عجلة من أمرها لتقول لدوخي أبغي اتكلم معك في موضوع ضروري.
فيرد عليها في أسى : خلاص يابنت الحلال اعطيني يومين أدبر لي سكن تاني.
لولو : خلاص أنا ما أريد أتطلق .. ثم تنطلق بفرح وسرور قائلة: أنا حامل.
تنفرج أسارير (دوخي) لهذا الخبر الذي نزل عليه في مفاجأة مدهشة كالصاعقة فغير كل الموازين لينتهي المسلسل نهاية سعيدة، بعد أن قدم 20 حلقة من الفكاهة القادمة من أعماق المجتمع السعودي المليئ بكثير من المتناقضات.