حكايتى مع ديزنى (18) .. مصعب الشهير بـ (ستيف)
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
فى عام 1979 ظهرت مجموعة من مبرمجي الكومبيوتر استطاعوا عمل برامج خاصة بالمؤثرات البصرية مثل إضافة خلفيات غير موجودة أثناء التصوير ، أو تقديم مشاهد معارك تدور فى الفضاء . و كانت بداية ظهورهم مع المخرج الكبير “جورج لوكاس” فى سلسلة أفلامه الشهيرة “حرب النجوم” ، و أصبحوا جزءاً من شركته مسئولين عن البرمجيات الخاصة بالمؤثرات البصرية ، و بالفعل استمروا فى تطوير برامج ساهمت فى اتساع مجال المؤثرات ، و لم تتوقف أعمالهم على سلسلة أفلام حرب النجوم فقط بل قدموا مجموعة إعلانات تميزت برسوم متحركة من نوع جديد ، كما عملوا على سلسلة أفلام تعتمد على المؤثرات الخاصة .
و فى عام 1986 مر “لوكاس” بظرف مادى عسير بسبب طلاقه و اضطراره لدفع تسوية مالية ضخمة ، فقرر بيع قسم المؤثرات البصرية مقابل خمسة مليون دولار فقط ، لينفصل هذا القسم و يكوّن شركة جديدة بتمويل من “ستيف جوبز” عبقرى الكومبيوتر و مخترع أجهزة الحاسبات الشخصية بعد اضطراره لترك شركته الأصلية ( أبل ) بسبب مؤامرة من مجلس إدارة الشركة التى أسسها و كان السبب فى نجاحها .
يبدو أن “مصعب عبد الفتاح الجندلى” – الطفل السورى الذى تخلت عنه عائلته لتتبناه عائلة جوبز وتسميه “ستيف” – قرر منافسة شركته السابقة باستثماره فى شركة قائمة على القسم الذى اشتراه من جورج لوكاس و الذى أصبح : شركة ” بيكسار ” لتقوم الشركة الجديدة بتصنيع جهاز كومبيوتر خاص للصور يحمل اسمها .
و استمر جوبز فى تدعيم بيكسار حتى وصلت قيمة استثمارته فيها الى 50 مليون دولار و لكن الجهاز الذى أنتجته لم ينتشر و لم يحقق الأرباح المرجوة ، فباعت بيكسار القسم الخاص بالاجهزة و ظلت لها مجموعة من البرامج التى تتيح الرسم بالكومبيوتر مما يجعل مجال الرسوم المتحركة أسهل بكثير من الرسم اليدوى و التحبير و تتيح لرسومها أن تكون مجسمة ( 3D ) و هو ما كان نوعاً جديداً و غريباً على مجال الرسوم .
و برغم نجاح الشركة إلا أن إيرداتها لم تغط مصروفاتها ، فبدأ ستيف جوبز فى عام 1994 فى التفكير فى بيع الشركة و أجرى محادثات بالفعل مع عدة شركات ، و فى نفس الوقت كانت ديزنى ترصد هذه الشركة الوليدة ببرامجها الجديدة ، و اتفقت معها على إنتاج ثلاث أفلام تحريك بالاسلوب الجديد المجسم أولها يحمل اسم ” حكاية لعبة ” و بالفعل أتمت بيكسار صنع الفيلم الأول و قررت ديزنى عرضه فى موسم أعياد الكريسماس عام 1995 ، و هنا قرر جوبز تأجيل بيع الشركة لما بعد عرض الفيلم ، و الحقيقة أن الفيلم كان فتحاً جديداً فى الرسوم المتحركة كأول فيلم طويل يتم تحريكه بالكامل بواسطة الكومبيوتر ، و تتميز رسومه بأنها ثلاثية الأبعاد و تتحرك بشكل متقن ، حتى أنه فى البداية ظن البعض أنها عرائس ( دمى ) تتحرك و ليست رسوم ، كما أن شركة بيكسار لم تبخل على تنفيذ الفيلم فوفرت له إثنان من عمالقة التمثيل هما النجم ” توم هانكس ” صاحب النجاحات الكثيرة و الجوائز المتعددة و ” تيم ألان ” نجم ديزنى فى عدة أفلام و برامج و مسلسلات فى قناتها السابقة .
و إذا بالفيلم يحقق نجاحا ضخما و يحصد 361 مليون دولار ، و أمام نجاح فيلم ( حكاية لعبة ) رأت شركة ديزنى ان المستقبل للرسوم المتحركة ذات الأبعاد الثلاثية ، فقررت الاستيلاء على الشركة الصغيرة التى قاومت بشدة مصرة على استقلالها و أن تكون ديزنى موزعة فقط لأفلامها ، و اشتد الخلاف بين جوبز ( بصفته المالك و المدير التنفيذى لشركة بيكسار ) و شركة ديزنى ، الى أن تمت صفقة أصبح جوبز بموجبها أكبر مساهم فى شركة ديزنى و عضو مجلس إدارتها مقابل أن تنضم إليها بيكسار بأعضائها و برامجها .
و عندما طلبت ديزنى الشرق الاوسط دبلجة الفيلم فإنها طلبت أن يقوم نجمان بالأداء الصوتى ، و جلست مع الاستاذ عبد الرحمن شوقى و سمير حبيب فى حيرة ، من يجرؤ أن ينافس توم هانكس و تيم ألان ؟
لم نفكر فى أسماء ، أو تداولنا إقتراحات ، بل كانت جلسة سادها الصمت ، و لا أعرف حتى الآن من أول من نطق باسم الفنان القدير “يحيي الفخرانى” فينا نحن الثلاثة ، كل ما أتذكره هو فرحتنا و كأننا وصلنا الى اكتشاف يشبه اكتشاف نيوتن ، و لكن كان السؤال : هل الفخرانى سيقبل ؟ و اذا قبل أن يقوم بالدور فهل سيقبل أن يؤدى اختبار الصوت ؟ هنا قلت لسمير حبيب : سنفعل كما فعلنا مع الست أمينة ، و نبعث لديزنى مشاهد من أعماله ، و ساكتب أنا للإله بليك تود عن القيمة الفنية الكبيرة للفخرانى . هذا جانب ديزنى و لكن يظل السؤال هل سيوافق الفخرانى ؟
فبرغم السمعة التى اكتسبها استوديو إكو ساوند و التى صنعتها نجاحات متتالية منذ ( الأسد الملك ) كانت مسألة الدوبلاج مازالت غير مغرية للنجوم ، لذا كنت متأكداً أنه لابد من مدخل يغرى نجم كبير كالفخرانى ، لذا اقترحت على سمير حبيب أنه بمجرد أن تأتى موافقة ديزنى ، أن يتصل بالفخرانى ليبلغه أن شركة ديزنى اختارته بنفسها للقيام بنفس الشخصية التى قام بها توم هانكس – و لم يكن فى ذلك الحديث أى كذب و لكنها الصياغة التى تحفز و تستفز الممثل – و كنت متأكداً من أن هذا التحدى سيعجب الفخرانى .
فقد كنت أعرف الدكتور يحيي الفخرانى منذ سنوات طوال ، ربما من عام تخرجه من كلية الطب جامعة عين شمس عن طريق منتخب التمثيل بالجامعة ، حيث فاز فى عام تخرجه بجائزة الممثل الأول على مستوى الجامعات المصرية – فى نفس عام دخولى الجامعة – و لكن المعرفة الحقيقية أتت بعد ذلك بسنوات عندما عملنا معا فى مسرحية من إخراج أستاذى حسن عبد السلام و أعرف عنه أنه يحب التحديات ، و أضفت قائلاً لعم عبد الرحمن و سمير : ادعوا ربنا إن الدكتور مايكونش مشغول فى عمل تانى ، لأنه بيرفض القيام بعملين فى وقت واحد .
و اقترحت فى الشخصية الأخرى النجم “أحمد بدير” فأنا مؤمن بأنه ليس كوميديا فقط بل لديه الكثير على مستوى التمثيل لم يقدمه بعد ، و بيننا صداقة ممتدة منذ بداية معرفتى به فى فرق الهواة و أنا طالب بالمرحلة الثانوية حتى قدمنا أعمالا سويا نجحت نجاحاً كبيراً ، ولذا فهو يثق فى رأيي و اختياراتى ، و قلت لهم أن وجود الفخرانى سيجعل بدير متحمسا .
و بالفعل أعد سمير حبيب شريطا به مشاهد لكل منهما و تم إرساله الى ديزنى مصحوبا بتقريرى الى تود دون أى ترشيحات أخرى ، و لأول مرة لا تستقبل منا ديزنى ثلاث ترشيحات فى كل شخصية بل ترشيح واحد فقط ، و مع ذلك تأتى الموافقة .
و بدأنا العمل فورا فى أمتع تجربة مع ديزنى