هدى سلطان .. الفلاحة التي أصبحت نجمة شباك
بقلم : سامي فريد
كانت تظن كما كان يعتقد الكثيرون أن البداية ستكون بنزولها “مصر” القاهرة لتبدأ رحلتها الفنية التي سبقها إليها شقيقها الفنان محمد فوزي، والذي كانت تعتقد أنه سيساعدها ويشد من أزرها ويفتح أمامها طريق الشهرة والنجومية بما يستحقه صوتها الجميل ومقدرتها أيضا على التمثيل.
هكذا ظنت في البداية الفتاة (بهيجة عبدالسلام حبس الحو) بنت كفر أبو جندي مركز قطور غربية لكن نتيجة نزولها القاهرة كانت كارثة تحمل في طياتها تهديدا لها بالقتل وممن؟!، من شقيقها الفنان محمد فوزي الذي رفض رفضا قاطعا باتا آمرا لا رد له دخولها الفن والاشتغال به، بل وجمع لها شباب الأسرة وكلهم جامعيون جمعهم في بيته ليجري بينهم اقتراعا ليصرف منه من الذي سيكون له حظ وشرف قتل الخالة بهيجة التي أصبحت فيما بعد الفنانة الكبيرة والنجمة اللامعة هدى سلطان!
وفي بيته أجمع من الشباب الجامعي عبداللطيف والشيخ عبدالخالق وغيرهما لتقع القرعة على الشيخ عبدالخالق الذي هو أيضا صديق الخالة بهيجة، والتي تبادله أيضا صداقة بصداقة ومحبة بمحبة، وكان دائما نعم الرفيق لها إعجابا بصوتها عندما تغني له أثناء فسحتهما على شط النيل..
ووقف الشيخ عبدالخالق من محمد فوزي موقفا نبيلا حين رفض الاشتراك في هذه الجريمة ليقول بالحرف الواحد: وهى عملت إيه يشينها يابا فوزي؟ هى ما عملتش حاجة تمس شرفها وإلا شرف العيلة، وأضاف أنها لو كانت فعلت شيئا مثل هذا لما انتظروا اجتماعهم في بيته ولقاموا هم بهذه المهمة على الفور، وشاركه الجميع رأيه فما كان من الفنان محمد فوزي إلا أن طردهم من بيته على الفور.
وتمر الأيام لتلتقي هدى سلطان بالموسيقار محمد عبدالوهاب الذي يسمع صوتها فيعجب به، ثم تقرأ إعلان (نحاس فيلم) عن طلب مطربة وممثلة شابة لبطولة فيلم جديد يقوم بإخراجه نيازي مصطفي الذي سمعها ومعه زوجته الفنانة كوكا، وتنجح هدى سلطان في اختبار الصوت، كما تنجح في اختبار التمثيل لتقوم ببطولة فيلم “ست الحسن”.
لكن محمد فوزي لا يسكت فيرسل حلمي رفلة إلى جبرائيل نحاس ومعه رسالة تهديد بقتل هدى سلطان نجمة الفيلم فلا يهتم جبرائيل نحاس، بل ويبالغ فيقول أنها قد تكون أحسن دعاية للفيلم!!
وتحصل المقاطعة بين محمد فوزي وشقيقته هدى سلطان وتستمر سنوات حتى إن وحش الشاشة فريد شوقي عندما تقدم يسألها الزواج في نهاية فيلم (حكم القوي) قالت بهيجة إن عليه أن يكلم شقيقها فوزي، لكن محمد فوزي ينكر معرفته بأي إنسانه اسمها (هدى سلطان) ويقول إنها ليست أخته!!
عن هذه المرحلة من حياتها تقول هدى سلطان إنها تلتمس العذر لشقيقها محمد فوزي الذي كان يخاف عليها من الوسط الفني، والذي لم يكن مشجعا على دخول البنات فيه وتضيف هدى سلطان قائلة إنه لو كان أي شقيق لمحمد فوزي قام بهذه الخطوة فإن فوزي كان سيدعمه ويشجعه.
ويحدث أن يمرض الفنان محمد فوزي وتدعوها عاطفة الأخوة إلى زيارته، لكنها تخشى أن يطردها من بيته فتكلم زوجته الفنانة مديحة يسري على الزيارة قائلة أنه حتى لو طردها فستكون قد حققت غايتها من الزيارة ورأته.
وذهبت هدى سلطان إلى بيت محمد فوزي وكان يرقد في الفراش محاطا بقفص حديدي حول صدره لإصابته بماء في الرئة يمنعه من الحركة، وتفتح هدى سلطان باب غرفة النوم لتقترب وتطل منها فيراها فوزي لتفاجأ هدى بأنه يبتسم لها مرحبا ومشيرا له بكفيه لتقترب، وتقول هدى سلطان بعد ذلك أن شقيقها آية في حنية القلب، لكنه فلاح له تقاليد كما هي أيضا فلاحة، ويلحن لها فوزي أجمل أغانيها، كما ينتج لها هي وفريد شوقي فيلم “فتوات الحسنية”.
وتقول الفنانة هدى سلطان أنها كانت تعشق الغناء ومازالت، وقد ملأت الدنيا غناء في قطور وطنطا وكل الغربية وأنها كانت تعشق الإذاعة لأنها هي التي قدمتها الجمهور ومن الإذاعة إلى السينما إلى فيلم (ست الحسن) من إخراج نيازي مصطفي، وكان يجمع بين التمثيل والغناء، ثم تزوجت فريد شوقي بموافقة ورضاء محمد فوزي ليشتركا معا في شركة إنتاج سينمائي أنتجت 20 فيلما من العلامات في السينما المصرية كان منها (حميدو وجعلوني مجرما والنمرود) أما المسرح فله معها حكاية وهو في نظرها أبو الفنون رغم مشقته فهو اتصال دائم مع الجمهور بلا راحة ولا لحظة سكون، وقد قدمت من الأدوار المسرحية منها بطولة (واد الغازية)، وهي علامة من علاماتها الفنية ثم (الحرافيش) ثم (مجنون بطة والملاك الأزرق وباي باي).
وعن أهم عمل تليفزيوني لها فتقول أنه دور “أمنية” في الثلاثية، وعن أمنية تقول أنها “ست” قوية وإلا لما استطاعت أن تربي ابناءها ليكون منهم المجاهد والمدرس والمناضل في ثورة 19 وهكذا، ولكنها أما زوجها هى الزوجة المطيعة والجارية وتدافع عن “أمينة” فتقول إن داخل كل امرأة مصرية توجد شخصية “أمينة” التي تعتبر أن سي السيد هو تاج رأسها وسيدها، لكن “أمينة” تحتاج إلى من يشعرها أنها “أمينة” المطيعة فقط!..
وعن الجوائز في حياتها تقول هدى سلطان أنها حصلت على جائزة عد دورها في (فيلم جعلوني مجرما)، وعن دورها في فيلم (امرأة في الطريق) وقد أسعدتها جدا الكلمة التي كتبها (جليل البنداري)، عند قال انها المطربة التي تفوز بجائزة التمثيل!!
وعن أدوار البطولة عموما تقول هدى سلطان أنها ليست أدوارا تقاس “بالمتر” ولكن يمكن أن تكون البطولة في مشهد واحد لكنه يقول شيئا هاما ونافعا، قد حدث هذا معها في أدوار الأم وهى أجمل أدوارها فقد كانت أما لعمر الحريري ويحيى الفخراني وصلاح السعدني ونور الشريف.
ويسألونها عن أيامها الحلوة فتقول: كان يوم ميلاد أول حفيد لي هو واحد من أحلى أيام حياتي، ويوم آخر من أحلى أيام حياتها عندما قدمها حافظ عبدالوهاب في الإذاعة عندما غنت لأول مرة وراح الناس يسألون عن صاحبة ذلك الصوت والتي تغني، ثم كان يوم عرض أول فيلم لها وهو فيلم (ست الحسن) في سينما راديو، وهي في النهاية كما تقول عن نفسها: إنسانة تحب كل الناس وتتمنى أن يبادلها الناس هذا الحب.
لكن تظل قصة اسمها الفني الذي اختارته لنفسها سرا تذيعه بوابة “شهريار النجوم” لمن لا يعرفه، فقد كانت (بهيجة عبدالسلام) صديقة للاستاذة مفيدة عبدالرحمن المحامية وفي إحدى زياراتها لها سألتها أن تساعدها في تغيير اسمها هذا الذي يعوقها عن دخول عالم الفن.
وتحكي لها الأستاذ مفيدة عبدالرحمن عن شخصية (هدي هانم شعراوي) إحدى بطلات ثورة 19 وعن إعجابها بكل ما تصنعه من أجل بلدها.. ثم تضيف على فكرة هي مش اسمها هدى شعراوي.. شعراوي ده اسم جوزها، هى اسمها هدي هانم محمد سلطان.. فأية رأيك تبقي هدى سلطان من غير محمد؟!..
ويعجب الاسم بهيجة عبدالسلام فتصبح اسمها منذ ذلك اليوم وحتى آخر عمرها هو”هدى سلطان”.